أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الكراسي أم المآسي















المزيد.....

الكراسي أم المآسي


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5606 - 2017 / 8 / 11 - 02:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكراسي أم المآسي

جواد بولس

ما زال مصير "القائمة المشتركة" مجهولًا ويعاني من حالة تعويم لافتة تركت كثيرين في حالة التباس واضح وبعضهم يتخبط في بحر من ردود الفعل المتضاربة وآراء سياسيين لا يوحدهم اتفاق على تشخيص مصادر وأسباب نشوء الأزمة، ولا إجماع حول سبل تفكيك جدائلها.

من أبرز ما تعتمد عليه حجج المنادين بوجوب تطبيق أتفاق الشراكة بين الأحزاب والحركات التي تآلفت قلوبها على حين "سكرة"، كان ما استحضروه من تراث أجدادنا، سادة الصحاري، فمروآتهم استحدثت في أبهى مشاهدها وكأنها شهب تضيء عتمة ليلهم الفحمي، ووفاءهم استذكر كمسك لأيامهم لا أقلُ، وجميع القيادات، من طالب منهم ب"استخراج" روح الاتفاق ومن جرى في أعقاب فواصله وبين نقاطه، اصطفوا وراء لامية "السموأل" وذكّرونا كيف كان حرُّ العُرب، صاحبُ الوعد، يُصفّد بدينه، ورجالهم تربط بألسنتها. لقد نسوا أو تناسوا أن للروح في الصحراء ظلالًا وصولات وللحروف كرّات وجولات.

لا أنوي التطرق لأزمة القائمة المشتركة كما تطرق إليها كثر، وذلك لعدة أسباب وفي صدارتها يقف الوجع الذي في كبدي مما يجري في ساحاتنا ومواقعنا وما يُرسم لمصيرنا ويخطط لوجودنا في إسرائيل، ثم يليه مشاعر عدم الرضا من طريقة تعاطي المعنيين مع هذه المسألة وما سببته من امتعاض في نفوس كثيرة؛ فكل المتورطين في تفاصيل الحكاية، منذ بداية تشبيك كبكوبة الصوف وحتى هرهرتها الحالية، ينقبون، في الحقيقة، وراء مصالحهم الحزبية الضيقة والشخصية الأضيق، ويحاولون ايهامنا أنهم يدافعون عن مصالح الناس ومستقبل العمل السياسي الوطني الذي سيتدمر إذا لم تحل القضية على طريقة المحذّر وستخسر الجماهير العربية العريضة مظلة منيعة قادرة على صد قمع حكومة إسرائيل وسياساتها الكارثية .

فإما أعطائي ما "يرضيني"، هكذا يبدو لسان حال الأغلبية ، وإما السقطة اللعينة والهزيمة!

يجب احترام الاتفاقات،

من المدهش أن نرى إجماع سادة الأحزاب/ الفرقاء وجيوشهم حول تلك "البديهية" الاخلاقية، فالأخلاق، هكذا يبدو، مادة هلامية وعند معظمهم هي مجرد "أسواق" و"مجازات" توجب احترام "العُقَد" وتنفيذ وصايا "العصا والكوفية" الموروثة قبل ولادة قوانين التجارة ورقود الحكمة عند رجلي السماء.

أكثرية السياسيين تحدثوا باسم القيم والذمم لكن بعضهم تفرقوا سريعًا عند تخوم المصلحة وعلى بيادر السياسة، فهذه لها، من زمن الأشعري حتى يومنا هذا، شعاب ومنعرجات والكلام فيها ذو أجواف وكهوف تلاك فيها "الشعارات" كخرق، والعهود فنون.

كثيرون ممن صدقوا نوايا قادة أخافهم فجأة علو جسر "ليبرمان" العنصري ، أدهشتهم "دواحس" هذا العصر، وكان أولى بهم أن يسألوا عن "غبراوات" جداتهم، فجدتي ماتت وهي تقول : "عمرهن، يا ستي ، العرب ما بتوحدوا " ورحلت، وهي ابنة الأرض واللغة، مؤمنة بأن "الشراكات تركات".


من المؤسف أن تنشغل محركات المجتمع العربي في إسرائيل بإشكالية طرأت بسبب استقالة النائب التجمعي باسل غطاس بعد تورطه في قضية انتهت بحبسه لعامين، علمًا بأن جميع من كان مشاركًا في مرحلة بناء القائمة وترتيب مقاعدها، وكذلك أعضاء "لجنة الوفاق" التي رعت في حينه عملية التفاوض، لم يتوقعوا ما حدث ولا أي نظير له.

وبدون التقليل من ضرورة ايجاد حل للإشكال القائم، ومن المفضل أن يتم ذلك عن طريق التوافق الايجابي، يجب أن تبقى قضية مَن من الأعضاء الشركاء سيحتل هذا المقعد أو ذاك قضية ثانوية، لا بل من الحكمة إخضاعها، في النهاية، إلى مجمل المعطيات وعوامل الخطر التي تحيط بوجودنا، أذ لا يعقل أن تتحول مسألة "كرسي"، على أهميتها، بين شركاء الوطن والمصير، إلى القضية المصيرية الوحيدة المدرجة على أولويات نوائبنا ونوابنا.

هل فعلًا طوشة الإخوان على رمانة؟

لقد كشفت هذه الأزمة زيف ما صرح به كثيرون من قياديي الأحزاب والحركات المشكّلة للقائمة المشتركة، فمع ولادتها وعدوا الجماهير أن تبقى هذه القائمة وتصمد، وأن تكبر وتتطور، وأن يصبوا في أحشائها مضامين سياسية حديثة تستشرف وسائل نضال مبتكرة ومدروسة، وتتبنى خطابات سياسية مرتكزة على واقعية كفاحية تكون قادرة على حماية الناس، فهل نصدقهم؟ وهل حقًا كان هذا الوليد معدًا، حسب الشعار والنشيد، ليصير قلعة حامية وفنارًا هاديًا؟

كيف لنا أن نصدق ذلك وكلنا يُستنزف وهو يسمع ويشاهد كيف تتجلى الخلافات اليوم ومن أجل ماذا تُتنازع الولاءات وتدور المعارك ويعلو ضجيج النقاشات حول من أجدر الأحزاب بوراثة ريع ضربة نرد غير محسوبة ولعبة تمت في " طشت" الشيطان! فمن سيقتنع أن هذه "الطوشة"على رمانةٍ وليست القلوب كما كانت ملآنة أمست أكثر ملآنة!

نعيش في مرجل.

يتمادى تحتنا الخطر، وتتكاثر حولنا الزواحف، وتدمينا مفاقس الدم التي بيننا ويتعبنا رصاصها والثكل.

تحاصر الفضائح نتنياهو وتنتظر الكواسر سقوطه والجوارح، وهو يستشعر طالعه القادم ويعرف ما البدائل، فكلما صارت النار أقرب إلى حرجه استشاط صوبنا واختارنا بامعان كأهون الطرائد.

البعض يحسبها من نزواته العابرة لكنها أكبر وأخطر وهو لن يكف عن مخططه، فالقريب من اللجة والهاوية يحاول أن يتخلص ممن يحسبهم طروحًا وأحمالًا زائدة.

صورة واقعنا جلية وقاتمة، ومن يجتهد قليلًا يستطيع قراءة خارطة تيهنا الناجزة. خارطة أعدتها الحكومات المتعاقبة وعززتها الكنيست بقوانين تحدد مسارات هبوطنا وأماكن الإنزلاق ووجهات الرحيل والسفر.

التربة في الدولة خصبة والمجتمع الاسرائيلي "مورّب" ضدنا وحاضر، وأسباب الإنقضاض الكبير "منعوفة" أمامنا والسؤال ييقى متى سيشرعون بخطواتهم الآتية من غير خوف أو تردد أو إعادة نظر خاصة وجزء كبير من القيادات منهمك "بلعبة الكراسي" وآخرون يبحثون عن مشورة من المنفى أو عفو من شيخ أو سلطان.

لم يمض أسبوعان على ما استعرضه نتنياهو مع مبعوثي الإدارة الأمريكية وما رشح عن ذلك اللقاء لا يتعدى عن كونه نقطةً صغيرة في زجاجة سم زعاف، وعلى الرغم من جسامة الخبر لم تحظ تفاصيله بأكثر من قلة من تعقيبات روتينية مكرورة اعتمدت على الشجب المألوف وبعضها مُزج بتهديد نتنياهو وحكومته بعظائم الأمور وببشرى تطمئن الجماهير والمؤيدين بالفرج والنصر القريب.

لا أعرف لماذ هذا القصور والتغاضي فمن يراهن على "ضمير العالم" أو استقامة "المجتمع الإسرائيلي" أو عدل السماء أو المحاكم الإسرائيلية ويتوقع أن تشكل هذه روادع في وجه حكومة إسرائيل القادمة سيكون واهمًا ويخيب ظنه.

فعلينا أن نفكر بما العمل في عهد ما بعد نتنياهو لإنه حتى لو بقي هو على رأس الحكم سيكون نتنياهو مختلفًا، ومن المفيد أن نتذكر أن كل ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة بدأ عمليًا في زيارة خفية قام بها أرئيل شارون إلى البيت الأبيض واستعرض خلالها أمام الإدارة الأمريكية خططه لتقسيم الضفة المحتلة وفصلها عن غزة وخارطة مفصلة لشوارع الفصل العنصري ونقاط التفتيش وغيرها من تفاصيل حسبها كثيرون مجرد أحلام لصبية عابثين، فصارت كما نرى جحيمًا يعيش في أرجائه الفلسطينيون.

تاريخ فلسطين مليء بمثل مشاهد هذا "الكسل الوطني" وتجارب مواضينا دامية وكان أولى بمن شاركوا في مصارعة "العقبان" على أعشاش السراب أن يعودوا إلى ساحات بيوتهم ومواقعهم ويبنوا قلاعهم ويشيدوا أبراجهم، فالطوفان آت.

وإخيرًا، قد يلومني البعض لأنني لم أطرح أسئلة كثيرة فرزتها أزمة القائمة المشتركة ومنها إذا كانت الأولوية للمحاصصة الأسمية الحزبية فأين التقييم السليم للنائب النشيط المميز والمضحي والبارز؟ وما وزن المرشح الحزبي ومعنى إختيار الأحزاب لمرشحيها بعد عمليات إنتخاب داخليه قاسية ومضنية؟ وما هو دور ومكانة "لجنة الوفاق" ومن أين تستقي مصادر شرعيتها؟ ولماذا لم تتعاط المؤسسات القيادية الرئيسية ومثلها مؤسسات المجتمع المدني مع أزمة مقاعد المشتركة، والأهم ماذا هم فاعلون في وجه ما صرح به نتنياهو وما تخطط له إسرائيل الكبرى؟ فالمجال ضيق والبقية ستأتي .

يتبع



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يقول أحفاد الرعاة لا لبيع أملاك الكنيسة
- حين يصير الفحم في القدس حبرًا
- درب الضباب في القدس
- -صفقة رحافيا- متى يؤمن توما ؟
- -صفقة رحافيا- محطة على درب الآلام
- كل القضية رواية مَن ستنتصر؟
- المكشوف بين العرب في إسرائيل
- المستور بين العرب في اسرائيل
- خدوا من فلسطين بعض الأمل يا عرب
- تبكيك القدس يا زمن الفيصل
- الخط الفاصل- بين القدس والطيبة
- خذوا الحكمة من إضراب الايرلنديين
- سكان بلا دولة، ما العمل؟
- عيد وذاكرة وشعلة
- فرح فلسطيني صغير في لندن
- ملاحظات أولية على إضراب أسرى الحرية
- إضراب الحرية في نيسان
- فتشوا عنه تجدوه
- مؤتمر الجبهة بين ناصرة وشام
- القائمة المشتركة : رصيد عامين


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الكراسي أم المآسي