|
الديمقراطيّة - جزء 1
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5604 - 2017 / 8 / 8 - 23:53
المحور:
المجتمع المدني
كثيرٌمن الضحايا سقطت والتضحيات بُذلت ، والكتابات دُبّجت والمحاضرات قُدّمت من أجل الديمقراطية وفيها ، فهل مفهوم الديمقراطية واضحٌ لدى جمهرة أبناء الشعب ، وهل كانت تلك التضحيات في مذبح الديمقراطية ذات جدوىً حقيقي لها ؟ قدّم مفهوم الديمقراطية إلى الشعب على أنه البلسم الشافي لجراحاته والوسيلة الناجعة لإيصاله إلى " الحياة الأفضل " وتحقيق حياته الحرة الكريمة ، ووصفوها بالحرية الشخصية التي إذا تمتع بها الفرد حقق بها ، وعِبرَ الإنتخابات ، النظام السياسي الذي تتحقق فيه العدالة الإجتماعية والرفاهية والعزة والكرامة للجميع . إن كان وصف الديمقراطية ينحصر بما أعلاه ، وتحققت الحريّة الشخصية وحرية الرأي و الصحافة وإمتلاك القنوات الفضائية ووسائل الإعلام غير الخاضعة للرقابة ، لكان من الواجب علينا تقديم آيات الشكر والإمتنان لقوات الإحتلال التي غزت بلادنا في 2003 وحققت لنا هذه الحرية التي كنا محرومين منها لعقود مضت . لقد كسرت سلطة الحاكم المدني لقوات الإحتلال حاجز الخوف الذي خيّم على صدورنا ، في العقود السابقة ، إذ لم يكن فينا من يتجرّأ على لفظ أية كلمة نقد موجهة إلى السلطات الحكومية بله رئيسها ، دون أن يتعرضّ إلى عقوبة ، أقلها الإعدام ، وجاء بريمر وأطلق حريتنا في الكلام المباح حتى أصبح بوسعنا أن نشتم أكبر رأس في الدولة بدون عقاب ، وأصبحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تتجرأ في إجراء مقابلات مع مسؤولين كبار وتحرجهم في محاورتهم ، وكأنها فعلاً السلطة الرابعة . لا ينحصر مفهوم الديمقراطية بوصف محدد في جميع الأحوال ، فبالإضافة إلى تعدد أشكال الديمقراطية يكون هنا إختلاف في عمقها ؛ مثال الطيف الشمسي الذي يتحلل ، بشكل عام ، إلى سبعة ألوان ، ولكن لكل لون منها آلاف الدرجات بين غامقه وفاتحه ، ولذلك يخطأ مًن يضرب ديمقراطية بريطانيا والولايات المتحدة مثلاً مقارنا لمستوى الديمقراطية في بلد ثالث ، فليس هناك ديمقراطية في بلد ما لها شبيه في بلد آخر . وصفت الديمقراطية أنها سلطة الشعب ، حيث أن الشعب ينتخب حكامه ، لكن الشعوب ليست متساوية في مستويات وعيها السياسي وإستيعابها لحقوقها وممارستها ، فعلاً وعن جدارة . إن تحديد معنى " الشعب " في كل بلد مسألة غير متفق عليها ، وبالتأكيد ليس المقصود بها ، في كثير من الدول " سكان ذلك البلد " أو " نفوس ذلك البلد " ، فهناك دول تمارس التمييز بين سكانها ، لأسباب متعددة ، تهمّش منهم الطيف الذي تعتبره غير مؤهل كعضو كامل الأهلية ، وكذا الحال بصورة عامة ، فإن ممارسة المواطن لحقوقه تتطلب أن يكون كامل الأهلية من حيث العمر والإدراك الذهني وذا إرادة حرة في ممارستها ، ليس خاضع لتأثيرات خارجة عنه بحيث يلتبس القرار عنده بسببها عن تشخيص مصلحته ومَن يكون الأصلح في العمل لتحقيقها . إن هذه العوالمل تحدد موضوع تحقق الديمقراطية في أي بلد سواء في شكله أو عمقه . يُفهم من مفهوم الديمقراطية أن أبناء الشعب ينتخبون حكامهم عبر صناديق الإقتراع ويخولونهم صلاحية تسيير أمور الدولة بما يصدّرون من قرارات ، ولما كانت التطبيقات الفعلية ، في جميع بلدان العالم ، من نتاج الإنتخابات تشير إلى حصول جهة سياسية معينة بأكثرية أصوات الناخبين ( وليس أصوات كل الناخبين ) فمعنى ذلك أن أكثرية أبناء الشعب بإنتخابها هيئة معينة وتخويلها صلاحية إصدار قرارات واجبة التطبيق على الجميع ، إنما إختارت " هيئة دكتاتورية " ، ومن هنا نخلص أن لا يوجد في العالم كله بلد يُطبق النظام الديمقراطي الذي نتصوّره أوالذي تصوّره إفلاطون في جمهوريته . فبلاد العالم كلها تطبق نظاماً خليطاً ، بنسب مختلفة ، من الديمقراطية والدكتاتورية .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداءُ تحذير
-
برهم صالح أم مستقبل العراق ؟
-
تظاهَر يا شَعَب .. وإستَعِدّ .
-
هَل يُحَوّل ترامپ العالم
-
نَينَوى بعد التَحرير
-
عودة الصدر ليسَت غريبة
-
تَوَجُّهان مُتَضادّان في المسرَحِ السياسيِّ العراقيّ
-
أزمة الفكر القوميّ
-
الدّينُ والعقلُ
-
الدناءة
-
قنّ الدّجاج ومجلس القضاء الأعلى
-
طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها
-
وُجوبُ ما يَجيبُ
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
المزيد.....
-
مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال
...
-
اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو
...
-
السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا
...
-
فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين
...
-
الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد
...
-
السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين
...
-
فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي
...
-
حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
-
الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت
...
-
إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|