أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيرة أحمد - عودة مهاجر














المزيد.....

عودة مهاجر


نصيرة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5603 - 2017 / 8 / 7 - 04:11
المحور: الادب والفن
    


عندما تعود..
لن تجد مني شيئا ..
سيكون كل شيء قد عفا عليه تراب الاحلام الميتة .
ستجد الباب مغلقا بأشواك لم ترها عيناك ،
والنوافذ سكنتها طيورٌ متوحّشة .
وأما القطط البيضاء فقد غادرت الحديقة الصغيرة بلا عودة .
ستأكلك الحسرة على المقهى الناعس ..
والفناجين المنهكة ورائحة السجائر الرخيصة،
والسلالم المخبأة تحت جنح النهار القائظ.
لن تجد زهرة بريّة واحدة في الشارع المؤدي الى بيتنا.
وأما شجرة التوت الضخمة فقد نخرها النمل الشرس ،
وألتوتْ أغصانها الوديعة ،
وكل فجر نسمع نحيبها الحزين وهي تواجه سخونة الوحدة .
لن تجد شيئا على حاله ..
حتى دمي الذي أرقته على حافة النهر،
ابتلعته دجلة ..
وابتلعتْ قلبي مثل آلاف الجثث الشواهد على بؤس هذه الأرض المجنونة...
الشواهد على حضارة تعيسة لاتجد من يمثلّها،
ويعينها على التاريخ.
ستعاقبُني الفصول المكتوبة تحت حدّ السيف ..
من الذي سيصلبنا ياابن الانباري ويقول فينا
"علوٌ في الحياة وفي الممات"؟
لم نعلُ ولم نمتْ خلسة ً.
كلّ أعواد الصلب ستهزأ بنا ..
والكلاب ستقرف من لحمنا ..
ستتساقط الفصول على خصر غجرية أحدب الكاتدرائية،
بلا توثيق محدث.
لن تجد شيئا على حاله بين النهرين.
يومٌ نعيشه محض خرافة
صبحه كالمساء.
وفجرنا يخاف المثول كلما حان موعد الصلاة.
الجثث الشواهد،
والدماء الشواهد،
والعيون الشواهد،
والطائرات الشواهد،
.والكلمات الشواهد،
والجبال الشواهد،
كلها حضرتْ مأتمي لكنها أنكرتْ موتي بالأجماع.
..............
في وادي السلام ..
قبر أبي ينأى عن قبر أمي
قلبان اختصما عن أيهما يبيع البنات أو يئدهما .
فثارت ثورة النفاق والشقاق
وأنتصر الحجاج في النهاية
وأغتصب النساء جميعهن ..وأحرق المدينة.
من يحاسب التاريخ على فعلته ؟
لاأدري ..
لأنك عندما تعود ،
ستغفر للجميع ..وتبتسمُ لي
وتعقد اتفاقا مع الهمجية أن تعيد رفات الشعراء الذين صلبهم المهدي،
وستدفع ديّة الدماء التي سالت في مدن الفقراء..
وستحفرُ طويلا بحثا عن رفات البراءة ،
لكنك لن تجد أحدا..
ولن تجد مُريدا ً خلفك عندما تلتفت ،
لأنهم ربّما يلقون بك من أعلى منارة في جامع الكوفة أو أم الطبول .
لأننا كعادتنا ننتصرُ للقتلة وسجناء بوكا .
................
عندما تعود ..
ستسألُ اللقالق في بغداد ..
عن أعشاش ٍ فارغات ،
وأعشاب يابسات .
عن النوارس البيضاء التي توحّشت في غيابك.
من يديم ُ كلمات الحب عند الجسر المعلق ؟
أو أقفال النذور التي كُسرتْ عند شباك الطهر والنقاء..
من يُديم آرتجاف القلب البرىء في شارع اللقاء الأول ؟
ستسأل دائما ولاأحد يُجيبك ..
لان خطواتك ستكون محسوبة ..
ومسجلة في عقارات الوطن الضائع .
................
عندما تعود..
لن أكون بأنتظارك في الحديقة الملونة .
ستكون الجرّافات الغبيّة قد اقتلعت آخر أشجار النخيل المعترف بها في موسوعة غينيس.
لم تبق سوى أشجار الدفلى تعاند الطوفان الأخير.
ان شئت آتيك بزهرة منها ..حمراء او بيضاء.
لاتضعها في فازة او كتاب ..،
لانها تجفّ بسرعة ..
تمتّع ْبها وأنت تتناول الغداء في مدينة المطاعم الانيقة..
أو مدينة الالف ليلة وليلة..
عندما تعود ستفاجأ بمطر أسود يغرق شوارع الكرادة..
ولن تشرب راحلتك من أنين الثكالى ..
عندما تعود ...
ستفاجأ بعطر سان لوران يغرق السياج الخائف في المكان الأخير
لن تجد قطرة من رائحة شط العرب لحظة السبي البابلي ..،
فالملك الجديد أصدر أمرا بحرق المومس التي أنجبت الزير سالم
وأخاه المشؤوم.
ــ من يحتمل كل هذا الأسى سوى قلبي ؟
لاتظن ان المطارات ستفتح أبوابها عندما تعود
فرحلة العودة عندما تكون لشخص مفرد وحيد ،
يُختم على وثيقة السفر بآشعار جائر :
ــ يمنع من الدخول الى وطن لايعترف بالملكية الخاصة ..
وأنت كنت أهديتني قصر الأمارة وحدائق بابل وآثار النمرود ومرتفعات وذرنك..
فكيف أصفح عنك..
وأنتظرك عند البوابة الأولى ؟
ستنهشك آلاف الكلاب المدرّبة ..
وتقطّعك القطط الضخمة السائبة ..
ثم يسلبونك زمن القبلة الأخيرة والسيكارة الفاخرة ..
والكذبة الأولى ،
في أمسية الشتاء الفائت التي أبكتنا معا.



#نصيرة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألوان السماء
- لحظات2
- إنها هي ..
- كم ...هو؟
- لقاء
- ألم..
- البغدادية والوجه الاسوأ للاعلام العراقي
- الضرب
- عاشق في بغداد..1
- بين الحضور والغياب
- الحمّى
- المجنون
- اليباب هذا الفجر
- على فراش الموت -2-
- على فراش الموت-1-
- انا في محنة 1
- عناد غزوان ..المرفأ النديّ
- فيس بوك -1-
- كن معي
- زهرة حمراء..


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيرة أحمد - عودة مهاجر