أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - الأزهر يكافح الكراهية والعنف














المزيد.....

الأزهر يكافح الكراهية والعنف


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5603 - 2017 / 8 / 6 - 23:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في يونيو 2017 تقدم الأزهر الشريف بمشروع قانون" لمكافحة الكراهية والعنف" في ثلاثة فصول و16 مادة لإقراره من الرئاسة والبرلمان. والملاحظة الأولى أن الأزهر جهة علمية وليس جهة تشريع أو إصدار قوانين، وقد حدد القانون 103 لسنة 1961 صلاحياته على أنها:" تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب.." وما من حرف في القانون أو غيره يشير إلي أن بوسع الأزهر، أو أن ضمن مهامه، التقدم بقوانين للبرلمان خاصة حين تتعلق تلك القوانين بالمجتمع بأسره بشقيه المسلم والمسيحي وتياراته الفكرية المتعددة الليبرالية والعلمانية والاصلاحية واليسارية بل وتتعلق بقضية الحريات العامة كالنشر والتعبير والإبداع. لكن الأزهر ارتأى أن يخطو خارج حدود ودور المؤسسة الدينية إلي دور أقرب إلي دور الأحزاب السياسية المنشغلة بالهم الاجتماعي عامة.
وأول ما يلاحظ على مشروع الأزهر أنه تمت صياغته في عبارات تتسم في معظمها بالعمومية والتجريد مما يجعلها – وهنا مصدر الخطورة - صالحة للتفسير حسب الظروف على شتى الأوجه وبكل الطرق وعلى هوى من يحكم ويتحكم. وعلى سبيل المثال لا الحصر ينص المشروع على أن من أهدافه:" وقاية المجتمع من محاولات غرس مفاهيم مغلوطة قد تباعد بين أفراده وتمس حقائق دينهم بما يثير الكراهية".
ماذا يعني المشروع هنا بقوله: "وقاية"؟ ماهي الوقاية من الناحية القانونية؟ وماذا يعني بقوله: " مفاهيم مغلوطة"؟ أو" قد تباعد" أو حتى " حقائق دينهم"؟. كل تلك العبارات العامة قد تكون أنشوطة يشنق بها انسان عند اللزوم بدعوى أنه"باعد بين أفراد المجتمع" مادام النص فضفاضا وغامضا وعاما، علما بأن فكرة أي " قانون" أن يكون محددا لظرف محدد وجريمة محددة بطرق قاطعة. وبينما يعتمد المشروع في مجمله على عبارات فضفاضة، فإنه يصبح محددا وواضحا فجأة فقط حين يتعلق الأمر بالحريات العامة، إذ تنص المادة الرابعة منه على أنه: " لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير، أو النقد أو حرية الإعلام أو النشر أو الإبداع بالإتيان بأي قول أو عمل ينطوي على ما يخالف أحكام هذا القانون". فقط في قضية الحريات العامة ينتقل المشروع من التعميم إلي التخصيص، ومن الإبهام إلي الوضوح، ويقول لنا الأزهرإنه " لا يجوز الاحتجاج بتلك الحريات"؟! أي لا يجوز لنا الاستناد عليها والانتفاع بها في معركة التطور. بم يريدنا الأزهر أن نحتج إذن؟ وبم يريدنا أن نتمسك؟ وبم يريدنا أن ننتفع؟ أليست تلك الحريات ثمرة نضال وطني ودستوري وثقافي شاركت فيه كل فئات الشعب لنحو قرن ونصف قرن؟ ثم انتهت إلي أن تلك الحريات ركيزة التطور؟! وقد توافق الشعب المصري على تلك أهمية تلك الحريات جيلا بعد جيل منذ ظهور لائحة شريف باشا في مايو 1879 وبموجبها أصبح التشريع من حق مجلس النواب وليس من حق أي جهة دينية، مرورا بدستور 1923 الذي أكد في مادته السادسة أن البرلمان هو " السلطة التشريعية". البرلمان هو السلطة التشريعية وليس الأزهر ولا الكنيسة ولا أي مؤسسة دينية. وقد بلور الكفاح الوطني المصري تلك الحريات ورواها لإدراكه أن سن القوانين والتشريع أمر يمس مصلحة الوطن بشقيه المسلم والمسيحي وتياراته الفكرية المتعددة ، ومن ثم يجب أن يراعى في التشريع " وحدة الوطن". من ناحية أخرى فإن المادة الرابعة في مشروع الأزهر تناقض بالكامل المادة 65 من الدستور التي تنص على أن:"حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر"، وتتناقض أيضا مع نصوص المواد الدستورية 47 و48 و49 التي تقر كلها حرية التعبير بشتي الصور وحرية الإبداع الفني والأدبي والثقافي. يرمي مشروع الأزهر إذن إلي نسف كل تلك الحريات بجرة قلم، بمجرد القول بإنه " لا يجوز الاحتجاج بحرية التعبير.. إلي آخره" ؟!. في واقع الأمر فإن الأزهر يتقدم بمشروع لمصادرة الحريات العامة وهو أمر خارج اختصاص الأزهر. أيضا فإن كل قوانين العقوبات التي يقترحها المشروع موجودة فعلا في ترسانة قوانين العقوبات السارية ومعها قانون الإرهاب الصادر في أغسطس 2015، وقانون" ازدراء الأديان". الجديد في المشروع حقا هو وأد حرية التعبير والنشر والابداع. في الوقت ذاته فإن الأزهر يريد أن يكافح " الكراهية والعنف" خارج جدران بيته، بعيدا عن مراجعة المناهج والكتب التي تخرج لنا الدعاة وأئمة الجوامع الذين يحرضون على الكراهية والعنف نهارا جهارا في الجوامع. وكان من الأجدى لمشروع الأزهر أن يحدد جرائم أولئك الدعاة وأن يحدد أنواع العقاب عليها وأن يعلن مراجعة الكتب والأسفار المثقلة بالعجائب لكي نقول: نعم. إنه يريد مكافحة الكراهية والعنف. لكن الأزهر ترك " نصيبه " في إثارة كل ذلك وقرر أن يكافح هناك حيث : حرية الرأي، وحرية التعبير والابداع، والنقد، والنشر، ليقدم مساهمة في مصادرة الحريات داخل قفاز ديني. وبالمشروع الأخير الذي آمل أن يتم رفضه، يضيف الأزهر صفحة أخرى إلي سجل ملاحقة الحرية من قبل رجال الأزهر. ومازال حاضرا في الأذهان أن رواية طه حسين " الأيام" قد سحبت من التعليم الثانوي عام 2010، وأن رجال الأزهر هم من أوقفوا عرض فيلم " حلاوة روح" عام 2014، بل وبلغ الأمر حد أن عباس شومان وكيل الأزهر طالب بمحاكمة جميع العاملين في الفيلم. ومازال حاضرا منع كتاب جمال البنا " مسئولية فشل الدولة الاسلامية"، والأمثلة لا تنتهي. إن مكافحة الكراهية والعنف تستلزم استبعاد شبح الدولة الدينية وإطلاق أوسع الحريات وليس تقليصها كما يقترح الأزهر، لتتمكن كل فئات الشعب من التصدي لخطر تفتيت مصر، ولكي نبني معا الوطن الذي أراد له رفاعه رافع الطهطاوي أن يكون: " محلا للسعادة المشتركة نبنيه بالحرية والفكر والمصنع"!
د. أحمد الخميسي. كاتب وقاص مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعذار متبادلة - قصة قصيرة
- - نيزافيسيميا الروسية - .. هل تعتذر واشنطن ؟
- الدين لله .. والمترو للجميع !
- الثانوية العامة في مصر : الموت أو النصر !
- ماذا نعني بلغة الشعب ؟
- اللغة بين التقديس والتحديث
- تسالي أدب على العيد
- مذكرات القديس مكتشف سعاد حسني
- رمضان على الطريقة الروسية
- خمسون عاما على جرح النكسة
- قطر صغيرة قد تشعل حربا كبيرة
- طلعت حرب .. نحن والماضي
- في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة
- عبقرية عبد الوهاب وتهمة السطو الفني
- مازن معروف .. نكات للمسلحين
- أبناء الورق والانترنت
- تحرش - قصة قصيرة
- الصحافة .. بداية ولا نهاية
- بيسا - قصة قصيرة
- الغنيمة - قصة قصيرة


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - الأزهر يكافح الكراهية والعنف