أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن العاصي - تجارة إسرائيل القذرة في إفريقيا.. الماس وأسلحة ومستوطنات















المزيد.....

تجارة إسرائيل القذرة في إفريقيا.. الماس وأسلحة ومستوطنات


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 5597 - 2017 / 7 / 31 - 11:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر إسرائيل واحدة من أهم الدول التي تستورد الماس الخام غير المصقول، ومن أبرز الدول أيضاً التي تصدر الماس المصقول، ويأتي معظم هذا الماس من دول إفريقية مثل جنوب إفريقيا، ليبيريا، الكونغو، ساحل العاج، وغيرها من الدول، وهذه الدول مرتبطة بشكل مباشر بقيام جماعات فيها بارتكاب المجازر بحق المدنيين للحصول على الماس الذي تؤدي التجارة به إلى قتل عشرات الآلاف سنوياً في دول المصدر، وترتبط عمليات بيعه وتصديره بصفقات كبيرة من الأسلحة، وصناعة الحروب الأهلية وتمويل المجموعات المتقاتلة، حتى أصبح يطلق على تجارة الماس في إفريقيا " التجارة القذرة " وسمي ماس الدم، لأنه من أجل استخراجه وتسويقه تراق دماء آلاف من الأفارقة .
لقد كان اليهود من رواد صناعة الألماس ابتداء من العصور الوسطى، ففي الدول الأوروبية كان يحظر على اليهود العمل في مجالات عديدة، وكانت تجارة الذهب والألماس مستثناة من المنع، فتوجه للعمل بها أغلب اليهود في أوروبا، وتوسعت هذه التجارة كثيراً بعد المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في مدينة بازل في سويسرا العام 1897 بهدف توفير مصدر مالي يساعد الحركة الصهيونية على تنفيذ مخططاتها، لذلك قام الملياردير اليهودي " إدموند روتشيلد " بإنشاء أول مصنع للألماس في مستوطنة " بتاح تيكفا " في فلسطين العام 1937، أي قبل قيام دولة إسرائيل، اشتغل في هذا المصنع خبراء ألماس يهود قدموا من بلجيكا وهولاندا للاستيطان في فلسطين.
وبعد ازدياد أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين، تم تأسيس مصانع أخرى للألماس في تل أبيب، ثم تم توحيد هذه المصانع لتتحول إلى " رابطة صناعة الألماس في إسرائيل "، وازدهر عمل الرابطة بعد أن احتلت ألمانيا النازية عدد من المدن الأوروبية التي كانت تمثل مراكز لصناعة وتجارة الألماس، فتوجه جزء كبير من الألماس وتجارته إلى الرابطة، وبعد قيام دولة إسرائيل ازدهرت هذه الصناعة وانتعشت، وتم تطوير الأجهزة والآلات المستعملة في هذه الصناعة، ثم تم تحويل الرابطة لتصبح بورصة الألماس في إسرائيل، حتى وصل الأمر إلى أن منصب رئيس الاتحاد العالمي لصناعة الألماس قد شغلته عدة شخصيات إسرائيلية.
يأتي الألماس إلى إسرائيل من جهات متعددة أهمها بعض الدول الإفريقية وروسيا وكندا، وكذلك من بعض الأماكن بطرق غير مشروعة عن طريق قيام إسرائيل بتزويد بعض دول القارة الإفريقية بالسلاح والعتاد الحربي مقابل حصولها على الألماس الخام.
وتمتلك إسرائيل بورصة للألماس في مدينة "رامات جان" الاسرائيلية قرب تل أبيب، وإسرائيل تستحوذ على مكانة هامة في صناعة وصقل الألماس وغيره من الأحجار النفيسة، وذلك يعود إلى أن صناعة الألماس الإسرائيلية تستخدم أجهزة متطورة جداً، تدخل فيها تقنيات حديثة، والقطع يتم بأشعة الليزر للأحجار وتلميعها آلياً، كما يوجد في إسرائيل مندوبين يمثلون كبرى الشركات العالمية التي تعمل في مجال الألماس، لذلك فإن صناعة الألماس وتصديره من أهم الصناعات الإسرائيلية، فقد وصل عائد هذه التجارة في العام 2011 إلى حوالي 30 في المائة من إجمالي الدخل القومي، وفي العام 2014 بلغ حجم تجارة الألماس الخام والمصقول في إسرائيل 9,2 مليار دولار، وتساهم هذه الصناعة سنوياً بمبلغ مليار دولار في ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية، وابتداء من العام 2012 تجري إسرائيل اختبارات جيولوجية من أجل استخراج الألماس من مناطق بالقرب من مدينة حيفا، وبحسب البيانات التي يصدرها مجلس الألماس العالمي فإن إسرائيل تصدر سنوياً ما قيمته 50 مليار دولار.
ويذهب قسم من الماس الذي تستورده إسرائيل إلى المؤسسة العسكرية من أجل التصنيع الحربي، ويعاد تصدير القسم الآخر بعد أن يجري صقله وتلميعه في مراكز خاصة لتجارة هذا الحجر الذي يعنبر من السلع الأغلى في العالم .
ويعود تميز إسرائيل في هذه التجارة إلى عوامل عديدة أهمها علاقتها مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وقدم هذه الصناعة وتوارثها بشكل تقليدي لدي الجالية اليهودية في إفريقيا، وتجاهل إسرائيل للقوانين الدولية المتعلقة بتجارة السلاح وتصديره، وهو الأمر الذي فعلته إسرائيل مع عدة دول عنصرية وفاشية في إفريقيا كانت تنهشها النزاعات والحروب الأهلية والإثنية .
الاتهام واضح ويشير إلى أن إسرائيل تقوم بسرقة الماس الإفريقي مقابل توريد الأسلحة والعتاد الحربي للأفارقة كي تغذي الصراعات والحروب الداخلية والعرقية والأثنية والمناطقية في القارة الإفريقية، وبالرغم من الإدانات التي تصدرها كثير من الهيئات والمنظمات الدولية وتوجه أساساً إلى كبار التجار الإسرائيليين، فإنه ولغاية الآن لم يقدم أي من تجار الدم كما تسميهم هذه المنظمات غلى أية محاكمة.
الغالبية العظمى من هؤلاء التجار اليهود هم من جنرالات الجيش الإسرائيلي، وضباط من جهاز المخابرات الموساد السابقين، وهم تجار سلاح يقومون بتمويل بناء عشرات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ويشكل هؤلاء التجار المصدر الرئيسي للسلاح بالنسبة للعديد من الدول الإفريقية، وكذلك الأمر بالنسبة للكثير من المجموعات الإفريقية المسلحة.
وعادة ما تفضل هذه الدول وتلك الجماعات السلاح الإسرائيلي على سواه نظراً لكفاءته، وأيضاً نظراً لمرونة إسرائيل في تعاملها المالي مع المشترين، حيث لا تشترط إسرائيل الحصول على أموال مقابل السلاح، لكنها تقبل بمبدأ المقايضة أياً كانت، وعادة تمنح الشركات الإسرائيلية حقوقاً للتنقيب عن الثروات الباطنية والماد الخام في هذه الدول الإفريقية.
ولأن الأسلحة التي تحصل عليها الدول الإفريقية مقابل سرقة الماس منها تستخدم في الحروب الأهلية التي يذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الناس خاصة في سيراليون والكونغو وأنغولا، فقد أطلقت الأمم المتحدة على التجارة الصهيونية للماس "تجارة الماس الدموي"، وقد اتهمت إسرائيل في العام 2009 رسمياً من قبل لجنة خبراء في الأمم المتحدة، بالتورط في تصدير الماس بطريقة غير قانونية من إفريقيا، واتهم التقرير التجار الإسرائيليين بعلاقة مباشرة بتجارة الماس الدموي، خاصة في ساح العاج وسيراليون، وبالرغم من أن مجلس الأمن الدولي قد أصدر عدة قرارات في نهاية التسعينيات من القرن العشرين، تمنع وتقيّد استيراد الماس الخام من مناطق النزاعات في القارة الإفريقية، لمنع استخدام العائدات المالية في إطالة أمد الصراعات، إلا أن العمليات التي تقوم بها الصهيونية وإسرائيل لسرقة الماس الإفريقي مازالت متواصلة.
وليس أدل على خطورة الوضع من الفترة الممتدة من العام 1997 إلى غاية العام 2003، هذه الفترة التي شهدت تصاعداً خطيراً في مؤشر الحروب الأهلية في القارة الإفريقية، كان هدف هذه الحروب هو السيطرة على مناجم الماس، وكان من سمات هذه الحروب أن الأطراف المتحاربة قامت بتجنيد الأطفال وزجهم في الصراعات، وهذا ما كان ليتم لولا تواطئ تجار السلاح الإسرائيليين الذين زودوا الأطراف المتحاربة بالسلاح والعتاد المختلف عبر سنوات الحروب، وقد شهدت هذه الحروب تورط عدد من الرؤساء الأفارقة فيها، مثل رئيس ليبيريا السابق " تشارلز تايلور " الذي أدانته محكمة دولية بتهمة تجارة الماس الدموي في العام 2004.
نتيجة لما تقدم فقد أصبحت إسرائيل مركزاً كبيراً لتجارة الماس، وقد أعلن موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على الإنترنت، أن مجموع صادرات إسرائيل من الماس قد وصل في العام 2006 إلى ما قيمته " 13 " مليار دولار، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية مركز الصدارة في قائمة الدول المستوردة بما يشكل "63 " في المائة من قيمة الصادرات الإسرائيلية، تليها هونغ كونغ " 14 " في المائة في سويسرا " 11 " في المائة، وباتت إسرائيل تنتج معظم الماس المصقول في العالم بنسبة تصل إلى 40 في المائة، ومازالت إسرائيل تسعى للاستيلاء على الماس الخام في عدد من الدول الإفريقية، فقد وقعت مع ليبيريا اتفاقية في العام 2007 تقضي بقيام إسرائيل إرسال خبراء لمساعدة ليبيريا في البحث عن الماس، إضافة إلى تورطها في تجارة الماس الدموي في كل من ساحل العاج وغينيا زائير وسيراليون وأفريقيا الوسطى.
اللافت في هذا الموضوع هو العلاقة ما بين تجارة الماس القذرة وشركات السلاح الإسرائيلية من جهة، وعمليات تمويل المشاريع الاستيطانية في مدينة القدس وفي بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، يدخل في هذه العلاقة الشائكة ضباط من المخابرات الإسرائيلية – الموساد – وأبرز مثال على ذلك الملياردير الإسرائيلي " ليف ليفايف " يهودي من أصل روسي، كان ضابطاً في الجيش الإسرائيلي يعمل في إفريقيا، وهو حالياً واحد من أهم أقطاب صناعة وتجارة الماس في العالم، وكذلك هو ممول مهم للمستوطنات الإسرائيلية، ويدير " صندوق استرداد الأرض " وهي هيئة يهودية تجمع متطرفون يهود هدفهم سرقة الأراضي الفلسطينية بوسائل عنيفة.
وحسب بيانات دائرة الماس والأحجار الكريمة والمجوهرات في وزارة الاقتصاد والصناعة الاسرائيلية للعام 2016، فإن زيادة صادرات الماس الخام بنسبة 23.1% وزيادة الواردات بنسبة 16.7، وقد بلغ حجم تصدير الماس الخام خلال العام 2016، 2,702 مليار دولار، مقابل 2,195 مليار دولار خلال العام، ما يعني زيادة بنسبة 23.1%.
كما بلغ حجم تصدير الماس المصقول خلال العام 2016، 4,675 مليار دولار، مقابل 4,993 مليار دولار خلال العام 2015، ما يعني انخفاض بنسبة 6.4%. أمّا استيراد الماس الخام خلال العام 2016، فقد بلغ 3,246 مليار دولار، مقابل 2,781 مليار دولار خلال العام 2015، أي تمّ تسجيل زيادة بنسبة 16.7%.
وبلغ حجم استيراد الماس المصقول خلال العام 2016، 3,282 مليار دولار، مقابل ما يقارب 3,482 مليار دولار خلال العام 2015، أي كان هنالك انخفاض بنسبة 5.7%.
ولأن أجزاء من الأرباح التي تحققها إسرائيل من تجارة الماس تذهب إلى المؤسسة العسكرية لدعمها " حوالي مليار دولار سنوياً " وجزء منها أيضاً يذهب إلى المستوطنات لتعزيزها، فإن إسرائيل ماضية في الاستحواذ على هذه التجارة القذرة في إفريقيا لما تحققه من أرباح ضخمة .




#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين والعرب.. إشكالية العلاقة
- الأقليات في الوطن العربي وسؤال الهوية
- اسرائيل تسرق الأسواق العربية في افريقيا
- عودة العرب إلى إفريقيا .. إمكانية ما زالت متاحة
- قراءة في مستقبل العلاقات الإفريقية الإسرائيلية
- نظرة على العلاقات الإيرانية الإفريقية .. التسلل الناعم في ال ...
- نهر الجنون
- المشروع الصهيوني في إفريقيا .. توظيف التاريخ لخدمة الأيديولو ...
- العرب يتمزقون ويخسرون إفريقيا
- تحديات الأمن القومي العربي في القرن الواحد والعشرين... هل تس ...
- الحركات الجهادية في إفريقيا .. النشأة والمصير
- القصة الكاملة للسلاح الإسرائيلي وتعدد الغايات
- الترهل العربي في إفريقيا وملفات أخرى
- إلى عشب قلبي
- تعلم كيف تصبح كاذباً في خمسة أيام
- أصابني من فتنتها سهم
- تطوي شوقها احتساباً
- بسجن هواك أنا أختال
- يطيب معها الهوى
- لا تخلع قلبك من عشبه


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن العاصي - تجارة إسرائيل القذرة في إفريقيا.. الماس وأسلحة ومستوطنات