أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - خطاب العرش 2017 ، والمفارقات الظاهرة والباطنة















المزيد.....

خطاب العرش 2017 ، والمفارقات الظاهرة والباطنة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 5597 - 2017 / 7 / 31 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من اهم أسس ومرتكزات الخطاب السياسي انه يقوم على ضرورة الاقناع ويهدف الى تلقي القبول والرضى . هذه النظرية لا تعتبر عند تشريحها المبضعي وتفكيكها الواقعي نظرية ذات فاعلية كبرى ، بل هي نظرية نسبية ، خاصة في واقع يشتغل خارج أي روزنامة محاسبية ونقدية . وبالتالي فان الخطاب السياسي يصبح في أكثر من محطة مجرد كلام فارغ لا يحمل من نصيب المصداقية أي نزر . غير أن بعض الخطابات تصعنا في مفترق طرق ، وتستفزنا للانصات اليها مليا ، ومحاولة فهمها الفهم الصحيح داخل واقع سياسي بعينه .
ربما كان خطاب العرش لسنة 2017 أول خطاب يتجاوز بكثير لغة تمجيد الفراغ ، والاعلاء من شأن الاخفاقات ، والنفخ في اللاشيئ . فالخطاب انتقد أكثر مما أشاد ، بل انني كدت أقول مع نفسي ،هل يردد الملك خطابات بعضنا من القراء الموضوعيين والوطنيين ؟ .خاصة حين نعت كبار فاسدي الادارة بالخيانة . وهو بالاجمال خطاب يمتاز بحمولة ثقيلة من المفارقات .
وكما كتب أحد الأصدقاء من باب المستملحات على صفحته بالفيسبوك " الملك يشتكي مما يشتكي منه الشعب " ، ليظهر أن الخلل سيستمر الى أن ياذن الله باحقاق الحق ، أو يقوم الشعب باسترداد كل حقوقه . هكذا يعبر المواطن عن اندهاشه وهو يصدم من احدى مفارقات خطاب العرش . لأن السؤال البدهي الذي يقرع ذهن المواطن العادي ، هو نفسه الطرح الذي جاء به الملك في خطابه حين أعلن بغير مواربة وبشكل مباشر "وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ " . وهنا يكمن الاشكال الخطير والعميق . وما لم يذكره الخطاب ، وفجره حراك الريف أن هذا الوضع كان سائدا منذ عقود وليس وليد اليوم او سنة . ويكفي التدليل بمطالب حركة 20 فبراير .
فمن مفارقات الخطاب انه يستهل فقراته بالاعتزاز بالحصيلة ، وبعد أقل من دقيقة ينسف هذه الحصيلة حيث يقول الملك بعد الاشادة بالمنجز في اول الخطاب ، وبعد التأكيد على لفظة" المفارقات" :"ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها " .الى أن يقول :" حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم" .وانها لأم المفارقات أن يخجل ملك البلاد وأمير المؤمنين وحامي الملة والدين من واقع بلده . فماذا سيقول الحالمون والمخلصون ومن "طحنته " ماكينة المخزن ؟؟ . فعلا ان الأمر مخجل .
ماذا تصنع الدولة بجميع مؤسساتها حين يقوم الملك بانتقاد دور الادارة في كل خطبه دون أن يحس المواطن بتاثير هذا الانتقاد ؟ ، ان شعار تغيير العقليات والذهنيات شعار يقارب العقدين ، وأصبح مستهلكا ومتجاوزا ككل المنتوجات التي لايوليها الزبائن اهتماما . لكن يجب هنا ان ننتبه ؛ اذا كان هذا التغيير قد اتجه عكسيا وانحداريا ، فان التغيير تم وبشكل مذهل . أما عن الدلالة المباشرة للشعار حين يتم ترويجه وتعريفه من قبل النظام ومثقفيه فانه ظل مجرد صيحة في واد .
ومن تجليات المفارقات أيضا ان يؤكد الخطاب على "إن النموذج المؤسسي المغربي من الأنظمة السياسية المتقدمة. " ثم بعد هذه العبارة مباشرة يشير الى "أنه يبقى في معظمه حبرا على ورق" ، فكيف يستقيم الأمر ؟ كيف يمكن لنظام ان يكون مؤسسة نموذجية ، وفي نفس الآن هو مجرد حبر على ورق ؟ .
هو خطاب المفارقات بامتياز ، ليس لأنه تضمن لفظة المفارقة في أعلى نماذج تجلياتها مرتين، واستعمل مرادفا قريبا منها هو "ما يثير الاستغراب " ، بل لأنه في فحواه ومضمونه يحبل بالمتناقضات والمفارقات ، والشقوق التي يسترب عبرها أكثر من سؤال . فبالاضافة الى ما ذكرناه أعلاه ، يمكن أن نتساءل بحيرة ، اذا كان الملك يعبر بصراحة عن الخيانة وعن الفساد والاختلال ، فمن سيوقف تدفق هذه الظواهر السلبية التي تعوق تنمية البلاد وتقف امام مستقبله ؟ . بل من سيعاقب هؤلاء الخونة والفاسدين والمخلين بمهامهم ؟ . ألا تشير هذه المفارقة وحدها الى أن هناك حلقة مفقودة في طريقة حكم المغرب ؟ . كنت أتمنى أن يأتي خطاب الملك بأسماء بعض المسؤولين الشرفاء ، ربما جرفتهم ماكينة الخيانة والفساد ولم ننتبه اليهم . مع العلم ان أي فضاء لا يخلو من نزهاء وشرفاء .
ومن المفارقات الفاصلة أيضا ، ان الملك يعترف ان أسباب اندلاع حراك الريف هي التهاون في تنفيذ مشاريع أشرف نفسه على اعطاء انطلاقتها ، لكن ميزانيتها تبخرت في جيوب كبار المسؤولين . ليجد المواطنون الريفيون انفسهم خارج منازلهم يطالبون بانجاز ما أقرته الحكومة وتعهدت بتطبيقه باشراف الملك . فلم تجد الادرات وعلى رأسها الحكومة بقيادة الملك الا المقاربة الأمنية لمعالجة القضية، بعد محاولات فاشلة للالتفاف على الحراك وتفريغه من محتواه ومضمونه . وقد أدى مواطنو الريف ضريبة المطالبة بالحقوق المشروعة التي اعترف بها خطاب الملك ، بعد اعترافات سابقة جاءت على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة ، وباعتراف جميع مسؤولي الأحزاب . أدى مواطنو الريف ضرائب مضاعفة ، وفعلا وجد رجال ا لقوات العمومية بجميع اصنافهم انفسهم وجها لوجه أمام المواطنين لأنه كما وصف ذلك خطاب الملك " هناك فراغ مؤسف وخطير " ، فالوسطاء السياسيون فاسدون ، ومسؤولي الادارت هم كبراؤهم . المذنبون والفاسدون بقوا بعيدا عن المشهد ، ولم يحاسبوا ولم يعاقبوا ، بل ان وزراء رفضوا المثول امام لجنة التحقيق التي امر بتشكيلها الملك . وهذه مفارقة صادمة ، فهل هؤلاء الوزراء فوق القانون وبعيدون عن المحاسبة ؟ ألم يتم التصديق على الدستور قبل ست سنوات ؟ . ورغم ان الاشارات والاحالات الواردة في الخطاب الملكي بقرب تفعيل الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور والمتعلقة بتفعيل مبدأ "ربط المحاسبة بالمسؤولية " ، فان هذا لايعفي من تفعيله فور اقرار الدستور ، لأن النص المؤسس سابق على الفرع ، كما ان السياق السياسي والاجتماعي يدفع الى تفعيل هذا المبدأ الدستوري والانساني والأخلاقي .
ومن أهم المفارقات التي جاء بها الخطاب ، انه يؤكد على دور الملكية في النظام السياسي المغربي ، ويقر بانعدام روح المسؤولية لدى أغلب المسؤولين ، ويصفهم بالخيانة ، وهو اقرار بضياع حقوق المواطنين ، والاجهاز عليها من قبل لوبي اداري متمكن ، لكنه تأخر كثيرا في صيانة حقوق الناس وحقوقهم وحرياتهم تنفيذا للمهام الدستورية كما جاء في الخطاب .
اننا امام خطاب المفارقات فعلا . فكأن الخطاب فكك وشرح كل مكامن الخلل في البلاد ، لكنه ينتظر غودو لتصحيح الانحرافات .
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب .....ولا ينال العلى من طبعه الغضب .
فعلا ان الخطاب السياسي خطاب محاصر ، في واقع محاصر .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأبعاد الجيوستراتيجية لحراك الريف
- القبطان مصطفى أديب يدخل أسبوعه الثالث في الاضراب عن الطعام
- عري
- الثورة وضرورة المرافقة التنويرية
- أردوغان ديكتاتورية أم براغماتية متطرفة؟
- ماذا بعد زيارة وزير الخارجية الكويتي لطهران ؟
- الأمم المتحدة تصل الى نهايتها
- الحرف طريق الحرية
- خارج النص
- العالم والأبواب المغلقة .حكومة العالم الخفية
- الاختلاف ضرورة حياة
- ناهض...انهض ....لا زلت تفكر ........الى روح الفقيد ناهض حتر
- مثقفو مواسم الانتخابات
- أفكار عن واقع لافكر فيه
- نفس الايقاع
- حلم سياسي
- ما زال في الشعر بقية
- مفهوم الشعب بين النظرية والتطبيق
- يا الله
- عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي بين الصواب والخطأ


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - خطاب العرش 2017 ، والمفارقات الظاهرة والباطنة