لماذا أخفى المفتى الوجه الآخر للجهاد ؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5596 - 2017 / 7 / 30 - 12:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لماذا تجاهل المفتى تاريخ المجازر العربية/ الإسلامية؟
ولماذا قال أبوعبيدة لخالد بن الوليد: اتق الله أيها الأمير؟
منذ عدة أسابيع بدأ المفتى د. شوقى علام سلسلة مقالات فى صحيفة الأهرام، تحت عنوان ثابت (الخلل فى المفاهيم الإسلامية) وفى آخر مقال تناول (الخلل فى مفهوم الجهاد فى الإسلام) وكان من رأيه أنّ مفهوم الجهاد فى الإسلام ((يتعرّض للتشويه (من أهل التطرف) ولم يذكر من (هم أهل التطرف) الذين يقصدهم وأضاف أنهم روّجوا وأشاعوا أنّ الإسلام انتشر بالسيف، ويدعو للحرب والعنف، وهى صورة مشوّهة سعى أعداء الإسلام لترسيخها..إلخ (أهرام 5/5/2017) أى أنه يبيع نفس البضاعة القديمة التى تاجر بها كثيرون قبله.
وإذا كان لا أحد يعترض على مقولة (جهاد النفس) خاصة فى مقاومة شهوات الجسد، ومقاومة مغريات الدنيا، التى قد تسلب ضعاف النفوس كرامتهم، فيلجأون للرشوة أوالاختلاس أواستغلال النفوذ..إلى آخرأشكال الفساد، فلماذا لم يتناول المفتى الوجه الآخرللجهاد فى الإسلام؟
وعلى سبيل المثال لماذا أنكر (والأدق تجاهل) حديث نبى الإسلام الذى رواه (أبوقتادة) وقال فيه إنّ رسول الله ((قام يخطب فى الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الجهاد، فلم يدع شيئــًـا أفضل منه إلاّ الفرائض)) وقال الرسول أيضًـا لا رهبانية فى الإسلام، ورهابية الأمة الإسلامية الجهاد)) وفى حديث آخرعن أبى هريرة أنّ رسول الله قال ((من مات مرابطـًـا مات شهيدًا)) (نقلا عن كتاب (السيرالكبير) للإمام محمد بن الحسن الشيبانى- المتوفى سنة189هـ - ج1- مطبعة جامعة القاهرة- عام1958- ص150، 174)
فكيف غاب عن المفتى معنى لفظ (مرابط) وهل لهذا اللفظ معنى آخرغير (المرابط على الحدود) أو (المرابط فى حراسة)؟ وأنّ هذا اللفظ هو المستخدم سواء فى الجيوش النظامية أو فى (حرب التحرير الشعبية) أو فى (حرب العصابات)
وإذا كان فضيلته أنكر أنّ الإسلام انتشر بالسيف، فلماذا ذكرتْ كتب الأحاديث حديث الرسول ((الجنة تحت ظلال السيوف)) وهذا الحديث كرّره البخارى فى (صحيحه) أكثر من مرة، وفى كل مرة بصياغة مختلفة وعن رواة مختلفين ووردتْ فى الأرقام2818، 2966، 3025) وذكره الواقدى فى كتابه (فتوح الشام- مكتبة ومطبعة المشهد الحسينى- ج2 ص162)
ولماذا تجاهل حديث الرسول ((إنّ سباحة أمتى الجهاد فى سبيل الله عزّ وجل)) (رواه أبوداود) فهل الجهاد فى سبيل الله يخرج عن معنى الغزوات التى شنــّـها الرسول ضد القبائل التى رفضت اعتناق الإسلام؟ ويؤكد ذلك حديث الرسول ((من لم يغز ولم يجهـّـزغازيـًـا أو يخلف غازيـًـا فى أهله، أصابه الله تعالى بقارعة يوم القيامة)) (رواه أبودواد) وتكرّر المعنى فى حديث ((من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق)) (رواه مسلم) وتكرّر المعنى فى حديث ((من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله)) (رواه البخارى) أما أهم وأخطر الأحاديث فهو ((إذا تبايعتم بالنسيئة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا، لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)) (رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم)) فهذا الحديث فيه الدليل الدامغ على أنّ الإسلام انتشر(بفضل الغزوات) بالسيف لدرجة أنه (وضع الموقف من الزراعة) فى تناقض مع (ترك الجهاد) وفق نص الحديث، وأنّ من يترك الجهاد ويعمل بالزراعة، فإنّ الله لن يرحمه وسوف يذله..إلخ.
ولأنّ الغازى فى جيش محمد قد يموت (أو يـُـستشهد فى سبيل الله وفق التعبيرالإسلامى) فإنّ نبى الإسلام منح (الشهيد) العديد من المزايا من بينها أنه ((سيتزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع فى سبعين من أقاربه)) (رواه الترمذى)
وكيف تجاهل فضيلة المفتى أنّ الرسول قال فى عزوة تبوك ((اغزوا الروم تنالوا بنات الأصفر)) فقال (جد بن قيس) قد علمتْ الأنصار أنى إذا رأيتُ النساء لم أصبر حتى أفتن، فنزلت آية ((ومنهم من يقول إئذن لى ولا تفتنى)) (التوبة/49) والواقعة ذكرها كثيرون ومن بينهم- على سبيل المثال ابن الأثير فى كتابه (أسد الغابة فى معرفة الصحابة- دارالشعب- عام1970- ج1- ص327)
وذكرالواقدى عن الحرب بين المسلمين والروم، أنّ خالد بين الوليد ((كان يأسر ويقتل)) فقال أبوعبيدة لخالد ((قد فتح الله على يدى المدينة صلحـًـا وكفى الله المؤمنين القتال. وأضاف أيها الأمير قد تم الصلح. فقال خالد وما الصلح؟ لا أصلحَ الله بالهم. وكيف يكون الصلح وقد فتحتها بالسيف؟ وقد خضبت سيوف المسلمين من دمائهم، وأخذتُ أولادهم عبيدًا ونهبتُ الأموال. فقال أبوعبيدة: أيها الأميراعلم أنى ما دخلتها إلاّ بالصلح. فقال له خالد: إنك لم تزل مغفلا. وأنا ما دخلتها إلاّ بالسيف وعنوة. فقال أبوعبيدة: اتق الله أيها الأمير. والله لقد صالحتُ القوم ونفذ السهم بما هو فيه. وكتبتُ لهم الكتاب، وهو مع القوم. فقال خالد بن الوليد: وكيف صالحتهم من غير أمرى؟ وأنا صاحب رايتك والأميرعليك ولا أرفع السيف عنهم حتى أفنيهم عن آخرهم..إلخ (فتوح الشام- مصدر سابق- ج1- ص46) وهكذا نجد أنّ خالد بن الوليد (الذى أطلق الرسول عليه "سيف الله المسلول") يصف أبا عبيدة بأنه (مغفل) لأنه التزم بميثاق الصلح.
فهل فضيلة المفتى لم يقرأ تاريخ الغزوات العربية التى رفعتْ (رايات الإسلام)؟ وهل لم يقرأ الأحاديث النبوية التى شجـّـعتْ الغزو؟ وهل لم يقرأ الآيات القرآنية التى حرّضتْ على قتال المشركين والكفار، وأيضـًـا أهل الكتاب إذا لم يدفعوا الجزية؟ وكيف تجاهل المفتى أمهات كتب التراث العربى/ الإسلامى التى روتْ تاريخ المجازر العربية/ الإسلامية؟ وهل سيد قطب عندما كتب فى (معالم على الطريق) أنّ الجهاد فى الإسلام بالبيان والسيف، كان (يبتدع)؟ أم لأنه التزم بما قرأه فى كتب التاريخ العربى/ الإسلامى؟
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات