أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي














المزيد.....

أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5594 - 2017 / 7 / 28 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


في ديسمبر 2008، وصل صندوقَ بريدي الإلكتروني أغنيةٌ جميلة بصوت "دون ماكلين" عنوانها: "فينسينت". فقمتُ فورًا بترجمتها للعربية ونشرها في مقال، مع إهدائها لمن أرسلها لي. أما مُرسِلها، فكان صديقي الموسيقار والملّحن الجميل "مأمون المليجي". وأما سبب إهداء الأغنية لي، فلأنني كتبتُ وقتها سلسلة مقالات عن التشكيلي الهولندي الشهير "فينسينت فان جوخ". كان آخرَها مقالٌ عن لوحته الشهيرة: "ليلةٌ تضيئُها النجوم" Starry Night”. فكانت تحية صديقي الرقيق لي، أغنية كُتبت ومُوسِقَت استلهامًا من تلك اللوحة الشهيرة. وحين أهديتُ مأمون ترجمة القصيدة، لم أكن أعلم أنه كان عليّ أن أهديه قصيدةً من تأليفي في شخص. فهو يليقُ به الشِّعرُ، يليق به الحبُّ. ليس فقط لأنه موسيقيٌّ موهوبٌ منح المكتبة العربية أجمل موسيقاها، وليس فقط لأنه وطنيٌّ نبيل أحبّ مصرَ كما لم يحبّها أحدٌ، رغم نشأته وتكوّن طفولته وصباه في لبنان، وليس فقط لأغانيه الوطنية الجميلة في حبّ مصر، تلك الأغنياتٍ التي تمسّ عظامَ مصر ونخاعها، بصوت شادية مصر الثورية الراقية "عزة بلبع"، ولا حتى لأنه ابن دراستي ومهنتي الأولى، الهندسة المعمارية، التي أعتزُّ بأبنائها وأشعرُ بأن خيطًا روحيًا واثقًا وثيقًا يربط بيني وبينهم، بل، لكل ما سبق، وكذلك لأنه على المستوى الإنساني، فردٌ فريد لا يتكرر. خلوقٌ خليقٌ بأن يُكتب فيه الشعرُ، ويُغنّى. عاش "مأمون المليجي" وترًا عازفًا، وطار عن عالمنا وترًا عازفًا. يعزفُ الجمالَ ويعزفُ عن الصغائر. فكانت حياته ورحيله نغمًا موسيقيًّا عذبًا، لا ينقطع.
لهذا، لم أندهش من "حفل" العزاء والغناء الذي أقامه شقيقه د. علي المليجي، ولا من صيغة بطاقة الدعوة التي كتبها لأصدقاء الموسيقار الراحل ومحبيه، قائلا: “أتقدم بخالص اعتذاري لكل من حاول الإتصال بي لمواساتي في أخي مأمون ووجد هاتفي مغلقًا. لقد بذلت مجهودًا يفوق طاقة البشر لأتعامل مع هذا الطوفان الهادر من حب الناس وصدمتهم في وفاته. وأُسقِط في يدي. وأصبحتْ كلُّ كلمة عزاء تنكأ في قلبي جرحًا لا يندمل. سامحوني إذا قلتُ لكم إن مأمون ليس بحاجة إلى دعواتكم. فنقاء سريرته وإيمانه الخاص بالله وفيض الحب الدافق في قلبه، يجعلني واثقًا أننا نحن من نحتاج إلى دعواته. كان صوفيًّا قدماه على الأرض ورأسه في السماء، يملك عقل شيخ وقلب طفل. لم يعرف الكراهية أو الحقد أو البغض، ولم تجد أيُّها إليه سبيلا. لذا إذا أردتم اللقاء على حبّه، فلتشرفوني يوم السبت القادم. لقد كانت كلمته الأخيرة: "الحب أفناني.. مِتُّ فأحياني" .. فإذا كان الحب هو ما سيحييه في عالمه الجديد فلنأت وفي قلوبنا مشاعر الحب نتبادلها جميعًا على وقع موسيقاه. وأرجوكم لا تتشحوا بالسواد بل تعالوا بما تحبون من ألوان. ولتكن الطاقة الإيجابية التي تجمعنا، رسالةً له أينما كان.”
قطعةٌ من الأدب الرفيع، كتبها قلمٌ مبدع وصاغتها روحٌ تأملت قيمة الراحل فعرفت كيف تصوغ رثاءً غير مألوف ودعوة إلى لقاء عزاء لا يعرفُ ملابس الحداد. فالخالدون لا تُرفع فوق صورهم شرائط الحداد.
من جديد أهدي إلى صديقي المثقف الراحل "مأمون المليجي" القصيدةَ ذاتها التي أهديتها له قبل تسعة أعوام، حتى يقرأها في نهارٍ لا يعرف الليل، وفوق سماء أبدية الضوء ترصّعها النجوم نهارًا كقطرات الألماس.
“"في ليلة تضيئُها النجوم/ لوّنْ فُرشاتك بالأزرق والرماديّ/ وراقبْ نهارًا صيفيًّا/ بعيون ترى عتمةَ روحي./ ارسمْ الأشجارَ والنرجسَ البريَّ/ بظلال التلال/ والتقطْ النسيمَ وصقيعَ الشتاء/ من أرض يكسوها الجليد./ الآن أدركُ/ ما الذي حاولتَ قولَه لي/ كم صارعتَ عقلك/ وكم حاولتَ تحرير الناس/ لكنهم لم ينصتوا/ لأنهم لم يعرفوا كيف ينصتون/ ربما ينصتون الآن./ في ليلة تضيئُها النجوم/ زهورٌ تشتعلُ باللهب/ وغيماتٌ تدورُ في ضباب أرجوانيّ/ تنعكس في عيني فينسينت الخزفية الزرقاء./ الألوانُ تغيّرُ درجاتها/ حقولُ الصبح وقمحها الكهرمانيّ/ والوجوه العاصفة بالألم/ ستغدو ناعمةً بريشتك المُحبة./ الآن أفهمُ/ ما الذي وددتَ قولَه لي/ كم عانيتَ وحاولت تحريرهم/ لكنهم لم ينصتوا/ لم يعرفوا كيف/ لأنهم لم يقدروا أن يحبوك/ لكن حبَّك لهم كان حقيقيا/ وحينما اختفى الأملُ من المشهد/ في تلك الليلة المضيئة بالنجوم/ أنهيتَ حياتك كما يفعل المحبون عادة/ كان عليّ أن أفهم يا فينسينت/ أن هذا العالمَ لم يرُق لجميل مثلك./ ليلة تضيئُها النجوم/ تُصوّرُ المشنوقين في القاعات الخالية/ جماجمَ فوق حوائطَ مجهولة/ بعيون ترى العالم ولا تنسى/ مثل الغريب الذي التقيتَه/ الرجل البالي في الملابس البالية/ مثل شوكة فضية في زهرة ملعونة/ ترقدُ مكسورةً في الثلج الطاهر./ والآن/ أعتقدُ أنني أفهم ما تحاول قوله لي/ أنك صارعت من أجل عقلك/ وحاولت تحريرهم/ هم لم ينصتوا/ ومازالوا لا ينصتون/ وربما لن يفعلوا أبدا.”
يا صديقي الجميل، نم ملء جفونك في ثرى وطنٍ أحببته ولم تخذله. ولنا في موسيقاك عزاءٌ لا يفنى. وكما أهديتك أغنية فان جوخ، أهدي نفسي وجمهورَك واحدةً من أجمل أغنياتك التي زلزلت قلوب المصريين، بصوت حنجرة مصر الثرية "عزة بلبع"، وكلمات الشاعر "أحمد قدري".
في الشوارع/ شيء غريب بيناديني/ شيء بيفرض جوه مني/ حزن عيني/ شيء ياخدني يشدني/ يرمي حزني ع الشوارع/ اترسم كل الوشوش/ تتقسم بينا المواجع/ ابقى واحد منهم/ جرحي هوّ جرحهم/ والحقيقة متوهاني/ ف الشوارع/ حلم عاشق للنهار
شفته ف عيون طيبين/ حلم مطحون بالمرار/ يطرح غناوي المجروحين/ حلم مطحون بالمرار/ يطرح غناوي المحرومين/ ولامتى هنعيش في انتظار/ وعلينا بتمر السنين/ ليه بنسأل ميت سؤال/ والطريق نمشيه تاني نرجعه/ كل حاجه فوق حدود الاحتمال/ كل واحد فينا جرحه بيوجعه.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزوة المترو … والمطوّع على الطريق
- الحياة معًا …. كما أسراب الطيور
- داعش تغيّر وجه البشرية
- علا غبور … فارسةٌ من بلادي
- الكتيبة 103
- زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
- مسيحيون يغنّون للقرآن
- دستور ماعت … وقانون الأزهر
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
- مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
- لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
- جرس الكنيسة لإفطار رمضان
- كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!
- حكاية من كتاب الأقباط: سامح الله من لامني في حبهم
- المرأةُ في عيني نيتشه
- تاريخ الأقباط وجنود داعش في مصر


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أغنية حبّ من أجل مأمون المليجي