أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتحى سيد فرج - هل تقديس التراث سبب تخلف المسلمون ؟















المزيد.....


هل تقديس التراث سبب تخلف المسلمون ؟


فتحى سيد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 5592 - 2017 / 7 / 26 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صالون "زمرة" بمركز الجزويت الثقافى بالإسكندرية حول "هل قداسة التراث هى السبب الأساسى للتخلف؟"

فى مساء الثلاثاء 25/7/2017 عقد صالون "زمرة" بمركز الجزويت الثقافى بالإسكندرية، حضر لفيف من رموز الفكر والثقافة بمدينة الإسكندرية ، كان المتحدث / فتحى سيد فرج الذى بدأ حديثه بأن ما حفزه لهذا الموضوع مقالة "هل تقديس وتأليه التراث الإسلامي مسؤول عن تراجع المسلمين؟" لأحمد تايلور، والتى يمكن تلخيصها فيما يلى :
• أمة خمس العالم من ناحية التعداد، تبحث عنها في حقول المعرفة فلا تجدها، في الإنتاج فلا تحسها، في التعاون والحريات والعدالة فتعود صفر اليدين. صرنا حضارياً وخلقياً واجتماعياً آخر أهل الأرض، حكومات استبدادية، وجماهير تبحث عن الطعام، وفن يدور حول اللذة، ومتدينون مشتغلون بالقمامات الفكرية.
• ينظر المسلمون اليوم إلى التقدم الحضاري بعيون ناعسة، وينظر العالم إليهم اليوم نظرة استهانة، إنهم أقرب إلى الموت لا الحياة"..
• منهج التقديس لا يشكل خطراً على الماضي بل على التعامل مع الحاضر وبلوغ المستقبل .
• تاريخ المسلمين اختلطت بالمرجعية الإسلامية، فكتب السياسة الشرعية قدمت للجمهور على أنها سياسة إسلامية، في حين أن التاريخ فيها أكبر، والإنتاج النظري والفقهي في الخلافة، الشورى والبيعة، نظام القضاء والحسبة، هو تراث تاريخي اختلط بالترات الدينى .
• اتجاهات تقديس التراث، نتيجة الجهل والهوى، الذي يغلق الآفاق أمام الفكر والنقد .
• الاتجاه الذي يضع قدس الصحابة وجعلهم فوق البشر، بينما أحاديث البخاري روت أنهم تشاتموا مرّة أمام النبي وتضاربوا بالنعال، وهذا أكبر دليل على أنهم بشر يتنازعون ويتنافسون ويتحاسدون، وتجري عليهم نواميس المجتمع البشري.
• ليس التراث مقدساً، ولا مدنساً، ولا حلبة مواجهة، إنه موضوع للمعرفة فحسب". فالباحثين في الغرب لا يجدون حرجاً في دراسة التراث الإغريقي أو الروماني أو التراث المسيحي، لا يبحثون عن أجوبة لمشكلات عصرهم من خلاله، وإنما القضية محل البحث تنتمى إلى الفكر، لذلك يزدهر العمل الأكاديمي في المجتمعات دون أن يعيش إشكالية التراث بالشكل الذي يعيشه الفكر العربي المعاصر.

ثم بدأ الدخول فى الموضوع كما يلى :
يقول "مرسيا إياد" فى كتابة "المقدس والمدنس" أن العرب المسلمون من أكثر شعوب العالم أهتماما "بالمقدس" يأخذون عنه أغلب علمهم، ويعيشون من خلاله أغلب حياتهم .
الآن نحن المسلمين، الأكثر فقرا، جهلا، تخلفا، فسادا، حرمانا وتفاوتا بين الأغنياء والفقراء، الأقل تنويرا، الأضعف فى كل جنس البشر . بيرفيز مشرف رئيس باكستان لوكالة بى.بى.سى 16 فبراير 2002.
فحجم المقدس يشمل كثير من الأماكن، والأشخاص، والأفعال، والأقوال، وكل من يتعرض لكل هذه المقدسات فهو أثم وضد الدين، ويجب محاكمته ومعاقبته (أبو زيد/إسلام/ فاطمة..) .
مفهوم "المقدس" فى الإسلام هو الوجود الكامل، المنزه عن الخطأ أو النقصان وقد ورد فى اللغة العربية بمعان متعددة مثل : التنزيه، والطهارة، والتعظيم، والحرمه .
ونظرا لأننا نهتم بالفكر الدينى، وليس جوهره، فيجب التنويه على أننا نركز على الفكر السائد الذى لا يخرج عن كونه الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص .
لذلك فتعريف ”التراث“ لدينا هو ”تأويل، وتفسير النصوص من خلال أشخاص، وكذلك السير، الأحاديث، الفقهة، والتى يستند إليها تيارات الإسلام السياسى فى أصدار فتاوى تتدخل فى صياغة الحياة العامة (سياسة، اقتصاد، شئون شخصية)
من تتبع برنامج ”الخريطة“ الذى قدمه ”إسلام البحيرى“ فى رمضان على قناة (ten.tv) شرح كيف تحول أشخاص، أقوال، أفعال، ملابس، وسيرة، أحاديث، مذاهب، فقه . لـ“مقدسات“ من يحاول ان يناقشها، يفندها يعتبر معتدى على الدين، وغالبا يسجن بتهمة إذدراء الأديان .
قدم "إسلام البحيرى" فى برنامجه "الخريطة" فى رمضان 2017 على قتا (TEN.Tv)
- كيف تشكل التراث، وهل هو مقدس أم غير مقدس؟
- أكد أن هناك أشكال من الخلل البنائى فى الهندسة العقلية لتشكيل التراث .
- عرف التراث بأنه كل ما تركه السف إلى الخلف (ما تركه الأموات للأحياء) .
حدد ان التراث يتكون من
- الحديث : تم التدوين ثم وضعت له أصول، أى ان علوم الحديث جاءت بعد تدوينه، وهذا أول خلل فقد كان المفروض العكس .
- التفسير : فهم المسلمين لأيات القرآن .
- الفقه : استخلاص أحكام لمسيرة الحياة من نصوص القرآن والحديث .
- السير : كتابة سيرة الرسول من قبل نبؤته، ثم سيرة حياته ودعوته، وإسلام يرى أنها مجرد حكايات غير منضبطة، وتسؤ الرسول، فكيف كتب عنه قبل الأربعين وهو مجرد إنسان عادى غير مكلف بالنبوة .
- المذاهب الأربعة : مالك ، أبو حنيفة، الشافعى، ابن حنبل، هناك مذاهب آخرى .
وضع 3 مبادئ لشرح تصوره هى :
المبدأ الأول : القرآن هو المقدس الوحيد استندا إلى الأية الثانية من صورة البقرة ” ذلك الكتاب لا ريب فيه" .
المبدأ الثانى : الدين ملك لكل الناس، بلا وسطاء، فلا وجود لرجال دين فى الإسلام، كل مسلم قادرعلى فهم دينه .
المبدأ الثالث : لا أمام سوى العقل .
تختلف المواقف من التراث الإسلامى، منهم من يعتبره أساسا للنهضة، لن ينصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أوّلها، ومنهم من يدعو للقطيعة معه فهو معوق للتقدم .
وقد اقتصر غالبية المهتمين بالتراث على الاتجاهات الفكرية، واغفلوا الاتجاهات العملية التى وظفت التراث بشكل انتقائي لتحقيق السيطرة على واقع الحياة في الدولة والمجتمع .
فلا شك أن هناك أشكال لتوظيف الموروثات الثقافية بأساليب إيجابية، ولكننا سنركز الحديث على بعض التوظيفات السلبية التى تحدث فى الواقع لتحقيق أهداف محددة .
فالمشهد الراهن فى البلدان العربية الإسلامية يزخر بصراعات يلعب التراث فيها دورا فاعلا فى تزكية هذه الصراعات .
فى رسالة دكتوراه تحت عنوان "الدين والصراع الاجتماعى فى (1985 - 1970)
قدم د.عبداللـه شلبى ثمانية مصادر شكلت على صعيد الفكر والممارسة، السلطات المرجعية للجماعات والتنظيمات الإسلامية المعاصرة (تنظيم الجهاد، والجماعة الإسلامية) هى : القرآن، السنة، سيرة الصحابة، التراث خاصة تراث الخوارج والمدرسة الحنبلية، تراث الأخوان المسلمين، وأطروحات الخمينى، واخيرا فتاوى وأحكام العلماء المسلمين المعاصرين
يمثل - فهم هذه التيارات للقرآن - من خلال تأويله وتفسيره، نظاما مرجعيا لفكريات الجماعات الإسلامية، ففى رأيهم القرآن كتاب حياة احتوى كل ما ينبغى على الإنسان معرفته، هذا الفهم للقرآن أصبح المصدر الأول
السنة النبوية المتمثلة في كل ما صدرعن النبى من قول أو فعل أو تقرير المصدر الثانى .
حياة الصحابة و التابعين، وكتاب السيرة، وجامعى الأحاديث، والفقهاء الأربعة، المرجع الثالث .
خاصة تراث المدرسة الحنبلية كما تعرضها كتابات ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية
من هذا التراث صاغت الجماعات الجهادية إجابات لكل أسئلة الواقع، وأصبحت معدة سلفا من أزمان غابرة، لصياغة كل شئون الحياة فى السياسة، الاقتصاد، الشئون العامة (الزواج، الطلاق، الميرات، الملابس، المظهر الشخصى . .) .
ويعد تراث الاخوان المسلمين، فكرا وممارسة، الوسيط الهام الذى أعاد انتاج مقولات شمولية الإسلام الجاهلية، الحاكمية في العصر الحديث، ويمثل هذا التراث المرجعية لكل هذه الجماعات، فقادة التنظيمات ومنظروها كانوا فى الغالب ذوى أصول اخوانية، وتم تكوينهم وتدريبهم وصياغة مفاهيمهم على يد كوادر الاخوان فى نهاية الستنينيات من القرن الماضى .
فحسن البنا قدم فى المؤتمر الخامس صياغة لمفهوم الجاهلية، تقوم على رفض الحضارة الغربية بإعتبارها حضارة كافرة، والتعليم الحديث لأنه بدعة يتخرج منه أبناء المسلمين وقد اتسمت عقولهم بالإلحادية والتقاليد الإباحية .
كما أشار البنا إلى ضرورة تمييز اتباع جماعة الاخوان باسماء وازياء مغايرة لما هو محيط بهم من جاهلية، وأكد أن الإسلام دين ودولة، عبادة وقيادة، مصحف وسيف، والحكومة ركن من أركان الدين، والمسلم الذى يترك السياسة للعجزة والآثمين لا يسمى مسلما، فحقيقة الإسلام أنه جهاد وعمل .

كما قدم صياغة لجدلية الاستضعاف والتمكين، والمتابع لتطور أشكال الممارسة السياسية للجماعات السلفية يلحظ أنها انتهجت سياسات المراوغة والمناورات، واحيانا التقية خلال مراحل الاستضعاف، سعيا وراء
الاستقواء والتمكين واستخدام القوة وصولا للاستيلاء على السلطة
.
كما وسعت كتابات سيد قطب على إنتاج المقولات التراثية بخصوص الجاهلية والحاكمية، فلقد أخذ عن ابن تيمية وابن قيم الجوزية، ثم ابى الأعلى المودودى، وقدم منهج الحاكمية وتجهيل المجتمع، ومن قطب أخذت
قيادة التنظيمات الجهادية، من صالح سرية، وشكرى مصطفى، وعبد السلام فرج، وصولا إلى عمر عبد
الرحمن، حماس، طالبان، الدواعش .

كتب قطب خاصة كتابيه "فى ظلال القرآن” و"معالم فى الطريق” كان لهما دورا فاعلا فى التحولات
الفكرية أدى لتغيير خريطة القوى الساسية الإسلامية، فقد صاغ أوضاع الجاهلية المعاصرة، عبر منطلقين
رئيسيين : الأول عقائدى بإبراز القوة المطلقة للإسلام، والثانى مشروع انقلابى لتغيير خارطة العالم، بالسعى
المتواصل بالجهاد والكفاح المسلح لإقامة نظام بديل، فإعتبر الجهاد الركن السادس للإسلام، فلا مساومة مع
المجتمع الجاهلى بحكامه ومحكوميه، فحكمهم لابد وأن ينهدم من قواعده لتأسيس بناء جديد .

كما إعاد الخومينى إنتاج مقولات الجاهلية والحاكمية، من خلال منهج انقلابى، فتغيير المجتمعات الإسلامية عن طريق قلب أنظمة الحكم، والفقيه هو من يقود الانقلاب، يقاوم التسلط والطغيان، ويقود الثورة، فى كتابه "الحكومة الإسلامية” يرفض عزلة الإسلام فكل ذلك من صنع الاستعمار وعملائه الذين أرادوا أن يكون الإسلام مجرد عبادات، وأخلاقا فردية لا نظاما اجتماعية، فى حين أن آيات المجتمع فى القرآن تزيد اضعافا مضاعفة عن آيات العبادات، وثمة قواعد فى القرآن تفرض وجوب قيام حكومة لتطبيق أحكام الإسلام، وطاعة الجميع لهذه الحكومة واجبة لأنها من طاعة اللـه، شمولية الإسلام وكماله وصلاحيته لكل عصر، فالغرب يعمه الانحلال وليس لديهم شئ لنتعلمه منهم .
بعد تشخيص الواقع قامت التنظيمات الجهادية بمخاصمة الواقع وهجره، والانقلاب عليه لتدميره، فجوهر الإيمان الاعتراف بإن اللـه هوالمتصرف فى شئون الناس، وصاحب الحق الوحيد فى التشريع، وعلى البشر أن يسيروا وفق ما شرعه اللـه وإلا فهم كفار، وكل من نصب نفسه للتشريع فقد نصب نفسه إلها، وكل من رضى بهذه التشريعات فقد عبد ربا غير اللـه .
وثائق هذه التيارات تقسم المجتمعات لفئتين : المسلمين اتباعهم هم فئة الحق وحزب اللـه، وغير المسلمين، وكذلك المسلمون غير التابعين لهم فئة الباطل وحزب الشيطان، لا سبيل للمصالحة بينهما، ولا بقاء لأى منهما إلا بالقضاء على الآخر، من ثم فالمحور الأساسى المحرك للوجود الاجتماعى هو الصراع العقائدى، المسألة عندهم، كفر فى مقابل الإيمان، وجاهلية فى مقابل الإسلام كما يرونه، فالدار التى يهيمن عليها إسلامهم هى وحدها دار السلام، وغيرها تكون دار حرب، ويتبع ذلك إذا حال بين الجهاديين وبين إقامة شرع اللـه، أى قوة أو حكم أو دولة، فأنهم مكلفون بتحطيم هذا الحائل ودفعه بالقوة والسلاح، مهمتنا تعبيد الناس لربهم، ومن أبى واستكبر وقفنا له مجاهدين، فإما أن يقبل ويخضع لشريعة اللـه، وأما يتركو الأرض لمن هو أهل لنصرة الدين وقتال المشركين
إقامةالخلافة الإسلامية هى الحل الأوحد للتخلص من الظلم والتردى الخلقى، فهو النظام السياسى الذى بإمكانه أن يضوى تحت لوائه كل شعوب الأرض، وطالما الجاهلية المعاصرة لا تتمثل فى نظريات مجردة، وأنما في دول ونظم، فإن إلغاء هذه الجاهلية لا يتحقق إلا بإقامة تجمع حركى عضوى أقوى في قواعده النظرية والتنظيمية والمادية، الأمر يحتاج عمل جماعى منظم، وإعداد وأمتلاك قوة وسلاح لخلع الحكام العلمانين الكفار، ودحر الطوائف الممتنعة عن شرائع الإسلام، لذلك فقد قر أمر هذه التنظيمات على ضرورة قيام جماعات تواجه المجتمعات الجاهلية، وتفرض حكم الإسلام .
هناك مرتكزات أساسية عند التيارات الإسلامية :
الجهاد ضد إسرائيل : فى رأى هذه التيارات، يرتبط فى الأساس بوجود الدولة الإسلامية، إذ لا يمكن القيام بالجهاد ضد إسرائيل إلا تحت راية دولة تطبق شريعة الإسلام، وعليه فالجهاد ضدهم فى الوقت الحاضر أمر غير وارد، بل مؤجل لحين قيام الدولة الإسلامية، وعلى ذلك فقتال العدو القريب وهو النظام العلمانى الكافر مقدم على قتال العدو البعيد أى إسرائيل هذا ما دعى مرسى ليقوم بدعوة حماس لوقف المقاومة والرد على اعتداءات إسرائيل فوافقت حماس فورا .
الديمقراطية : من وجه نظرهم تسمح بوصول الضالين فكرياً أو العلمانيين للسلطة ويرون أن الديمقراطية تجعل البشرد يصدون عن أحكام الله ويرون أن نظام الحكم يجب أن يكون بالشورى للذين هم أهل العلم والأذكياء، وأهل العقد والحل، الحاكم الحقيقى هو الخليفة الذى يختار بالبيعة، الانتخابات الدورية، وتداول السلطة، لا وجود لها فى شرعهم، قد يدخلون الانتخابات لمرة واحدة لإستيلائهم على السلطة

العداء للحضارة والتقدم والآخر كل الآخر : من ( مسيحيين، علمانيين، اشتراكيين، جيش، شرطة، قضاة، مفكرين، إعلاميين، فنانيين، أدباء ومبدغين ..)
الولاء للأمير : العلاقة بين الأعضاء فى الجماعات الجهادية تقوم على الولاء للأمير ، والسمع والطاعة، من الأعلى للأدنى، مما يلغى قدرة الأفراد على استعمال العقل، وحرية الأرادة، ويعطل المنهج العلمى والحوار، وإمكانية الوصول للحقيقة بمعناها النسبى .
تحويل الانتماء من الوطن إلى العقيدة الدينية : لا وجود لمعنى الوطن كأرض وشعب ونظام دولة، فالإنتماء للإسلام هو الأساس، المسلم الأيرانى والتركى أهم من أخوة الوطن، الأمر الذي يؤدي إلى احتقان العلاقة بين أبناء الديانات المتعددة في الوطن الواحد فتحل العصبية محل التسامح ويتحول الاحتقان إلى صراع دائم ومن ثم تكرار الفتن الطائفية، لا وجود لمبدأ المساواة وروح المواطنة، ولن يصبح الدين لله والوطن للجميع .
(الموقف من العلم) : توصل ابن الشاطر (1304- 1375) إلى نماذج للأجرام الفلكية قريبة لما توصل إليه كوبرنيكوس )1473 -1543( أى قبله بحوالي 100 عام) ولكن هذا الانتقال العلمى كان سيحدث انشقاقا مع النظرة الإسلامية إلى الكون كما كان يفهمه علماء الدين باعتباره معطى ألهى ومخلوق كامل ليس على الإنسان أن يفكر فيه أو يحاول فهمه وتفسير حركته التي تسير بفعل الإرادة الإلهية ، لقد توقف العرب عند حافة واحدة من أكبر الثورات الفكرية في التاريخ، كما أن اكتشافات ابو حسن الهيثم وابن النفيس وغيرهم ضاعت وتجارب جابر ابن حيان كانت للبحث عن المعدن النفيس وماء الحياة، وتم حرق كتب ابن رشد، ولم تتطور أفكار ابن خلدون لعدم وجود مدارس فكرية وعلمية متواصلة .
(الموقف من المرأة) رفض تعليمها أو خروجها للعمل والحياة العامة، ووضعها داخل نقاب ليحرم المجتمع من نصف قوته الفاعلة .
(قفل باب الاجتهاد) بعد سيادة المذهب الأشعري وأفكار ابو حامد الغزالى ( كل بدعة / أومستحدثة ضلالة، وكل ضلالة حرام) تحريم الفلسفة والتفكير الناقد والبحث فى قوانين الطبيعة . تحريم عديد من الفنون والآداب والأعمال الإبداعية .
فتصورات خلق الكون عند الأشعرية، لا ترجع إلى المبادىء العلية ؟ (سبب ونتيجة) فحسب عبارات الغزالى : " أن الصلة بين العلة/ سبب، والمعلول/ نتيجة لا تتضمن بينهما، اذ لكل منهما ذاتيته، فلا إثبات أحدهما ولا نفيه، يتضمن اثبات الآخر أو نفيه، فلا الرى متضمن فى الشرب، ولا الشبع متضمن فى الأكل، ولا الحريق متضمن فى النار،، ولا الشفاء من تعاطى الدواء، اذ الرابطة بين هذه الأشياء قائمة على ارادة الله ان يجعلها على النحو المتتابع، والله قادر على أن يخلق الشبع دون أكل ، والشفاء بدون دواء، وهكذا الأمر فى الصلة بين الأسباب والمسببات، كما انكروا على العقل أن يصل إلى الحقائق دون عون من الوحى، ومن ثم فقد تبنوا معارضة للعلم الحديث أو الأسس التى يكون بها الإنسان عالما .

الأشعرى يقول أن الله خلق كل شىء، العدل والظلم، الخير والشر، ذلك يعنى تقييدا للفعل الانسانى، يخلع المشروعية الألهية على كل ما هو بشرى، والإنسان ليس إلا منفذا لا إراديا، وهذا حكم بهزيمة العقل البشرى، وهكذا يتم سجن العقل ضمن نظرية الجبر والحتمية باسم ايمان مقطوع عن تاريخيته .

هذا هو التراث الذى ساد بعد هزيمة المعتزلة الذين كانوا يرفعون من قدر العقل، ويقولون بأن الإنسان مخير، له إرادة حره، وسيد مصيره .
للدكتور / علاء الأعرج كتاب بعنوان “الأمة العربية بين الثورة والانقراض” يخلص فيه أن تخلفَنا الحضاريّ الفكري والعلمي والتكنولوجي، أدى إلى جميع النَكَبَات التي حصلت وستحصل، ويرى أن هذا التخلفَ، سيؤدي إلى انقراض الأمة العربية، باعتبارها كياناً يتميز بـ”عقل مجتمعي” يتشكل من تراث ثابت، وهو يشير إلى ان المؤرخ أرنولد توينبي توقع للعرب والمسلمين هذا المصير في كتابه الموسوعي "دراسة للتاريخ" .
مؤشرات الانقراض تتضح من :
- الاحتلال الاستيطاني المباشر المتمدد، الذي يواصل سريانه في شرايين الأمة بتوسيع التطبيع مع إسرائيل .
- الحروب الأهلية المتواصلة .
- الهجرة الجماعية والفردية للملايين من مختلف البلدان العربية ولاسيما أثناء الصراعات المسلحة كما يحدث اليوم، وهجرة العاطلين والفقراء إلى الخارج للبحث عن لقمة العيش .
- تفتيت البلدان العربية إلى دويلات صغيرة وضعيفة، على أساس طائفي، مذهبي، عرقي .
- تزايد الفجوة الحضارية بين العرب والمجتمعات الحداثية .
- الأهم من كل ذلك، غفلة الأمة أو عدم وعيها الكافي لهذا المصير الوشيك الذي يتهددها.
فالمحافظة على القديم بل تقديسه تجعل المُجتمعَ مُتخلِّفًا ومستمرا فى التخلف
كما ان د / فوزي منصور له كتاب هام عن ”خروج العرب من التاريخ“ لأنهم لم يعودوا فاعلين، وليس لديهم تطور في العلوم أو الثقافة .
وأسباب الخروج من التاريخ يمكن حصرها فى الآتى :
- الماضى الذى تضفى عليه كل صور الكمال يصير بديلا للحاضر فبعض العرب هروبا من حاضر بأس يعيشون مرة أخرى فى الماضى كبديل للحاضر.
- إشكالية خروج العرب من التاريخ تتبدى فى الفشل الذى لاقاه العرب فى التواؤم مع الواقع العصرى، وفى الاستجابة لكل التحديات التى واجهوها .
- كانت هناك أمة عربية فى صورة أولية فى القرنين الأول والثانى من الهجرة، لكنها لم تتابع التطور كأمة موحدة لتغيب عنصر الحياة الاقتصادية المشتركة، حيث انقسم الاقتصاد بين تجارة تنمو وتزدهر تقوم بها فئات خاصة ، وزراعة ورعى متدنى لا يشهد أى تطور .
- تحريم الفائدة (الربا) وعدم وجود مؤسسات مالية وذلك أدى لعدم وجود دور اقتصادى لرأس المال، وانعدام دور اجتماعى أو سياسى للتراكم المالى .
- حرص الفقهاء على طاعة ولى الأمر، تحدى السلطة محرم، ومن يقوم بذلك فهو خارج عن الدين - أطيعوا الله وأطيعوا أولى الأمر منكم – طاعة الحاكم واجبة حتى لو كان ظالما فهدف الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية وتفادى الحرب الأهلية اهم من استبداد وظلم الحكام .
- سيادة الاقتصاد الريعى المتمثل فى (الجزية / ما يفرض على غير المسلمين من ضرائب، والفئ / مغانم الحروب والغزوات، والخراج / الضرائب التى تفرض على الأراضى فى البلاد المفتوحة) ثم بعد ذلك فوائد التجارة بعيدة المدى، وأخيرا استثمار ثروات الطبيعة (البترول ، الغاز الطبيعى) دون الدخول فى عمل اجتماعى منتج كالنشاط الصناعى والخدمات المتقدمة .
- الوضع السائد في التاريخ العربي كان الخليفة أو الحاكم يمنح كبار رجال الدولة أو المقربين حق الانتفاع بالأرض، مع بقاء حق الرقبة في يد الحاكم يستطيع في أي لحظة أن يسحبه، كما كان المنتفعين بالأرض يتغيرون بتغير الحكام، العسكريين ما أدى لعدم تبلور طبقات اجتماعية يمكن ان يكون لها دور سياسى أو صاحبة مصلحة فى التطور .
- لم تكن مصادفة اختيار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يوم 26 فبراير 2015 لنشر شريط الفيديو الخاص بمحو جزء من أثار العراق، بتدمير تماثيل متحف الموصل، ففي اليوم نفسه من العام 2001، كان زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر قد أصدر أمره الشهير بمحو كل الآثار غير الاسلامية في أفغانستان أستنادا لفتوى قطرية بأن "الأدلة الشرعية دلت على وجوب هدم الأوثان والأصنام، متى تمكن المسلمون من ‏ذلك، سواء وجد من يعبدها أو لم يوجد". الصادرة في عام 2001
- حرق الأسير : الزنديق الذي استند إليه ابن تيمية كسلف صالح في عقوبة الذبح:
تستند منظمات التكفير في ذبح الإنسان كعقوبة لمن تعتبره مخالفاً لنهجها، إلى فتاوى بن تيمية (37 مجلداً) الذي أكد أنه يستند إلى سلف صالح، مع أن الذبح لم يرد في باب الحدود بالقرآن .
- السف الصالح هو خالد بن عبدالله القسري والي هشام على الكوفة، الذي أراد أن يتقرب من سلطانه، بذبح مسلم مجتهد، بعد أن تم اعتباره خارجاً على شرع المسلمين وفق المفهوم السلطوي الأموي. فأي سلف صالح هذا الذي اقتدى به بن تيمية، ليصبح الشذوذ الذي مارسه الزنديق خالد القسري، جزءاً من عقيدة المسلمين، وشرعاً إسلامياً يتفاخر به التكفيريون عندما قاموا بترقية أبو مصعب الزرقاوي إلى ”أمير الذباحين“ وقد الذي ورثت داعش نهجه فقامت بذبح مسييحين، بل ومسلمين مخالفين لها .

هل من حل؟ .. نعم هناك حل؟ فطوال التاريخ ظهرت جماعات ضد التقدم وتشكلت تنظيمات تحاول هدم الدولة والمجتمع، فالخوارج والقرامطة وثورة الزنج تم القضاء عليها، والتتار والمغول لم يعمروا فى التاريخ، والنازية والفاشية تم القضاء عليها وأصبحت مجرد وصمة عار يتخفى من يحاول الأشارة إليها .

ولكن كيف تم التخلص على هذه الحركات فى التاريخ؟ وكيف نتمكن حاليا؟ .

أولا : نزع مصادر قوتها ( المال، السلاح، البنى والهياكل التنظيمية) وتقديم كل من حمل السلاح أو دعى للعنف ومارس القتل والأرهاب للعدالة الناجزة أمام قاضيه الطبيعى .
ثانيا : تبنى الدولة لمفاهيم تنويرية تعلى من قيم التدين السمح وتضع الدين فى مكانه الصحيح بعيدا عن معارك السياسة ليكون دافع لقيم الحق والعدل والتقدم
ثالثا : ضرورة قيام الدولة بتنفيذ مشروع قومى مثل ”ممر التنمية والتعمير“ الذى سيساهم فى حل مشكلة التكدس السكانى، وما يترتب عليه من حل مشكلات البطالة والأسكان والمواصلات بتوسيع المعمور من أرض مصر .
رابعا : بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة "دولة المواطنة" التى يجب أن ترتقى فيها حياة كافة المصريين، وأن يكون للمواطن دور فى صنع القرار واختيار حكامه بانتخابات حرة نزيهة، واعتباره مصدر شرعية السلطة ومناط أهتمامها الأول، دولة سيادة القانون وحماية الحريات، والتى يخضع فيها كل مسئول للمحاسبة، وتتحقق فيها الشفافية والعدالة الناجزة للجميع دون تمييز بسبب الأصل أو الدين أو الجنس أو الوضع الاجتماعى .

هذا الأمر يحتاج التصدى لظاهرة التوظيف السلبى للتراث من خلال جهود علمية فى كل المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية، وكذلك البدء فى تنفيذ مثل هذه المقترحات بالأسلوب العلمى وصولا لتحقيق أهداف ثورة الشعب المصرى العظيم .
فكل من يظنن أن تجديد الفكر الدينى يتمثل فى مراجعة ونقد الأفكار المتطرفة فى الخطاب الدينى، فى الكتب الأزهرية ، أو فى كتب المتطرفين، فقط، فهو مخطئ .. لأن المطلوب قبل ذلك هو القيام «بثورة معرفية» تركز على مناهج التعليم العتيقة البالية سواء فى المعاهد الأزهرية ، أو فى مؤسسات التعليم الزاخرة بقشور العلم، والتى لا محل فيها لفكر دينى مستنير. هذه الثورة المعرفية لها أركان أساسية، أهمها تأسيس العقل النقدى الذى يطرح كل الظواهر الاجتماعية والثقافية والطبيعية للمساءلة وفق قواعد التفكير النقدى المسلم بها فى علوم الفلسفة والمنطق .
انتهى الصالون بعدد من التعليقات والمداخلات، حيث شارك أ / محمد غازى، أحمد ابراهيم، اللواء / طارق وصفى، اللواء / سعيد أيوب، الأستاذ / عبد الجواد سيد، ثم قدم المتحدث تعليق وردود على الأسئلة والمداخلات، وقام الأستاذ / أحمد زايد بتصوير العرض والمداخلات والتعليق، وسوف يضعه على موقع "زمرة" فى وقت قريب .



#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة والتحديث الناقص
- فى ذكرى الغزو العثمانى لمصر
- معوقات تحقيق العدالة الإنتقالية
- 500عاما على الغزو العثمانى لمصر
- مستقبل العقل
- عرض كتابان عن النمو الاقتصادى
- التقاليد العثمانية فى دولة الخلافة
- اسرانا حتى لا ننسى
- أسلوب عقيم يساهم فى تفاقم ظاهرة الأرهاب باسم الدين
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 5 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 4 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 3 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 2 من 5
- الوجه الآخر للخلافة الإسلامية 1 من 5
- تعليم المقهورين
- العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام 2 ...
- العدالة الإنتقالية .. الحقيقة وحدها يمكنها شفاء كل الآلام
- التقارب التالي .. نظرة متفائلة للنمو الاقتصادى
- حتى لا ننسى : موقف الاخوان من القوى الوطنية
- دور الموارد فى التنمية مقارنة بين البلدان العربية وبلدان جنو ...


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتحى سيد فرج - هل تقديس التراث سبب تخلف المسلمون ؟