أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رامي أبو شهاب - إغواء النسق وأيدلوجيا الخطاب / قراءة في رواية إبراهيم نصر الله شرفة الهذيان















المزيد.....

إغواء النسق وأيدلوجيا الخطاب / قراءة في رواية إبراهيم نصر الله شرفة الهذيان


رامي أبو شهاب

الحوار المتمدن-العدد: 1454 - 2006 / 2 / 7 - 08:00
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تمارس الرواية الجديدة فعلها الإغوائي من خلال أنساق كتابية جديدة، تقوم على محاولة خرق البناء التقليدي المهيمن منذ سنوات طويلة، و تأتي هذه الرغبة كردة فعل على فوضى الثقافة وأنساقها ,وهيمنة بعض الأنساق، خاصة النسق المرئي و السمعي، ممثلا بالقنوات الفضائية والهاتف النقال والانترنت وغيرها .

لقد بات الإنسان يستشعر ضآلة واقعه في مقابل هذه العناكب الضخمة المسماة وسائل الإعلام والاتصالات وما تحمله من ثقافات جديدة، لذلك كان لا بد للمبدع إلى أن يتعامل مع هذه المستجدات ومحاورتها ضمن نصه الجديد، وهذا ما نلاحظه في عدد من الأعمال الروائية، لعل عمل إبراهيم نصر الله شرفة الهذيان نموذج بارز على هذا النسق .

عنوان الرواية هو مقدمة فعلية لبيان العلاقة التي تتجاذب الإنسان مع وسائل الإعلام ونزيفها الداعي إلى الانصهار ضمن مفهوم العالم الجديد، لذلك ظهر السرد محاورا هذه القضية ومتخذا من رمزية المكان دلالة للحوار، فكانت الشرفة التي، تعني العلو والارتفاع والمواجهة، وقدرة الآخرين على مشاهدتك ومشاهدتهم، وهي مكان لوضع القمر اللاقط " الدش" وبالتالي في مكان الهذيان، هذيان يطال كل شيء، إنه هذيان مكشوف لجميع الأطراف.




السرد وحوارية المعنى .
المعنى الأول
تبدأ الصفحة الأولى كمؤشر على ذلك النزق الذي يصيب الإنسان من جراء تعاطيه مع وسائل الإعلام ورموز العولمة، وهذا ناتج من كون الإنسان مستقبلا لم تحمله هذه الوسائل من رسائل ومعلومات أنتجت الحوارية الأولى كشكل من أشكال إنتاج دلالة الخطاب الموجهة ايدولوجيا.
يظهر الحوار الذي يقيمه الكاتب مع رموز العولمة في الصفحة الأولى التمهيدية، وهنا تظهر محاولة الكشف وإماطة اللثام عن حقيقية تردي وضع الإنسان، وتحديدا الإنسان العربي الذي يتعرض إلى محاولة بناء شكل ثقافي جديد يتفق والمنظومة العالمية.
- " نعم ، باستطاعتك أن تغمض عينيك و أن تدير ظهرك ، باستطاعتك أن تفقد صبرك وأنت تبحث عن الريموت كنترول باحثا عن محطة أخرى تطفئ بها النار التي أشعلتها فجأة قطرة العرق التي راحت تنحدر من أعلى رقبتك حتى آخر نقطة من عمودك الفقري " .
- " باستطاعتك أن تتابع الكذب على الهواء مباشرة المدة التي تحتاجها كي تطمئن على المستقبل و واصل السهرة مع أي فيلم تختار ؛ لا بأس فهم يريدون منك أكثر من ذلك " .
وتتخذ الرواية من رموز العولمة موقفا واضحا فالحرية التي تمارسها يجب أن لا تخرج من ضمن أطرها، إن حريتك تمارس ولكن ضمن سقف العالم الذي يصنعونه لك ، فأنت حر في ذهابك إلى البرغر كنج أو الفرايد تشكن أو انحيازك لأي مشروب غازي، وهكذا ويلاحظ الضغط الممارس من قبل كلمة انحياز وارتباطها الوظيفي، فالانحياز يحق لك فقط في اختيار المشروب لا أكثر ولا أقل .
إن الثقافة الجديدة ثقافة الآخر التي يجب أن نتيح لها مجالا لم تعد ضيفا، فقد باتت متحكمة في الاتجاهات والعلاقات، حتى أنها أصبحت تحدد العلاقة بين الأب وابنه، فالهمبرغر عبارة عن شطيرة ولكنها تعني نمطا حياتيا وفكريا، إنها الثورة والحرية لذلك فإن تدخل ( الكيتي هوك ) حاملة الطائرات للدفاع عن حق الطفل في الحصول عليها أصبح واجبا وملحا، وهذا ما تكشفه حوارية المعنى في رواية إبراهيم نصر الله، ففي حوار بين الأب وابنه يرفض الأب شراء شطيرة الهمبرغر لابنه مما يستدعي الشكوى ضده من قبل الابن، ومن ثم حضور (الكيتي هوك) تحت شباك المنزل، وهذا الأمر ليس ببعيد ضمن أبجديات العولمة وهيمن القطب الأوحد .
يقيم الروائي إبراهيم نصر اله نصه الروائي بمشاهد روائية ذات نسق متمازج مما يجعل القارئ يستشعر قتامة المشهد وهذا ما سيتضح في المحور الثاني .
المعنى الثاني
تقوم معالجة الرواية على مزج الكاتب ين أكثر الأمور الواقعية في حياة الإنسان، الشارع والمنزل و الأولاد والمطعم الشعبي وكل هذه الأشياء المعتادة، وبين مفردات عصرية: كالهمبرغر، والدش والخلوي، وحاملة الطائرات، وفيلم فورست غامب، والممثلة أشلي جود وغيرها من رموز الثقافة الغربية . فالحوار الأيدلوجي بين هذه الأشياء هو هاجس يؤطر رؤية الكاتب . ولعل من أبرز المحاور الحوارية التي عالجتها الرواية، فكرة التعامل مع الغرب ،فنحن يجب أن نكون حذرين جدا، ويجب ألا نتعرض له مطلقا، فهو السيد المطلق والحاكم بأمر الله : " حاول أن يستعيد الاتجاهات التي أشار إليها الرجل العجوز .
لم يتذكر شيئا . اختلط الشمال مع الجنوب مع الشرق
الجهة الواضحة الوحيدة التي لا خلاف عليها كانت حركة يده باتجاه السماء .. وقد بات حذرا من أن يردد كلمة ( الغرب) لأنها الاتجاه الممنوع" 1
إغواء النسق :
النسق البصري :
إذا كانت حوارية المعنى التي حملت خطابا اتخذ من مظاهر و رموز العولمة سندا لها ، إلاّ إن هذه الحوارية اكتملت كذلك على صعيد النسق البنائي للنص، وقد مثلت نوعا من الإغواء على القارئ في المضي قدما في تصفح هذه الرواية المغايرة في آلية الكتابة والنسق .
الرواية المعاصرة أصبحت تمثلا نصا قابل للانفتاح والتحاور، ويبدو أن الكتّاب أصبحوا يبحثون عن طرائق جديدة في بناء نصوصهم يتمكنون من خلالها المحافظة على أنفسهم ضمن حلبة الكلام.
عمد إبراهيم نصر الله في نصه الجديد إلى مخاطبة القارئ ليس فقط عبر الكلمات وإنما عبر المشهد البصري، لذلك لجأ في روايته إلى استخدام الصور التي نجدها في متناثرة هنا وهنالك بين ثنايا الرواية، وهذا النسق هو عبارة نسق إغوائي يمارس فعله على القارئ في محاولة منه لدفع القارئ لفك رموز وشيفرة هذه الصور وعلاقتها بالمتن الروائي النصي، هكذا يبدأ بالبحث عن العلائق الممكنة بين الصور ومضمون الرواية، وضمن نسق الخطاب الأيدلوجي المحاور لرموز العولمة وهيمنة الثقافة الغربية ،تتبدى هذه الصور ضمن صفحات الرواية وهذه الصور هي :
 توم وجيري
 الرئيس الأميركي جورج بوش
 خارطة لصورة المركز الإعلامي .
 صورة عصفور.
 لوحة مودلياني ( الصغيرة بالثوب الأزرق )
 صورة الصقر.
 صورة أشلى جود .
 صورة إعلان وزير الصحة.
 صورة ناجي العلي .
 صورة القفص .
 صورة حذاء فورست غامب (الفيلم الأميركي الشهير )
 صورة تفجيرات 11 أيلول مركز التجارة العالمي .
 صورة الطاووس .
 صور لبعض الإعلانات .
 صورة بعض اللوحات العالمية .
 صورة تعذيب الأسرى العرقيين في سجن أبو غريب .
 صورة استشهاد الطفل محمد الدرة .
 صورة أسرى غوانتنامو .
 صور جثث وقتلى .
ويمارس النسق البصري ( ثقافة الصورة ) وظيفتين في البناء الروائي: الوظيفة الأولى هي محاولة الإغواء في محاولة منها لسبر أغوار النص، فالمتلقي أصبحا هدفا، ومحاولة دفعه إلى الشرك القرائي أصبح واردا، ولا سيما أن القارئ أصبح مستهدفا من قبل الكثير من الأنساق التي تمارس إغوائها كالفضائيات والانترنت والهاتف النقال. وأما الوظيفة الثانية فهي الإدهاش الممارس من قبل الصورة في عملية الربط بين النص المكتوب والثقافة المرئية المشاهدة في الواقع عبر الفضائيات والتلفاز والصحف، فهذا يدفع القارئ إلى محاولة ربط الفضاءات ببعضها البعض، بين الصورة والكلمة ومرجعيات كل منها، ولنأخذ مثالا على ذلك صورة أسرى غوانتناموا التي تستدعي مؤثرات كثيرة من أحدات 11 أيلول منها العرب و المسلمين و الإرهاب و القضية الفلسطينية و العراق و أفغانستان، كل هذه القراءات تكون حاضرة بين ثنايا الورق لكن على شكل فضاءات تقوم بوظيفة الاستحضار الذهني . هذا النسق الإغوائي أصبح لعبة يمارسها الكاتب في محاولة منه لتحفيز القارئ، وهنا تظهر آلية التحفير كآلية من إنتاج الرواية ثم إعادة إنتاجها على يد القارئ .
ومن الوظائف التي يتخذها النسق الإغوائي البصري آلية وضع الإعلانات، والتي تقوم بعملية الاستدعاء التاريخي للحظات معينة ، فنحن قد شهدنا هذه الأخبار والإعلانات سابقا وتأثرنا فيها، والكاتب يحضرها ضمن سياق معين لتقوم بالدور نفسه وربما بإضافات أخرى، ولا سيما حينما تمارس دور الإغواء بواقعية الأشياء، فأنت هنا ضمن حدث ما، قرأت عنه خبرا في يوم ما، وهاهو يعود ثانية ضمن فضاء معين ، وهكذا تتابع قصة وتشاهد صورة ، كل هذه أصبح عبارة تقنيات جديدة تتبعها الرواية والروائيون في محاولة منهم لنصب الشراك للقارئ بهدف اصطياده و إحازته ضمن عوالمهم الروائية .
النسق الشعري :
إذا كان نسق الصورة أحد مكونات نسق الإغواء فإن النسق الشعري هو أحد المتهمين في الإغواء القرائي، فالنص الشعري ولنقل الصورة الشعرية أو المشهد الشعري بات حاضرا في اللغة الروائية الحديثة، ولكن لا بد من الإشارة إلى قضية هامة ألا وهي أن هذه النسق الشعري له حضور متميز ومنفك عن فكرة أو نسق الرواية القصيدة، فالرواية القصيدة تقوم في مجملها على لغة شعرية تنسحب على معظم المشاهد السردية لذلك فإنها مختلفة هنا، فالرواية التي نحن بصدد الحديث عنها تحمل في طياته نمطين من أنماط الكتابة المشهدية : الأول هو المشهد النثري القائم من خلال لغة السرد الوصفي و من خلال الحوار القائم بين الشخصيات، ومن ثم نجد مشهدا يقوم على مقاطع شعرية لا يتخللها تدخل سردي مباشر ولكن لاحق لها فيما بعد، ولكن هذه المقاطع الشعرية ذات علاقة في المضمون العام للبنية الروائية وهذه المشاهد الروائية كانت حاضرة في جدا في رواية إبراهيم نصر الله ومنها على سبيل المثال المشاهد في الصفحات التالية : 9-17 – 47 -89 -114-121- 175 .
النسق العام
يقدم الروائي نصه ضمن بناء يفتقر على التسلسل الزمني الواضح، فالرواية جاءت على شكل مشاهد مجزأة قام الكاتب بخط إحداثياتها الزمنية، لكن دون منطقية الحدث إلا في بعض المواقع، كحادثة قتل العصفور وما نتج عنها من آثار ، وإذا كان الزمن غير واضح فإن المكان كذلك غيب من حيث تقنيات الوصف، فلا نجد وصفا مسهبا للمكانن أو حتى التصريح بمكانه سوى بعض الإشارات العامة كالغرب والمركز الإعلامي والشارع، ولكن بعض الحوادث تشي بمرجعية المكان الحقيقة غير المصرح عنا وهذا يدخل في باب النسق الاغوائي فالكاتب يترك مسميات الأشياء للقارئ يقوم هو بملء الفراغ كلما استمر في القراءة، وهذا انسحب كذلك على الشخصيات فمعظم الشخصيات في الرواية افتقرت إلى أسماء العلم باستثناء شخصية رشيد النمر واكتفت الشخصيات الأخرى بالنعوت الزوجة الابن العجوز والطبيب وغيرها .
النسق الإغوائي اتخذ أيضا من الشكل العجائبي أطروحة يتمثلها في دفع القارئ لتلمس النص وقد مارس الكاتب هذا الاغواء في بعض المواقع حيث أشعر القارئ في ذلك التردد الذي تحدث عنه تودروف في تعريفه للعجائبي والغرائبي خاصة في مشهد الصقر حينما يلتهم الرجل وزوجته والأبناء مما يشعر القارئ للحظة من اللحظات أن هذا ربما كان من الحقيقة .
إن الروائيين لا يكتفون بالبحث عن ذاك النسق الذي يجعل من نصوصهم مرغوبة وبالتي تستطيع أن تمارس إغوائها كي تمكن القارئ من الوصول إلى اللذة عبر طرق وأساليب وتقنيات ومضامين تمارس سطوتها كما في نص إبراهيم نصر الله المعتمد على الكثير من الأساليب والأنساق الجديدة .



#رامي_أبو_شهاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رامي أبو شهاب - إغواء النسق وأيدلوجيا الخطاب / قراءة في رواية إبراهيم نصر الله شرفة الهذيان