أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد حمادي - الاحتفال بالنصر ومدينة الموصل الحزينة














المزيد.....

الاحتفال بالنصر ومدينة الموصل الحزينة


احمد حمادي

الحوار المتمدن-العدد: 5590 - 2017 / 7 / 24 - 21:46
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يحتفل هذه الأيام (المنتصرون) بتحرير مدينة الموصل، ولا غرابة في ذلك فالسلطة وأحزابها المدعومة من القوى الكبرى في كل العالم قررت إنهاء مسرحية داعش التي جاءت بأمر ووصاية من حكومة العراق وداعميها الدوليين لأسباب تتعلق باقتسام النفوذ وتقسيم البلدان ، الكل يعلم ان مئات المسلحين من داعش دخلوا الموصل وسط انسحاب لثلاث فرق عسكرية والآلاف من رجال الشرطة الذين تركوا المدينة في العاشر من حزيران عام 2014 دون اطلاقة واحدة، وبطريقة لا يمكن وصفها إلا بالتسليم وفق خطة مدروسة، حيث ترك الجنود الهاربين كل اسلحتهم من دبابات ومدرعات وعربات مختلفة الأنواع والأحجام. حينها أصدرت المرجعية الدينية في النجف فتواها الشهيرة بتأسيس الحشد الشعبي، وهي النسخة العراقية من الحرس الثوري الإيراني. كل هذه الأمور أن أردنا ربطها ببعضها نجدها سيناريو محكما نفذ أو ترك له المجال لكي ينفذ تحت رعاية ورقابة القوى الدولية.
بعد اتفاق القوى الكبرى على أهمية الخلاص من داعش قاموا بتطويق الموصل من جميع المحاور وكل الدلائل كانت تشير إلى أن الخراب والقتل هو سيد الموقف القادم. وما إن قرر جنرالات الحرب العراقيون والأمريكيون بدء المعركة حتى نقلت لنا الفضائيات صورا عن بطولات قوات الأمن العراقية المدعومة من التحالف الأمريكي الغربي، صورة من جانب واحد تتجاهل كل أشكال المعاناة الإنسانية الرهيبة، التي عاناها الأطفال والنساء والرجال العزل الذين يصدمون يوميا ويكتوون بنار داعش مرات ونار القوات المحررة مرات أخرى.
رحلة الموت التي عاشها سكان الموصل تذكرنا بمدينة درسدن الألمانية التي دمرتها قوات الحلفاء وخلفت أكثر من خمسة وعشرين ألف قتيل في صفوف المدنيين.
صحيح ان ثلاثة ملايين إنسان اضطروا للبقاء تحت رحمة أبشع وأقذر ما أنتجته سلطة الدين لمدة ثلاث سنوات، وبعد رحلة الموت والاغتصاب والقتل على أتفه الأسباب من تدخين سيكارة او قصة شعر إلى العودة بالمجتمع لعصور الهمجية والبربرية، إلا إن حجم الدمار وآلاف القتلى وكذلك شكل القوات المحررة وأساليبها التي لا تختلف كثيرا عن أساليب جند الخليفة، يجعلنا نعيد التفكير مرات ومرات عن جدوى هذه الحرب.


ما إن بدأت الحرب حتى أخذت رائحة الجثث تنبعث من كل مكان وأشلاء النساء والأطفال والشيوخ متناثرة هنا وهناك ...من استطاع الهرب باتجاه القوات الفاتحة، قد يلاقي مصيره المحتوم على أيدي شباب متحمسين أجبرتهم البطالة مرة والخرافة مرة أخرى على المشاركة في هذه المحرقة، باسم الوطن والمذهب فهموا خطأ ان ساكني مدينة الموصل وأمثالها يستحقون الموت. يساق هؤلاء الشباب إلى محرقة كبيرة وغير منتهية دفاعا عن أوهام زرعها رجالات الإسلام السياسي في السلطة غير مدركين انهم لا يدافعون سوى عن مصالح هذه الطبقة التي لا يمكنها الاستمرار بالعيش دون قتل وخراب وتهجير وطائفية.
وسط هذا المشهد السريالي الذي يبدأ بالقصف الجوي والمدفعي على الأحياء حتى تدمر بالكامل، هنالك صغار ينتقلون من منزل إلى أخر وسط ذهول وجوع وقتل لمن حولهم،وهم ان لم يصادفهم الموت في احد هذه المنازل المكتظة، ينتقلون إلى منزل آخر عله أكثر أمنا، هكذا يواجه الكثير منهم الموت يوميا عشرات المرات... لا سبيل للتمرد او الانتفاض على السجانين، فالقتلة في كل مكان... رغم الدعاء ليل لنهار الا ان الموت يأخذ منهم كل ساعة أبا أو أما أو أخا أو صديقا...القنابل والمدافع النهمة تبحث في كل دقيقة عن فريسة جديدة.
أربعون ألف مدني ليسوا بالرقم المهم، ما دام الجنرالات يؤكدون للصحفيين ان القوات الفاتحة تراعي حقوق الإنسان.... أربعون ألف إنسان لا يعنون شيئا، ما دامت المستشارة ميركل والرئيس ترامب يشيدون ببسالة وإنسانية القوات العراقية.
لا تنتهي مأساة اهل الموصل عند القضاء على داعش فالمسيرة طويلة ولا ضوء في نهاية النفق ...من أسعفه الحظ بالخروج، يعيش مهانة النزوح بكل تفاصليها، بدء من الاتهامات للنساء والأطفال والشيوخ بانهم من جاءوا بداعش او سهلوا دخولهم او ساندوهم،ولا تنتهي بالجوع والمرض والاعتقال والحر والاضطرابات النفسية، لكن لا شيء مهما بالنسبة لهم... لا شيء مهما، ما دام الزوج مات سواء بانتمائه لداعش او مقتله على يد القوات المحررة او موته جوعا... لا فرق فعبثية المشهد تجعله عصيا على الفهم ... لا شيء مهما ما دامت الطفلة فقدت كل افراد عائلتها واغتصبت مرة علي يد داعشي وأخرى على يد رجال التحرير....لا شيء مهما، ما دامت الموصل ليست وحدها التي تعاني وتأن من اجل الولادة الجديدة، ما دامت حلب والرقة والرمادي ودمشق وبغداد تغتصب يوميا مرة من الإرهاب وأخرى من محاربي الارهاب .... قد تكون ولادة عسيرة لكنها ضرورية لإرضاء جشع بوتن وترامب، وقد تدفع الحرب ملايين الضحايا من المشردين والقتلى لكنها ضريبة مهمة لاستمرار حروب سلمان وخامنئي واردوغان المقدسة.... ستضيع الحقيقة في الموصل ولا شيء مهم ما دام القرار ليس قرار سكانها إنما هو قرار تجار الحروب ومرتزقتها، لا شيء مهم لان الذي خسر كل شيء تصبح الحياة بالنسبة له عبء ثقيلا.
وسط هذا الخراب والمستقبل القاتم والملبد بغيوم حروب دموية قادمة يحتفل (المنتصرون) ويوزعون الأعلام العراقية والحلوى، يشاركهم المدنيون والشيوعيون فرحة هذا النصر ونغمة إعادة الأعمار والبناء هي الأكثر تداولا. ولسنا ندري عن أي اعمار يتحدث هؤلاء، والكل يعلم ان مئات المليارات التي حصل ساسة البلاد لم تبن مستشفى واحدا على طول البلاد وعرضها، عن اي اعمار يتحدثون ومدارس الوسط والجنوب من الطين والبردي وكأننا نعيش عصر السومريون، اي اعمار وكهرباء البلاد منذ ثلاثة عشر عاما وهي على نفس الحال. بأي انتصار يحتفلون وأكثر من مليون إنسان يفترشون الأرض ويلتحفون السماء! يرقص المحتفلون على أنقاض مدينة هدمت بالكامل ولا يعلمون ان الموصل ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالقادم أسوأ.



#احمد_حمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يحكم الاسلام السياسي
- عندما يحكم الأموات
- الخرافة في جامعات العراق


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد حمادي - الاحتفال بالنصر ومدينة الموصل الحزينة