أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - اهمية الخبز في الميثولوجيا الرافدينية















المزيد.....

اهمية الخبز في الميثولوجيا الرافدينية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5590 - 2017 / 7 / 24 - 16:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اهمية الخبز في الميثولوجيا الرافدينية

المقال منقول باختصار شديدعن الاصدار الجديد للباحث في الانثروبولوجيا الدكتور فالح مهدي :
(البحث عن جذور الاله الواحد : في نقد الايديولوجية الدينية )- اصدار – دار العودة – بيروت – توزيع : دار ومكتبة الجواهري – بغداد – شارع المتنبي .

في البداية اتقدم الى الدكتور فالح مهدي بوافر التقدير على المبحث العميق الذي قام به في البحث عن جذور الاله الواحد والتاصيل لثقافة وحضارة وادي الرافدين السومرية والاكدية ,ولتشجيعي في تناول مؤلفاته .

بين ادبا السومري وآدم العبراني

يشير الدكتور فالح مهدي الى ان الخبز يمثل مجتمع الحضارة والمدينة ,لان صناعة الخبز والخميرة والخمور تحتاج الى استقرار وخبرة وتعقيد حضاري .لقد كان يقيم في مدينة اوروك رجل حكيم .ورد في الاسطورة ان ادبا الذي خلقه الاله ايا ليحكم البشر كان ملكا على مدينة اوروك .وفي احد الايام تسببت ريح عاتية الى سقوط ادبا من قاربه الى اعماق البحر .

ونتيجة غضبه قام بكسر جناح الريح الجنوبية وذلك بلعن الريح , مما ادى الى توقفها عن الهبوب .لقد اثار هذا الفعل غضب الاله آنو وكانت نيته متجهة نحو قتل ادبا .بيد ان ادبا استطاع بعد ان دعي من قبل ذلك الاله ان يدخل حرم الاله آنو دون ان يصاب بشر كبير ,على ضوء النصيحة التي قدمها له الاله ايا ,والتي تمثلت بالامتناع عن تناول اي طعام او شراب , اذا طلب منه ذلك .والسبب في ذلك يعود الى الفكرة التي قامت عليها هذه الاسطورة ,والمتمثلة من ان الطعام والشراب الذي يقدمه ذلك الرب ماهما الا رمزي للموت.

الا ان الاسطورة اتخذت منحى اخر ,ذلك ان الرب وجد في شخص ادبا كل مايستحق التقدير ,فقرر ان يكرمه وذلك بمنحه الخلود . الطعام والشراب لم يكونا رمزا للموت , بل للحياة الابدية,(قارن ذلك مع طقس العشاء السري للسيد المسيح ورمزية الخبز والشراب –كاتب المقال ).
من اقوال السيد المسيح :
انا هو خبز الحياة
ليس بالخبز وحده يحيا الانسان
وجاء في الصلاة الربانية :
( اعطنا خبزنا كفافنا اليوم )..
وفي طقس العشاء الاخير اخذ يسوع خبزا وشرابا وتناولهما واعطى لتلامذه , كنوع من القربان المقدس , وهي تمثل الاتحاد الرمزي بجسد ودم المسيح ,هي الشركة الدائمة مع المسيح .

ارتبط ادبا بالمياه وبالصيد, اي بالحرفة في مدينة اريدو .لقد كان ادبا متعلم وعلى دراية بالقراءة والكتابة.اما ادم العبراني فقصته لاتنم عن اي حبكة ومليئة بالتناقضات .

لقد تم اختبار ادبا وادم من قبل الرب عن طريق الطعام .ادبا الرافديني امتنع عن الاكل في حين قام ادم العبراني بكسر وصية الرب , وقام بالاكل من الشجرة المحرمة .لقد وجد ادبا في مدينة اوروك حيث الحضارة والثقافة والطقوس والاقتصاد القائم على العمل الحرفي والزراعي ,ذلك انه كان صيادا ماهرا وخبازا وطاهيا .في حين وجد ادم العبراني نفسه في وسط الجنة ,في حيز اسطوري متخيل ,ليس له حدود , ولا ابواب ولا شبابيك , ليس فيه بنايات ولا هندسة, او اثاث.لازراعة ولا صناعة .

كلاهما فشل في الاختبار .ادبا كان ضحية مكر الاله آنو لقد كان الاله ايا مخلصا في نصيحته لادبا بالامتناع عن تناول مايقدم له من خبز ومن ماء .لاحظ اهمية الخبز في العالم القديم ,كما يشير الى ذلك الدكتور فالح مهدي .الخبز والماء يمثلان جوهر الحياة ,اقوال السيد المسيح تاكيدعلى هذا الكلام .
يرمز الخبز الى الزراعة والاستقرار والتعقيد الحضاري .

في حين ليس هنالك اشارة اليه في الجنة العبرانية ,بل الى فاكهة .ان الفاكهة والخضراوات تشيران كما يقول الدكتور فالح مهدي الى طعام الاقوام الرحل ,في حين تتطلب صناعة الخبز قدرا من الاستقرار والتعقيد الحضاري .
انسان ماقبل التاريخ تعرف على الحبوب قبل ثمانية الاف سنة( ق .م )في بلاد الرافدين والشام .يعتقد المؤرخون ان السومريين توصلوا الى صناعة الخميرة في حدود 2600 ستة قبل الميلاد ,حيث يحتاج عمل الخميرة الى مهارة .ولقد تم اكتشاف صناعة (12)نوعا من الخبز في مدينة ماري في القصور الملكية عن طريق الالواح الطينية .

ان ادبا السومري عندما صعدالى السماء منحه الاله ايا خبزا وماءا بعد ان اقتنع بحسن سلوكه,وكان يريد من فعله ذاك منه الخلود ,اما الجنة العبرانية فخالية من الحبوب والخبز بل هنالك الفاكهة فقط.وهي طعام الاقوام في عصر الصيد وجمع القوت .لذا عندما غضب رب ادم عليه قال له ) بعرق وجهك تاكل خبزا حتى تعود الى الارض التي اخذت منها )تكوين 3 -19 .

يعقب الدكتور فالح مهدي على النص ( يكشف العهدالقديم منذ البداية من ان الخبز مرتبط بالارض ومرتبط بالعمل ,اذ اكد النص وعلى نحو عفوي من ان الحصول على الخبز يتطلب الخروج من الطفيلية والاعتمادعلى الطبيعة .ليس للخبز اهمية في العهد القديم,بل نجد التاكيد عليه في كل التراث الديني والاسطوري لبلاد الرافدين ).

كما تبرز اهميةالخبز في العهد الجديد حيث الناصرة مدينة يسوع واورشليم المدينة المقدسة .علاقة الاقوام البدائية بالخبز تمثلها الحكمة الاكدية التالية :
(يجهل القلب خبز التنور وتجهل المعدة طعم البيرة ).تقدم لنا ملحمة كلكامش صورة متميزة عن الخبز والبيرة (الجعة )اللتان تمثلان ثقافة المكان :
( ثم شقت (البغي )لباسها شقين , والبسته بواحد منهما واكتفت هي بالثاني ,وامسكته من يده وقادته كما تفعل بطفلها ..
واخذته الى مائدة الرعاة , الى موضع الحظائر
فاحاط الرعاة به
فلما وضعوا امامه خبزا تحير واضطرب , وصار يطيل النظر اليه
اجل لم يعرف انكيدو كيف يؤكل الخبز
ولم يعرف كيف يشرب الشراب القوي
ففتحت البغي فاها وخاطبت انكيدو :
( كل خبزا يا انكيدو ,فانه مادة الحياة ..).

يؤكدالدكتور فالح مهدي ان ملحمة كلكامش تختصر على نحو فذ علاقة الخبز بالحضارة والتمدن ,حيث ان صناعة الخبز كانت احدى نتائج عالم الزراعة .
لقد لعن انكيدو المدينة ولعن البغي التي اتت به الى نور المدينة ,فاعترض عليه الاله شمس قائلا :
( هذه المراة التي اطعمتك الخبز الذي يليق بالاله , وقدمت لك الجعة الناعمة التي تليق بالامراء , والبستك رداءا فخما وجعلت لك كلكامش الجميل رفيقا ..).

يعقب الدكتور فالح مهدي : شمس اله العدل يرشد انكيدو في لحظات احتضاره الى الطريق السليم . النص هنا يشير الى التعقيد الحضاري , اذ نجد فيه :خبز , جعة ,ملابس فاخرة وصداقة مع معملك الملوك كلكامش .
مرة اخرى الخبز يتقدم كل شيء ,فلا حياة مدنية دونه .
وفي التعبير العراقي نقول (بيننا خبز وملح ).

ختاما يكتب الدكتور فالح مهدي في الصفحة 124 مايلي :
( تقديم الخبز مع اللحم في حضارة وادي الرافدين ,على مائدة الارباب التي يقدم لها هدايا ونذور .ففي وجبة الطعام التي تقدم للموتى تقوم كل عائلة سومرية بتقديم الطعام الذي يتضمن خبزا الى الميت وتشارك بطبيعة الحال في تناول ذلك الغذاء . ان تقديم اللحوم الى الرب او الارباب يتعلق باقوام الرحل في تقديرنا ,تلك البعيدة عن عالم الزراعة ).



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب البريطاني على الملكية في العراق
- شبهة العلاقة المثلية بين كلكامش وانكيدو
- الشباب الفلسطيني :المقاومة وطقوس العبور
- احداث تم تزويرها من تاريخ العراق الحديث
- من طقوس العبور : طقس الحلاقة الاولى للاطفال اليهود
- المثلية الجنسية في الادب العربي
- ترميم جسد الميت بتقنية النانو
- الختان في الاسلام : رؤية سوسيو نفسية
- الاسكندر الاكبر المنقذ وعلاقاته المثلية
- تشابه فكرة المنقذ بين الديانات
- الفصام النفسي والسلوكي لبعض المثقفين
- انهيار المؤسسات بعد سقوط النظام الملكي - ج 3
- وحدة اليسار العراقي :جدل التوحيد
- جذور العنف في الاسلام
- العلمانية جدل المفهوم
- وحدة اليسار العراقي : خلاصة قراءة متجددة
- اللقاء التحاوري لليسار العراقي
- ولادة وقيامة المخلص في الديانات القديمة
- انهيار المؤسسات بعد سقوط النظام الملكي - ج 2
- التثليث في الديانات المختلفة


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - اهمية الخبز في الميثولوجيا الرافدينية