|
التراث و أنا
المصطفى العربي
الحوار المتمدن-العدد: 5588 - 2017 / 7 / 22 - 04:25
المحور:
الادب والفن
أقصد بالثراث الكتب التي كتبت في القرون الوسطى و خصوصا كتب ابن خلدون و ابن رشد و القاضي عياض و ابن طفيل و ابن باجة و ابن سينا و الفرابي و الكندي ، هذا هو معنى الثراث بإيجاز عندي . لا شك أن أي إنسان مرتبط بمجال الثقافة تهتز نفسه عند سماع التراث الذي ذكرت و يجول بخواطره في أماكن بعيدة لا يعرفها . معروف جيدا أن الذين يتكلمون عن الثراث أو يحبونه هم في الحقيقة لا يعرفونه مثلهم مثل الذين يتكلمون بكل ثقة و دائما عن مخلوق إسمه عيشقنديش وكأنها تسكن معهم و تتعشى و تفطر دائما معهم فهي محمولة في أذهانهم في النوم و اليقضة و إذا تكلموا عنها كلهم يصيرون فلاسفة و فحول العلوم و المعرفة و الويل لك إذا كنت مريضا أو متعبا فاهرب بجلدك لأنهم لا يسكتون و لا يقفون عن حكاية الخوارق التي قامت بها هذه الغولة . أما في الواقع فلا أحد منهم يعرف عيشقنديش . و بناء عليه فجل محبو الثراث هم معه كما هم مع عيشقنديش. أبو حامد الغزالي ذو الذكاء المفرط و المنهج الإبستمولوجي لا تنزعج يا قارئ فكلمة إبستمولوجي هي بالفرنسية تعني المعرفي ، تخلص من عقدة الخوف و الحرج أو الإصابة برائحة بول عيشقنديش . المهم ، الغزالي له كتب جميلة جدا لا تصلح فقط لفهم زمان دونالد ترامب و ميلانيا و إيفانكا و ميركل و عيشقنديش بل كتب الغزالي و ابن رشد و الفرابي تساعدك على فهم الإكتشافات العلمية مثل جبل إيرحود و كوكب عطارد و القطب الشمالي و جزيرة Marbella . كتاب الغزالي العظيم : تهافت الفلاسفة ، هذا الكتاب يخلصك من الجهلة المتفلسفة و ما يسمى بالسفسطة أو الفلسفة الأكاديمية أو الثلوث الدهني . كتاب الغزالي المنقذ من الضلال ، تمنيت أن يكون هذا الكتاب واقعا فأقول : المنقذ من الأمراض و الفقر . كتاب ابن سينا : الشفاء و كتاب قاضي عياض بنفس العنوان الشفاء : تمنيت أن يقبلني المستشفى و إياك براميد و يعتبروننا بشرا فيكون العلاج و الشفاء علما بأن مستشفيات إسمها ابن سينا و لكن لا تقبل شفاء الفقير . التراث الفكري كنز لا شك فيه و لكن هل يصلح هذا الثراث كأداة تساعدنا على حل المشاكل اليومية التي نعيشها كالأمراض و انعدام السكن و الجوع و الجنون و التسكع و التسول و التشرد و عموما الفقر و الظلم ؟ هل يساعدنا هذا الثراث على جلب الدولار أو الزرقاء ، لا زرقاء اليمامة : و هل تعرف زرقاء اليمامة ؟ ويحك ضاعت حياتك و بئس مصيرك أن لم تعرف زرقاء اليمامة و السيدة جدتك الكريمة عيشقنديش . ماذا ينفعني ابن رشد و أنا أريد شراء الدقيق و تأدية فاتورة الماء و الكهرباء ؟ هل أعطيهم كتب ابن رشد ؟ قالت لي طالبة دكتورة عاطلة يوما ما . هل كتب الثراث تتحدث عن كيفية نحصل بها على النقود و في أسرع وقت و على السيارة و الدواء و الخضر و الفواكه ؟ إذن لماذا التراث ؟ إننا ضحايا سحر عيشقنديش الذي ألهانا عن المعرفة الحقيقية أو على الأقل معرفة الظلم و الطغيان و كيف ضحكت عينا عيشقنديش و كيف كان و ماذا وقع حتى يكون ما في Marbella و ما عند ترامب و ما في شرق المتوسط كله و ما في تحت الأرض و ما فوقها الجبال و السموات . خرافة عيشقنديش التي يرن صداها في الغابات فتجيبها الخنساء و تشير مغمغة خائفة من صواعق السيوف فتسقط و تتدحرج من أسفل الجبال فتلتقطها أفواه الأسد المرعبة و التماسيح الخبيثة في بحار و جزر و جبال و غابات و سموات : إنها رائحة بول عيشقنديش أو بول الأسد : أينك يا زرقاء اليمامة ؟ الإصفرار ، رنين المعادن الثمينة ، السيوف الموعبة ، قصورها هارون الرشيد و المأمون و صراخات الفارابي و بكاء الخنساء ، إنها الأصوات لا لون لها ، إنها الرائحة التي تطوي العالم طي الكتاب.
#المصطفى_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أركيولوجيا قتل الأحياء و الكلام على الأموات
-
الحرارة
-
الدجال و شهداء كميرة
-
بين شكري و الزفزافي
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|