|
امضوا في استفتائكم ، و اضربوا عليه بالطبول .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5588 - 2017 / 7 / 22 - 03:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القضايا القومية ما كانت من صنع شخصٍ يوماً قط ، و لا من اختراعه البتة ، أو ولدت معه . فهي خرجت من رحم التاريخ ، و تخص ملاين البشر ممن يشتركون في اللغة و التاريخ و الأرض الواحدة و الأهداف ....
و القومية الكردية كغيرها من القوميات عريقة المنشأ ، ولدت منذ آلاف السنين قبل أن يلد زعماء الكرد المعاصرون ، و ليست حكراً على قائدٍ أبداً ، و لا تمسه لوحده . قضية عشرات الملايين من الكرد الذين حلموا باسترداد حقوقٍ منزوعةٍ منهم . قبل قرونٍ طويلةٍ حلم الأولون من الأنساب بالاستقلال و نيل الحرية ، توارثته الأجيال تباعاً إلى هذا اليوم ، و بات تحقيقه وشيكاً .
قوانين مجلس العموم لهيئة الأمم المتحدة تخول الشعب الكردي لتقرير مصيره حسب العديد من البنود . الظروف الآنية ناضجةٌ يجب قطافها ، و ما تحديد الموعد لإجراء الاستفتاء إلا قرارٌ صائبٌ يعبر عن تطلعات شعبٍ تواقٍ للوصول إلى ذلك اليوم ليسجل كلمته ( نعم ) بالدم بدلاً من المداد .
إلا أن الشوفينيين العرب و الطورانيين و العجم بزعمائهم قبل العامة أقاموا الدنيا و لم يقعدوها ، و وقفوا سداً منيعاً إزاء هذا القرار بالتهديد تارةً ، و الوعيد تارةً أخرى . و قل هؤلاء أغرقتهم أناهم بالاستعلاء ، و أعمت قلوبهم الحقد و الكراهية ، و اكتووا بنار التعصب و الشوفينية . فلا خير فيهم ، و لا من أصحاب العمائم و تجار الدين يأتي طوق النجاة . أما عتابنا فعلى العلمانيين منهم و الماركسيين و اليساريين . على اعتبار أن منبع ثقافتهم هو ( إحقاق الحق ، و نبذ الباطل ) حتى و إن كان الثمن باهظاً .
و ها هو الاستفتاء قد عرض ذاته عليهم نموذجاً لاختبار الذمة ، و فحص المبادئ . للتمييز بين الذمم النظيفة و الرديئة ، و بين المبادئ النزيهة و الوضيعة . فتبين بالتدقيق أنهم أنصاف المبادئ و ما يدعون . نصفٌ مع الحق ، و النصف الآخر ضده . أي حسب المصطلح السياسي الدارج ( يكيلون بمكيالين ) . فهم يعترفون بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، و يقرون بأن الاستفتاء حقٌ من حقوق الشعب الكردي . لكنهم في الوقت ذاته وقفوا ضده لتعطيله تحت ذرائع واهيةٍ . تحججوا بوجود الفساد في الإقليم ، و ندرة الديموقراطية و العدالة ، و شح الإنصاف و انعدام تكافؤ الفرص ، و تعطيل البرلمان ، و انتهاء مدة ولاية رئيس الإقليم ...... الخ و ناهيك عن التحجج بعامل الزمن ، على اعتبار أن الوقت لم يحن بعد .
دلوني على دولةٍ في الشرق لم يحرقها الفساد ، و لم يهدمها الاستبداد ، أما الديموقراطية و العدالة فليس لهما مكانٌ في ربوع الشرق اللعين بالمطلق . و حسب هذا المعيار عليهم سحب الاستقلال من كل دولةٍ شرقيةٍ . فهم و الشوفينيون في صفٍ واحدٍ من حيث النتيجة . وإلا كيف يتطابق الخير مع الشر ، و يصاحب العلم الجهل ، و يعانق العدل الطغيان ، و تساند الديموقراطية الاستبداد ؟ ! و متى توقف الحق عن المسير كي يتحكمه عامل الوقت ؟ الوقت دائماً ينصر الحق ، و الظروف كلها مع الكون خادمٌ أمينٌ للحق لو وجدت النية الصادقة ، و نضجت الذمة الأمينة ، و الضمائر الحية أينعت بعد استيقاظها من نومٍ سريريٍّ عميقٍ ، حينها يحق الحق تلقائياً ، ولا صوت يعلو عليه .
أما أعظم العتاب فللكرد الذين يجترون الذرائع السالفة الذكر من بعض الأطراف السياسية من منبعٍ حزبويٍّ ضيقٍ . فممارسة سياسة لي الأذرع مع الطرف الآخر ، بذريعة أن الأخير يتشبث بالكرسيٍّ ، و يهمشهم . ناسياً أو متناسياً أن مقاطعته للاستفتاء هي من أجل الكرسيٍّ ذاته لتقوية نفوذه فاحتكار السلطة . و بماذا يتميز من الذي يلسعه بالنقد إذاً ؟
كالعادة فإن أبواق الطرفين ينفخون في مزاميرهم ، و يقرعون طبولهم ليزداد الشرخ ، و تتسع الهوة . و الأقلام المأجورة تغازل الفئات المتذبذبة ، و الشرائح الانتهازية خدمةً للشوفينين و دعاة الشر بقصدٍ أو بدونه .
الشوفينيون ينتابهم الفزع من انتقال عدوى الاستفتاء و الاستقلال إلى داخل بلدانهم . و العلمانيون و اليساريون أذهانهم من غبارالشوفينية ليست نظيفةً ، و من دنس التعصب لم يستطيعوا تطهير قلوبهم .
أما المعترضون الكرد فرعبهم يكمن من حرمانهم من الجلوس على الكراسي ما بعد الاستفتاء ، أو فقدانهم السلطة و النفوذ .
و للأبواق من كل الأطراف نقول : ألا بحت أصواتكم ، اغلقوا حناجركم ، و سدوا أفواهكم .... ( قولوا خيراً ، أو اصمتوا ) . بئس الأقلام المأجورة ، و لتجف محابرها ....
و للجميع نقول : الطوفان آتٍ ، و العاصفة مقبلةٌ . فإما التقاط اللحظات المستنيرة ، و اصطياد الوقت الثمين ... و إما تمطركم السماء بوابلٍ غزيرٍ من اللعنات . و ليعلموا أن للأوطان لعنةٌ ، و للشعوب لعنتها ، كما لعنة التاريخ . إلا أن لعنة الأوطان أشد خطورةً , كالسم الزعاف يسري في الجسد ، فلا دواء يشفيه ، و لا طبيب ينقذه . فليعصموا أنفسهم من هذه اللعنة . و ليعلموا أن الاستقلال للوطن و الشعب ، و ليس لشخصٍ دون غيره . يموت هذا الشخص ... و يبقى الوطن و الشعب . فلا وطن بدون شعبٍ ، و إذا مات الشعب يموت معه الوطن .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إطفاء نور العقل بالسوط .
-
الضمائر الميتة تستغل المرأة ، ثم عنها تتخلى .
-
أذيال رجال السلطة .
-
حنينٌ فيروزيٌّ جارفٌ .
-
الأماكن تستحوزها الأرواح الحميدة .
-
أردوغان يضع حجر أساس الدكتاتوية .
-
صداقةٌ في مهب الريح .
-
أرواحٌ تهدم ، فلا تعرف البناء .
-
عيدٌ طمرته آلة الموت أسفل الركام .
-
اللاجئُ أيام الدهر كلها عليه قليلٌ .
-
هل قتل العباد إنجازٌ ، أم إحياؤهم ؟!
-
عزفٌ على وترٍ شغوفٍ .
-
عذراً أيها الوزير : لكم نزاهتكم ، و لنا مفسدتنا الكبرى .
-
الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .
-
إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال ؟!
-
عن الحياة غائبون
-
أحقابٌ همجيةٌ من الجهلِ .
-
صوموا إن شئتم ، أو فَلّتَصْمُتوا.
-
ضائعٌ أمله ، و منسيٌّ حلمها .
-
صرخة فتاةٍ آلمها الغدر .
المزيد.....
-
ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
-
-الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت
...
-
روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم
...
-
-بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر
...
-
-حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م
...
-
تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
-
البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ
...
-
-بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض
...
-
علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|