عبدالرزاق تركي
الحوار المتمدن-العدد: 5586 - 2017 / 7 / 20 - 02:54
المحور:
المجتمع المدني
المقدمة
استخدم الانسان منذ فجر التاريخ انواع واساليب متعددة من شانها تعديل السلوك الانساني وان كان لم يرتقي بعد في سلم الحضارة الا ان اغلب الظواهر والسلوكيات الانسانية وحتى البدائية منها حين خضعت للعلم المتخصص اصبح لها اصطلاحها الخاص ومعناها الخاص بها فالإنسان لم يخطر على باله في تلك المرحلة المبكرة ان تفكيره فيما يحيط به من اشياء حوله من تضاريس ورسوم واشكال سيسمى لاحقا تفكيرا بصريا او تأمليا كما انه لم يكن يعلم انه حين يعود من الصيد ليقدمه الى اولاده نتيجة لانتظارهم اياه فان تصرفه هذا سيسمى لاحقا بالتعزيز او المكافأة اضافة الى ما اكتشفه مبكرا من اساليب تعديل السلوك كالنصح والتشجيع والتصفيق غير انه في تلك الفترة واجه كما من التحديات التي لم يجد لها حلا وافيا كحالات الخوف والقلق او الوساوس وغيرها والتي كان يشعر بها ولا يستطيع التعبير عنها او تحديدها ومعالجتها بعد ان تكونت له الرغبة في التخلص منها .
وعرف الانسان منذ القدم اساليب كثيرة في تعديل السلوك وتقويمه و بعض التشريعات السماوية اعتمدت هذا المبدأ ضمنا مثال ذلك ما يتعلق بنشوز المرأة في الآية( 43)من سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم(واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا)وقد اشتملت الآية هنا على اسلوبين من اساليب تعديل السلوك هما العقاب السلبي(الهجر) والعقاب الايجابي (الوعظ) .
(الفسوس؛2006 )
وفي العصر الحديث ظهرت كتابات متفرقة عن تطبيق مبادئ التعلم السلوكي في علاج الاضطرابات السلوكية وظل تأثيرها محدودا حتى ظهر العلاج السلوكي بوصفه نظاما شاملا . (مليكة؛ 1990)
وظهرت التباشير الاولى لحركة العلاج السلوكي منذ فترة تتجاوز القرن من الزمان حيث اثرت المدرسة السلوكية بتصوراتها الجديدة في ميدان العلاج وساعدت على تطوير مبادئ فعالة في مجال تعديل وعلاج اضطراب السلوك مضيفة الى هذا المجال كثيرا من التصورات والمفاهيم العلمية والتطبيقية التي اصبحت جزء لا يتجزأ عنها.
(عبدالستار, واخرون؛1993)
ففي القرن التاسع عشر ظهرت افكار عالم النفس سيغموند فرويد التي ادت بدورها الى ظهور عدد من الطرائق العلاجية كرد فعل على هذه الافكار التي تعتمد على الغريزة الجنسية والمعاني والرموز فقد اشار(دانلوب)عام 1932الى القيمة العلاجية المتحققة من حرمان الفرد من التعزيز وفي عام 1935 وضع العالم(كثري)منهجا لتطبيق مبادئ الاشراط في العلاج وفي عام 1943اجرى العالم (مسرمان)عدة تجارب تبين ان العادة السيئة العصابية هي عادة مكتسبة عن طريق التعلم وايدته في ذالك تجارب واتسون وماري جوي ثم تطورت الدراسات عل يد مجموعة من العلماء البارزين امثال جون دولي ولازاروس 1958وايزنك 1960 وغيرهم من العلماء.
(هارولد؛1992)
هذا كله اضافة الى اعمال جوزف فلوبي في جنوب افريقيا التي استخدم فيها اساليب بافلوف لا حداث او ازالة العصب التدريجي وكذالك الاعمال المستوحاة من بحوث ب ف سكنر بتطبيق تكننولوجيا الاشراط الكلاسيكي على المرضى وقد نشر مارورا 1932نتائجه عن الاشراط الكلاسيكي وفي عام 1948نشر سكينر كتابا في العلاج عن طريق الفعل المنعكس الشرطي. (مليكة؛1990)
ويعود اول من استخدم تعديل السلوك كمصطلح الى ادوارد لي ثورندايك عام 1911وذلك في مقالته التي كتبها عن القوانين المؤقتة في متلازمة السلوك واستخدمت مرة اخرى في وقت مبكر عام 1940 كما استخدم المصطلح من قبل مجموعة ابحاث متعددة لجوزف ولب في التقليد التجريبي لعلم النفس السريري واستخدمه للاشارة الى التقنيات النفسية والعلاجية المستمدة من البحوث التجريبية.
(مدبولي؛بلا)
تعاريف تعديل السلوك
هو نوع خاص من انواع التأثير في السلوك يشمل تطبيق المبادئ التي اشتقت من البحوث العلمية في علم النفس التجريبي.
(الخطيب؛2003)
شكل من اشكال العلاج النفسي يعنى اساسا بتغيير السلوك المشاهد وموضوع الاهتمام الرئيسي فية هو السلوك الذي يمكن ملاحظته.
(ل.س.واتسون.1988)
العلم او الاتجاه الذي استمد اصوله من قوانين التعلم ومن البحوث الاساسية في علم النفس ويهدف الى تغيير السلوك نحو الافضل.
(ابو حمدان.2003)
اهداف عامه في تعديل السلوك
1- مساعدة الفرد على تعلم سلوكيات جديدة
2- زيادة السلوكيات المقبولة اجتماعيا والتي يسعى الفرد لتحقيقها
3- المساعدة على التقليل من السلوكيات غير المقبولة اجتماعيا والتي يسعى الفرد لتحقيقها
4- تعليم الفرد اسلوب حل المشكلات
5- المساعدة على التخلص من مشاعر القلق (الفسفوس؛2006)
6- تحديد السلوك المرغوب فيه ومن ثم تعديله
(الروسان؛2000)
خطوات تعديل السلوك
لخص (martine& pear,1983 ؛) خطوات تعديل السلوك بما يلي
1- تحديد السلوك المستهدف
2- التركيز على السلوكيات القابلة للملاحظة
3- تحديد شروط الاداء الناجح
4- البدء بتعديل السلوكيات البسيطة
5- التأكد من ان الفرد يمتلك المهارات اللازمة لتأدية السلوك المستهدف.
(1983؛pear& martine)
التعزيز ودوره في تعديل السلوك
لا يمكن الحديث عن تعديل السلوك دون الحديث عن التعزيز حيث يمكن اعتباره العامل الاساسي والرئيسي في تعديل السلوك كما اعتبره البعض الاسلوب الاوحد في تعديل السلوك.
والتعزيز هو عملية تدعيم السلوك المناسب او زيادة احتمالية تكراره في المستقبل باضافة مثيرات ايجابية او ازالة مثيرات سلبية بعد حدوثة ويأخذ اشكالا عديدة
(الخطيب؛2008)
فالمعزز الرمزي يستخدم للاشارة الى مجموعة من اساليب تعديل السلوك التي توظف المعززات الرمزية لتحقيق الاهداف المنشودة وهي رموز مادية يمكن تعزيزها مباشرة بعد حدوث السلوك ويتم استبدالها في وقت لاحق . (الخطيب؛1993)
وهناك التعزيز الايجابي وهو مثير يظهر بعد السلوك المقبول ويكون مرغوبا او سارا
(عاقل؛1996)
والتعزيز السلبي الذي يشتمل على استبعاد حادث منفر بعد استجابة يترتب عليها زيادة احتمالية وقوع هذه الاستجابة؛
(الشناوي؛1997)
وهناك التعزيز المستمر وفي هذا النوع يتم تعزيز السلوك المرغوب في كل وقت يظهر فيه ويكون مؤشر على تقوية وتطوير سلوكيات معينة ولكن بعد توقف التعزيز تختفي الاستجابة او تنطفئ تدريجيا اما التعزيز المتقطع ففي هذا النوع يتم التعزيز بعد فترة وبغض النظر عن ظهور الاستجابة المرغوبة اما عن التعزيز النسبي فهو الذي يكون محدودا بعدد من الاستجابات المناسبة والتي يصدرها الفرد.
(انجلز؛1991)
اما العقاب فيأخذ صورتين فهو اما يمثل تعزيزا ايجابيا لدى الفرد او تطبيق معزز سالب بالنسبة له والعقاب يعني حرمان الفرد من شيء يريده او اعطائه شيء لا يريده.
(الزيات؛1990)
ملاحظات هامة عند تقديم المعزز
1-ان يكون المعزز مأمون الجانب فلا ينطوي تقديمه اي مخاطر على الفرد
2-الامتناع عن الرموز التي تثير دهشة الفرد بحيث تدفعه الى النظر فيها باستمرار
3-ان تكون الرموز غير ثمينة ويمكن الوصول اليها بسهولة .
(سليمان؛1996)
4- ان يكون المعزز ملائما للنشاط الذي يقوم به الفرد فلا يجب ان يقدم له معزز اعلى او اقل مما يستحق السلوك المعزز .
5-يجب ان تكون المعززات مختلفة ومتنوعة حتى لا يتسرب الملل والضجر الى الفرد وبالتالي لا يعطي الاستجابة المقبولة .
6-مراعاة الاوقات التي يقدم بها المعزز بدقة واضافة عناصر تشويقية قدر الامكان في كل مرة يقدم فيها المعزز.
المصادر
1- الفسفوس ,عدنان احمد ؛اساليب تعديل السلوك الانساني ,2006،فلسطين.
2- مليكة ,لويس كامل ؛العلاج السلوكي وتعديل السلوك ,دار القلم للنشر والتوزيع, الكويت, 1990.
3- عبدالستار ابراهيم , واخرون ؛العلاج السلوكي للطفل, عالم المعرفة ,الكويت,1993.
4- هارولد , رييجنالديتش ؛تعديل السلوك البشري ,ترجمة فيصل محمد الزراد ,دار المريخ للنشر,الرياض,1992.
5- مدبولي ,اسامة احمد ؛تعديل السلوك اهم اساليبه ,الجمعية البحرينية لمتلازمة داون.
6- الخطيب ,جمال محمد ؛تعديل السلوك الانساني, مكتبة الفلاح للنشر,الكويت,2000.
7- لس,واتسون؛تعديل سلوك الاطفال ,ترجمة فراج محمد فرغلي,ط1,دار الكتاب الحديث الكويت,1988.
8- ابو حمدان ,يوسف عبدالوهاب ؛تعديل السلوك النظرية والتطبيق, المدى للنشر,عمان,2003.
9- الروسان ,فاروق ؛تعديل وبناء السلوك الانساني, جمعية المطابع العالمية,عمان,2000.
10-الخطيب,جمال محمد ؛الدليل الموحد لمصطلح الاعاقة العقلية,2008.
11-الخطيب,جمال محمد؛ تعديل سلوك الاطفال المعوقين, دار اشراق للنشر والتوزيع ,عمان ,الاردن,1993.
12-عاقل,فاخر؛التربية قديمها وحديثها,ط2,المكتبة الظاهرية ,دمشق,1996.
13-الشناوي,محمد محروس؛ التخلف العقلي,دارغريب,القاهرة,1997.
14-انجلز,باربارا؛مدخل الى نظريات الشخصية ,ترجمة ,فهد عبد الرحيم الدليم ,دار الجارثي للطباعة والنشر,1991.
15-الزيات,مصطفى فتحي,سيكولوجية التعلم بين المفهوم الارتباطي والمعرفي,القاهرة,.
16-سليمان,عزب محمود,تأثير برنامج بدني وغذائي في تخفيف الوزن وبعض المتغيرات الوظيفية,رسالة ماجستيرغيرمنشورة,جامعة بغداد,1996.
17-Martine&G.pear,Behaviour modification,what it and todoit,prentice,hall,inc,newjeresy,1983.
#عبدالرزاق_تركي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
