أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لينا صلاح الدين - حكمة الجدة !!














المزيد.....

حكمة الجدة !!


لينا صلاح الدين
كاتبة

(Lena Saladin)


الحوار المتمدن-العدد: 5586 - 2017 / 7 / 20 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


  خلال بحثي التأريخي في الوجود و الإنسان، تمر علي الكثير من العبارات التي كتبها مفكرون وأدباء ، تحولت عباراتهم إلى حكم وأقوال مأثورة يتم تداولها بشكل متواصل يوميا لدرجة إقترابها من المقدس. الطريف أنني عندما أستنبىء عن فحوى كثير من هذه الحكم أجد بأنها لا تتجاوز كونها جمل إنشائية ، وأنها ليست بذلك العمق الذي يدفعني للقول بأن الإتيان بمثل هذه العبارات كان في حاجة إلى تفلسف !! فكثير منها يمكن للجدة الأمية أن تقولها لأحفادها.  مثل مقولة باييف: الذهب يعزي المرأة، أو مقوله هيجل: الفن هو الروح، أو حكمه شيشرون : بيت بلا كتب جسد بلا روح،أو حكمه فولتير: الشهره حمل ثقيل، أو مقوله مصطفى محمود لا تعالج الحمى ببرشام البرد ولا تصلي سنه وتستنى ثواب الفرض، أو مقوله شيكسبير : أكون أو لا أكون. صدقا لا أرى ما هو المستحدث في أقوال كهذه تخلو من أي استطراف !! وعلى الرغم من إحتواء هذه الجمل على معلومات صحيحة على الأغلب، لكنها ليست إعجازا لغويا أو حدثا إستباقيا حتى يتم تقديسها بهذا الشكل المريب !!
     عندما إفتتح شيكسبير مسرحيته هاملت بجملة أكون أو لا أكون ، فإن كل من قرأ المسرحية يدرك ببساطة أن المقولة تعبر عما كان يجوب في ذهن هاملت الذي كان يفكر في الإنتقام لمقتل والده، فأخذ المسألة كتحدي. لكن الغموض النسبي الذي في المقولة دفع الكثيرين لمنحها تأويلات بعيدة. فحوروا فكرة الإنتقام البسيطة هذه إلى قضية وجودية فلسفية، قضية صراع داخل الذات وفي أوصال النومينون. فتم بذلك إحاطة هذه المقولة بهالة وقدسية أكثر مما تستحق بكثير.
      لنتفحص حكمة مشهورة مثل حكمة جورج أورويل التي مفادها "عليك أن تملك الوعي الكافي لتصل لمرحلة اللاوعي، ثم اللاوعي الكافي كي تنسى هذه العملية". سنجد أن هذه الحكمة في الحقيقة تخلو من أي دلالة منطقية ؛ وصول الإنسان إلى مرحلة من اللاوعي تعني وصوله إلى مرحلة عدم القدرة على إعطاء دلالات ومعاني للأشياء التي من حوله ، وما هو بديهي أن الإنسان كلما إزداد علما كلما إزداد وعيا ، وكلما إزداد وعيا كلما إزداد تعمقا فيما وراء الواقع وليس ما صوره لنا جورج بأنه سيزداد عجزا عن تحليل الواقع نفسه.
       لننتقل إلى حكمة مشهورة أخرى هي  حكمة الفيلسوف جان جاك روسو 《المرأة كائن طويل الشعر قصير التفكير》بغض النظر عن التعميم الذي في المقولة،  وبغض النظر عن الإحترام المفتقد فيها والذي لا يتماشى مع مكانة هذا الفيلسوف، والذي يعد تجاوزا أخلاقيا وإطاحة بالذوق العام. فإن المعلومة المذكورة في المقولة ليس لها سند علمي حتى يتم تداولها بين الناس وكأنها مسلمة علمية من غير قراءة نقدية لها!! ما دعمه العلم هو إختلاف نمطية التفكير بين الجنسين ولكنه لم يعط الأفضلية لأي منهما. أما إذا إبتعدنا عن الجانب العلمي وتعمقنا في الجانب الأدبي للمقولة فسنجد أن رجلا أميا مستلقيا على الطريق يمكن أن يأتي بمثل هذه المقولة عندما تمر أمامه عشيقته التي أطاحت بقلبه.
      لتدرك عزيزي القارىء أنني لست هنا بصدد إنكار ما قدمه هؤلاء لنا، إنما دعواي أننا يجب قبل كل شيء ألا نتعامل معهم بغلو، ولندرك أن ما صنع منهم مفكرين في الأساس هو  كونهم أعطوا نظريات من سبقوهم من مفكرين حجمها الحقيقي حتى تداركوا فجواتها وأعادوا ترميمها، وها قد حان دورنا لكي نرمم فجوات هؤلاء كذلك، ومن هنا أخذ العلم صفه(التراكمي). وأن الغلو والإنسياق العاطفي في التعامل معهم، إنما يعتبر في حد ذاته نقضا لرسالتهم التي تستدعينا لإستخدام المنطق.
     إنني رغم كرهي الهستيري لشيء يسمى تأريخ، إلا أنني قد تعلمت منه شيئا .. تعلمت منه أن إنتاج المعرفة لكي يتم ذكره في التأريخ لا بد وأن يتبعه تسويق لتلكم الإنتاجيات، فمن تناقلهم التأريخ ليس شرطا أنهم أفضل المفكرين الذين شهدتهم البشرية ولكن حتما كان لهم نصيب من ذاك التسويق. وتبقى الحكمة في النهاية مجرد تنظير يستند إلى تجارب شخصية، ولكنها ليست حقيقة علمية. فقبل أن تقوم بإقتباس حكمة فقط لأن كاتبها معروف، تأكد أولا أن تلك الحكمة لم تقلها لك مسبقا (جدتك الأمية !!!). 



#لينا_صلاح_الدين (هاشتاغ)       Lena_Saladin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخلاق ..... تأريخ مسروق !!
- الحكومة الدولية وسقطة آينشتاين
- العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لينا صلاح الدين - حكمة الجدة !!