أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي -الفصل الخامس-3-














المزيد.....

كأنّه أبي -الفصل الخامس-3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5581 - 2017 / 7 / 14 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


طلبت أمي قبل رحيلها أن تدفن قرب أبي. سوف أحقّق طلبها، فقط عليّ أن أعرف أين هو مدفن أبي.
إنا في الخمسين من عمري. لم أر غريب منذ عشرة سنوات. هو يكتفي بأن يرسل لي أحياناً ابتسامة على البريد الالكتروني. لست نادمة لأنّنا لم نتزوج، فلا أنا، ولا هو نستطيع فعل ذلك. كلانا شخصيات قلقة مضطربة لا نستطيع إنشاء أسرة.
هذه رسالة منه وصلت للتوّ:
كأنّنا فعلنا عين العقل عندما لم نتزوّج ياميّ. كلانا يعاني من مشاكل نفسية ولا نستطيع أن نعتني بالأطفال.
أتينا من خلفيات مهاجرة خذلتنا، وخلّفت في نفوسنا ندوباً. النّجاح في المهنة لا يكفي إن لم يمنحك السّعادة .
نفكّر في نفس اللحظة بنفس الفكرة. كم نحن متقاربان، ومتباعدانفي نفس الوقت
سوف أردّ عليه:
كنت أرغب أن أكون أمّاً ولا زلت، لكنّ التوق لأمر يجعله حلماً، وكلّما ابتعد الحلم أصبح أجمل. أقوم الآن بإكمال أوراق طفلة من أقارب أمّي عمرها خمس سنوات. سوف أجلبها معي. اسمها أزمرلدا، والدها كان ممثّلاً وأسماها بهذا الاسم. هي الناجية الوحيدة من العائلة. لديها كسور. أعالجها وعندما تتحسّن سوف أعود برفقتها.
إنّني الآن قربها.
. . .
أغنية أمّي لا زالت في ذاكرتي. سوف أكمل كلماتها التي نسيتها، وأغنيها لك يا ابنتي الصّغيرة
تلك العينان اللتان ترصدان القدر
هما أنا. أحرسك
قبل أن يبدأ السّهر
أعيد ما استجدّ، ولا جديد
أؤنّب الماضي
أسقط مثل حجر
. . .
تلك الطيور التي تسير قربي
وذلك الغزال الذي يبحث عن أمّه هو أنت
أنت اليوم ابنتي
روحي تحاول الصّعود
ترافقها نوارس، تخطفها
أنحني. أبحث عنها
وأجدها فيك
هنا ينام القمر
. , ,
تلك الصّلوات التي أقيمها
سجادتي، وتلاوتي
كتابي المقدّس
تاريخي، حسبي ونسبي
يسكنون في عينيك
يكاد قلبي أن ينفطر
. . .
الأحزان التي تحلّ بكم
هي أنا عندما أراك تنامين بهدوء
أجلس على ناصية
أقيس الندى وسرعة الرّيح
أقف مصدّاً
ومن أجلك أنتظر
. . .
لم أجرب شعور الأمومة من قبل، ولا أعرف كيف يشعر الآباء، لكنّ ذلك الأب الذي رأيته يبكي ابنه وحيداً . أحرقني دمعه. قلت له هذا قدرنا يا أبتاه لا تبك فقد أمضيت أربعين يوماً أبحث عن قبر أبي، ولم أجده. كيف سأفي بوعدي لأمّي؟
بكينا معاً أمام قبر ابنه. غني له أغنية حزينة قطّعت ما تبقى عندي من شرايين تتواصل مع المشاعر.
كانت أغنيته كلمات ندب بموسيقى من روحه
انتظرتك طول الليل . . يا أحمد
وقلبي شاعر إنّك بويل . . .يا أحمد
وين الوعد يا بوي
رحت وراح الوعد واياك . . . يا أحمد
ليش ما ترد على أبوك . .. يا أحمد
خدني لعندك. أريد عبرلك عن حبي. . يا أحمد
ويلي من لهيب القلب يا بوي
كيف طفّي النار، وأنت تحت التراب . يابوي. . . يا أحمد
محمد مرتاح في قبره، وأنا قلبي متل الجمر يا ابنتي . لقد دفعت كل ما أملك كي يعطوني جثمانه. جلبوه لي بعد أن وقّعت على بلاغ أنّه انتحر. لم يتركوا شبراً في جسده إلا وغرسوا فيه علامة .
قبل يومين من قتله. كنت أغرس زيتونة في حديقة منزلنا. كنت أقول في سري هي لأولادك يا حمود. امرأته حامل. كان عريساً.
. . .
لا أعرف إن كان قلبي يستطيع تحمل كلّ ذلك الحزن الذي صادفته. البشر يقومون بسياحة في العطلة الصّيفيّة، وأنا اخترت طريق الألم. كيف يتحملون كلّ هذا؟
عندما أصل مع أزمرالدا إلى هناك سوف لن أخبرها بشيء. قد أوفر لها نقوداً، وأكتب في مكان ما معلومات عن عائلتها لو بقيت على قيد الحياة، أزوّدها بتلك المعلومات، فزيارة القبور والبكاء قد تكون مفيدة لتطهير الرّوح.
لازال الوضع سيئاً ولا أعرف كيف سأخرج وتلك الفتاة معي فهنا لا يعترفون بالتّبني. أنهيت أوراقها من هناك فقط علي ان أخرجها.
كلّ شيء على المكشوف. السّرقة. النّهب، الرشّوة، الكذب، وحياة الإنسان لا تساوي كأس ماء. أطفال يحملون السلاح. فتيات.
ولكلّ فئة سمسار هنا على القبور. أحدهم يعرض علي حماية وإخراجي إلى دولة مجاورة مقابل مبلغ كبير. يبدو أنّني سأوافق.
.. .
كلما كنت أقرأ كتاباً عن النّازية كنت أقول أنّهم يبالغون. فقط في هذه الرّحلة عرفت أنّ النّازيّة وباء، ففي تلك الدّيار يقف هتلر بجبروته ويأمر بالقتل. تعتقد أنّه الهتلر الوحيد، وكلّما ذهبت إلى مكان تفوح رائحة الكراهيّة حتى بين الأطفال.
هل سوف يصبح هذا المكان صالحاً للعيش؟
عندما كنت ألتقي بغريب قبل عشر سين. كلّما التقينا بشخص من هذا المكان كنّا لا نحاول أن نتواصل معه ثانيّة . ليس لأنّنا أفضل. بل لأنّه لم يبدأ طريقه في الرّحمة. هو نازيّ بثياب ضحيّة. المشكلة في القاتل، والمقتول.
آسفة يا أمي! ليس لك مكان قبر هناك.
أخاف أن نقتل أنا وأزميرلدا لو عدنا. سوف أساعد الرّجل الذي بكى ابنه أمامي . سوف أرسل له ما يكفيه للعيش مع زوجة ابنه، وأعتبر نفسي نفّذت وصيّة. لدّي سؤال فقط: كيف استطعتم العيش في مكان مليء بالكره؟
وعلى ماذا يقتل النّاس بعضهم؟







#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-2-
- كأنّه أبي-الفصل الخامس-1
- سارقة شينوار
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع -5-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-4-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-3-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع -2-
- كأنّه أبي-الفصل الرّابع-1-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-5-
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-4-
- العلمنة في ظلّ تعدّد الأئمّة
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-3-
- ماقبل جيل النّعم، وما بعده
- كأنّه أبي-الفصل الثّالث-2-
- رسالة امرأة في العيد
- قصّة عيد يهرب من الفقراء
- لماذا تتقلّد المرأة الأدوار الثّانويّة
- كأنّه أبي. الفصل الثّالث. 1.
- كأنّه أبي.الفصل الثّاني. 5.
- كأنّه أبي . الفصل الثّاني .4.


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي -الفصل الخامس-3-