كارثة الخليج المصطنعة كشفت عورات الجميع

أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 5580 - 2017 / 7 / 13 - 21:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أدت سياسات البعض الخرقاء ونوايا الجشعين، إلى وصولنا مرحلة كنا نتمنى ألا ننحدر إليها عربا ومسلمين، لأن ضريبة هذه الخطيئة وفواتيرها ستكون مركبة ،أي أننا سندفع الفاتورة بتسعيرة البائع مع الضرائب بصورة مركبة ،وأعني بذلك كارثة الخليج المصطنعة التي إنفجر دملها بعد زيارة شايلوك أمريكا الرئيس ترامب.
قلنا في مقال سابق أن السعودية ستدفع ثمنا باهظا في نهاية المطاف،لكن البعض إستهجن علينا كيف نصل إلى مثل هذا الإستنتاج ،ويبدو أنه تآلف مع وضع النعامة ،لكن رئيس اللجنة الخارجية في الكونغرس الأمريكي السيد بوب كوركر،فجر الدمّل بالأمس وألمح أن كارثة الخليج ربما تسبب فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان،وأنها ستؤثر على مستقبل السعودية،كما وجه اللوم للقيادة السعودية التي إفتعلت الكارثة بعد الأداء الجيد في قمة الرياض.
ولم يقف هذا الشيخ الأمريكي عند هذا الحد بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قال أن ملفات الكونغرس الأمريكي تعج بالأدلة على تورط السعودية في دعم التطرف ولم يقل الإرهاب،وهذه رسالة ذات مغزى وبحروف نافرة أطلقها مسؤول أمريكي حساس في قلب دائرة صنع القرار الأمريكي "الكونغرس "وليس البيت الأبيض،وخاصة أنه وجه إتهاما لولي العهد بعدم القدرة على إدارة الأحداث ،كا وجه رسالة أخرى خطيرة تتعلق بمستقبل السعودية ،وهذا ما نحذر منه على الدوام من أن السعودية مستهدفة في نهاية المطاف بالتقسيم حسب مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي ،وخطة كيفونيم الإسرائيلية ،التي تتحدث عن الإمارات العربية أيضا بانها أكثرية شيعية تحكمها أقلية سنية ،وهذا برأينا تجديف كبير لأن واقع الإمارات ليس كذلك.
لم يكن كوركر وحده من غاص في هذا المجال وفي هذه المرحة بالذات التي تشهد حراكا امريكيا يقوده وزير الخارجية تيلرسون ،إضافة إلى حراك دولي للتوسط بين الأطراف المتنازعة ،ولجني المكاسب وتحقيق المصالح ،لأن احدا لن يزورنا كرمى لعيوننا ،بل يعرف حقا أن مالنا سائب وله فيه حق.
لقد كشف السيناتور الأمريكي جين شاهين أن السعودية تضغط على اندونيسيا لإبعادها عن الخط المعتدل ،ولعل هذه الرسائل وحسب عناوينها تقودنا إلى ما لا يرغب البعض إلى الإقتراب منه ،وهو أن علاج جروحنا لن يكون من الخارج ،بل نصنعه بأيدينا ،وكان أجدر بأطراف الكارثة بعيدا عن نظام السيسي محراك السوء ونافخ الكير ،أن يجتمعوا في بيت الخليجيين مجلس التعاون الخليجي ومناقشة اوضاعهم بدون ضجة وإستقواء بأحد .
ما نلمسه حتى اللحظة أن دولة قطر نجحت في معركتها ليس بالنقاط فقط بل بالضربة القاضية على طريقة الملاكم الأمريكي المسلم الشهير الراحل محمد علي كلاي،ولن أقول أن هذا الإنتصار جاء بدون ثمن ،كما لن أقول أن دول الضد ما عدا نظام السيسي لم تتكبد خسائر مادية ومعنوية باهظة ،إلى درجة انها خسرت معنويا أيضا ،وهذا يعني أن النفط ربما يعوض الخسارة المادية ،لكن لا شيء يعوض الخسارة المعنوية خاصة عندما يتعلق الأمر بالسمعة الدولية والموقف امام الجماهير أينما كانت .
بعد فشل وزراء خارجية جول الضد في إجتماعهم الأخير في القاهرة وتبدل موقف شايلوك الأمريكي الرئيس ترامب بعد ضمان نصيب الشركات الأمريكية في حقل الغاز الإيراني القطري المشترك في الخليج إلى جانب الشركات الصينية،إنكشفت اللعبة ،وها هو وزير الخارجية الأمريكية يعمل على إنهاء الخلافات المزعومة ،وستكون النتيجة حسب مجريات الأمور لصالح قطر ،وبالتالي فإن دول الضد بإستثناء نظام السيسي ستكون مضطرة لدفع فواتير أخرى باهظة ، في حين أن السيسي ستكون فواتيره معنوية وسينال نصيبه من التعنيف من قبل الأمريكيين ،كما أن الشعب المصري لن يسكت على الإنحراف المتعمد في موقف المحروسة مصر ،من حريصة على رأب الصدع العربي ،إلى محراك سوء ونافخ كير.
هذه الأيام نسمع تصريحت المسؤولين الدوليين ومسؤولي المنظمات الدولية الإنسانية تكيل الإتهامات لدول الضد ،فها هي منظمة هيومن رايتس ووتش تطالب دول الضد الخليجية بفك الحصار عن قطر ،وتتهمها بالتلاعب بحياة مواطنيها بسبب الإجراءات غير المسبوقة التي قامت بها وتتعلق بكارثة الخليج المصطنعة ،خاصة وان الخليج برمته أسرة واحدة.
وبدوره قال المسؤول الألماني غيدو شتاينبرغ أن دول الضد تريد تقويض السيادة القطرية ،وأن لا احد في العالم يرغب بإحداث إنقلاب في قطر إلا هم ،وهذه أيضا رسالة ألمانية ذات مغزى،وتشهد بريطانيا هذه الأيام ضغوطات وإنتقادات وإتهامات للحكومة البريطانية التي ترفض الكشف عن تقرير يتحدث عن دعم سعودي كبير للمتطرفين الإسلاميين في بريطانيا،بينما قال السفير السويدي في الأمم المتحدة أن أزمة الخليج هي آخر شيء تحتاجه المنطقة .
لقد كشفت كارثة الخليج المصطنعة عورات الجميع الذين تسابقوا في حمل الملفات الأمنية التي تتعلق بالخصوم وتقديمها طواعية إلى أجهزة الدول الإستخبارية التي ستقوم لا حقا بدراستها وإستخدامها وسائل ضغط لإبتزازنا ونهبنا نظير السكوت عن فضائحنا ،ولا شك أن الإمارات خسرت كثيرا بكشف دورها في مسألة السجون السرية والتعذيب في اليمن .
لن آت بجديد عندما أقول أن البعض منا تطوع بتنفيذ الأجندة الصهيوينة والبعض الآخر كشف عن دوره الأصيل والسباق في تنفيذ هذه الأجندة ،وإلا ما معنى هرولة دول الضد ما عدا نظام السيسي الغارق أصلا إلى التطبيع العلني مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة الإرهابية،إلى درجة أن البعض دخل على خط معاداة السامية بإتهامة الشيخ القرضاوي بإنكار الهولوكست اليهودي،ولا ادرى ما سر زج السامية في هذه الكارثة لولا أن هناك كارثة أكبر يتم التخطيط لها .
وبحسب تسريبات هنا وهناك وقراءات على أرض الواقع فإن الصدع يضرب تحالف دول الضد الأربع ،وأن دول الضد الخليجية بدأت تكيل الإتهامات لنظام السيسي الذي ورطها في هذه الكارثة ،وليست إعترافات السفير السعودي في عمّان بجمعية الشؤون الدولية ومفادها أن دول الضد فشلت إعلاميا في إدارة الأزمة والإيقاع بقطر ،كما أنه لا حل عسكريا للأزمة ،على مسمع ومرآى طبعا من السفير المصري الذي كان مشاركا إلى جانب السفير الإماراتي إلا دليلا على ما نقول ، وقد حاول وزير خارجية أردني أسبق تقديم النصح للسفير السعودي بأن شروط دول الضد ضد قطر غير مسبوقة وستؤسس لظاهرة قرصنة دولية اخرى في المستقبل ،لكن السفير السعودي لم يعجبه النصح ،ومع ذلك قبّل رأس الناصح.
وفي خضم هذا الصراع الشائك والمكلف أعادت الدوحة ممثلها في غزة السفير العمادي لتأكيد دعم بلاده لأهالي غزة ،في حين أن السفير السعودي أثار ضجة كبرى في الجزائر بعد تصريحاته غير المنطقية بأن حركة حماس إرهابية ،وهذا القول طبعا لا يقوله إلا الصهاينة في مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة الإرهابية وليس مقبولا أن يصدر عن مسؤول عربي.
وما أغاظني أكثر هو ما صرح به نائب رئيس الشرطة في دبي ضاحي الخلفان الذي يطالب أهل غزة بطرد حماس والقسام الإرهابيين مقابل عروض بالمليارات تقدمها الإمارات لهم وأنها ستعيد إعمار غزة في أقل من عام ،وقال لهم عبر قناة سكاي نيوز أن قتال إسرائيل المتطورة عسكريا لن يجلب لهم سلاما ،وأن المقاومة لن تجدي نفعا بالنسبة لهم ،وطالبهم بتجريب السلام والمفاوضات مع إسرائيل،ومع محمود عباس ومحمد دحلان اللذين سيكون لهما دور مهم في السلام.
هنا أختم بسؤال :من هو الإرهابي ؟هل هو قطر أم من يدعون الفلسطينيين للإستسلام لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينة الإرهابية؟

#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات