أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإسلام التاريخي ونظرية الحكم















المزيد.....

الإسلام التاريخي ونظرية الحكم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 02:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من أول القضايا التي أثارت عقل الإنسان المسلم الأول وخاصة بعد غياب النبي والرسول والمؤسس الأول للمجتمع الإسلامي، هي كيفية التعامل مع النظام الأجتماعي الذي يجب أن يكون ووفقا لأي الأسس والنظريات المناسبة التي توازن بين مصلحة المجتمع وواقع الدين، لم يكن الأمر هينا ولا متاحا بسهولة مع فقدان التجربة التأريخية في المجتمع وغياب الأساس النصي المتفق عليه في هذا الشأن، لذا لا غرابة أن نجد التفاوت والأجتهاد في فهم الموضوع وترتيب المسألة بناء على الواقع الراهن وتحديات الغياب.
كان السؤال الأول الذي يجب أن يتبادر للذهن عند المسلمين الأوائل وقبل الشروع في بناء دولة، هل أن الدين يسمح أبتدأ بأقامة دولة بأسمه؟ والسؤال الأخر هل للدين نظرية مختلفة عن السائد والمعلوم في التجربة الإنسانية؟ أو هل يمكن أن يضيف مفهوم جديد للمنظومة السياسية الأجتماعية في المجتمع الإنساني متلازمة مع الدين وتغيب بغيابه؟ والسؤال الأكثر إلحاحا لماذا لم يتبنى الدين بنصوصه قضية الحكم السياسي وشكلية الدولة وفلسفتها بشكل محكم ولا يحتمل التأويل والتفسير المتعدد؟ هذه الأسئلة لم تحظ بالدراسة والتأمل والتقرير بناء على وجود معطيات الأجابة حية في المجتمع، مع يقيننا الكامل أن تجربة المسلمين في شكلها الذي وصل لم تكن بأي حال من الأحوا أنجاز حضاري ممبز.
هناك من يرى أن النظام السياسي الذي جاء به لإسلام هو حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها لأنها حدث تأريخي، وإن التجربة كانت إنسانية كاملة وإن كانت تحت تأثير المحفز الديني، وأنها أي التجربة جاءت بمفهوم الشورى ذلك النص الذي حكم شكل الدولة الأولى وبالتالي فعملية إنكار الحدث التأريخي ليس أكثر من محاولة للألتفاف على المنجز الحضاري للدين، كل هذا مقبول وحقيقي ولا خلاف عليه عندما نستعرض الحدث من وجهة نظر التأريخ ومن وظيفته، ولكن السؤال ليس هنا ولا الجواب متوفر، ماذا قدم الإسلاميون أضافة للفكر السياسي الإنساني وما هي ملامح هذا الفكر وهل شهد ألتزاما موحدا بنظرية العمل المزعومة؟.
لا بد أن نلحظ أن هناك فرق كبير جدا بين مفهوم تطبيق الدين كنصوص وأحكام جاهزة بمصدريتها المعروفة في تفصيلات وأسس تكوين الدولة ونظامها كمبدأ عملي يتناسب بين الحاجة له وقصدية النص وحدوده، لا بأعتبارها نصوص حاكمة لا يمكن أن تناقش أو يصنع لها وضع خاص في معالجة دورها في الحياة السياسية والقانونية لدولة الدين أو حتى مفهوم الدولة الدينية، وهذا هو المفهوم المغيب لدى كل أطياف ما يسمى بالفكر السياديني حديثا وقديما، وبين أن يقوم المفكر السياسي المتخصص باستلهام النص وجوهريته القصدية في تكوين رؤيته السياسية الخاصة وتطويعها لكي تكون قادرة على أن توفق بين حد المفهوم السياسي والقانوني للدولة وبين مصدرية الفكرة وضروراتها العقلية.
مصدر الأختلاف والتباين بين الفكرتين أو بين المفهومين بأن السياسي الديني الذي يريد جعل الدين حاكما مطلقا بكليته العامة في التدخل بأدق تفصيلات حياة الدولة، سواء أكان الدين قادر على لعب هذا الدور أو عاجز أن يلبي ما يطلب منه نظرا لكونية نصوصه ومديات الحكم الديني في ترتيب وتصور العلاقة بين الأفراد وبعضهم وبين الأفراد والدولة، عندما يجد السياديني أنه قادر على التسخير لا يتوانى في ذلك أستنادا إلى نص (مثلا){ وأمرهم شورى بينهم} أو نص أخر {أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم}، فهو يصرح بالمصدرية النصية، ولكن حين يعجز عن إيجاد السند يلجأ إلى التأويل معتمدا على النتيجة التي يفصلها بين الشخص المتأول ويلحقها مباشرة بالنص {أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا}.
هذا السياديني يؤمن تماما أن ليس من حق البشر أن يمارسوا دورا في التشريع لمفهوم الدولة والسياسة بأعتبارها شأن بشري من الضروري أن يتطابق مع الواقع الحقيقي وإن أستشف من روح الدين أخلاقياته وروح التسامح، ويعلل ذلك بأعتبار أن الوظيفة التشريعية حق مطلق لله عبر النصوص الدينية لا مجال لمناقشته أو حتى أفتراض أنه من الممكن أن لا يكون الدين أو النص تحديدا قادر على إيجاد حل ما، وحتى محاولة تشريع قضايا خاصة لم يأت بها نص محدد أو متأول نراه يجعل من القضية هنا شرك بالله، يقول أحدهم ((الدول الأخرى في القديم والحديث تقوم على تأليه غير الله، أو على الكفر بالله، والذين يحكمون في هذه الدول على اختلاف نزعاتهم ومشاربهم هم الذين يضعون القوانين التي تحكم البشر، وهذا في اصطلاح القرآن شِرك، لأنَّ الله وحده هو الذي مِن حقه أنْ يُشَرِّع لعباده، الحكام في الدولة الإسلامية كالأفراد، كلهم يطيعون أمر الله ويُنَفِّذون حُكمه، ولا يجوز لهم الخروج عن شرع الله)) .
هذا الإسلاموي لا يمكنه أن يفهم أن الدين الذي كثيرا ما كان وبالحقيقة الكاملة هو فكرة معرفية أخلاقية مثالية عقلية تخاطب الوعي وتصنه دون أن تفرض شروط إلجائية أو قهرية لتطبيقه، ومتابعة لمجمل محمول النصوص الكثيرة التي تعاضد فكرة أن الدين خيار حر وليس قرار أستلابي مثل {لكم دينكم ولي دين} وغيرها، نجد أن هذا المنطلق والمنطق كون النص التخييري العام هو النص المحكم {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} تطبيقا لقاعدة {لا أكراه في الدين} مثالا لرسم السياسة الفكرية وترتيب دور الدين في الحياة العامة للناس.
في المقابل الفكرة الثانية القائمة على حق المتدين أن يستلهم من الفكرة الدينية ومن أخلاقياتها ومقاصدها روح يتم زجها في الواقع القانوني والدستوري لتكون أساسا لصنع القاعدة السياسية الحاكمة أو جزء منها، هذه المحاولة لا يمكن عدها زج الدين في السياسة أو الخلط بين الدين كفكر إرشادي توجيهي وبين السياسة على أنها منهج عملي ونظري، يؤمن بأن العمل في الواقع هو الأساس في إدارة شؤون المجتمع، كل الأطر السياسية والدستورية التي تكونت عبر التاريخ وجربها الإنسان بما يسمى بالنظم السياسية الحاكمة، هي عبارة عن إنعكاس واقعي لقيم وثقافة المجتمع وإنعكاس لطبيعة العلاقات البينية السائدة في المجتمع، وحين يكون المجتمع مؤمنا بأخلاقية الدين وقدرة الخطاب العقلي الديني وصلاحيته لتوجه الفكر السياسي نحو مبدأ الأحسنية والخيرية، سينعكس هذا التأريخ في الوعي الأجتماعي ويرفده بالخيارات الصالحة له والمتوافقة مع حاجاته، هنا يكون الدين مصدر حقيقي للقاعدة القانونية والسياسية وتعبير واقعي عن فهم العلاقة بين الدين والسياسة والمجتمع.
بتعبير أخر أن هذا الفهم الذي توصل إليه المفكر والمتدبر والنخبوي الذي يصنع الرؤية الأجتماعية والسياسية هو صاحب المشروع والمنشئ له والخالق للفكرة والقاعدة وليس الله بأعتباره حاكم مطلق متدخل بكل التفاصيل وكأنه البديل الكامل عن الإنسان في دوره المسنود له في علة الخلق، أذن هذه المحاولة بشرية صرفة كما صنع البعض من النظرية الأقتصادية إنعكاسا لها في روح النظام وقوانينه وشكلياته، وأيضا نجح الأجتماعي والفكري في بعض المجتمعات من رسم صورة لإيمانه وعقيدته الأجتماعية داخل أطار مفهوم الدولة والمجتمع المنظم، لذا لا عيب ولا تعارض أن يكون الفهم الفكري المتأثر بروحية وأخلاقيات النص الديني جزء من محاولة الإنسان في إعادة صياغة الفكر السياسي أو تطويره في دائرة الأخيرية والأحسنية للناس والمجتمع .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروعية ومصدر الإرادة
- سعدي يوسف ومحاولة الظهور على سطح الموت
- قيمة التجربة التأريخية
- جدلية الفرد والجماعة
- إسلام ومسلمون
- محاولة في الأنتصار على الذات
- منهج الأنتصار
- التقليد والأجتهاد
- المسلم والأخر الغيري
- أزمة المسلمين وأفاق المستقبل
- الإسلام المعاصر وتحديات العصر
- الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي
- ضرورة الديمقراطية وتحديات أحترام حقوق الإنسان في رؤية أستشرا ...
- المرأة ودورها في المجتمع ح2
- المرأة ودورها في المجتمع ح1
- إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي
- التنمية الأقتصادية ودور المال وراس المال في بناء القاعدة الم ...
- المال ورأس المال في الفكر الديني
- الخيارات الصعبة في قرارات التغيير
- العولمة ما لها وما عليها


المزيد.....




- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإسلام التاريخي ونظرية الحكم