أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - (تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-1960 الجزء الثاني















المزيد.....



(تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-1960 الجزء الثاني


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 5577 - 2017 / 7 / 10 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-1960
الجزء الثاني
العنوان الأصلي : (Re)naming the landscape: The formation of the Hebrew map of Israel 1949–1960
الناشر: Journal of Historical Geography, 27, 2 (2001) 178–195
المؤلف: Maoz Azaryahu and Arnon Golan جامعة حيفا
ترجمة: محمود الصباغ
المرحلة الثانية : نحو خارطة قومية بمقياس 100000: 1 , 1950-1960
وسعت هيئة النقب عملها شمالا خلال الفترة ما بين كانون أول 1950 وآذار 1951,وتم في هذه المرحلة اقتراح 170 اسما جديدا , 25 منها أرجعت لأسماء تاريخية(33).لقد أمست عبرنة المشهد المكاني مشروعا قوميا مع إنشاء الهيئة الحكومية للأسماء, التي اعتمدت من الناحية الإدارية مبادئ توجيهية وضعت من قبل هيئة النقب. وكانت مهمتها وفقا لمسودة المشروع العناية "بمنح الأسماء العبرية إلى جميع الأماكن التي تحمل أسماء عربية و تحديد أسماء لأماكن ليس لها اسم في الخارطة".وفي ما يخص الأسماء العربية ,و وفقا للمنهج المتبع فقد كان يتوجب وبصورة كلية إلغاء و شطب جميع أسماء المواقع التي تحمل أسماء شخصية أو ألقاب .كما ينبغي ترجمة الأسماء التي تدور حول "ظواهر طبيعية أو معالم مكانية أو خصائص مكانية" ,وفي حين ساعدت الأسماء المماثلة للناحية الصوتية العبرية كأساس لاختيار أسماء عبرية مناسبة (34).فإن أسماء القرى و البلدات و الواقعة ضمن السيادة الإقليمية الإسرائيلية و التي كانت مأهولة من قبل العرب لم تعبرن , في حين تم كخيار اقتراح الاسم العبري التاريخي لها إن وجد .و في حين كان تصور عبرنة النقب كمشروع محدود جغرافيا و زمنيا , فإن التصور المتعلق بعبرنة الخارطة القومية كان مهمة مفتوحة وغير محددة .وتم تقسيم عمل الهيئة من الناحية الرسمية إلى مرحلتين. المرحلة الأولى, و قد أنجزت عملها في العام 1955 ,أنتجت خارطة لإسرائيل بمقياس 250000 : 1 , و التي ضمت أسماء عبرية للأنهار والجبال والتلال الهامة .وتم تكريس السنوات الثلاث التي تلت ذلك لإعداد خارطة عبرية بمقياس1:100000 .وقد استطاعت الهيئة وفقا لتقرير يعود للعام 1958 من تحديد 3000 اسم موقع طبوغرافي (35). وقد اشتمل الفهرس العبري للخارطة في هذه المرحلة على 780 اسما للأنهار و روافدها. و حيث أن الكتاب(المقدس) أشار إلى 16 نهرا فقط غربي الأردن, فإن جزء صغيرا من الأسماء كانت أسماء مستعادة . ومع ذلك تمت تسمية 220 نهرا بأسماء كتابية , الأمر الذي منح صدى كتابيا كبيرا للخارطة المائية لإسرائيل الحديثة .و من بين الاسماء الممنوحة لـ ـ250 ينبوعا , كان منها 60 فقط بتسميات كتابية أو ما بعد كتابية أو تاريخية .و شملت القائمة 720 تلا و خربة , 170 منها معرفا تاريخيا . و تألفت الخارطة العبرية الجبلية من 560 اسما لجبال و هضاب. و يقول تقرير يعود إلى أوائل الستينيات بأن الهيئة منحت أسماء عبرية لنحو 5000 موقعا (36). و من المظاهر الهامة لعمل هيئة الأسماء الحكومية كان ,كما هو حال سابقتها هيئة النقب ,تنظيم الجغرافيا الإسرائيلية وفقا للقواعد العلمية الحديثة. وقد اكتسى هذا الأمر أهمية خاصة في حالة الأنهار, حيث الأقسام المختلفة لها تحمل أسماء عربية مختلفة .ومن ناحية أخرى , اعتنت الهيئة بتحقيق التوافق بين الاعتبارات الجغرافية والترتيبات المتعلقة بالأسماء الطبوغرافية و أصولها ,و بالتالي استثمار الخارطة القومية بنظام و اتساق جغرافيين .كانت الهيئة, بوصفها قوة ذات سيادة,هي السلطة الوحيدة المخولة بإجراء التسمية .بيد أنها كانت في بعض الحالات تستشير و تتعاون مع الجمعيات الجغرافية الجهوية و الجمعيات المحلية , وعموما لم يكن هذا سوى استثناء, ومتاحا فقط في مناطق الاستيطان اليهودي الأقدم .(37) .و تجاهلت الهيئة تماما الأسماء العامية الدارجة بين السكان المحليين. مما يعني ,على المستوى القومي ,فقدان الخبرات المتراكمة والذكريات التي ارتبطت وظهرت مع الأسماء الدارجة لهذه الأماكن.
التزمت الهيئة بالنقاء العبري .وكان هذا الالتزام يعد بسيطا عندما توضع في الاعتبار معالم المشهد المكاني . غير أن الوضع كان أكثر تعقيدا مع أسماء المستوطنات التي قصد منها تسميات احتفالية أو تخليد ذكرى معينة. و لم تسمح الهيئة باستخدام أسماء اجنبية كأسماء طبوغرافية احتفالية لتسمية المواقع , حتى لو كانت الإحالة التاريخية مبهمة : لم نقم حتى الآن بتحديد أسماء اجنبية للمستوطنات الإسرائيلية, حتى عندما يكون الأشخاص ( المحتفى بهم ) لهم أهمية في أعيننا..... ولا مكان للاستثناء وليس هناك ما يستوجب تسويغ وجود اسم أجنبي على خارطة إسرائيل(38) . ومع إقرار الهيئة بصعوبة تغيير العادات القديمة, فهي كانت معنية كذلك بنشر الأسماء التي أقرتها رسميا و غرسها في الاذهان (39). وأصدر بن غوريون تعليماته للجيش الإسرائيلي لترويج و استخدام الأسماء العبرية الجديدة. وقامت القيادة العليا للجيش بمتابعة هذه التعليمات و أرسلت قوائم بأسماء حديثة التحديد و وزعتها بين وحدات الجيش . وقد كانت لوحات الطرق وسائل فعالة لإشهار الأسماء الجديدة كما أقرت الهيئة بذلك , لا سيما أسماء المستوطنات الجديدة. وناشدت الهيئة في العام 1951 وزارة التربية والتعليم من أجل" التأثير على المدارس و المعلمين والتلاميذ, ليأخذوا على عاتقهم مهمة اقتلاع الأسماء الأجنبية و زرع الاسماء العبرية بدلا منها "(40). وبعيدا عن نشر القوائم المطلوبة في الجريدة الرسمية ,فقد تم إرسال قوائم جهوية بالتسميات للمكاتب العسكرية والسلطات الإقليمية والحكومية بما في ذلك مصلحة البريد ودائرة المسح الإسرائيلية و دائرة الأشغال العامة والمؤسسات التعليمية والشركات المختلفة المسؤولة عن مشاريع التنمية. وكانت إذاعة إسرائيل و هي فرع من الحكومة[آنذاك] تدعو إلى الانخراط في نشر الأسماء الجديدة. (41) . أدركت الهيئة أن الخارطة ليست هدفا فقط ولكنها أيضا وسيلة جبارة لا غنى عنها في جهودها الرامية إلى نشر وترسيخ الأسماء :"طالما لم تظهر أسماء في الخرائط, فإن هذه الأسماء لن تحظى بالحياة ".(42) : على الرغم من التعاون مع دائرة المسح الإسرائيلية, فإن طباعة الخارطة العبرية وإتاحتها للجمهور العام جرت بوتيرة أبطأ من تحديد أسماء المواقع الجغرافية العبرية.وكانت الأمور مختلفة مع الخرائط العسكرية, التي حظيت بسرية و لم تكن في متناول عامة الناس. و قد أعدت أول خارطة عسكرية إسرائيلية في كانون أول 1948 وكانت لمنطقة النقب غير أنها كانت لاتزال تضع الأسماء الطبوغرافية العربية . أما نسخة 1952 منها فقد أصبحت عبرية بالفعل. أما أول خارطة شاملة(100000 : 1 ) لإسرائيل والتي طبعتها دائرة المسح الإسرائيلية في العام 1958 فقد كانت هجينة إذا نظرنا إليها من منظور أسماء المواقع الجغرافية. ففي حين كانت الأوراق التي تصور النقب تظهرها معبرنة بالفعل , فإن تلك التي تصور النصف الشمالي من إسرائيل طبعت فوق خرائط إنجليزية معدة من قبل دائرة المسح البريطاني لفلسطين في الأربعينيات. و هذا يعني أن تلك الخرائط استنسخت الأسماء الطبوغرافية العربية .
و قد احتوى تحديث هذه الخرائط من خلال عبرنتها على أسماء يهودية جديدة للمستوطنات التي أقيمت بعد العام 1948 كما تم إضافة ملاحظات ( بين قوسين) عن القرى العربية المهجورة "كخرائب" .أو ما اصطلح على معرفته باسم "سلسلة جديدة" وتم في العام 1963 طباعة الخارطة العبرية الشاملة لإسرائيل بمقياس 100000 : 1 .و كما كان مقررا في الأصل , فقد كان الهدف من المرحلة الثالثة من عمل اللجنة هو إنشاء خارطة بمقياس 20000 : 1 (43)ولكن نمط عمل الهيئة قد تغير تدريجيا حيث قامت بتحديد أسماء جديدة كاستجابة لاحتياجات و متطلبات محددة وذلك بخلاف عملها السابق ,عندما بادرت في تاريخها المبكر بإجراءات التسمية والعمل على البناء المنهجي لإنشاء خارطة عبرية .كما كان أحد جوانب عملها هو تسمية المعالم المكانية التي لم تسمى بعد . وقامت الهيئة بتعيين أسماء عبرية للينابيع و التلال و الطرق و مفترقات الطرق من خلال مقاربة هذه المواقع لأسماء بعض الأفراد و المنظمات, ومثل هذا الأسلوب في العمل يعني التوسع المستمر في إطلاق الأسماء العبرية على المواقع الجغرافية, بصرف النظر عن حجمها و نظامها الجغرافيين . وثمة جانب آخر مهم لعمل الهيئة تمثل لاحقا في تعيين أسماء المستوطنات اليهودية الجديدة ,المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل بعد حرب العام 1967 (44) . إن التفويض الأصلي للهيئة كان مقتصرا على الأراضي الإسرائيلية فقط , ووفقا لذلك لم يتبع ذلك عبرنة جغرافية شاملة و متسقة للأراضي الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.و قد طبقت العبرنة من أجل تحقيق الإتساق الطبوغرافي على كلا جانبي الخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية. كما طبقت أيضا في مناطق الكثاقة السكانية اليهودية التي لا يتواجد فيها نظام منهجي طبوغرافي . كما تم عبرنة أسماء مواقع الجولان بأكملها في أعقاب إلحاقه بإسرائيل في العام 1981 بموجب قرار الضم بحكم الأمر الواقع .
التقييمات والاستنتاجات
إحياء العبرية : وجهة النظر الاسرائيلية
تم تصوير مشروع عبرنة الخارطة القومية لإسرائيل و الذي ابتدأ في العام 1949 وروجت له الدولة على أنه مشروع وطني .و كان لاستعادة الجغرافيا العبرية للماضي اليهودي في الأرض و الأسماء الطبوغرافية الاحتفالية لتاريخ الصهيونية مكانا بارزا في تشكيل الخارطة العبرية القومية . ومع ذلك, كانت الأولية الموضوعية للمشروع تتمثل بدمج لغة المشهد المكاني في فضاء إحياء العبرية و حماية نقاءها:" كانت الهيئة متأكدة تماما من عدالة ممارستها في تحديد أسماء عبرية فقط و عدم إفساح المجال لتواجد أي اسم أجنبي من لغة أجنبية لتسمية المستوطنات الإسرائيلية, وستقف الهيئة كحامية للاسم العبري في خارطة إسرائيل(45)." لقد كان إنتاج أسماء عبرية شاملة للمواقع فعلا جليا لرمزية الاستيلاء على الأراضي القومية. و قد ظهرت عملية عبرنة أسماء الاماكن في مراحل سابقة من التاريخ اليهودي في البلاد .فالعهد القديم يربط إعادة تسمية مدينة كنعانية بعد فتحها (القضاة 1:17), كما قام الحشمونيين الذين حققوا الاستقلال القومي اليهودي في القرن الثاني ق.م بعبرنة أسماء الاماكن الهلنستية في الأراضي التي سيطروا عليها (46).مثل هذه السوابق التاريخية , و إن لم تذكر صراحة في سياق العبرنة لخارطة إسرائيل ,إلا أنها قدمت الشرعية التاريخية و الوطنية لمشروع العبرنة الصهيوني. لقد كانت الخارطة القومية مساهمة كبيرة للأسس الجوهرية الرمزية للأمة الإسرائيلية في إنتاج ملمح و توجيه ثقافي رسمي, فضلا عن دورها في أن تصبح هذه الخارطة في حقيقة الامر جزء لا يتجزأ من اللغة اليومية, وهذا يعني أيضا أن هذا الارتفاع العالي للمنسوب الرمزي للأسماء العبرية للمواقع في مرحلة تقديمها , تضاءل لاحقا بسبب السياق العادي لاستخدامها المتواصل .إن نجاح مشروع العبرنة ، الذي يهدف إلى مزج اللغة العبرية بجغرافية السيادة الإسرائيلية، لم يكن في توافر التسميات العبرية أو الإبداع الذي استثمر في بناء تسميات معينة فحسب ، بل كان أيضا في نجاحه في القبول الشعبي للأسماء الطبوغرافية الحديثة .هذا و قد اعتبرت الهيئة أن عملها وفي جزء رئيس منه إنما هو غرس الأسماء العبرية الجديدة .كما أدى تضافر جهود متعددة لوكالات و منظمات رسمية و غير رسمية إلى تعزيز الخارطة العبرية بوصفها النص الرسمي للوطن القومي .وعلى هذه النحو , كانت الخارطة العبرية أداة هامة للتنشئة الاجتماعية, و ضمان نجاحها بين المتحدثين باللغة العبرية على المدى الطويل, حتى لو أشار الإسرائيليون المخضرمون إلى الأماكن بـأسمائها السابقة , أي الأـسماء العربية .
انتمت عبرنة الخارطة بوصفها مشروعا قوميا في الخمسينيات إلى مرحلة بناء الأمة ,عندما تأسست و بصورة إيديولوجية صورة النقاء الألسني ( اللغوي) ضمن إطار إحياء اللغة العبرية. لقد كانت العبرنة واضحة في مختلف مجالات الثقافة. و حتى نهاية الستينيات ,تعبرنت أسماء الفرق الموسيقية البريطانية و الأمريكية .و في وقت لاحق ,تراجع ضغط العبرنة تدريجيا , ففي ايلول 1995 ,مثلا , ألغت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعليمات المتعلقة بضرورة أن يعبرن المسؤولين الرسميين أسمائهم (47) ,وعلى النقيض من تضاؤل الأهمية المعطاة لنقاء اللغة العبرية كواجب وطني ,فالنجاح و في نهاية المطاف, للأسماء الطبوغرافية العبرية تمثل بقبولها من قبل المتكلمين بالعبرية باعتباره جانبا بديهيا للخارطة القومية و وقبول الاستخدام التلقائي لها كلغة للمشهد المكاني.
لغة المشهد : العربية مقابل العبرية
فاق عدد الأسماء الطبوغرافية العبرية التي قدمتها هيئة الأسماء الحكومية عدد الأسماء الطبوغرافية العربية للمواقع التي كانت موجودة في أربعينيات القرن الماضي . وعلى الرغم من ذلك يبين النظام الجغرافي و تسمية المعالم التي ليس لها اسم,أن إنتاج الخارطة العبرية يتفق إلى حد كبير مع إجراءات إعادة التسمية, و نتيجة لذلك , وبوصفها اللغة المهيمنة على المشهد المكاني القومي فقد حلت اللغة العبرية "على الأقل بالنسبة للمتحدثين بها" محل اللغة العربية . ومع ذلك, فإن الأسماء الطبوغرافية العربية مثل أسماء القرى والبلدات التي يسكنها العرب في إسرائيل, كانت هي السائدة في الفهرس الرسمي للأسماء الطبوغرافية .وهناك ظاهرة أخرى, وإن كانت نادرة, تمثلت في استخدام الأسماء العربية كمراجع تاريخية. وينطبق هذا خصوصا على أسماء مواقع ميادين القتال في حرب العام 1948 , و المثال الأبرز هنا هو "باب الواد" الواقعة على الطريق بين تل أبيب والقدس, كان باب الواد ميدان قتال عنيف خلال حرب الاستقلال الإسرائيلية. و قد احتل ,كمرجع للتاريخ والأسطورة, مكانا بارزا في التقليد و المعتقد الوطني الإسرائيلي .والاسم الطبوغرافي العبري للمكان ( ترجمة عن اللغة العربية) يشير إلى الظروف الجغرافية المعاصرة. فالأسماء الجغرافية العبرية و العربية مترابطة لغويا إلى حد كبير. و قد اهتمت الهيئة الحكومية للأسماء بصورة مباشرة باستعادة الأسماء التاريخية القديمة ,لاسيما العبرية منها , في حال وجودها . واستنادا إلى الفكرة القائلة أن العديد من الأسماء العربية أظهرت استمرارية طبوغرافية ,فقد أخذت الهيئة باعتبارها الاسماء العربية كمعطى افتراضيا عند تحديد الأسماء العبرية, إما عن طريق الترجمة الدقيقة للمعنى أو الحفاظ على الخصائص الصوتية (48) . ومن المثير للاهتمام, أن استعارة الكلمات العربية, لبناء كلمات عبرية كان يضع في حسبانه التدبير المناسب المستخدم من قبل أليعازر بن يهودا, الذي يعرف بأنه " مجدد اللغة العبرية". وقد أشار بن يهوذا إلى التقارب في " الجوهر و الطابع و الروح "بين العبرية و العربية و اعتبار هاتين اللغتين الساميتين " كلغة واحدة تقريبا"(49) .و هذا التقارب بالنسبة له " سوف يفسر و يسوغ كبداهة المبدأ الذي استخدمته للاقتراض بأريحية من اللغة العربية كي أسد أوجه القصور في لغتنا في كل مرة لا يمكن للكنز اللغوي أن يزودنا بجذر و التي يمكن أن يتم منها اشتقاق الكلمة المطلوبة "
كانت لغة المشهد المكاني ,في إطار الصراع القومي اليهودي-العربي ,قضية جوهرية نظرا لأنها تلامس الحجج المجردة و تحولها إلى واقع بخصوص المزاعم الإقليمية والحقوق التاريخية. و كانت الإشارة إلى المشهد المكاني سواء باسمه العبري أو العبري تتعزز كبادرة لغوية و كشعار كلما تم تكررت مزاعم كلتا الجماعتين القوميتين .فعلى سبيل المثال , لا يعد تلميحا جغرافيا أو لغويا عندما يتم ذكر الحي اليهودي المتنازع عليه في القدس الشرقية والذي بدأ تشييده في ربيع عام 1997, و الذي يشار باسم هار حوما ( بالعبرية) أو جبل أبو غنيم ( في العربية) بل أن مثل هذه الإشارة وصل بها الأمر لأن تكون بمثابة بيان سياسي.
وفي سياق النزاع اليهودي (الاسرائيلي)- العربي (الفلسطيني) على الأرض ,فإن السؤال عن ماهية اللغة الأصلية للمشهد المكاني يتم استثمارها بدلالات سياسية استثنائية و شحنة عاطفية .وتستند وجهة النظر الإسرائيلية السائدة على أساس المعرفة العلمية التقليدية ,وهي تعبر عن وجهة نظر مبالغ فيها و غير متمايزة حين ترى أن " جميع (التشديد من عندي) الأسماء العربية هي تشوهات عن الأصل العبري ". (50) و قد عبر المحلل الإسرائيلي ميرون بنفينيستي في العام 1988 عن وجهة نظر متباينة بشأن العلاقة المعقدة بين أسماء الاماكن العبرية و العربية كجانب من جوانب الصراع القومي .و كان قد لاحظ بصورة استثنائية من خلال رؤيته المتعاطفة مع مصالح و مظلومية كلا الجانبين بأن "من سخرية القدر أن الخارطة العبرية حفظت (لنا) في شفاه شعب قمنا نحن بمحو أماكن توطنه "و يجادل أيضا بأن" من دون هذا الالتصاق بالأسماء القديمة لن نتمكن من إعادة بناء خارطتنا العبرية". (51). أما وجهة النظر الشعبية العربية الفلسطينية فترى بأن الأسماء العبرية لجميع المستوطنات على وجه التقريب و التي بنيت في سياق الأنشطة الصهيونية هي بدائل غير شرعية لأسماء الأماكن العربية السابقة لإنشائها . وتم تقديم مثل هذا الزعم فعليا من قبل شخصية قيادية بارزة في اللجنة العربية العليا في شهادته أمام لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية في فلسطين في العام 1946 ، أي قبل تأسيس دولة إسرائيل(52).و المثال الحديث على ذلك المسابقة التعليمية التي نظمها المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1996. فقد كان أحد الأسئلة المطروحة في المسابقة "ما هو الاسم الحقيقي للمدن الفلسطينية المدمرة و التي وجد في مكانها المدن التالية: تل أبيب وأشدود ، رامات غان ونتانيا "؟ (تل الربيع ، اسدود ،سلمة و أم خالد )(53). وكما هذا هو واضح في المثال, فإن شرعية الاسماء العبرية لا تتوقف على تاريخ تأسيسها فمن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن اسما واحدا فقط من الأماكن الأربعة المذكورة قد وجد بعد تأسيس الدولة ,في حين أن تل أبيب ,مثلا, تأسست في العام 1909.
وتجدر الإشارة إلى أن عبرنة المشهد المكاني لإسرائيل كمشروع إعادة تسمية قومي, كان مظهرا من مظاهر التحول في المشهد أثناء حرب 1948 وبعدها والذي اتخذ أبعادا هائلة في المناطق التي تسيطر عليها اسرائيل. كان تفريغ المناطق العربية من سكانها و استيطان اليهود في القرى العربية المهجورة و جوارها ينتمي من منظور صهيوني إلى إحياء الوطن اليهودي القديم. أما وجهة نظر العرب الفلسطينيين فكانت ترى أن تفريغ القرى العربية خلال حرب 1948 وما بعدها و ما ترافق مع هذا التفريغ من تدمير مادي لهذه القرى منذ بداية الخمسينيات إنما يهدف إلى" القضاء على المشهد الثقافي الفلسطيني "(54).و لم يكن اجتثاث أسماء القرى العربية المهجورة من الفهرس الرسمي مجرد نتيجة ثانوية لمشروع العبرنة بل نتيجة لقرار سياسي. فقد تم في العام 1951 , و تحديدا في المرحلة المبكرة من مشروع العبرنة , توجيه سؤالا محددا لبن غوريون عما إذا كان يتوجب الإشارة إلى القرى العربية المدمرة بأسمائها في الفهرس الرسمي الجديد للأسماء الطبوغرافية فكان جوابه واضحا لا لبس فيه : "لا ينبغي في الخارطة الجديدة ,إدراج أسماء أماكن كانت موجودة . و عندما سنبني في المكان المدمر مستوطنة جديدة سوف نمنحها اسما و نعرفها في الخرائط "(55).
و يشير الخالدي بالقول في توثيقه الممنهج لهذه القرى العربية ولإعادة تسميتها أيضا " استبدلت الأسماء العبرية لهذه الأخيرة ( القرى العربية المهجورة ) بسابقتها العربية , وأحيانا بنغمة ركيكة وساخرة (التشديد من عندي) مرددة صدى هذه الأسماء"(56).و على الرغم من النفي و الدمار المادي , التصق الفلسطينيون العرب "بالتسميات العربية للأماكن التي إما أزيلت من المشهد الجغرافي واستعيض عنها بمستوطنات يهودية أو بتسميات عربية تحتفي برموز دينية و بمؤسسي المستوطنات". (57) و زيادة على ذلك يستخدم عرب إسرائيل اللغة العربية كلغة للمشهد المكاني . ومن مظاهر البناء القومي للعرب الفلسطينيين يبرز استعادة الجغرافيا التاريخية لفلسطين العربية و لأسماء الاماكن العربية بصورة خاصة كما تتجلى في الكتب و الخرائط (58).ويبدو أن تجاور الخرائط الإسرائيلية والعربية الفلسطينية كأنه يؤكد على توافق الخرائط العبرية و العربية على الأرض المتنازع عليها. و مما هو جدير بالاهتمام في هذا السياق هو احتمال "تعايش الأسماء الطبوغرافية"على صعيد الخرائط , حيث يستدل على هذه الأماكن بأسماء عربية و عبرية . ومن الأمثلة الراهنة هو خريطة إسرائيل في أطلس التلاميذ العرب في إسرائيل , حيث ترد أسماء المواقع الجغرافية بالعربية والعبرية (وإن كان بحروف أصغر )على حد سواء (59).

خلاصة
توصف عملية إعادة كتابة الخارطة القومية في اللغة العبرية بأنها جزء لا يتجزأ من الأسس الرمزية للأمة الإسرائيلية ,وهي أكثر من مجرد عملية نسخ أو ترجمة .لقد كان بناء الخارطة القومية يعني كتابة نص عبري أكثر من كونه استخدام نص عبري موجود .وبهذا المعنى ، كانت الخارطة العبرية النص الأولي للتجديد الصهيوني . وأهميتها في هذا السياق كانت في دمج لغة المشهد المكاني في فضاء الثقافة العبرية الناشئة ودمج الإيديولوجية الصهيونية في الممارسات المكانية في الحياة اليومية .لقد بينت عبرنة المشهد المكاني باعتبارها مظهر من مظاهر تشكيل الدولة, رمزية إعادة الاستيلاء على الوطن اليهودي في الإطار العام للاستقلال القومي.كما أكدت الخارطة العبرية القومية باعتبارها نصا رسميا على الهوية اليهودية لدولة إسرائيل بوصفها دمجا للجوانب الثقافية و الإقليمية للسيادة اليهودية . وكما ذكرت حنا بيتان ,منسقة اللجنة الحكومية للأسماء ,فإن هناك حوالي 7000 اسما عبريا قد تم تعيينهم بصورة تامة حتى العام 1992 و لتوضيح وجهة النظر الرسمية , فقد فسرت بأن :يقدم عمل اللجنة تعبيرا ملموسا عن الارتباط القوي بين الشعب اليهودي وأرضه. و قد اعتبر أعضاء اللجنة عملهم على أنه مهمة تنطوي على التزام علمي-أخلاقي لتحديد وإحياء الأسماء العبرية على خارطة الأرض وفقا للحقائق الجغرافية-التاريخية لأرض إسرائيل(60)

و من خلال تصورها كإجراء إستعادي ,فإن تقديم خارطة عبرية رسمية سوف يقوض مقولات أسماء الأماكن العربية الموجودة بوصفها تسميات مسلم بها ,وحيدة و شرعية للمشهد المكاني . و من منظور صهيوني فإن عبرنة المشهد المكاني هو إشادة باستعادة الماضي اليهودي للأرض و مظهر من مظاهر النهضة القومية اليهودية. وأما من وجهة نظر معادية للصهيونية قد يكون هذا إدانة لأنه يمثل محوا رمزيا للماضي العربي . لكن ، وكما أصبح واضحا, فإن الخارطة العبرية اليهودية لإسرائيل لم تستبدل الخارطة العربية لفلسطين . فقد استمرت الأسماء العربية في شكل الجغرافيا العربية والشعبية و في خرائط الفلسطينيين العرب التي تؤكد صلاحية صحة أسماء الأماكن العربية. وبالتالي, استمرت أسماء الأماكن العبرية و العربية في روايتين تتشاركان و تتنازعان على الوطن القومي .
ملاحظات الجزء الأول
(32) Letter D. Ben-Gurion to members of the commission for the determination of names in the Negev, September 6, 1950, ISA C/5550/3782
(33) Report on the work of the Governmental Names Commission, 4 April 1952, 3, ISA C/3788/5551.
(34) Draft proposal, the geographical committee, the Prime Minister Office, 1, ISA C/3783/5550
(35) Report on the accomplishments of the Governmental Names Commission for the beginning of the year 5719 (1958–1959), September 1958, 3, ISA C/3787/5551
(36) The Names Commission (no date), ISA C/3787/5551, 1.
(37) Report of the Governmental Names Commission, 6 February 1955, 1, ISA C/3788/5551
(38) Sh. Yevin, Protocol, session no. 71 of the Governmental Names Commission, 7 February 1955, 1, ISA C/3787/5551
(39) Report on the activities of the Governmental Names Commission, September 1958, 4, ISA C/3787/5551
(40) Report on the activities of the Governmental Names Commission, 7 April 1952, 7, ISA C/3788/5550
(41) Letter B.-Z. Eshel to the secretary of the government, 7 September 1953, ISA 3782/5550
(42) Report on the activities of the Governmental Names Commission, September 1958, 4, ISA C/3787/5551
(43) Ibid., 1. In a later report it was maintained that this stage was begun in 1960 (The Names Commission (no date), ISA C/3787/5551, 1)
(44) On these see Cohen and Kliot, Place-names
(45) Protocol, session no. 71 of the Governmental Names Commission, 7 February 1955, 2, ISA C/3787/5551. These emphatic sentences came as a reaction to that the Knesset forced the Commission to accept a commemorative place name that was not Hebrew
(46) E. Ben-Yehuda, Prolegomena to the Complete Dictionary of Ancient and Modern Hebrew (Jerusalem 1940), 189
(47) Diplomats can now keep their non-Hebraic names, Jerusalem Post, 15 September 1995
(48) N. Kliot, The meaning of Arabic settlement names in the land of Israel and their comparison with Hebrew settlement names, Ofakim Begeographia 30 (1989) 71–79
(49) Ben-Yehuda, op. cit., 10
(50) D. Bar-Ilan, Archeology used to bash Israel, Jerusalem Post, 5 April 1996, 9. In a similar vein see U. Elitzur, Point out: Hevron, Schechem and Jerusalem, Yediot Ahronot, 30 September 1996, 5.
(51) M. Benvenisti, What is in a name, in Idem., The Sling and the Club (Jerusalem 1988), 136
(52) In his testimony (March 12, 1946), Jamal Husseini also claimed: “Arab villages were destroyed houses, mosques and cemeteries were erased from the map of the mandate government and in their stead there appeared Hebrew names of Zionist settlements”. Cited in A. Karlebach (Ed), The Anglo-American Inquiry Commission for Palestine (Tel Aviv 1946), Vol I, 352–365. On the reaction of Moshe Sharet of the Jewish Agency, who later became Israel’s foreign minister and for a brief period also prime minister, see ibid., Vol. II, 531
(53) R. Shaked, Who are the Zionist terror gangs? A personal computer is promised to the solver Yediot Ahronot, 18 April 1996, 11.
(54) G. Falah, The 1948 Israeli-Palestinian war and its aftermath: the transformation and de-signification of Palestine’s cultural landscape, Annals of the Association of American Geographers 86 (1996) 256–285. For a different perspective see A. Golan, The transformation of abandoned rural areas in Israel’s War of Independence, Israel Studies 2 (1997) 94–110
(55) Note from Nechenmia Argov (the military secretary of Ben-Gurion) to the chairman of the Governmental Names Commission, 25 June 1951, ISA C/3782/5550
(56) W. Khalidi (Ed), All that Remains. The Palestinian Villages Occupied and Depopulated in 1948 (Washington DC 1992) xxii
(57) Cohen and Kliot, Place names, p. 676
(58) An example for a book that juxtaposes Hebrew and Arabic place names. A. Shukri, Palestinian Sites between Two Periods and Two Maps (Shuafat 1992). An example for such a map is The Temporary Borders of the Palestinian Authority (Amman 1993).
(59) M. Braver, Y. Bishara and H. Iraqi, Comprehensive Atlas for Arab Schools (London 1996)
(60) H. Bitan, the Governmental Names Commission, 369



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-19 ...


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - (تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-1960 الجزء الثاني