أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - محاولة في الأنتصار على الذات















المزيد.....

محاولة في الأنتصار على الذات


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5573 - 2017 / 7 / 6 - 13:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


_ الأنتصار على الذات



قد يبدو العنوان منفصلا عن مجريات البحث في تطرقه لموضوع الإسلام والمسلمون، وأظن أن مسألة البحث عن حل لهذه الإشكالية يجب أن تطرح في نهاية البحث، خاصة وأننا كمسلمون نعاني فعلا من مشكلة النكوص في تقدير الذات، بين متطرف يرى أنه النموذج الأسمى في الوجود وأن خير مطلق لمجرد أنه مسلم، وبين من يرى أنه في أدنى حضيض المهانة لمجرد أنه مسلم تتقاذفه المشكلات والخلافات وتتلاعب بمصيره ثلة من الأولين وثلة من الأخرين تسيدوا الدين وجعلوه مطية مطامع.
الأنتصار بمعناه المثالي ليس تحقيق قوة الذات لقهرها بمعنى أستلاب الذاتية لصالح التذلل وكسر الإرادة بشكلها الفاعل، وإنما أنتصار لأجل السمو الكمالي في طريق النجاح لأداء دور تأريخي يسجل لها ويجعل منها رقما حقيقيا وليس تراكم كمي بلا فائدة، إنه أنتصار نوعي حين ننجح في أن نجعل من الذات واعية واقعية تتعامل مع الخارج بمنطق عقلاني لا يغفل عن ملاحظة كل ما يدور حولها وتسخره بسلبياته وإيجابياته ليكون دافع للتطوير ومقاومة للإنكسار.
هذا المفهوم الأفلاطوني قد يكون جزء من الأنتصار الذي ننشده كمسلمين بحاجة إلى أكثر من النص الديني لنفهم الدين وعلاقته بالذات وخاصة في الجزء الواقعي من الحياة، يركز أفلاطون في نظرته للذات ودورها على المعرفة كشرط لفهم معطيات الواقع القضية (أن المعرفة تتحقق من خلال الانتقال والارتقاء التدريجي من المعطى المحسوس إلى النموذج المعقول، حيث تميل الذات العارفة تدريجيا إلى التجرد من كل ما له علاقة بالعالم المحسوس من أجل الاتصال بالعالم المعقول والارتقاء في مراتب المعرفة إلى أن يصل العقل إلى غايته القصوى وهي المشاركة في انسجام العالم المعقول وتناسقه الرياضي) .
تعامل الذات مع المعطى المحسوس تعامل حسي فردي يمكن أن ينقل لها جزء من الحقيقة أو أقل ما يمكن أن يكون دون المعرفة، هذه المعرفة ضرورية لترقية الذات بإعادة وعيها المتشعب بها أولا وبالواقع ثانيا وبالهدف الوجودي ثالثا وبما بعد المعرفة أخيرا، فلا مكان لذات مغيبة أو لاهية عن وعيها أو مغيبة تحت ظروف القهر والحرمان أن تكون ذات حاضرة بمعنى فاعلة، وطالما أن الغياب هنا فعلي فالواقعية في التعامل مع الوجود سيكون تعاملا ظنيا لا يبنى على حقائق ولا يسترشد الصلاح.
منذ أن نشأت الصراعات الفكرية والسياسية ومنها تكاثرت الصراعات العقدية أستلي هذا الصراع الذات المسلمة من واقعها الذي سعى الإسلام لتجسيده كقيمة في الذات المسلمة، قيمة أرتقاء وتطور، إنهارت العوامل التركيبية والتكيفية في الجسد الأجتماعي وبدأ الأداء الذاتي منحصر في إنشغالات الضروري لديمومة البقاء دون أن تنجح كل الصراعات في تحفيز العقل المسلم والذات المسلمة في أن تصنه لها حضور مميز، فيما أجتهد الكهنوت الديني بمسايرة الصراع وتغذيته فشل أن يحقق لها جزء بسيط من الوعي اللازم لمتابعة المعرفة بشكلها الأصولي لتنعم بنوع من الحرية وأستراد الواقع الطبيعي لها.
لا نريد هنا أن نتبنى مفهوم فلسفي محدد في بناء منظومة الذات عبر قهر الأنا ولا عبر قهر الأخر ولا تحطيم الموروث العقلي لتنطلق الذات في فضاء السمو كما هو عند نيتشه مثلا ، بل جل ما نريد الوصول له أن نعيد أعتبار الذات لنفسها ولكونها محور التغيير التي بدونه لا يمكن أن نتجدد أفقيا ولا عموديا، الدين ساهم في دفع المقدمات اللزومية للواقع، ولكن الواقع عندما تحكمت به الصراعات لم يفسح طريقا لهذه المقدمات أن تعود لتمارس دورها الفكري والمعرفي المطلوب.
إذا نحن أمام إشكالية الوعي كأساس حقيقي ننطلق منه للأنتصار للذات وعلى الذات من خلال المعرفة ومن خلال التفكير به كشرط لأسترداد الحرية التي سرقها الكهنوت الديني وجرد الإنسان المسلم من كينونته ليحوله إلى كائن هامشي، كائن يعيش بعقل المجتهد والفقيه والسياسي والسلطان عموما كظل الله في أرضه، قد يكون ديكارت محقا في رؤيته التي تنطبق على جوهر المأساة التي يعيشها المسلم وجوديا، فديكارت الوجودي يركز على الذات الواعية الذات المفكرة كطريق للحرية (ويعتبر الوعي بالذات، في نظر ديكارت، أكثر الأشياء وضوحا، فقد شك في وجود البدن وفي وجود العالم. وأما الشيء الوحيد الذي لا يطاله الشك فهو الوعي بالذات باعتبارها ذاتا مفكرة: فإذا كنت أشك، فإن معنى ذلك أني أفكر، وإذا كنت أفكر فإنني موجود؛ يمثل التفكير، إذن، قوام وجودي. هذه فكرة بديهية، وكذلك تعتبر الأفكار المتضمنة في الذات المفكرة أكثر الأشياء وضوحا على الإطلاق. ويمكن تعميم المبدأ الديكارتي على النحو التالي: إن ما يميز الإنسان هو وعيه بذاته، وهذا الوعي هو الذي يجعل منه كائنا متميزا، ويرقى به إلى مستوى الشخص الحر المستقل) .
إذن الحرية وليدة وعي والوعي ذاته نتاج المعرفة والمعرفة لها خصوصية أنها تجسيد عملي لوجود عقل عامل، عقل يتذكر ويتعقل ويتدبر ويفهم ما هو الواجب وما هو الأوجب، وليس العقل فقط أداة لتلقي النقل من مصدره الفوقي دون فحص ودون تفاعل مع التجربة، الدين ما نكرره دائما تجربة الإنسان في تعامله مع الفضائل كما هي الأخلاق تجربة معرفية أيضا تستهدافان صنع الوعي، لذا فما يفعله الكهنوت الديني في منظومته التبشيرية هو الفصل بين المعرفة وبين الحرية، بين الإنسان العاقل وبين الرب الذي يأمر بالوعي ويطلب منا التفكير والتذكر وممارسة حق العقلنة.
العقلنة التي تؤمن بأن الذات الإنسانية ليست فقط الذات المفكرة بل الإنسان ككل جسد وروح ونفس وعقل وبدن تتشارك جميعا لتجسيد مفهوم الذات، مشكلة الكهنوت الديني المسلم التقليدي أنه يحصر الذات بمفهومها الغيري، بمعنى أنه هو عقل مفكر والأخر الغير على النقيض، لذا فواجبه أن يعيد صياغة الذات الغيرية بما يتأمله هو ويريده هو، لذا غيب عن الإنسان المسلم إحساسه بإنسانيته الكاملة، ويتحدد الإنساني في الإنسان بما هو وعي بالذات أي بقدرة الإنسان على معرفة ذاته واثبات وجوده، تحقق هذا الوعي يستوجب الانفتاح على العالم، أي إن الإنساني في الإنسان يتشكل من خلال المعيش اليومي المتمثل في مجموع العلاقات والتجارب التي يخوضها الإنسان داخل اليومي، هذا الانفتاح الذي هو شرط تحقق الإنساني لا يمكن انجازه الا بتوسط الجسد، الجسد هو الذي يجعل من التواصل مع العالم ممكنا فعليا وهذا ما ينقصنا أننا لن ولم نتواصل إلا بحدود حاجتنا الضرورية له.
تقول الباحثة الدكتوره سناء العيسى في توضيح نقطة مهمة لها صلة في موضوع الذات وتعاملها المحدود مع العالم المحيط، صدق هرقليطس حين قال .. (ان الناس تلتمس المعرفة من عوالمهم الصغرى وليس من العالم الاكبر او العام، وهذا يدل على صغر الافق لدى الناس،و يعني التاثر بالمحيط الثقافي ومعتقداته السائدة واعتبارها الحالة الطبيعية للاشياء مما يحيد بنا عن الموضوعية في الرؤيا والممارسة ومن ثم نقوم بالتحوير الايديولوجي للوقائع والاحداث وهذه احدى اوهام البشر الذي يتم عل اساسه تكوين البنية المعرفية) ، لذا فمن أسباب تخلف الذات المحكومة بأيديولوجية الكهنوت الضيقة أنها نجحت في تحوير الواقع نحو عوالم صغرى لا تتسع المعرفة الكونية ولا تسمح لها بالتأثير على مسيرة الإنسان كون كائن أجتماعي معرفي سائر في طريق البحث عن ذاته من خلال المعرفة.














#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهج الأنتصار
- التقليد والأجتهاد
- المسلم والأخر الغيري
- أزمة المسلمين وأفاق المستقبل
- الإسلام المعاصر وتحديات العصر
- الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي
- ضرورة الديمقراطية وتحديات أحترام حقوق الإنسان في رؤية أستشرا ...
- المرأة ودورها في المجتمع ح2
- المرأة ودورها في المجتمع ح1
- إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي
- التنمية الأقتصادية ودور المال وراس المال في بناء القاعدة الم ...
- المال ورأس المال في الفكر الديني
- الخيارات الصعبة في قرارات التغيير
- العولمة ما لها وما عليها
- أحلام تمتنع عن الطيران
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح2
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح1
- رواية أفتراضية من عالم ممكن الحدوث
- العودة إلى دراسة ظاهرة الألحاد وقضية تحرير العقل
- حين يكون الفقد فوزا ونحن الخاسرون


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - محاولة في الأنتصار على الذات