أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تكفيرأسامه أنورعكاشه ودوره التنويرى















المزيد.....

تكفيرأسامه أنورعكاشه ودوره التنويرى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5572 - 2017 / 7 / 5 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



فى كل مرة أكون عند أحد أولادى أوأحد أقاربى، وأشاهد بعض المسلسلات، أخاطب نفسى بمرارة: لمصلحة من يتم تدميرعقول شعبنا؟ ولمصلحة من يتم اعتماد الشركات التى تــُـنتج هذه البذاءات والسفالات باسم (الفن)؟ ولماذا لايكون اسمها (شركات الهلس لانتاج المسلسلات)؟
وعلى الفور- وعن طريق التداعى الحر- أتذكــّـرالراحل الجليل أسامه أنورعكاشة، ودوره الرائد فى ترسيخ المعنى (الفنى/ العلمى) للدراما التليفزيونية، وكيف ارتقى بها لمرتبة الأعمال الإبداعية (الروائية) حتى فى تناوله للكوميديا، كان شديد الوعى بمفهوم الكوميديا الراقية (كما فى مسلسل "فى المشمش" أومسلسل "رحلة السيد البشرى" على سبيل المثال) فى هذيْن المسلسليْن وغيرهما توفــّـرتْ عناصرالكوميديا المنبثقة من (المواقف) ومن (التناقض) سواء بين الشخصية الواحدة أوبين عدد من الشخصيات داخل العمل..إلخ أى أنه ابتعد عن الاسفاف المتمثل فى الاعتماد على الرقص بالحواجب (وأحيانــًـا الرقص بمؤخرة الممثل) أوبتغييرنبرات الصوت.. إلى آخرهذه الوسائل المُـبتذلة والتى لاعلاقة لها بالفن، ورغم ذلك أخذتْ (ختم) الدولة التى تعرض هذه السفاهات فى قنواتها، وكأنّ قنوات القطاع الخاص ليست كافية لنشرالانحلال الأخلاقى.
ولأنّ عكاشة كان شديد (الإيمان) بدورالمُـبدع (التنويرى) أودورأى مُـفكرلذلك فإنه- نظرًا لقراءاته العميقة والجادة للتاريخ العربى/ الإسلامى، لم يكتف بدوره التنويرى من خلال المسلسلات التى كتبها، وإنما كان- أحيانــًـا- يكتب بعض المقالات، يــُـعبرفيها عن رأيه المُـختلف تمامًـا عن الرأى السائد الذى فرضته الثقافة السائدة منذ كارثة سيطرة الضباط على حكم مصرفى شهرأبيب/ يوليو1952، حيث نشرعبدالناصرونظامه شعار(لاصوت يعلوفوق صوت الجالس على عرش مصر)
اختلف عكاشة مع الثقافة العروبية/ الناصرية السائدة التى دأبتْ على تمجيد العرب الذين غزوا مصرفى منتصف القرن السابع الميلادى، وكان على رأسهم عمربن العاص الذى قاد جيش الغزوالعربى، فكتب مقالا- اعتمد فيه على أمهات كتب التراث العربى/ الإسلامى عن شخصية عمربن العاص.
000
فى شهربشنس/ مايو2010رحل صديقى المبدع أسامة أنورعكاشة، فتذكــّـرتُ معركته مع الإسلاميين الذين كفــّـروه بسبب مقاله الذى استفزهم عن عمربن العاص، وعن التضارب فى حقيقة نسبه لأب (مُحـدّد) حيث تعدد الرجال الذين ضاجعوا أمه أثناء حملها فى عمرو. لم يحتمل الإسلاميون هذا المقال، رغم أنّ عكاشة ذكرما قرأه فى كتب التراث العربى/الإسلامى. ولكنهم لم يكتفوا بالهجوم عليه وتجريحه ووصفوه بأبشع النعوت المنافية للأخلاق، وإنما تقـدّموا ببلاغ للنائب العام لأنه أساء إلى (فاتح مصرالعظيم عمروبن العاص) فقال عنه أنه ((أحقرشخصية فى الإسلام)) وأنه ((أفاق))
تزعـّـم الحملة ضد عكاشة عدد كبيرمن المحامين الإسلاميين، على رأسهم منتصرالزيات.
نشرعكاشة مقاله فى صحيفة الوفد (28مايو2010) وفى شهربابه/أكتوبر2010، استضافتْ (قناة أوربت) عكاشة. تركــّـزتْ أسئلة المذيع (حول النبش) داخل عقل عكاشة والدخول إلى مناطق (معتقداته الدينية) فغضب عكاشة وقال للمذيع: أنت تفعل ما يفعله وكيل النيابة الذى يتحايل لجرجرة (المتهم) للكلام عن آرائه السياسية أومعتقداته الدينية. وهذا خروج على المبادىء القضائية المستقرة، وأنت خرجتْ على مبادىء الإعلام وميثاقه الشرفى.
وعندما دافع المذيع عن عمربن العاص، قال له عكاشة: إنّ عمروإنسان مثله مثل أى إنسان، وليس شخصية (مقدسة) كما أنه ليس من العشرة المبشرين بالجنة.
كان الداعية الإسلامى الأصولى (خالد الجندى) أحد ضيوف البرنامج، فقاطع عكاشة وقال له: تأدب وأنت تتكلم عن الصحابى الجليل، وعليك أنْ تتذكــرما قاله الرسول عنه من آيات الثناء والمديح.
تدخل (تليفونيـًـا) محامى الجماعت الإسلامية (منتصرالزيات) وعاتب الشيخ خالد الجندى وقال له: كيف تتحاورمع شخص لايعرف أدب الحوار؟ ولايعرف أى شيىء عن الإسلام. وأنا أتحدى عكاشة إذا كان يعرف كيفية الوضوء. ابتسم عكاشة وقال له: يا محامى الإرهابيين: عندما تتكلم (وأنت محامى) عليك إقناع من تخاطبه، عشان حكاية الوضوء زيها زى النكته السخيفه.. عشان أصغرعيل (مسلم) عارف كويس إزاى يتوضا (هذا الحوارنشرته صحيفة دنيا الوطن الفلسطينية بعد ترجمته من جانبى إلى اللغة العربية- 5أكتوبر2010)
فى هذه المعركة لم (يتقاعس) الأزهرعن المشاركة فيها لتدعيم موقف الأصوليين، فأصدربيانــًـا بتكفيرعكاشة، مع ضرورة فصل زوجته عنه، واعتبارها (طالق منه) لأنها أصبحتْ (مُـحرّمة عليه)
تصوّرشيوخ الأزهرأنهم بهذا البيان التكفيرى، سيجعلون عكاشة يتراجع عن كلامه فى حق عمروبن العاص. لكن عكاشة لم يتراجع، فعندما سأله مذيع (قناة أوربت) هل أنت متمسك ومُـصرعلى كلامك عن عمروبن العاص (رضى الله عنه) فكان رد عكاشة: أنا مسئول عن كل كلمة كتبتها (للتوثيق يمكن الرجوع إلى مركزالعراق الجديد للإعلام والدراسات- يوليو2010)
أعتقد أنّ هذه المعركة التى خاضها عكاشة كشفتْ أمريْن غاية فى الأهمية:
الأمرالأول: أنّ الإسلاميين يُـدافعون عن الشخصيات الإسلامية (بالحق وبالباطل) حتى ولوكان الشخص من الذين أساؤوا إلى شعبنا كما فعل عمربن العاص، وفق ما جاء فى كتب التراث العربى/الإسلامى (وهى كثيرة جدًا) وأخصها بالذكرالكتاب الذى يـُـعتبرالمرجع الأول الذى اعتمد عليه المؤرخون التراثيون، أى كتاب فتوح مصروأخبارها لابن عبدالحكم القرشى. كما أنّ واقعة نسب عمروبن العاص مذكورة فى أغلب كتب التراث ومن بينها (السيرة الحلبية) حبث جاء بها عن (نكاح البغايا) أنّ أم عمرومن بينهنّ، وقد وطئها أربعة هم: العاص وأبولهب وأمية بن خلف وأبوسفيان بن حرب، وادعى كلهم عمرولنفسه، ولكن أمه ألحقته بالعاص (ج1- ص43)
الأمرالثانى: كشفتْ تلك المعركة صلابة المبدع الكبير(عكاشة) فهولم يهتز، ولم يتراجع عن (كل حرف كتبه) كما قال: وأعتقد أنّ تلك الصلابة كانت مُـستمدّة (من وقوفه على أرض صلبة مرجعيتها قراءاته العميقة لتاريخ مصر، القديم والوسيط والحديث) ولكن المهم (بجانب المعلومات التاريخية) صلابة المبدأ وهوما لمسته فى شخصية عكاشة طوال سنوات معرفتى به.
وصلابة المبدأ ظهرتْ فى أكثرمن موقف، مثل فرض شروطه عندما كان يتعامل مع شركات الإنتاج، ورفضه التنازل عن آرائه فى المسلسلات، التى رآها البعض أنها (ضد العروبة) وأنه (منحازللدفاع عن الشخصية القومية المصرية) وهوالأمرالذى تأكــّـد فى أكثرمن مسلسل (خاصة أرابسك) حيث شخصية السيدة عالمة الاجتماع التى كانت تذهب إلى الأحياء الشعبية وتجمع مفردات الكلمات المصرية، التى ليس لها مقابل فى اللغة العربية، وذلك بهدف إعداد (قاموس) عن تلك المفردات.
وقبل ذلك المسلسل- بسنوات- كتب مقالاعنى وعن صديقى الراحل بيومى قنديل وصديقى محمد البدرى، لأننا (كما كتب) من القلة النادرة المدافعين (عن القومية المصرية) وكان هذا المقال بداية العلاقة التى جمعتْ بينى وبينه وبيومى قنديل.
وأعتقد أنّ الراحل الجليل عكاشة هوأول من أبدع (الدراما التليفزيونية) وركــّـزفيها على عدة محاور: مثل محوركشف المعدن الحقيقى لشعبنا، خاصة الجماهيرالشعبية، وهوما برزفى أكثرمن عمل مثل (ليالى الحلمية) و(الشهد والدموع) إلخ. المحورالثانى هوكشف المعدن الحقيقى لشعبنا فى مواجهة الاحتلال البريطانى لمصر. وهوماعالجه فى أكثرمن مسلسل، وفى هذا المحورالدليل الأكيد على عمق قراءاته لتاريخ مصرالحديث، وكيف ربط - بشكل إبداعى درامى- تاريخ مصربحوض البحرالأبيض المتوسط ، كما فى شخصية (المصرى/ الإيطالى) الذى قام بدوره الفنان جميل راتب (للأسف خانتنى ذاكرتى عن تذكراسم المسلسل)
يجمع كل تلك المحاورالمحورالغالب فى كل أعماله: تعميق قيم النبل الإنسانى، وإدانة كل أشكال الفساد السلطوى والأخلاقى، ومن خلال (دراما المواقف) وهومابرزفى (رحلة أبوالعلا البشرى) و(ضميرأبله حكمت) إلخ وليس من (خلال التسطيح) والفجاجة كما يفعل أغلب كــُـتاب المسلسلات.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارك فؤاد زكريا الفكرية والسياسة
- خيانة المثقفين لشعبنا المصرى
- النصوص الدينية ومواثيق حقوق الإنسان العالمية (1)
- أسئلة الواقع وردود السماء
- هل ساهمتْ الفلسفة فى التحررمن الثوابت؟
- مقولة التراجع فى التاريخ العربى/ الإسلامى
- نماذج من قتل الفلاسفة فى التاريخ العربى/ الإسلامى
- العلاقة بين الدين والفلسفة: متوازية أم عكسية؟
- دينامية المجتمع الإسرائيلى
- هل يمكن إنتاج مسلسل أوفيلم عن ماريه المصريه؟
- من توابع يوليو1952
- التفسير المادى والتفسير المثالى لحركة التاريخ
- جامعة الدول العربية : آن الرحيل
- كيف نشأت فكرة (التأليف)؟
- كيف انخدع المتعلمون فى أدعياء الليبرالية؟
- طه المليجى: الهوس بالناصرية والاتهام بالصهونية
- لماذا فرح العبرانيون بأحادية أخناتون ؟
- علم المصريات وأهمية تدريس اللغة المصرية القديمة
- لماذا ردّد الماركسيون أكاذيب عبد الناصر؟
- الجذر التاريخى للتمييز بين البشر


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تكفيرأسامه أنورعكاشه ودوره التنويرى