أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)















المزيد.....

الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 17:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ترددت وانا اصوغ عنوان المقال الحالي بين صفتين، الاولى "خيانة"، انسبها هنا للنخبة المسماة حديثة، والثانية "تصاغر، او صغار"، وقد اخترت الاولى بسبب ماوجدته فيها من قرب الى الشمول، ولانطوائها على المعنى المتضمن في الثانية، فالفعل الذي مارسته النخب من متعلمي وافندية العصر المعروف بالحديث، منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، و في العراق منذ ثلاثينات القرن المنصرم، هو تماما فعل تصاغر معرفي، او نكوص امام تحد يرتقي لمستوى الضرورة التاريخية، او انتكاس وعجز ينم عن بنية معرفية تكوينية، الا انه في الاجمال والحصيلة والاثر المتولد عنه، قد افضى لحصيلة، وادى لنتائج على المستوى الوطني والتاريخي، ليست اقل من كارثية.
ولايتوقف الحكم على الفئة التي نحن بصدد التعرض لها، على النتائج او السياقات التي تولدت عن ميل فئة مستحدثة لتامين "مصالحها" كقوى جديدية، باحثة عن موقع لم يكن من قبل متاحا لها ضمن البنية الاجتماعية التقليدية، متوسلة بالمستجدات التاثيرية العالمية للغرب، ونموذجه، ومفاهيمه، وبالطبع خططه وافكاره. ماقد ادى في الغالب لاختراق البنى المجتمعية، وهز تراكيبها المعتمدة، انما ليس بالوجهة التي تعد هذه الفئة بتحققها على الصعيد التاريخي، وفي الغالب من دون اي تثبت مستمد من التناغم مع الاليات الفعليه التاريخية للواقع التي يفترض انها تنتمي اليه، فكل ماجاءت به قوى الايديلوجيات الحديثة، هو تاسيسات جاهزة، صيرورتها تنتمي لواقع وحركة بنى مجتمعية اخرى، اصرت على انها هي الواقع المعتمد اليوم، وماعداها خروج على العالمية التقدمية، ونكوص نحو الخصوصية.
واذا افترضنا ان النخب التي نقصدها قد تصاغرت في حينه امام تعقيد البنى الوطنية، كما حدث بصورة صارخة امام مهمة اكتشاف الخاصيات الوطنية العراقية في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، وهو مايمكن احالته الى الواقع، ومدى انطوائه على المحركات العائدة للضرورة الذاتية، غير اننا لاينبغي ان ننسى بان اي مظهر من مظاهر الرغبة في المحاولة، او اية نية من هذا القبيل، لم يظهر لها اي اثر على الاطلاق، مما يشجعنا بقوة على الاعتقاد بان هذا الجمع من المتعليمين المنسوبين للحداثة، انما كان ماخوذا بالوسيلة التي توفرت له فجاة، ومن حيث لايتوقع، وان انشغاله بماتنطوي عليه من قوة فعل سحرية، كان يفوق حاسة استنطاق الحاضر بلغة الحداثة والعصر وبالتحديد البحث المفترض عن " حداثة ذاتية" لامنقولة.
وربما يكون هذا الوضع مرجحا لفكرة الحاق هذا الشكل من اشكال من المثقفين، باجمالي نمط الفئات المنتمية لذات الحيز الاجتماعي المعرفي، على مر الفترة اللاحقة على دخول المنطقة حقبة الانهيار، والتي هي فعليا حقبة افتراق المشروع عن العقيدة، اي الفترة الممتدة من القرن الثالث عشر مع سقوط بغداد 1258 ، وقبل ذلك بقليل، فالحقبة الاسلامية العربية منذ القرن السابع، تنقسم الى طور ين، طور صعود كوني تتلازم فيه العقيدة و"المشروع الحضاري"، مجسدا في دول، وعملية حضارية قمتها العراق، وعاصمتها الكونية بغداد بعد الكوفة والبصرة. وطور لاحق، يسوده اسلام العقيد بلا مشروع محايث، والاثنان لهما ظروف ماقبل ومابعد مباينه. والثاني تمثل باسلام انهيار المشروع، انتجته كالعادة الشام مع ابن تيمية المتصل بمحمد بن عبدالوهاب، مفتتحة ومكرسة عصر الوعي الادني، الذي عادة مايصبح هو محور الحياة المتراجعة في هذه المنطقة، اذا ماانهارت، منطقة الفعالية الحضارية الكونية العراقية، وسقطت في "الانقطاع الحضاري" كما حدث بعد سقوط بابل، الى الفتح العربي الاسلامي، ومن ثم بعد سقوط بغداد على يد هولاكو، الى الوقت الحاضر.
بما يعني ان اختلاف مصادر الفئة المذكورة قبيل انحسار العثمانية وبعدها، مع حضور الغرب المباشر وهيمنة نموذجه، لم يغير في المناخ والارضية التي استعملت، بالانطلاق منها، افكار ومناهج الغرب، بحيث لايمكن افتراض تباينات جوهرية، بين بنية و اجمالي تكوين الفئات مابعد العثمانية، عن سابقتها العثمانية من حيث اطارها الاجتماعي، وحدود وعيها المتاتية من نوع الاليات المجتمعية المعاشة، عن تلك التي سبقتها من الفئات المتتابعة خلال فترة التراجع والانشقاق بين طرفي العملية التاريخية( العقيدة / المشروع)، ويمكن بالطيع ان نحسب حساب بعض المتغيرات الشكلية، او التراكمية، لكن من المستحيل تصور اي انقلاب نوعي يمكن ان يكون قد اصاب هؤلاء، لمجرد انهم صادفوا تغيرات في الاوضاع العالمية، وفي حالة اوربا، بالغوا في اثرها وفعلها فيهم وفي واقعهم. مايجعل استخدامهم المرضي للوسائل الجديدة، امرا متوقعا، باعتباره فعل قوى تنتمي، وهي لم تخرج ذاتيا، عن نطاق مرحلة توقف الفعالية الحضارية الذاتية وتراجعها.
ولايجب ان نستبعد بناء عليه، حتى فكرة اصرار تلك الفئات على الاسهام في تدمير واقعها، او تخريب اليات وجودها التاريخي الحضاري، باعتبارها قوة ملحقة بالسعي الغربي الحديث للاجهاز على تلك الاليات، ليس لصالح مايعرف بالتقدم، كما يدعى اعتباطا وزورا، بل لغرض تكريس هيمنة النموذج الغربي على التاريخ، وتسييد فكرة الاحادية او الدكتاتورية الحضارية، بالضد من التفاعلية الحضارية التي جوهر التاريخ الانساني، وسر حركته وتطوره.
لقد اصطف الشيوعيون والقوميون والليبراليون في العراق منذ الثلاثينات، بجانب المشروع الغربي، الهادف الى قتل مكونات عبقرية العراق الوطنية المضمرة، واتخذوا مكان خط الهجوم الثاني، ضد البنية العراقية الامبراكونية، المقابلة لنمط وشكل الحضارة، والتنظيم المجتمعي الوطني الغربي، "الطبقوي"/ القومي الراسمالي الامبريالي/، وفي الوقت الذي كانت قد تفجرت فيه ثورة مجتمع اللادولة العراقي ضد الحضور الغربي عام 1920 ، الحت على النخب " الحديثة" مهمة استثنائية تتطلب التاسيس للمقابلة الاحيائية للنموذج العراقي الامبراكوني بوجه التجلي الحضاري المعادل على ضفة المتوسط الغربية، بما يعنية ويتطلبه ذلك من تجسيد سمات الصراع المجتمعي في مجتمع مزدوج التركيب والبنية، محتو كينونة منذ السومريين، على انشطار عمودي بين نمطين مجتمعين متصارعين، بمقابل الطبقتين المتناحرتين ضمن المقطع الافقي المجتمعي الاوربي، مع تقابل "المراحل التاريخية" الطبقوية الاوربية، مع الدورات التاريخية وبينها الانقطاعات الحضارية العراقية، مايضع هذا الموضع، بموقع مركز الفاعلية الحضارية الكونية في محيطة، ذلك في الوقت الذي اتجه فيه هؤلاء عجزا، لايخلو من رغبات ذاتية ونوايا صغيرة، للمساهمة في محو اثار التميّز الحضاري الخاص، مع الاصرار على الحاق ظواهر المجتمع والتاريخ بالوافد الطاريء ونموذجه.
صحيح ان الامبراكونيا، هي نمط ونموذج مايزال مما لايمكن افتكاره عقليا، وانه نمط وصيغة "غائبة"، عصية على التجسيد حتى اللحظة، وظلت كذلك على مر عشرات القرون، الا ان الفرضية التي تتبادر الى الذهن، يمكن ان تتاتى من تطلب افراز البنية لمايضاهيها من حيث الحاجة والضرورة، والمعلوم ان معرفة الانسان بالتاريخ لم تكن دائما بالسوية ذاتها، وان نموذج الطبقوية التاريخية، لم يكتشف هو وعلم الاجتماع عموما، سوى منذ القرن التاسع عشرهناك، كما ان ذلك لايفترض، ولايجب ان يعني انغلاق الحقيقة التاريخية، او انتفاء احتمالات وجود انماط او تشكلات مجتمعية، قررها التاريخ، وكان ينظر لها نظرة تتناسب ومستوى من الوعي لايرقى لدرجة اكتشافها، وفهم محركاتها، واليات فعلها، وصيرورتها، ومن ذلك مانطلق عليه النمط الامبراكوني العراقي، ومعه منظومة، او منطقة الابراهيمة اجمالا، حيث الانماط الثلاثة والمجال الوسط، كما تتجسد بحالة العراق، والجزيرة العربية، ومصر، وساحل الشام (1)
ويبقى ان نتصور مايترتب على اكتشاف النمط المستجد الانف، من احكام تشمل كل اشكال الفعل الحضاري، والتصرفات وعمل الاليات ووجهتها، من قبيل مثلا امكانية الافتكار بما يدخل في باب "مابعد غرب"، واذاماكانت وقائع مايعرف بالتاريخ الحديث تنتمي الى المسطرة الغربية الغالبة في الحاضر بالفعل، مثل اعتبار ان الاحداث العراقية ابتداء من ثورة العشرين في القرن الماضي، ردا على الحضور الغربي، لا تتضمن بعداوافقا تاريخيا اوسع، ياخذها نحو التحقق الامبراكوني، حيث الرؤى والتصورا "الوطنية " و " القومية" المفروضة والمعممة وفق النموذج الغربي هي مقترحات اعاقة، لحركة سائرة الى مافوق، والى ماوراء الوطنية البسيطة، الى الوطنية المركبة، المتلائمة مع بنية الامبراكونيا التاريخية، حيث يكون المقترح القومي الوطني، قوة تصغيرواعاقة على طريق سيرورة تاريخية متجاوزة لها بنية واهدافا.
ـ يتبع ـ



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المؤجلة : الخلاص من الايديلوجيات (ملحق)
- الثورة المؤجلة : سيرة الامبراكونيا (ملحق)
- الثورة العراقيية المؤجلة وتخلف النخب ( 2/2)
- الثورة العراقية المؤجلة وتخلف النخب (1/2)
- هزيمة المشروع الوطني العراقي: من المسؤول عنها ؟
- - الطائفوقراطية- واليسار كطائفة ؟ (2/2)
- -الطائفوقراطية- واليسار كطائفه؟(1/2)
- عراق - اللادولة- وخرافة - الدولة المدنية- (2/2)
- عراق - اللادولة- وخرافة -الدولة المدنية- (1/2)
- ثورة داخل الابراهييمة: هزيمة مزدوجه(3/3)
- ثورة داخل الابراهيمية (2/3)
- ثورة داخل الابراهيمية ( 1/3)
- عراق بين منقلبين: حزبي ووطني ( 2/2)
- عراق بين منقلبين: حزبي ووطني ( 1م2)
- نداء للمشاعيين العراقيين خارج الحزب
- المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 3/3)
- المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 2/3)
- المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 1/3)
- المستيقظون المتاخرون و-الدولة المدنية الدليفري-(2/2)
- المستيقظون المتاخرون وتخنيث الانتفاضه


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)