أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كيف ساهمت الأحزاب بتدمير الوعي السياسي العراقي قبل الإحتلال














المزيد.....

كيف ساهمت الأحزاب بتدمير الوعي السياسي العراقي قبل الإحتلال


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 17:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


. كيف ساهمت الأحزاب بتدمير الوعي السياسي العراقي قبل الإحتلال
جعفر المظفر
أثناء زيارتي الأولى لأمريكا في بداية السبعينات فوجئت أن جامعاتها تولي إهتماما بدراسة الماركسية كعلم من العلوم السياسية الإقتصادية, واقول (فوجئت) لأن المتابع لحيثيات صراع السوفيت مع الغرب الراسمالي, والمطلع على طريقة الحصار العقلي والفكري والإعلامي الذي فرضه الشيوعيين السوفيت على شعوبهم سوف يعتقدون أن الأمريكين يفعلون مثلهم, وبالتحديد في ما يتعلق بالأمور المعرفية التي تدور حول الشيوعية والماركسية.
ليس المعني بذلك أن الأمريكين لا يغذون اليوم مسألة كراهية الشيوعية بكل الوسائل اللازمة ومنها تلك التي تستند أيضا إلى إسلوب التعويم والتبسيط , ولكن لأنهم كانوا أدركوا أن حاجتهم إلى ثقافة تقوم على معرفة الآخر وعلى جدلية النقد والحوار هي من لوازم بناء مجتمعهم قبل ان تكون من لوازم الهجوم على الخصم, فالحصانة لا تكمن في منع المعرفة وإنما تكمن في المعرفة ذاتها.
قبلها وفي الثلاثين من القرن الماضي كانت أمريكا قد وقعت في براثن الفترة المكارثية التي كان من شانها لو إستمرت أن تحولها, معرفيا وثقافيا, إلى إتحاد سوفيتي آخر. وفيما بعد سيصير من الصعب وضع تفسير عادل لقدرة المجتمع الأمريكي على التطور والتقدم إذا لم يتم تفسير ذلك من خلال سقوط العقلية المكارثية نفسها. تلك العقلية التي حاربت الرأي الآخر وقضايا المعرفة والنقد من خلال إتهام أصحابها بالشيوعية. أما اليوم فلو أمكن للمدرسة الترامبية, على صعيد طرق التفكير أن تسود وأن تفرض نفسها لوقعت أمريكا في براثن مكارثية من النوع الترامبي.
خط الإتهامات المباشرة التي تتأسس حول مفهوم العمالة للإستعمار والصهيونية أو الماسونية أو لإيران, ما زال جاهزا للتراشق البيني بين الخصوم السياسيين. لقد أعفانا ذلك من مهمة البحث عن البنى الفقهية والفكرية والعوامل الثقافية والتاريخية والإجتماعية التي تجعل إنتشار تلك الحركات ممكنا وسهلا وسريعا, وفي جميع الحالات فقد كنا نتعامل مع المفهوم المخابراتي لمعنى العمالة دون أن نبحث عن عمقها الفقهي.
الواقع أن ما من حركة أو حزب سياسي عربي أو زعيم لم يتهمه خصومه بالعمالة لدولة أجنبية. الشيوعيون إتهموا خصومهم البعثيين بالعمالة لأمريكا. وهم كانوا أسسوا لتلك التهمة إستنادا على تصريح كان نسب لعلي صالح السعدي المسؤول العراقي عن الحزب في جمهوريته الأولى والذي يٌذكر عنه أنه قال (لقد جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي).
أما البعثيون فهم أيضا كانوا تلاميذ نجباء ومؤسسين للمدرسة الغوغائية التي كانت وراء حصر قضية نقد الخصم الشيوعي في مساحة الإتهام بالعمالة. لقد وصل تسطيحهم وتبسيطهم لتضادهم السياسي مع الشيوعيين إلى تعويم ذلك الصراع بقارب إتهام خصمهم الشيوعي بالعمالة لموسكو, وبمستويات أخرى صار هناك تأكيد على أن الحزب الشيوعي نفسه كان قد تأسس بدعم من الصهيونية والدليل وجود يهود عديدين في لجنته المركزية, وأيضا لأن ماركس نفسه كان يهوديا. أما الحديث عن دور المخابرات المركزية الأمريكية فصار يجري بالطريقة التي تحاول أن تقنعك أن هذه المخابرات هي التي كانت وراء قتل قابيل لأخيه هابيل في السنين الأولى من عمر البشرية
فما دام الجميع عملاء لأمريكا فما حاجة الشعب إذن لمعرفة أسباب الصراع الحقيقية. وسيعفيه ذلك من تعب البحث عن الحقائق الأمر الذي يلغي كل ميول البحث الحر والنقد الفاعل المستند إلى تفعيل جدلية الحوار في الذات الفردية والجمعية, تلك الجدلية التي من شأنها وحدها أن تنقل الفرد من مساحة التلقي والتلقين إلى مساحة الجدل والحوار قبل الخروج بقناعات غير مغلقة وقابلة لأن تتطور, وحتى أن تتغير إذا ما إستجد النقيض. وهو أمر كان قد ساهم بتغذية الجانب الغوغائي في الثقافة السياسية العراقية, مضيعا بالتالي فرص بناء ثقافة شعبية مجتمعية جدلية وحوارية ونقدية كان ممكنا أن تتراكم لكي تكون عاملا من عوامل إنضاج الوعي الجماهيري تجاه الإقتراب من الأحداث المفصلية الحقيقية بمستويات كافية من الوعي المسؤول.
في وقتنا الحالي ما زالت أساليب التراشق بتهمة العمالة سائدة, وحتى محبذة. حزب الدعوة عميل لإيران. نعم لا أشك في ذلك لحظة, لكن العمالة هنا هي عمالة فقهية قبل أن تكون عمالة مخابراتية, ولذلك قدر لها أن تكون ندا للمسألة الوطنية ذاتها, أو على الأقل أنها إفتقدت لقدرة معالجة القضية الأخطر والكائنة في الفرق بين ما هو وطني وما هو مذهبي, والأخطر أن إستعمالاتها السريعة والمبسطة أضحت من الرخص بحيث أنها أهملت الحاجة إلى معرفة الفقه الذي يقف وراءها بطريقة تتصدى لهذا الفقه نفسه لكي يكون هناك تأسيسا أفضل للحالة الوطنية النقيض. على الجهة الأخرى تقدمت تهمة إرتباط داعش بالمخابرات الأجنبية على الحاجة لدراسة تتناول اصولها الفقهية الشاخصة في العقيدة الإسلامية أو تلك التي تتداخل أيضا مع المدارس الأخرى من داخل الإسلام نفسه بما ألغى الحاجة إلى الوقفات الجدية المطلوبة لدراسة ونقد والتخلص من كل الأفكار والمناهج التي جعلت داعش ليس فقط تحمل كل الخواصر الر خوة التي توفر للقوى الإستعمارية سهولة الدخول على الإسلام لإستغلاله وتفعيله ضد المسلمين أنفسهم, وإنما تجعلها مشروعا للتكرار وإن كان تحت عناوين ومسميات جديدة .
لقد أدى ذلك في النهاية إلى وضع الوعي العراقي على مفترق طرق خطير وضيع عليه فرص المعرفة, حتى المتواضع منها, لمعرف أسباب الإنتكاسات الخطيرة التي مر بها العراق في العقود السابقة, ولو أن النقد السياسي كان أعطى إهتماما حقيقيا لأسباب وعوامل الصراع المدمر الذي كان قد حصل ما بعد إنهيار الحكم الملكي لصار ممكنا نشوء مدرسة للنقد السياسي والفكري البناء الذي من شانه أن يخلق إستعدات شعبية ثقافية بمستويات معقولة ومقبولة. وإنه لمن المؤسف حقا أن خط التراشق بالتهم البسيطة ما زال قائما وما زال يضيع علينا البحث الجدي عن مصادر ومناشىء الأخطاء وأولها تلك التي فينا



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الدين والدولة الوطنية .. (4)
- عيدية
- إشكالية الدين والدولة الوطنية .. في مصر أولا والعراق ثانيا ( ...
- وماذا بعد قيام الدولة الكردية المستقلة
- قطر ..حبة الرمل القاتلة
- في الموقف من المجابهة الخليجية القطرية .. الثابت المبدئي وال ...
- إسلامان سياسيان, واحد إيراني والثاني عراقي
- أرى جيوبا أينعت
- الخليفة أبو بكر البغدادي القرشي .. البعد الرمزي للتسمية
- العدو الآيديولوجي والصديق المخابراتي
- مثلث برمودا الإسلامي.. القومي في مجابهة الديني
- الإسلام السياسي .. فصل الخطاب
- عني وعن أمريكا وعن سوق حمادة
- الحجاب والتحضر وقمع الغرائز والدولة (العليمانية)
- والسارق والسارقة
- سألتني
- الإسلام التركي والإيراني والعربي .. مقارنات سياسية
- هوامش على مشروع دولة كوردستان
- إشكالية الدين والدولة الوطنية .. في مصر أولا والعراق ثانيا ( ...
- قصف مطار الشعيرات .. ما أشبه الليلة الترامبية بالبارحة الكلن ...


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كيف ساهمت الأحزاب بتدمير الوعي السياسي العراقي قبل الإحتلال