أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض محمد سعيد - صباح يوم عراقي















المزيد.....

صباح يوم عراقي


رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)


الحوار المتمدن-العدد: 5568 - 2017 / 7 / 1 - 21:49
المحور: كتابات ساخرة
    


صباح يوم عراقي
نهض صباحا وهو غارق في سريره من العرق بسبب الحر الشديد وانقطاع التيار الكهربائي واصرار صاحب المولدة على عدم تشغيلها فترة انبلاج النهار الجديد الى حين الوصول الى ساعة الضحى .
نهض متثاقلا وجلس على حافة السرير وهو يبحث عن سباطه ليتجه الى الحمام عسى ان يكون الدش عاملا مخففا من هذا الاحساس المقرف بالعرق و الحر . وقف تحت الدش وما ان فتح الماء حتى ردت به الروح لثوان منتعشا مما ضن انه برودة الماء ، الا انه تفاجأ حين اخذ الماء ينهمر على جسده كالسياط من شدة الحرارة التي اكتسبها الماء في الخزان من حرار ة الجو ، ومع ذلك احتملها فالماء اكسير الحياة . مد يده ليأخذ الشامبو او الصابون وما ان امسك بقطعة الصابون حتى انقطع الماء من الدش ، نظر الى الاعلى وتأمل نفسه قليلا على امل ان يعود الماء ، لكن لا فائدة مرت لحظات حرجة يئس خلالها وترك الصابون واخذ المنشفة وخرج مسرعا مرتديا زيه البيتي (الدشداشة) ، لم يعد الى الغرفة بل هبط الى الطابق الاسفل وهو ينادي ابنه البكر حين وجده يهم بالخروج وبيده خزان (جليكان) البنزين
الاب : مالخبر احمد اراك خارجا مع الجلكان
احمد : نعم يا ابي لم احصل على البنزين امس وخزان السيارة فارغ ايضا سأحاول ان احصل على القليل من الشوارع الرئيسية .
خرج ابنه احمد وترك ابيه يحملق في الباب الذي توارى خلفه ابنه ، واستدار ليجد زوجته وهي تحمل كوب من الشاي لتقدمه له . اخذ كوب الشاي وجلس الى مائدة المطبخ وهو يتصبب عرقا من شدة الحر .
تمعن في المائدة التي كان عليها طبق من البيض المقلي وصحن من الجبن وعلبة مربى تحامل على نفسه ومد يده الى الخبز وهو يقول لا اله الا الله ، وتلمست يده الخبز الذي بدا رطبا ، حمله ونظر الى زوجته وهو يسألها:
الاب : ما هذا
الزوجة : لم يحضر احد منكم الخبز بالامس ولا اليوم صباحا فرششت خبز اول الامس بالماء ليلين وتستطيع تناوله .
اعاد الاب الخبز الى مكانه وهو يقول : استغفر الله العظيم .
نهض وهويحمل كوب الشاي متجها الى غرفته ليبدل ملابسه ويتوجه الى عمله وسط صمت الزوجه واندهاشها . ابدل ملابسه على عجل وهو يتنفس بلهثة وغضب وهبط مسرعا وبدون ان ينظر الى زوجته قال لها وهو متجها الى الخارج
الاب : انا خارج الى عملي .
نظر في الموبايل ليعرف الوقت ، كانت الساعة لم تصل الى الثامنة صباح بعد تهادى في سيره ليصل الى الشارع العام الرئيسي ليستقل احد الباصات . حاول ان يبحث عن ضل شجرة او جدار ليقف تحته ليتخلص من قساوة اشعة الشمس التي كانت كأنها تحاول التوغل داخل جمجته وكأنها تصر الى الوصول الى دماغه وقد ينصهر . الا ان الحظ حالفه اخيرا حين لاح احد باصات الاهالي متجها اليه فأخذ يؤشر له بهمة لكن السائق لم يقف ، وعاد الى الانتظار وحاول مرة ثانية وثالثة حتى توقف احد الباصات وكان فيه مقعد فارغ واحد من النوع المتحرك قرب الباب وغير ثابت ، جلس وقد احس انه يجب ان يستند الى الباب والا سيسقط من على ما يسمى كرسي ، تحامل على نفسه بعد ان دفع الاجرة متأملا ان يصل بسرعة ليتخلص من هذا الموقف الحرج وهذه الروائح التي تعطر بها الباص من اجساد الركاب المليئة بالعرق . في الطريق واجهته عدد من المصائب و الكوارث بسبب الحفر في الطريق وعدم تأني السائق حتى انه في احداها ارتطم رأسه بالسقف بشدة وامسك به متألما وسط ضحكات الحاضرين . وصل اخيرا وحمد ربه على السلامة ونزل من الباص وقد تلونت ملابسه من اثر ارتطام احذية الركاب و قذارة الباص ناهيك عن العرق الذي يتصبب منه الى ملابسه .
سارع بالسير محاولا الابتعاد بسرعة من هذا الجو الخانق . وصل الى دائرته وكان الشارع فارغا والباب الرئيس للبناء مغلقا . اقترب من الباب واخذ يصرخ على الحارس او اي كان ، اجابه الحارس بصوت اجش واضح انه مملوء بالطعام اثناء محاولته الاجابه على الصراخ بصراخ اقوى قائلا :
الحارس : نعم .. نعم .. من هناك
الاب : افتح يا اخي انا ابو احمد ، لماذا لم تفتح الى الان
الحارس : عمي ابو احمد الساعة الان الثامنة صباحا .
توقف في الكلام قليلا وهو يبتلع ما في فمه ويفتح قفل الباب ثم عاد للكلام وقال
الحارس مسترسلا : والموظفين لن يحضرو قبل ساعة من الان اما المدير العام فليس لنا علم إن كان سيحضر ام لا وإن حضر فبعد الضهر و ليس قبل ذلك .
هم ابو احمد بالدخول لكنه سمع شخصا يناديه ، التفت واذا به زميله وصديقه في العمل الذي وصل مبكرا ايضا .. وما ان وصل اليه حتى سأله .
الزميل : صباح الخير ابو احمد ما الموضوع اراك مبكرا هذ الصباح
الاب : اهلا اهلا بالزميل .. والله يا اخي انا هنا مجبرا ( واخذ يروي له ما حصل معه من الصباح الى لحظة وصوله الدائرة) .
الاب مسترسلا : وها انا ذا امامك منهار تمام وقد افقد صبري واكفر بهذ الوضع الذي نحن فيه .
الزميل ضاحكا : حالي من حالك يا ابو احمد .. لكن لا .. لا تكفر لأن الكفر سيعود عليك انت شخصيا وليس على المسببين المسؤلين عن ما نحن فيه من المعممين المحسوبين على الدين والسياسة واذا احببت ان تكفر فكل ما عليك ان تعلن اعتراضك وعدم رضاك عن المعممين السياسيين عندها ستجد نفسك قد كفروك ولعنوك وجعلوك مشروعا شعبيا للدفاع عن آل بيت رسول الله (ص) . وثارات الحسين (ع) .
سكت الاب و الزميل بعد ان انتبها الى ان الحارس يصغي لهما بنهم وانتباه شديد ، تحلو بالسكوت والصمت على هذا البلاء في ارض الخيرات وفضلو السكوت خوفا على عوائلهم وابناءهم و نسائهم ولقمة عيشهم . سكتو وصمتو ليس جبنا بل اسوة بعشرين مليون عراقي يبتلع ريقه وعرقه و المه و حزنه كل يوم ويكبت على كرامته وعزته التي ضاعت من اجل ان يسلم على عرضه و بيته ولقمة الخبز.
فكما كان العراقيين قبل 2003 مستائين من احوالهم الا انهم لم يفعلو شيء ليغيرو احوالهم بل انتظرو الاميركان والتحالف ليسقط النظام السابق الذي كان استبداديا في نظرهم الا ان العراقيين تكشف لهم لاحقا و بعد فوات الاوان انهم اصبحو تحت حكم اكثر استبدادا وان الحكام الجدد ليس لهم لا امانة و لا شرف و لا نزاهة بعد ان سرقو ثروات الوطن ، و فوق ذلك فقد الشعب وسائل العيش التي كانت متوفرة لهم وتعينهم على الصبر والعيش بكرامة وعز وسط هذه الاجواء الخانقة . ويبدو ان العراقيين تعودو ان ينتظرو ان تقوم فئة قليلة بأستقدام تحالف دولي جديد ينقذهم من الوضع الذي جلبوه على انفسهم؟.



#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)       Riyadh_M._S.#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين الواقع والمستقبل المجهول
- ثقافة الناخبين
- انعكاسات خطيرة
- هل فكرت يوما في ماذا لو
- الشماتة و التشفي
- في الأزمة العراقية
- كيف كنا .. وكيف اصبحنا
- توقيت زيارة الوزير الجبير
- تطورات قد تنقلب كوارث
- جل ما يفعلون ... يتسائلون
- ليلة الموت في بغداد
- ترامب .. والداخل الامريكي
- الانتظار .. الزمن الصعب
- شر البلية ما يضحك
- الاسلام السياسي
- ثلاث حبات ذرة
- رؤيا واقعية ... كين اوكييف
- من صنع الحضارة ؟
- بين القدوة و الانقياد
- توافق الأزمة


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض محمد سعيد - صباح يوم عراقي