أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - لماذا لا أزال أناركيا ؟















المزيد.....

لماذا لا أزال أناركيا ؟


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 23:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد أن الأناركية هي ابنة التمرد الإنساني , الجماعي و الفردي .. قد يصح أن الأناركية هي بشكل من الأشكال ابنة الثورات .. تشكل الثورات فرصة نادرة حقا لتجلي الأناركية و تجسدها في العقول و الأفعال , ليس فقط كتيار فكري سياسي من بين تيارات متنافسة , بل كتعبير عن توق البشر إلى الحرية و رغبتهم بأن يصبحوا سادة أنفسهم , أن يحطموا قيودهم و يعيشوا كبشر أحرار و متساوين .. يمكننا فهم ذلك إذا أدركنا الثورات كحراك شعبي عفوي عريض يهدف لتحطيم البنى القائمة و المهيمنة , كلحظات مؤقتة من التاريخ تمتلك فيها الجماهير قوة هائلة و حاسمة أحيانا .. لذلك فإن علاقة الأناركية المعاصرة وثيقة جدا بكومونة باريس و الموجة الثورية العالمية بين عامي 1917 - 1923 و الثورة الإسبانية 1936 و ثورات 1968 الخ .. على عكس القول بأنه لا ثورة دون ثوريين , الأصح أنه لا ثوريين دون ثورة .. هذا يصح أيضا على ثورات ما سمي بالربيع العربي : عفوية هذه الثورات و لا مركزيتها , و اعتمادها أساسا على الشباب غير المسيس بالمعنى التقليدي , و أشكال التنظيم الذاتي العفوي العابرة التي ظهرت مرارا في سياق هذه الثورات , عدا عن الدور الذي لعبته الأفكار و التكتيكات الأناركية مباشرة في هذه الثورات .. لم تتطابق انتفاضات الربيع العربي مع أي من التنظيرات السلطوية سواء من اليمين ( الإسلام السياسي ) أو اليسار التقليدي أو الليبرالي , لقد كانت في مجمل تفاصيلها نقيضا لتلك التنظيرات السلطوية .. لكن ليس هذا هو الأهم .. الأهم أنه مع هزيمة الثورات يستعيد السلطويون الجرأة على انتقاد مبادرات الجماهير العفوية لانتزاع مصيرهم بأيديهم و يعيدون الاعتبار لكل الأفكار و الممارسات السلطوية التي نقضتها الجماهير بنضالها الثوري : يعيدون اكتشاف أن الجماهير "عاجزة عن حكم نفسها و تسيير أمورها" دون قادة , دون سادة .. هذا يطرح سؤالا مهما : كيف يمكن لفكرة و ممارسة ثورية كالأناركية أن تستمر بعد هزيمة الثورات , و الأهم , كيف يمكن أن تساعد في مواجهة الردة الرجعية و الإعداد للهجوم الثوري القادم , ليس فقط على مستوى قمع الأنظمة الذي يزداد همجية مع كل لحظة , بل أيضا في نقد القوى "الثورية" التي تزداد سلطوية و ازدراءا للجماهير .. يملك الأناركيون رصيدا ثمينا في مواجهة الأنظمة القمعية و إن كان رصيدا حافلا بالهزائم و الآلام .. واجه الأناركيون الموجة القمعية الشرسة التي اجتاحت أوروبا بعد كومونة باريس بالديناميت و باستهداف كبار رموز القمع و دفع الكثير منهم ثمنا باهظا في هذه المواجهة قبل أن يغيروا تكتيكاتهم فيما بعد و يلعبوا دورا رئيسيا في تأسيس الحركة السينديكالية ( النقابية الثورية ) مع بداية القرن العشرين و التي لعبت دورا هاما في ثورات النصف الأول من ذلك القرن .. أعتقد أن مسالة التكتيكات التي يجب اتباعها اليوم تتعلق أساسا بالأهداف التي يريد الأناركيون تحقيقها .. أعتقد مثلا أن أحد أهم التحديات الماثلة أمامنا اليوم هي دمج الأفكار الأناركية بالطبقات الشعبية , ألا تبقى الأفكار الأناركية أسيرة الحلقات الشبابية ذات التعليم المتوسط أو العالي .. كان ماخنو و دوروتي و زاباتا و غيرهم عمالا أو فلاحين تمكنوا في لحظات النهوض الثوري من أن يلعبوا دورا استثنائيا في نضال الجماهير التحرري .. أعتقد أن تكتيكاتنا في مرحلة التراجع الثوري الراهنة يجب أن تخدم هذا الهدف .. على الصعيد الشخصي جعلتني الثورة أكثر إيمانا بالأناركية , أكثر من أي وقت مضى .. أذكى المثقفين و أشرس المعارضين يتحول بلمسة سحرية من عصا سلطة أو قوة سلطوية ما إما إلى ديكتاتور لا يتورع عن ارتكاب أشنع الجرائم أو إلى خادم ذليل ينضح عبودية و مازوخية أمام كرسي السلطة .. لا يوجد إنسان يستطيع أن يقول الحقيقة , مهما بلغت من وضوح , إذا تعلق الأمر بالقوة السلطوية التي يتبعها أو يبررها أو يتملقها .. لا تلمس السلطة شيئا إلا و تحوله إلى تفاهة , غباء , هراء , و الأخطر : إلى جنون سلطوي منفلت لا يؤمن إلا بالسجون .. بمجرد أن تصبح اية فكرة إيديولوجيا سائدة , تبريرا لسلطة ما , حتى تتحول إلى عقيدة جامدة غير قادرة على تعديل نفسها أو "التطور" و قبول الآخر و محاورته أو قبول أدنى نقد أو أتفه محاولة للتفكير الحر أو المستقل .. هذا كله أثبت لي صحة الأناركية كبحث دؤوب لا يتوقف عن حرية الجسد و الفكر , كنفي لكل سلطة مصطنعة فوق البشر إلا سلطتهم هم على أنفسهم .. لقد جعلتني الثورة أكثر "شجاعة" , تحت قنابل الأسد في تلبيسة و الرستن و ادلب و الغوطة و أمام عربات الأمن المركزي في شوارع القاهرة , لكني أعترف أن ذلك كان لأننا اعتقدنا أننا على وشك تغيير العالم و التاريخ , مرة واحدة و إلى الأبد .. لكني أعتبر نفسي محظوظا أني على قيد الحياة اليوم , ليس فقط لأرى هزيمة أحلامنا , بل لأحاول أن أفهم بشكل موضوعي أكثر حقيقة ما حدث , ليس فقط منذ 2010 بل منذ تمرد أول عبد في التاريخ على سيده و على قدره .. أعترف أني اليوم أقل دوغمائية في فهم الأناركية و أكثر إيمانا بنسبية الحقيقة , أقل إيمانا "بالإنسان" و بفكرة التطور و أقرب للإيمان بعشوائية هذا العالم و عبثيته , أبعد عن الوصفات الأخلاقية الشائعة , عن الحتميات الكبرى و عن محاولة اختزال العالم في قوانين أو وصفات أو أفكار نهائية منجزة الخ .. إن هزيمة الثورات هي بالفعل هزيمة للحلم , هزيمة للجماهير , لكل ما هو تحرري , و انتصار للسلطوية بكل أشكالها و فاتحة لتغول جديد ضد الناس العاديين , لاستبدادات قديمة و جديدة .. لكن خلافا لكل الهراء عن الحتميات الكبرى , تبقى الثورة و التمرد الحتمية الأكيدة و الثابت الدائم في عالمنا حتى اليوم .. أن أحدا لن يستطيع أن يقضي نهائيا على التمرد و الثورة , أن يدجن البشر و يحولهم إلى روبوتات أو ببغاوات غبية .. لكن هذا أحد جانبي الحقيقة فقط : الجانب الآخر هو أن الثورات , و الناس العاديين , ما تزال تبحث , حتى الآن , عن نهاية لكل اضطهاد و قمع على هذه الأرض .. على الصعيد الشخصي أيضا وضعت الثورة أمامي تحديات جدية : إذا كانت الثورة تعني أن يتغير الناس العاديون , أن يتحولوا من عبيد إلى أحرار في كل شيء , فلا بد أن أكون أنا أيضا قادر على التغير , على ممارسة التمرد في كل شيء , أن أصبح أنا أيضا جديرا بأن أكون إنسانا حر ....



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يوجد حل قومي للمسألة الكردية
- عشيقة لينين - الثورة قبل الحب : إينيسا أرماند
- الثورة الروسية المضادة - غريغوري بيتروفيتش ماكسيموف
- ملاحظات على ملاحظات ياسين الحاج صالح إلى إسلاميين حسني النية
- حدث ذات يوم
- ترامب و الإسلاميون و أطياف الثورة السورية
- القيامة الآن , أو نهاية العالم
- نصوص سوريالية
- الشهيدان
- السعيد
- المرأة العربية : جسد مهدد , إنسان مسجون – ماجدة سلمان
- اعتقال هيربيرتو باديلا و بلقيس كوزا مالي
- كان سان : الثورة البروليتارية الثقافية العظمى
- مسألة التكتيكات – إيريكو مالاتيستا
- الماركيز دي ساد و التنوير
- حفيد غيفارا الأناركي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ...
- التوليتارية و الأدب – جورج أورويل
- هل يمكننا تغيير العالم من دون الاستيلاء على السلطة ؟ جون هول ...
- 1نيتشه و الأناركية – شاهين


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - لماذا لا أزال أناركيا ؟