أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي















المزيد.....

الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 04:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي


من المغيبات الكبرى بالفكر الإسلامي أن من ينادون اليوم بالتوافق بين الفكر السياسي الإسلامي ومبدأ الديمقراطية على أنها صور من صور قاعدة وأمرهم شورى بينهم، يخادعون أنفسهم سواء أكانوا من ما يسمى بالتيار الإسلامي السياسي أو المنظرون له، فتجريد الإسلام من روحية النص الذي وضع قاعدة الشورى لمصلحة فكرة (ومن يأت بغير الإسلام دينا)، إنما يمارون في المفاهيم ويتلاعبون بالمصطلحات لأغراض سياسية، قلنا في مباحث سابقة أن مبدأ أو قاعدة (من يأت بغير الإسلام دينا) هذه القاعدة حسابية لمصلحة الله وأختصاصه، ولا علاقة لها بالواقع، فالإنسان ليس هو من يقبل من الإنسان دينه ويقدر أن هذا إسلام بالمعنى الشمولي أم غيره، وبالتالي هناك قضايا مخصوصة بحالتها لا دخل لقرار الإنسان فيها ولا بنتائجها.
بناء على ذلك فالتضاد المزعوم بين الفكرتين هو شبه بنيت على تناسب غير واقعي ولا موجود حقيقة، وكل الذي جرى في الأمر هو خلط بين ما هو عام بعموميته، وبين ما هو عام بخصوصيته، الدولة أو المجتمع الذي يتدين بدين الإسلام لا يعني أبدا أن كل أقراده مسلمون حقيقيون سيتقبل الله إسلامهم لمجرد أنهم أنتموا للدين، وهذا الأمر لا يرتب مصلحة أو ميزة لهم على غيرهم طالما أننا محكمون بأن الله هو خالق من جهة للإنسان ومالك للأرض بمعنى الأوطان وأن الجميع لهم الحق في العيش أولا كبشر متساوون في الحقوق والواجبات، وبين أن تكاليف الله لا تعني تجريد من لا يؤمن بها أو الساقطة عنه التكاليف لا يحق له أن يكون فرد متساو مع الأخر.
الديمقراطية في أبسط مفاهيمها أنها ليست بديلا عن الدين بقدر ما هي منح الأفراد البشريين حق الإيمان الحر بما يريد كونه عضو أجتماعي، ومن هذه الخيارات التي توفرها الديمقراطية أنها تعطي لكل ذي حق حقه الطبيعي سواء يالمشاركة في العمل السياسي أو أعتناق ما يراه عقليا مطابقا لقواعد اليقين لديه، ولا يحق لأحد أن يفرض ما هو خارج الخيار الطبيعي له، فالديمقراطية لا تلزم أحد بالإيمان ولا تمنع أحد عنه، وهي بذلك تتطابق مع المفهوم الإسلامي الذي ذكرناه في معنى الحرية.
لو نجح المسلمون من خلال تجبرتهم التأريخية أن يجسدوا معنى الحرية كما يفهمها النص ويريدها كمحمول فكري أن تكون قاعدة العلاقات بين الإنسان والأخر دون أن يكون لمبدأ أن المسلمون في درجة أعلى من غيرهم في المجتمع الإسلامي، لنجحوا باكرة في تجسيد معنى الديمقراطية وتحقيق وحدة المجتمع المتساو بالحقوق والواجبات، ولو دققنا في كل ثنايا هذا الفكر لم نجد مثلا ثنائية (المجتمع _السلطة) بل نجد ثنائية السلطان والقوة تتجسد في فرضها لموضوع المشروعية الدستورية.
حتى في المفاهيم التي تتكلم عن دور الأمة وواجباتها الأساسية لم نلحظ تطبيقا عمليا لهذا الدور برغم أن مفهوم الأمة يعني سلطة المجتمع في أتخاذ ما ينسابها كطريق لبناء وتكوين السلطة وشكلها، لقد نجح فقهاء السلطان وزبانيته في تحييد المعنى وترميز السلطة وشخصنتها بالسلطان لتحل بديلا عن كل المفاهيم السياسية التي تعارفت عليها الشعوب ولو خارج المحمول الأخلاقي والشرعي للنص الديني ، وبذلك نجحت عبر تحالفها الغير مقدس من فرض الديكتاتورية الأستبدادية بزعم شرعي وضرب مصالح المجتمع لصالح الفئة الحاكمة.
هذه الثقافة التي رسخها دعاة مدرسة المحافظة وألزم بموجبها الأمة على الرضوخ لأرادة الديكتاتورية الأستبداية في مصادر قرار المجتمع في تبني خيارات العدل والإحسان وتمثيل نفسه فيما يخص القواعد الأساسية التي يجب أن تسود المجتمع المنظم والحضاري أيضا تتلخص في دعوى خفية يطلقها البعض من باب الضرورة وملخصا(ستون عاما تحت ظلم حاكم جائر خير عند الله من ليلة واحدة بلا سلطان)، إذا الفكرة الضرورية عندهم ليس العمل من أجل مصلحة المجتمع من خلال آليات المقول والموافق لمحملات ومقاصد الحكم الشرعي، بل تبرير ظلم الحاكم وإحلال موضوع الضرورة بدل موضوع الأكثر ضرورية له.
إذن في ظل هكذا أفكار لا يمكن للديمقراطية أن تنجح في بناء مجتمع قواعده الأسية فكريا وعمليا تتناهى لمصلحة السلطة أولا كيف كان شكلها أو موردها التشريعي، لذا فبغير رفض هذه الفلسفة الطاغوتية لا يمكننا ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين أن نبشر بولادة فكر ديمقراطي حقيقي يقود الإنسان ليمارس دوره الطبيعي، ولا يمكن لهكذا ثقافة أن تتحرر من لذة الأستعباد السلطوي وتجازف في بناء منظومتها الفكرية خارج سلطة الكهنوت ووعاظ السلاطين.
الديمقراطية ليست فلسفة حكم ولا دين يمكن أن نقاربه مع فكر ظلامي لا يؤمن إلا بمرجعية ثنائية السلطان والواعظ، الديمقراطي أسلوب للتداول في موضوع الإدارة البينية للمجتمع، وواحدة من أنجح التجارب البشرية التي بلغها العقل في تجسيد إرادة الإنسان في أن يكون حرا، فمن يؤمن بأن مرجعيته الفكرية والعقائدية تتلخص في تنفيذ رغبة السلطان المسنود بإرث فكري متواصل من تنظيرات وومنظومات وضعية ألبسها الكهنوت ثوب الشرعية، لا يمكن أن يؤمن بالإدارة المنتخبة بحرية علىأساس أن الأمة هي صاحبة المصلحة وهي من تمنح المشروعية الضرورية بالتشاور، ويفصل بينها وبين دائرة التشريع والحكم التنفيذي والفصل في المنازعات حسب قواعد النص المقدس.
الإشكال الأساسي في قاعدة الفكر الإسلامي أذن يتمثل في مفهوم الولاية الجزئية والتي تعني عند الكثير من منظريها (الطاعة والخضوع التام)، وبالتالي فمن يريد أن يفكك هذا الفهم عليه أن ينتبه لنقطتين:
• إذا كان الأعتقاد بالولاية لأولي الأمر مع تحفظنا التام على أصل المفهوم فلا نجد تقاطع بين هذه الولاية المزعومة وبين الممثل الشرعي للأمة والذي يأت من خلال الأختيار الحر ديمقراطيا، بل الأولى التشديد على أمر ولاية الأخير لأنها معقودة بعهد وتمثيل حقيقي { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}الإسراء34.
فمن يأت بطريق واضح وحر ودستوري وبشكل جامع وتداولي هو الأقرب للطبيعة البشرية، وهو الأقرب للمنطق العقلي الذي يرى أن صلاح الأمة بإصلاح إرادتها وحقها في التعبير عن نفسها دون إكراه ولا ألجاء المضطر.
• من شروط القاعدة الدينية هي الأمر بالمشاورة أي أن يكون القرار الملزم للأغلبية مع أحترام حق الإنسان في الأختلاف تطبيقا لقاعدة الـــ (لـو) التي تعني القدرة مع الأمتناع عنها، فالله لو أراد أن يكون الناس لون واحد وعلى مبدأ واحد لفعل ذلك وأبطل التكليف، فما هو ممتنع بأصله لا يمكن بسطه بالقوة والفرض {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}المائدة48.
فالولاية الجزئية التبعية تتحقق بأفضل صورها وأرشدها طريقا ومنهجا تتفرع وتنتج من مبدأ سيادة الأمة على قرارها وليس من خلال التسلط والغلبة التي تنادي بها مدرسة الفقهاء السلطويين الذين أغرقوا العقلم المسلم بترهاتهم وأفكارهم المأجورة، يقول الكاتب مجدي عز الدين حسن موضحا حقيقة هذا الفكر الضلالي في جزئية الديمقراطية وحرية الأمة في بناء منظومتها السياسية (في ظل ما سبق، لم يكن لأي نسق فقهي أن يسود سوى ما يحض على طاعة الحكام والخضوع لهم، ولذلك كانت السمة الغالبة للفقه السياسي الإسلامي هي أنه فقه (طاعة وخضوع). و" أصبحت الدكتاتورية متغلغلةً في كل شئون الحياة، في الأمزجة والعادات والتقاليد وفي جميع نظم المجتمع، ولم يعد المجتمع الإسلامي مؤهلاً للديمقراطية على الإطلاق" وهو الشيء الذي يجعلنا نقول بأنه لم يكن لنقد الاستبداد السياسي تاريخاً في الثقافة السياسية الإسلامية، فقد غلب على هذه الثقافة التشريع للدولة السلطانية والملك القهري حتى عُدّ الخروج على السلطان والتمرد عليه رديفاً للمروق عن الدين وتهديد وحدة الجماعة وبيضة الجماعة لدى المسلمين في سائر أعصر الاستبدا) .
إشكالية الديمقراطية في المجتمع الإسلامي بخلاصتها ليس عدم توافق هذه الممارسة مع الدين وتعارضها مع النص الإرشادي والحكم الثابت، بل مع فكر جوقة السلطان ومنظري الأستعباد من فقهاء الرواية والحوادث المفتعلة، الديمقراطية في جوهرها وبعيدا عن التطبيقات المشوهة هو أفراز حقيقي لخيار الحرية في الإسلام أن لا تستعبد ولا تستغل باسم الدين والضرورات المصلحية الأنية والفردية، الديمقراطية الحقيقية هي وجه حسن لفكرة الإسلام الأولى عن حق الإنسان في توفير حقه وممارسة هذا الحق عبر آليات الخير وبسط العدل بمفهوم جامع كلي وواحد، وليس بمنح من لا يستحق هذا الحق وتبريرة بأستمطاء النصوص وتحريفها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة الديمقراطية وتحديات أحترام حقوق الإنسان في رؤية أستشرا ...
- المرأة ودورها في المجتمع ح2
- المرأة ودورها في المجتمع ح1
- إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي
- التنمية الأقتصادية ودور المال وراس المال في بناء القاعدة الم ...
- المال ورأس المال في الفكر الديني
- الخيارات الصعبة في قرارات التغيير
- العولمة ما لها وما عليها
- أحلام تمتنع عن الطيران
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح2
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح1
- رواية أفتراضية من عالم ممكن الحدوث
- العودة إلى دراسة ظاهرة الألحاد وقضية تحرير العقل
- حين يكون الفقد فوزا ونحن الخاسرون
- ظاهرة الإلحاد ومشكلة تحرير العقل
- دروس في تدبر القرآن الكريم لا تأويلا ولا تفسيرا 6
- خطاب إلى دجلة .... الخير
- دروس في تدبر القرآن الكريم لا تأويلا ولا تفسيرا 5
- نشيد الوجود وأغنية الطريق
- دروس في تدبير القرآن لا تأويلا ولا تفسيرا 4


المزيد.....




- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي