أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين سميسم - السيد كمال الحيدري بين الربوبية واللاأدرية















المزيد.....

السيد كمال الحيدري بين الربوبية واللاأدرية


حسين سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 04:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السيد كمال الحيدري بين الربوبية واللاادرية
بسبب فشل الحل السياسي الديني لمشاكل المنطقة ، ازدهرت الطروحات المخالفة للتدين السياسي ، ونمت المعارضة لنتائج تربع الدين السياسي على عرش السلطة ، وتفشت حالة غير مسبوقة توسعت في نقد الحالة الدينية ، ووضع اغلب من لاحظوا حالات الفشل المتكررة الدين في موضع التساؤل وادخلوه في مختبر العقل لتحليله وتفكيكه الى عناصره الاولى لغرض فهمه واعادة تركيبه بعد عزل حالات الفساد والقتل والظلم .وقد حفزتهم - على هذا العمل - التجربة السياسية والعملية البائسة لرجال الدين والسياسيين المحسوبين عليهم بعد ان مست التجربة السياسية اديم الواقع ، وظهر جليا عدم تناسبها مع العصر الحالي ، فقد كانت حلولها نابعة من ظرف لم يعد موجود ، وصهرت حرارة الواقع القشرة المقدسة فذابت وكشفت عن حقيقة الوجه الاخر الذي تقادم عليه الدهر فشاخ ولم ينفع العطار ما افسد الدهر .
ان من يتابع النت والمنشورات الجديدة من الكتب والمقالات يلاحظ اختراق النقد للحالة السياسية للمتدينين ونفاذه الى نقد الدين نفسه وتغلغله فيما بعد الى نقد النصوص الدينية ، ويعود السبب - حسب رأي بعض العلماء - الى شيوع المصالح السياسية الانية عند المتدينين ، والركض وراء المال والمكاسب الدنيوية ، وتغليب ذلك على المقاصد العامة للدين وعلى الخلق الانساني الحميد . ولولا ذلك ما كان احد ليجرؤ على نقد الدين او ان يخوض في مقدساته .
ولو قارنا فترة ظهور ما سمي بالصحوة الاسلامية وصعود ممثلي الدين السياسي للسلطة منذ الثورة الايرانية عام 1979 مع الفترة التي سبقتها لوجدنا ان الثقافة الداعية الى نقد المقدس قد تصاعدت بشكل كبير ، وكأن المقدس كان محتميا بجدران المساجد ، وما ان خرج منها الى حقل السياسة حتى فقد مكانه المحترم وفقد قدسيته وتبجيله . لقد انشق دين العامة ( دين العجائز ، دين الخيرين ) عن دين السياسيين ، وظل العامة يبحثون عن دين شريف روحي وقدسي يختلف عن دين السياسيين الذين اباحوا الدين وحولوه الى سلعة يتاجرون بها ، ونشروا ثقافة الحيل الدينية التي تحولت الى كتب مؤلفة ، ونشروا نسخة من الدين التجاري السطحي الذي يبدل العبادات بالمال ، ويستطيع ان يحول اية معصية محرمة شرعا الى جائزة يثاب عليها ، ونشروا تسعيرة جديدة للعبادات والشعائر ( 400 الف دينار عراقي او ما يعادلها عن صلاة سنة هجرية كاملة ، 140 الف دينار عراقي عن صوم شهر رمضان ، 2 مليون دينار عن حج بالنيابة ) واباحوا سرقة المال (المجهول المالك )كمال الحكومة - شرط تخميسه - ، واساؤا استخدام المتعه ، وحللوا الربا بعد التصدق بنصفه .... الخ .
واصبح في النهاية دين السياسيين اكبر خطر على الدين نفسه ، وتصاعدت اصوات هنا وهناك تداعت الى تخليص الدين من السياسيين .
لقد سقطت حماية وحماس الناس للدين مع صعود الاحزاب الدينية للسلطة ، وفقدت الاحزاب الدينية ذلك الاحترام المكنون في ضمير المجتمع . فهم لم يبرروه ولم تظهر عليهم سيماء الاخلاق ولا العدالة الاجتماعية التي كانوا ينادون بها ، واكتفوا بعلامات السجود التي تزين جباههم ولمعان المحابس على اناملهم وطقطقات المسابح والكلمات المبهمة التي تتحرك بها شفاههم واحضروا عدة الدين كلها ونثروها امام الناس وكان الغائب الاوحد في هذا الحضور هو الله نفسه . لقد تنبه بعض من رجال الدين لهذه الحالة وحاولوا تبرئة الدين عمايحدث باسمه ، لكن النكران اللفظي لم ينفعهم ، وكان عليهم تبرير مالديهم من ثقافة دينية ومقارنته مع ما يحدث لغرض الابتعاد ما امكن عن اوزار الحركات الدينية المتطرفة ، والظهور بمظهر الوسطية البعيدة عما يرتكب فيها من ذنوب باسم الدين ،لكن المشكلة عادت اليهم لان مالدى الحركات المتطرفة هو مثل مالديهم . فلم يكفر الازهر ولا المرجعيات الدينية المعروفة حركات التطرف والارهاب وعلى رأس تلك الحركات داعش والنصرة والقاعدة ، وذلك لان عدة الدين الحالية ينقصها دور العقل ولا تعطيهم هذه الصلاحية ، فكيف يكفرون من نطق بالشهادتين وصلى وصام واعطى الزكاة !!!.؟.
لقد اعتبر البعض بأن التطرف معصية يمكن الحكم عليها بنفس الاحكام الخاصة بفروع الدين ، وقد تنتهي المعصية بالتوبة ( والله يتوب على من تاب) ، كما ان الايمان بالله وبرسوله لاتضر معهما معصية !!! ، وستوضع الدماء المراقة والقتل - الفائق لكل التصورات - في خانة المعصية التي ليست لها عقوبة دنيوية فتؤجل عقوبتها الى يوم القيامة ، وقد يأتيك من يقول بأنهم طلبوا الحق فأخطأوه . والمشكلة ان الفقه لم يحدد عقوبة دنيوية للقاتل الذي طلب حقا فأخطأه . او قد يدخل ذلك في القتل غير المتعمد فيعاقب القاتل باطعام ستين مسكين وعتق رقبة وصوم شهرين متتاليين ، ومن لا يمتلك تلك تسقط عنه .
لقد واجهت السيد كمال الحيدري هذه المقدمة ، وفكر في هذه الحقائق ، وحاول على قدر طاقته ، وعلى القدر المتيقن من الحرية المسموحة له في قلب مدينة قم ان يناقش خلفية الفكر الذي ادى الى تلك النتائج .، فناقش في بحوث مطولة علم الحديت ففصله واوغل فيه ، واوضح حجم الاسرائيليات ، وحجم الاحاديث الموضوعة ، واخرجه في النهاية تماما من الحجية ، وعرض كتب المخالفين وقرأ منها في بحث الخارج وبجرأة غير مسبوقة حيث حول كتاب ( من اسلام القران الى اسلام الحديث ) لجورج طرابيشي الى دروس دينية بعد ان قلب التسمية من اسلام الحديث الى اسلام القران . كما بحث بشكل معمق موضوعة الامامة عند الشيعة وبعد ان عرض كل الاقوال عنها توصل الى ان استمرارها لا ينعقد الا من خلال الفهم العرفاني لان ضعف الروايات لا يبرر استمرارها . فقد اعلن بعد دراسة دقيقة لكل الروايات استحالة رؤية الامام الغائب في غيبته لكبرى وفي الصغرى ايضا ، كما ان احاديث وروايات ولادة الامام المهدي لا يدلان على وجوده ( من مجموع 40 رواية لا توجد الا رواية واحدة صحيحة ) واعلن في النهاية التوقف عن بحث هذه الموضوعة او بالاحرى التوقف عن اعلان نتائج البحث ، فهو لايستطيع الاستمرار ببحث مسألة الامامة في فضاء مفتوح .
اما في حواره مع الملحدين فقد تجاوز حدود المطروح المتعارف عليه في الحوزات الشيعية . فقد ناقش اراء المتدينين واللاادريين والربوبيين والملحدين اعتمادا على اشهر مصادرهم . واتبع المنهج الفلسفي على الاعم ، لانه ليس مختصا بالعلوم الطبيعية ولا بالانثربولوجيا ، فقد ناقش ما قالوه هم عن انفسهم اي انه لم يضف شيئا علميا جديدا ، ولم يفندهم بنظرية علمية جديدة ، بل ناقش كليات مسألة التطور وقارنها مع الفهم الديني العام ، وانحاز بشكل لالبس فيه الى قضية التطور باعتبارها حقيقة وليست فرضية ، اما حيثيات تطور اي فرع من فروع علم تطور الانواع فان العلم لم يتوقف عن التعديل وافتراض الجديد ، وبذلك فان الحفريات تضيف الى نظرية التطور براهينا جديدة تضعف من مساحة الافتراض وتقوي الحقائق وتزيد من مساحتها .
ان من الاهمية بمكان ان يطرح احد الفقهاء الكبار -في اقدم حوزة علمية شيعية - كتاب اصل الانواع لداروين ويناقشه ، ويقارنه مع الموروث الروائي والتفسيري للقرآن الكريم ، ثم ينحاز الى نظرية التطور العامة وسيقف بالتالي ضد قصة الخلق المذكورة بالتوراة والانجيل والقران ، ويتوصل الى ان قصة خلق ادم وحواء هي ليست قصة حقيقية ولم تحدث مطلقا ، وبذلك فان قصص القران هي امثلة ضربت لتعليم الناس الحكمة بطريق سهلة وارشادهم لما فيه الخير ، وليس لتلك القصص من وجود موضوعي ولا تاريخي . لقد اطلعت على الردود التي ناقشت محاضرات السيد كمال الحيدري المنشورة بالنت ، فلم اجد عند من نظر اليها من منظار النقد اي مقصد من مقاصد السيد ، فمنهم من قارن بين نظرته الالحادية ومنطوق السيد فوجد فرقا لم ينكره السيد فهو ليس ملحدا ، ومنهم من قارن بين موروثه التفسيري والروائي وقال بان السيد قد حاد عن الطريق المتعارف عليه في فهم النصوص ، وقد اقره السيد ايضا على ذلك فهو قد نقد الموروث الروائي ولم يجعله حجة لا على نفسه ولا على الاكتشافات العلمية ، وانحاز الى مبدأ اللادرية والربوبية لكنه لم يجاهر بإنتمائه اليهم ، لكن سير محاضراته تجعلك تفهم انحيازه الى تلك المبادئ في نقاشة لقضية التطور .
لقد وضع السيد في متناول يده الجديد من الكتب والبحوث وعرضها على الجمهور ونصحهم بقراءتها للاطلاع على اراء الاخرين ، فعرض كتب المدرسة المغربية والتونسية وما صدر عن رابطة العقلانيين العرب ومنظمة مؤمنون بلا حدود ، واراء التنويريين كمحمد اركون وهاشم صالح وعلي المبروك ونصر حامد ابو زيد ، وقد عرض تلك الكتب وقرأ منها لاول مرة في اجواء الحوزة العلمية في قم ، فكسر اسوارها وحلق في سماء البحوث الجديدة معلنا بان كتب الفقه والفلسفة القديمة لم تعد كافية للاجابة عن مشاكل الحداثة المطروحة ، فتكونت عنده - خلال هذه العملية - مجموعة من المفاهيم والافكار الجديدة دحضت المفاهيم التي ثبتها الفقه التقليدي خلال مئات السنين ( انظر رأيه عن مركزية القران ، مدار الحديث ، علم الرجال ، نظرية الامامة ، الغيبة ، الفقه الاصغر والفقه الاكبر ، الفقه الجديد ، الاجتهاد باصول الدين وفروعه ، الخمس ، قصص القرآن .... الخ ) ودافع عن ارائه الجديدة في عملية لم تحدث في تاريخ الحوزة العلمية ، وظل الاخرون فاغري الافواه عاجزين عن الرد .
كما جلب الى دروس بحث الخارج البحوث المتفردة التي انتجتها مدرسة ايران الحديثة ، وهي مدرسة ينظر اليها شزرا من قبل الحوزة التقليدية هناك ، ولم تدخل في برامج بحوث الخارج ، فاستعان بالبحوث الجديدة عن احاديث موسوعة البحار ( مشرعة بحار الانوار لآصف محسني) ، واحاديث الكافي ( صحيح الكافي لمحمد باقر البهبودي ) ، ومجلة الاجتهاد الجديد التي يشرف عليها حيدر حب الله ، اضافة الى رواد هذه المدرسة كشبستري وسروش ومحسن كديفر .
ان البعض ينظر الى عدم كفاية بحوث السيد كمال الحيدري في امكانية الغاء نسخة التدين الحالي ، ويحمل هذا الرأي بعض الصحة بسبب الارث الثقيل والطويل لهذه النسخة التي تتفاعل مع اجواء الامية والسطحية والجهل العام ، وتساندها المعارضة الشديدة من اصحاب التدين السياسي ممن توفرت لديهم اموال طائلة . ان بحوث السيد لو اضفنا اليها الموقف الايجابي للسيد السيستاني من الدولة المدنية يمكن ان تكون نقلة نوعية في الفكر الديني ، وعلى المنتقدين الا يبخسوا الرجل ريادته ، ومن الانصاف النظر الى نتاجاته الفكرية بعين العدل ، وتقييمها بعد وضع العامل التاريخي والجغرافي بنظر الاعتبار .



#حسين_سميسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصدام السلفي الاخواني قضية قطر
- فيلم مولانا والصمت المطبق
- أهداف ومستقبل البنوك الاسلامية
- آلية عمل البنوك الاسلامية
- بنوك الاخوان
- البنك اللاربوي في الاسلام
- مبررات الانتقال من الحرام الى الحلال
- الربا بين الحرمة والاباحة
- مشكلة الربا
- ملكة هولندا الجديدة
- النسئ
- الأشهر الحرم
- مشكلة التقويم الهجري
- القران الكريم دراسة تاريخية حديثة
- دين السلطة
- دين العنف
- تضخم الدين
- دين الرحمة
- تنقيط القرآن تنزيل أم اجتهاد
- فضائيات الفقراء


المزيد.....




- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين سميسم - السيد كمال الحيدري بين الربوبية واللاأدرية