أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - التهجير .. سطوة السلاح وبلطجية الهيمنة














المزيد.....

التهجير .. سطوة السلاح وبلطجية الهيمنة


اسماعيل جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5565 - 2017 / 6 / 28 - 19:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من خلال دراسة مراحل التهجير التاريخي لم نجد تهجيراً ذاتياً إلا ما ندر ، أغلبه كان ومازال تهجيراً قسرياً وقاسيا ، له وقعٌ مؤلمٌ على الإنسانية خاصةً شعوب الشرق الأوسط ومنها العراق بالذات الذي تعرض لموجات نزوح جماعي حتى سُميَّ التهجير طارداً للحضارات وليس مؤسساً لها ويسمى أحياناً بمقبرة الحضارات كما يصفها بعض الكتاب .
التهجير على أنواع عدة : منها عقائدياً ودينياً وعرقياً ومذهبياً ينتج من خلاله أجيالا وسلالات تؤمن بإقصاء الآخر وعدم العيش معه ويؤدي أيضا الى رسوخ العداوة والبغضاء وضياع حق المواطنة في الدولة المدنية الحديثة ، كل ما يجري من تهجير ونزوح خلفه ساسة وأحزاب وقيادات سياسية وفق مخططات ممنهجة .

الأوانُ لم يحن ، بعدَ وجيزةِ زمنٍ تبدأ المعركة ، الحقيقة بدأت منذُ إعلان بداية الانسلاخ عن الأم ، التشرذم ومراحل التهجير تتم على نار هادئة من كلا الجانبين " الكوردي والعربي الشيعي " ، الإنسان أو المواطن أول من يقع عليه الحيف وساسة التهجير تمترسوا خلف مشاريع الانسلاخ ، لو تتم عمليات التهجير يرضىً لو كان اختياٍراً كان أفضل ولكن هذه اللغة لا يدركها ذوي الشأن ، الإنسان سيترك خلفه تأريخه لمئات السنين وسيترك كل ما جمعه أجداده وآبائه بلمحة بصر ، الأرض ومصاهروه من قوميات وعرقيات أخرى وستباع الممتلكات من قبل الدلالين ومكاتب بيع وشراء العقارات ، فعلوها منذ 1948 في موجات التهجير القسري الذي رافقه العنف ولا من فتوى دينية تحرم تهجير أبناء الوطن ،احد اليهود اسقطوا عن عائلته وأبناءه الجنسية العراقية جاءت له زوجته قائلة لماذا أنت باقٍ ماذا بقي لنا في العراق؟ رد قائلاً " انا تاريخي 2500 سنة وتريدني بخمسة دقائق اترك أو أنسى هذا التاريخ ؟"
وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي هَجَّرَ البعثيون الصداميون " الكورد الفَيّلية " بدعوى إنهم " من التبعية الإيرانية " ونقلوهم في سيارات مكشوفة " لوريات " نساءً وأطفالا بعدما فصلوا الرجال والأبناء البالغين عن أهليهم ووضعوهم في سجون ومجمعات ومخيمات ، وهذه النساء والأطفال سفروهم عبر المنافذ الحدودية في ليل حالك واضطهاد وتعسفٍ بين العراق وإيران في شتاء قارص بعض المرضى والكبار قد ماتوا من شدة موجات الصقيع ، نظام يدعي بالمدافع عن العراقيين وهذه العبارات اثبت كذبها ، تحمَّل " الكورد الفيلية " أقسى عذابات التهجير ألقسري ، ذات يوم كنتُ أسيرا في إيران في معسكر " أراك " طريق القدس السابع رقم 971 في العام 1986تعرضت الى مرض استعصى معالجته في أقفاص الأسر ، نقلوني إلى مستشفى " ولي العصر " في مدينة أراك ، وأنا بانتظار التحليلات والأشعة ، كانت سيدة يبدو عليها التعب والإرهاق وبجانبها ابنتيها الصغيرتين ،بدأت بسؤالها " يمه أنت أسير ؟" اجبتها نعم ، من أي محافظة ؟ من بغداد ، رأيت عينيها ينهمر منهما دموع الألم بغزارة ، كانت نظارتاها كما نطلق عليها " جعب استكان " قالت ، حسبتك من البصرة ، لي زوجي وخمسة أبناء لا اعرف شيئا عن مصيرهم ، شاركتها الألم بالرغم من معاناتي وما إنا فيه ، هذه واحدة من مأساة التهجير ألصدامي ، في إيران شُكل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، لواءً من المهجرين والمهاجرين ويُعد تنظيماً عسكريا اسموه فيلق بدر برعاية السيد محمد باقر الحكيم وبعد حين انضم اليه الأسرى التوابون وقاموا بمحاربة الجيش العراقي ، بعد سقوط الدكتاتور 2003 عاد الفيلق الى العراق بكامل عدده وأسلحته ودخلوا العراق وهذا يعني إنهم رجعوا كقوة متمرسة مدربة تدريباً عسكرياً اتخذت من سامراء قاعدة لها ومن ديالى ومن المناطق الأخرى مقرات لهم ، استرجعت عقاراتهم وعُوض بعضها بأموال وأرجعت إليهم ولأبنائهم الذين ولدوا وتربوا في إيران الجنسية العراقية حتى تكيّفوا مع المجتمع العراقي ولكن بقيت ثقافتهم ثقافة إيرانية وانتماءهم بأنتمائين ، إما الآن فيما إذا هُجروا إلى كردستان أكيد البعض سيرجع إلى إيران أو إلى أي دولة او يعيشون مع الشعب الكوردي ويندمجوا معه ، ففي كل الأحول سيتمزق هذا النسيج العراقي الذي أراد ساسته ان يمزقوه مثلما مُزق الازيديون والصابئة المندائيين والشبك والمسيحيون والأرمن وسيبقى العراق يواجه صراعات جديدة وهي بالأساس موجودة هذه الصراعات والاقتتال بين السنة العرب والشيعة العرب والذي يُطلق على الشيعة " العرب " ما هي الا مجاملة سياسية ليس إلا وفي الحقيقة يُطلق على الشيعة الصفويون والفرس والعكس صحيح .
إذن ، أُفرغَ العراق من أغلب عرقياته واثنياته وقومياته وبقي العراق بلد حضارة واحدة وطيف واحد وليس بلد الأديان والقوميات والحضارات والتآخي .ما يريده السياسيون من تناحراتهم ينعكس سلباً على العراقيين كشعب متاخٍ ،فلكل حزب وتيار أجندته وميليشياته وفصائله المسلحة ومصالحه وإيقوناته في التهجير وبسط النفوذ الإقليمي والمحيط العربي والعشائري .
ماكنة التهجير ماضية في سحق الشعوب وسلب حرياتها وطمس معالم حضارتها وبُعدها التأريحي وهذه العملية مستمرٌ تناغمها ونغماتها حتى زُرعت الفرقة والاختلاف ، فهامَ المهجرون في بلاد لم يألفوها ولم يسمعوا بها سابقا ، فقدوا موارد رزقهم ومقاعد دراساتهم ووظائفهم وعقاراتهم وممتلكاتهم وكل ذي صلة بهم .
إما الموجة الداعشية أُريد منها تدمير الإنسان وحضارته وارثه وكلنا يعلم ماذا فعلت وتفعل من أعمال بربرية وهمجية يندى لها جبين الإنسانية على مدى عصور ، هجرت سكان المناطق وأعدمت أهلها وهدمت حضارتها وما بناه أهلها عَبر التاريخ .
في التهجير لن تراعى ابسط حقوق الإنسان ولم تحفظ كرامته وأدميته.



#اسماعيل_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولنمسحَ غبار القباب
- الخواء الفكري والانتماء الطائفي
- اشم عطر تهاليل الشروع
- تلك جناني
- نصلي قبيل الخاتمة
- نُصلي قبيلَ الخاتمة
- نخطو على حذر
- صفاقة
- التسويات -الوطنية - وغياب البعد الثقافي والمدني
- المصالحة الوطنية شعار استهلكت الياته
- الداعشية في العراق ومتاهات الميتا
- بين اسراب النوارس
- القنوات الفضائية وعمليات تفكيك البنى الثقافية
- يا عُشبَ أرضي
- ضعي وجهك
- الاطلس
- اين يكون موقع الانسان العلماني المدني الديمقراطي في العراق ؟
- تركيا ... ماذا بعد الانقلاب العسكري الفاشل الذي حدث ليلة 15/ ...
- تحسبهم ايقاضا وهم رقود
- قناة البغدادية الفضائية مهماز لمن لا يملك احساسا


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - التهجير .. سطوة السلاح وبلطجية الهيمنة