أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالاله سطي - في البدء كانت التنمية البشرية في المغرب؟















المزيد.....

في البدء كانت التنمية البشرية في المغرب؟


عبدالاله سطي

الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في غمرة الحديث والصخب الذي يملأ جميع وسائل الإعلام الوطنية بكافة أشكالها المرئية و المسموعة والمكتوبة وإلى غير ذلك من "بروباغندة" الدولة، حول تقريري "هيئة الإنصاف والمصالحة" الذي تطرقنا إليه في مقال سابق وتقرير "خمسون سنة من التنمية البشرية في المغرب" الذي سيكون محط نقاشنا في هذه المقالة.
تثار العديد من التساؤلات والاستفسارات من جملتها، هل تستحق الإنجازات والمكتسبات التي حققتها إستراتيجية التنمية البشرية طيلة النصف قرن الماضي كل هذه الضجة الإعلامية؟ هل كنا حقا موضوعيين وجادين في صياغة وتقييم عمليات التنمية التي شملت هذه الحقبة؟ ما هي الخلاصات التي خرج بها هذا التقرير بل قل ما هي الخلاصات التي يجب أن نخرج بها من هذا التقرير؟ هل استخلصنا الدروس من الإخفاقات الماضية؟ هل كانت الفلسفة التنموية التي سلك سبلها المغرب طيلة الخمسين سنة الماضية ناجعة في إستراتيجياتها و اختياراتها؟
أخشى من القارئ الكريم أن ينعتنا بالعدميين والمحبطين، اعتبارا لكوننا ما فتئنا أن عبرنا عن تحفظنا بوضعنا علامات استفهام على أي خطوة تقدم عليها الدولة ابتداء من "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" وصولا إلى تقريري "هيئة الإنصاف والمصالحة" و"خمسون سنة من التنمية البشرية" وهذا واضح وجلي من خلال مقالاتنا السابقة،لكن ـ ولكن هنا لا بد منهاـ غايتنا الأسمى و الأساسية من كل هذا هو إعطاء نظرة أخرى من موقع آخر مخالف للنظرة الرسمية التي تعطيها الدولة لخطواتها ومراميها التي تقدم عليها.
وبعد هذا الاستطراد "الجاحظي"، لا شك أن مسألة التنمية البشرية في بلادنا قد شكلت على ممر النصف القرن الماضي الرهان الأساسي والحقيقي الذي سارع من أجله مغرب الاستقلال "حكومتا وشعبا ". فابتداء من خروج المستعمر من المغرب جندت كل الوسائل والإمكانيات من أجل القطع مع دابر السياسات والطابع اللا وطني الذي خلفه الاستعمار، وقد بدا ذلك واضحا وجليا إلى حدود بداية الستينات ، خصوصا مع حكومة "عبد الله إبراهيم" التي حققت أقصى ما يمكن تحقيقه في تلك الفترة من تاريخ المغرب، فبداية من التحرير الاقتصادي والتبعية للرأسمال الفرنسي، مرورا بالتحرير الاجتماعي وحماية حقوق المواطنين ، وصولا إلى التحرير الوطني الذي مكن المغرب من إحداث تعزيزات مهمة بالنسبة لإستراتيجية التنمية والتطور في البلاد. و لعل من الدوافع التي ساعدت على ذلك هو النهج الذي سلكته الحكومة آنذاك لمقاربة مسألة التنمية و التي من خطوطه العريضة:
ـ إضعاف نفوذ طبقة الرأسماليين الأجانب ومعاونيهم بالداخل.
ـ تغليب شخصية الجماعة على شخصية الأفراد.
ـ التخفيف من نظام ورواسب نظام الإقطاع الذي خلفه الاستعمار.
ـ إتاحة الفرص والاختيارات لكافة المواطنين دون تمييز طبقي.
ـ الرفع من المستوى المعيشي للمواطن وتحصين كافة حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية...
إذن فمقاربة الحكومة آنذاك كانت مقاربة تقوم بالأساس على تغليب الصالح الوطني الاجتماعي وتحقيق الاستقلالية الكاملة عن الرأسمال الأجنبي وبناء اقتصاد وطني متطور يضمن التوزيع العادل لثروات البلاد على المواطنين توزيعا عادلا.
مما كان من شأنه أن يكسب الحكومة دعما جماهيريا واسعا وتأييدا قل نظيره بالنسبة للحكومات التي تعاقبت من بعد على المغرب، الشيء الذي أزعج و أقلق القوى الاستعمارية ومعهم ثلة من الانتهازيين المغاربة الذين عارضوا بشدة الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة الجديدة نظرا لما تفرزه من انعكاسات سلبية على مصالحهم التي لا تختلف عن مصالح المتخلفين من الاستعماريين في المغرب.
هاجموا سياسة حكومة "عبدالله إبراهيم" الاشتراكية استفزوا من جميع الإنجازات التي أقدمت عليها، أطلقوا دسائسهم أحبطوا العزائم، ثم كان لهم ما أرادوا أقيلت حكومة "عبدالله إبراهيم"، و ألغيت جميع المشاريع والمخططات التي باشرت و بشرت بها.
ومع بداية الستينات سيعرف المغرب منهجا وسياسة تنموية أخرى تعتمد على توجهات ليبرالية مع فتح القنوات للرأسمال الأجنبي وتكريس نظام التنافسية المراقبة بشكل من الأشكال، بالإضافة إلى اعتماد آليات النظام الليبرالي كأساس في تدبير المنظومة الاقتصادية، وهذا ما صدق على جميع المخططات التنموية التي عرفها المغرب منذ بداية الستينات إلى يومنا هذا.
هذه الرؤية التنموية التمست مضمونها وأهدافها من واقع النموذج التعميري الاستعماري الذي غرسته دولة الحماية في المغرب، بحيث لم يعمل فقط على مغربتها وإعادة إلباسها بحلي مغربية، مكرستا بالتالي نموا لا يستجيب سوى لطموحات الفئات المهيمنة اقتصاديا وسياسيا على المحيط الاجتماعي، والنتيجة، هي كما يلمسها كل مواطن في الواقع الحالي اقتصاد منهار، وضعية اجتماعية ولا أفضع، بنية سياسية مغلقة وصلبة حلزونية الشكل.
الشيء الذي لم يحاول الساهرين و المسؤولين على تقرير "50سنة من التنمية" أن يدرجوه كمحدد لإبراز ضعف وعدم نجاعة السياسة التنموية التي سلكت سبلها الدولة من أجل إحلال التقدم والازدهار الذي يظهر اليوم أننا بعيدون عنه كل البعد، خصوصا إذا تمادينا في نفس النهج والاستراتيجيات القديمة التي أظهرت عن حدوديتها فقط لأنها ببساطة شديدة كانت تعبر وترمي بكل ثقلها من أجل خدمة مصالح طبقة محدودة جدا، وهذا بالفعل إلا الوجه الظاهر من العملة ـ ونحن هنا لا ننكر بأننا تغاضينا على العديد من المعوقات التي عرفتها التنمية في بلادنا ـ فمعوقات التنمية وسلبيات استراتيجية التنمية التي عرفتها بلادنا كثيرة ولا يمكن حصرها إلا في تقرير متناسق وكبير لا تسعه مساحة هذا المقال الضيقة جدا.
إلا أن ما يمكن أن نخلص إليه من خلال قراءتنا للتقرير "50 سنة من التنمية في المغرب"، أن إذا أردنا أن نكون بنائين وموضوعيين في تحاليلنا وفي تشخيصاتنا لي إستراتيجية التنمية البشرية خلال 50 سنة الماضية ، من أجل استخلاص العبر والتجارب مما لم نستطع ولم نوفق في الوصول إليه، علينا أن ننظر أولا وقبل كل شيء إلى هذه الاستراتيجيات القديمة من خلال نتائجها الملموسة ومن خلال انعكاسها على الواقع ومدى توفقها في تغييره، وليس من خلال النظر لما تقوله عن نفسها وما ادعته من طموحات وأهداف، كما فعل أصدقاؤنا المعدين لهذا التقرير، الشيء الذي يجعلنا بعيدين على التشخيص الواقعي البناء،لكن هذا لا ينفي أن نثمن المجهودات التي بذلت في إنجازه و إخراجه إلى الوجود ، كما لا ينفي أنه كان موفقا في بعض تحاليله خصوصا لمسألة التعليم والمعوقات التي حالت دون تطوير المنظومة التربوية في بلادنا .
وفي الأخير نتمنى أن نكون وفقنا في إيصال وجهة نظرنا بخصوص مسألة التنمية في المغرب لكن يبقى سؤال أجدني مضطر إلى طرحه و بإلحاح.هل سنتمادى في نهجنا الليبرالي وما يتبعه من أشكال التبعية والهيمنة الرأسمالية و استفراد أقلية بثروات البلاد كشكل من أشكال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، رغم ما خلفه ويخلفه من ويلات التهميش والتفقير التي نحصد قرحتها اليوم؟
سؤال أكيد أن السنوات القليلة القادمة كفيلة للإجابة عليه.
ـ باحث في العلوم السياسية و إستراتيجية التنمية ـ



#عبدالاله_سطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيأة الانصاف والمصالحة وقانون ساكسونيا
- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و إشكالية الديمقراطية في ال ...
- قصة قضية الصحراء المغربية الغربية من المسيرة الخضراء إلى خ ...
- بؤس المثقف المغربي/ في نقد الانتلجانسيا المغربية
- *في نقد الحداثويون
- قراءة في كتاب (الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية ...
- قراءة في كتاب( الصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية والسياسية ...
- توابع التبعية دراسة في ميكانزمات أزمة تخلف المجتمعات العالم ...


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالاله سطي - في البدء كانت التنمية البشرية في المغرب؟