أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان أحمد - الوطن في قطار المهجر














المزيد.....

الوطن في قطار المهجر


عدنان أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 17:47
المحور: الادب والفن
    


مهما بلغ انتيل الذاكرة طولآ, تظهر الذكريات احيانآ كقناة اباحية مشفرة. واحيانآ يقتحم الماضي كعنفوان ارملة في الاربعين التقت بعشيقها سرآ, بعد اجتيازها عيون القبيلة الغارقة في تقاليد وعادات لا تفسير لها ولامنطق. الذكريات ايضآ هجمة لا منطقية في اكثر الاماكن ضجيجآ. في قطار سريع, افرغ حقيبته من كل الخيبات التي جناها في انتظار المجهول, وبدأ بملئها بالماضي الجميل والتعيس معآ, كي لا يتهم غدا بالنسيان, فكثيرا مايكون النسيان تهمة شرقية يضاف الى قائمة التهم الغيابية الاخرى كتهمة مغادرة الوطن المحاصر. الوطن الذي تحول الى مقبرة كبيرة, يمارس السياسي عليها تجارته في سوق الإعلام, الذي يبيع القطيع المفردات اللغوية, المفردات التي وضعها الغربي منذ قرن في متحف منسي محاط بخيوط العنكبوت. توقف القطار لا توقف موجة الذكريات التي تعصف بدماغه.
رائحة قهوة الصباح التي توقظ النمل.
حديث العصافير على الاشجار حول همجية الانسان وغزوهم حتى في اسقف المنازل المهجورة,
اكتشاف نساء الحي للتاتو منذ مئة عام.
جملة الام الشرقية الشهيرة " هل انت جائع يابني".
تنصل الحزبي من تهمة حزبي آخر.
قتل البوم قبل ان يحل الخراب بالقبيلة. البوم الذي حمله حزنه الى حتفه.
رؤية الجن عند سقوط الظلام, وكثيرا مايسكن الجن في اللاشعور لا في المنازل المهجورة.
طفلآ سعيدآ بعد اكتشاف جعبة جديدة في بنطاله.
السعادة المرسومة على وجه العامل الفقير عندما يمرض فيستريح قليلا من عناء العمل.
ثروة المشعوذ من أساور الحمقاوات.
صيحة الديك فجرآ لإيقاظ حريمه الدجاجات.
الكلب الكردي الذي انقرض, والحمار الشجاع الشهواني المخصي.
ربطة عنق المديون التي لا تفارقه.
اقدام النساء المتمردة على السماء كل خميس.
إنحناء الوضيع للغني.
غرور صديق أبن عم الرجل الذي صار مسؤولا.
المراهق الذي كان يوما, وسائله المنوي.
الطفل الذي كان يومآ وحجابه الاخضر المعلق بالخاصرة.
قاطع التذاكر اعاده الى واقعه المهزوم. فقدم له تذكرة القطار مع الهوية. الهوية التي اصبحت إبرازها من ثقافة الرجل الشرقي. فلاحظ إن قاطع التذاكر لم يعر اي اهتمام بإسمه ولكنه نظر فقط الى الرقم المحفور على الهوية. لقد كان في الوطن مجرد تعابير وجمل متناثرة في الهواء وفي المهجر مجرد رقم. شعر بحرارة الدموع على وجنتيه كدموع طفلة بعد اجتياز صدمة السقوط ارضآ. ولكن كان لا بد له ان يدمع منذ مئة عام, عندما انتبه ان لا اسم له ولا عنوان لمنزله المبني على حافة الجبل المعقوف منذ الفين وسبعمئة عام واكثر. كان لا بد له ان يبكي عندما رأى نفسه كحجر النرد بين ايدي غليظة. كان لابد له ان يبكي عندما اذعن لتعاليم الامام كي يغرز سيفه في ثقب الابرة بدلا من صدر الغزاة.
ليدفن الماضي بين الشجر, بدأ بالنظر الى الطبيعة من نافذة القطار. فرأى اثار اقدام الغراب على وجهه. فقال لقد كبرت كثيرآ ومازال الماضي لم يكبر.



#عدنان_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أحفاد عمر المختار


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان أحمد - الوطن في قطار المهجر