أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زوزان خلف - أسباب استغلال الأطفال في التنظيمات الإرهابية و آثارها النفسية و الاجتماعية















المزيد.....

أسباب استغلال الأطفال في التنظيمات الإرهابية و آثارها النفسية و الاجتماعية


زوزان خلف

الحوار المتمدن-العدد: 5560 - 2017 / 6 / 23 - 19:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الكارثة الإنسانية التي تواجهها الدول التي تشهد صراعات وحروباً أهلية و طائفية كسوريا و العراق و اليمن هي أن أغلب ضحايا هذه الصراعات هم من الأطفال وذلك إما من خلال تعرضهم للموت بسب القصف والذبح والقتل أو بسبب المرض و الجوع وسوء التغذية أو تعرضهم للتهجير والتشرد والحرمان من التعليم والرعاية الصحية الكافية. وفي ظل عجز المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية عن تغيير الوضع الإنساني لمناطق الصراع أصبح الأطفال لقمة سائغة لتلك التنظيمات والفصائل المسلحة والجماعات المتطرفة، وأصبحت ظاهرة تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة القديمة المتجددة ظاهرة تضرب بجذورها في التاريخ العنفي، فمع ظهور «داعش» انتقل ملف تجنيد الأطفال واستغلالهم في النزاعات المسلحة والعنف الفكري والعملي من كونها ظاهرة غامضة تحاول التنظيمات نفيها أو تكذيبها وربما تبريرها على استحياء، إلى ظاهرة تتبجح التنظيمات المسلحة في تبنيها، وهذا ما نراه الآن مع «داعش» في الضفة السنية للإرهاب ومع «أنصار الله» الحوثيين في واحدة من تحولات الإسلام السياسي الشيعي.
وبداية لابد من التعريف بالطفل المستغل في النزاع المسلح فهو كل طفل دون سن 18 عاماً يعمل بوصفه جندياً مباشراً أو غير مباشر، وقد حذر منها علماء النفس و التربية و الاجتماع لما لها من آثار خطيرة على بناء شخصية الطفل و إنعكاسها المباشر على المجتمع، بالإضافة إلى أنه أمر محظور بموجب القوانين والأعراف الدولية، واستغلال هذا النوع من الأطفال في الأعمال الحربية يُعدّ في التكييف القانوني جريمة حرب، كما نص قانون المحكمة الجنائية الدولية، وهناك قائمة تصدر عن الأمم المتحدة يصدرها الأمين العام سنويا اسمها قائمة «العار» تكفل بنشر أسماء كل المؤسسات والشخصيات، التي تسهم في تجنيد واستخدام واستغلال الأطفال في الأعمال الحربية.
حيث تهدف التنظيمات المتطرفة إلى استغلال الأطفال و تجنيدهم في صفوفها للأسباب التالية:
1. يعتبر الأطفال مادة سهلة، يمكن إخضاعهم إلى الغسيل الدماغي أكثر من البالغين: حيث تستغل هذه التنظيمات سهولة إقناع الطفل بالأفكار المتطرفة والغير منطقية من خلال إعداد البرامج و الخطط التي تسعى إلى استغلال روح الحماس وحب الاستكشاف وحب الظهور و حب الشعور بالقوة لدى الطفل، فتستدرج هذه التنظيمات هؤلاء الأطفال من خلال استخدام مصطلحات وتعابير وأفكار تساهم في غسل أدمغتهم و زرع أفكار متطرفة فيها مما يتسبب في تحول هؤلاء الأطفال إلى أشباه روبوتات يسهل قيادتهم من خلال اقتناعهم بتلك الأفكار المتطرفة.
2. ترك إرث دموي عنيف وإلى الأمد البعيد: هناك سياسة مقصودة من هذه الجماعات لتعميق جذور العنف وآيديولوجيتها الراديكالية وليكون الأطفال هم إرثهم وللأمد البعيد فالأزمات السياسية مثل كرات الثلج، تكبر مع الوقت، وتنتج أزمات إنسانية من الصعب حلها إلا عبر سنوات طويلة بعد إنهاء النزاع المسلح، ومن تلك الأزمات تغيير المناهج في المناطق المحررة، والتركيز على البعد الآيديولوجي والعقائدي بحيث لا يحتاج إلى انتظار استقطاب الأطفال بل الذهاب إلى عقر دارهم، وفي مقاعد الدرس والفصول، ودعوتهم مباشرة، واستخدام كل الوسائل من الإغراء المادي إلى التأثير العاطفي إلى الترفيه لجذب وتفخيخ عقولهم.
3. ابتعاد الأطفال عن المدارس: البداية عادة التي تخلق فيها مناخات استقطاب الأطفال للمشاركة في القتال تولد مع إقفال مدارس التعليم بسبب الأوضاع الأمنية المتردية؛ ففي سوريا مثلاً هناك أكثر من 1390 مدرسة دُمرّت في النزاع السوري منذ بدايات الثورة، فضلاً عن أن ما يقارب 5000 مدرسة أقفلت أبوابها، وخصص منها 700 لإيواء النازحين، ولذلك لم تتردد منظمة «يونيسيف» في تقريرها الصادم في أن تصدِّره بأن قطاع التعليم في سوريا تدهور بشكل سريع وكارثي، ورأت أنه «الأسوأ والأسرع في تاريخ المنطقة» والكارثة أن معدل الأعمال في الأشخاص الذين لا تتوفر لهم أي فرص حقيقية للاستفادة من التعليم ومنشآته تزداد، وتشير التقارير إلى أن ما يزيد عن 52% من الأطفال بين عمر 6 و12 سنة لا يلتحقون بالتعليم الابتدائي، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية كبرى في السنوات المقبلة على مستوى الأميّة، وبالتالي عواقب ذلك من التخلف وسهولة التجنيد.. إلخ.
4. استخدام الأطفال والصبية في عمليات حراسة وخدمة قيادات التنظيمات المتطرفة كون ولائهم غير مشكوك فيه.
5. فقد التنظيم ثقته ببعض قياداته ومقاتليه بسبب الانشقاقات، فهو يستخدم الأطفال في عملية الحماية الشخصية والتجسس وجمع المعلومات في بعض المناطق، كونهم لا يثيرون الشكوك.
6. الأطفال يستطيعون النفوذ في أماكن لا يستطيع وصول الكبار إليها بتنفيذ عمليات انتحارية.
7. التمويه والخداع، كون الأطفال يكسبون التعاطف من قبل عامة الناس ولا يثيرون الشكوك بالتحرك والتنقل.
تعتبر المدارس ومعاهد ودور التعليم أبرز مصادر استقطاب الأطفال وتجنيدهم، ومن أبرز الوسائل التي يتبعها التنظيم في تجنيد الأطفال:
• منح الأطفال مخصصات مالية محدودة مستغلاً العوز وصعوبة الحياة عند عوائلهم، فبعض العوائل كانت مضطرة إلى إرسال أبنائها نتيجة العوز إلى جانب الترهيب.
• منح الأطفال تميزاً بين أقرانهم من الأطفال من خلال حمل السلاح والزي العسكري.
• مصاحبة الأطفال لقيادات التنظيمات في بعض المهام وحملهم السلاح وتنفيذ عمليات إعدام أو رجم نساء وحضور طقوس قطع الرؤوس. بعض التقارير كشفت أحد مقاتلي «داعش» يحمل الجنسية الأسترالية ومن أصول عربية، أظهرته يقطع الرؤوس وابنه خلفه يقوم بجمعها، وفي «يوتيوب» فيديو آخر يظهر أطفالاً من أبناء قيادات «داعش» تضرب الرؤوس بالقدم، باعتبارها جزءا من ترويض الأطفال من وجهة نظر التنظيم وكسر حاجز الخوف.
• التشبه بقيادات التنظيم والجماعات المتطرفة بمنح الألقاب لأطفال في سن لا تتجاوز 16 عاما، مثل لقب أبو القعقاع وأبو طلحة.
• حمل الرايات والاستماع إلى الأناشيد الحماسية.
• عزل الاطفال عن ذويهم في معسكرات بعيدة عن مناطقهم.
• نشر الطائفية، باعتبار انضمامهم إلى التنظيم جزءا من دفاعهم عن الدين من وجهة نظر التنظيم الإرهابي.
• إعادة تفسير الآيات القرآنية من قبل التنظيم بطريقة تخدم سياساتهم والتركيز على باب «الجهاد».
هناك نتائج وآثار كبيرة لتفشي ظاهرة استغلال الأطفال في التنظيمات المتطرفة سواء على الطفل أو المجتمع وهي كما يلي:
1. أثرها على الطفل:
أطلق الباحثون في التربية و علم نفس الطفل صيحات التحذير اتجاه الظاهرة، حيث يتسبب تجنيد الأطفال في الأعمال الحربية بتأثيرات مدمرة على نفسية الطفل خلال مرحلة طفولته ونشأته ونموه، و يكبر على ما نشأ عليه من مبدأ العنف والقوة والعدوان، بالإضافة إلى التشوه النفسي والاجتماعي والجسدي بسبب المشاركة في الحروب، حيث يتم استغلال براءة الأطفال واستثمار مكامن الضعف في شخصيتهم من عدم نضجهم أو عدم امتلاكهم الوعي الكافي للتمييز بين الصح و الخطأ وغيرها من نوازع وغرائز ودوافع ، بالإضافة إلى استبدال القيم والمفاهيم الإيجابية التي تبني شخصية الطفل بأخرى هدامة فتصبح الجريمة بطولة, والسرقة مغامرة, والوطن طائفة, والدين تكفيراً وقتلاً, والفوضى ثورة, والانفلات من جميع الضوابط حرية.‏
2. صعوبة دمج الأطفال في المجتمع:
إن كانت ظاهرة تجنيد الطفل بمأساتها الاجتماعية قد حولت الطفل إلى سلعة فإن الخاسر الأكبر سيكون المجتمع وبنيته التي ستغوص في مستنقع الفلتان الأخلاقي والفكر الانتقامي وثقافة العنف والحقد والإرهاب والقتل والخطف وأنواع مختلفة من الجرائم، وهذا ما سيتسبب بجريمة فكرية يصبح بفضلها إلغاء الآخر منهجاً والعنف والعدوانية والحقد والكراهية هي المكونات الأساسية في شخصية الطفل حيث سيكون انتماءه إلى الدائرة الضيقة الرافضة للعيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، وهنا يكمن الخطر ففي مبادئ العلم و أدبيات الأمم, وعلى مر التاريخ كان الإنسان فرداً في مجتمع يسعى للتواصل مع المكونات المختلفة فيه لبناء المجتمع وتطويره إلا أن إبعاد الأطفال عن الجانب التربوي والتعليمي والأخلاقي الإنساني هو هدف هذه التنظيمات, وبالتالي يفرغ الأطفال من جميع القيم الثقافية والأخلاقية والوطنية والحضارية التي كانوا قد ترعرعوا عليها و التي تنعكس بدورها بشكل خطير على المجتمع من خلال تدمير روح التعايش و تقبل الاختلاف في نفوس الأطفال المجندين.‏
ولابد من إدراك الفروق الدقيقة في تجنيد الأطفال على أيدي التنظيمات الإرهابية، فهذا يسمح بالصياغة المناسبة لاتباع التدابير و الإجراءات التي تحتاج إلى المزيد من البحث والاهتمام و إيجاد الحلول لهذه المشكلة المتفاقمة وإلا فإن الدائرة المفرغة المتمثلة في تجنيد الأطفال في التنظيمات الإرهابية ستواصل نموها و ستتزايد باستمرار و ستصعب مهمة السيطرة عليها.



#زوزان_خلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانعكاسات النفسية للحروب على شخصية الأطفال
- أثر غياب التعليم في سوريا على التحاق الأطفال بالجماعات المسل ...
- كيفية التعامل مع مخاوف الأطفال من الإرهاب و الحروب ..
- الدمج الاجتماعي للأطفال المجندين في التنظيمات الإرهابية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زوزان خلف - أسباب استغلال الأطفال في التنظيمات الإرهابية و آثارها النفسية و الاجتماعية