أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد مسافير - لف ودوران!














المزيد.....

لف ودوران!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5559 - 2017 / 6 / 22 - 22:21
المحور: كتابات ساخرة
    


بينما أنتم تقرؤون هذا النص، وفي هذه اللحظة بالذات، هناك الآلاف من ذوي الحظوة، يمارسون الحب المنسم بكؤوس من النبيذ، ويتبادلون الهدايا الثمينة، ويرقصون على أنغام موسيقى الجاز، أو يلعبون الغولف على مساحات خضراء شاسعة، أو يحلقون عاليا في السماء، على متن مروحيات شخصية تحوم فوق رؤوس التعساء أمثالكم... وأنتم، لا تجدون أحدا يشتاق إليكم بالمرة، لا تجدون حظا يبتسم في وجوهكم ولا مرة...
إنه البؤس بعينيه الشاخصتين...
إبتسم ابتسامة صفراء...
تنهد بعمق...
أصمت قليلا...
الآن... أطلق سراح دمعاتك المسجونة، بإمكانك البكاء بمنتهى الحرية...

أنا لم أخطئ يوما يا سادة في تقييم الإنسان، وأدري جيدا أنه كائن فقري ثديي لغوي عاقل لاحم وعاشب، هذا هو مفهوم الإنسان، وهذه هي هويته الحقيقية، وما دون ذلك، ليس إلا تنويعات مختلقة لمفهوم الهوية... الهوية هي الفطرة... أما ما اكتسبه الإنسان، نتيجة لعوامل ثقافية، كاللغة والدين، أو نتيجة موروث جيني، كاللون والقامة، ليست إلا مثيرات لنزعات هوياتية وهمية... وكي نكف تماما عن اللغط والجدال حول الموضوع، يجب أن نقتنع بافتقارنا إلى دولة تستطيع لم الشمل وطي النزاع المبتذل، ولن تكون هذه الدولة بطبيعة الحال، إلا الدولة المدنية بمؤسساتها الحداثية...

أما الحيوانات... فلا تحكمها أية منظومة أخلاقية... بمعنى أنهم بعيدون كل البعد عن ثنائية – متخلق /غير متخلق، سلوكاتهم لا تحاكم على هذا المنوال، والعلاقة التي تسود عالم الحيوانات، هي الانخراط اللاواعي في إتمام السلسلة الغذائية، أي أن الفهد مثلا، لن يدخر جهدا في الإيقاع بفريسته مهما بدت مثيرة للشفقة، عدا إن أصابته التخمة...
الإنسان... ليس بعيدا كليا عن هذه المنظومة، فالعلاقة التي تربط بني البشر، هي علاقة مصلحة وانتفاع، مثلا... أرباب العمل، لا يقومون باستثمار أموالهم حبا في سواد أعين العاطلين، بل رغبة في مراكمة الثروة إلى أبعد الحدود، الساسة أنفسهم، حين ينصبون في السلطة، لن يقوموا أبدا بتشريع قوانين أو باتخاذ اجراءات قد تمس بوضعهم المادي أو المهني، الطبيب نفسه، لن يرجوا السلامة لجميع المواطنين، وإلا غدا عاطلا ينش الذباب... إنها علاقة مصلحة صرفة... بينما المقولة الأخلاقية، تبقى مسألة جمالية فلسفية لا تربطها أية صلة بالواقع...
هذا طبعا لا ينفي الاستثناءات، هناك بعض من القلة القليلة، الذين يوثرون مصلحة الغير ويقدمونها على مصلحتهم، هؤلاء... هم الذين يخادعوننا، يجعلوننا نصدق أن الإنسان فعلا كائن أخلاقي، إنهم يربكون أفكارنا وتوقعاتنا... ولهؤلاء أقول... اندثروا.. كي نستطيع رؤية العالم بوضوح...

لكن رغم ما سبق، أياك أن تخطئ يا صديقي في تقييمي، فأنا لست سياسيا ولا أديبا ولا حاملا لأي هم، ولا أدافع عن أية قضايا، ولست محتاجا أبدا لوجع دماغ... فبالكاد أدبر شؤوني...
كل ما يهمني في هذه الحياة، أن آكل وأشرب، وأن أكون قادرا على دفع الإيجار، وأن أسعد وأتجول وأرقص...
لا تهمني الحروب ولا العلاقات الدبلوماسية ولا مسألة الديون ولا قوس قزح... لا يهمني أن تكون متدينا أو علمانيا أو رافضيا أو قرزنستانيا، لا يهمني إن عفوت عن لحيتك أو حلقتها، أو قلعت أظافرك أو أزلت زغب رجليك، كلها مسائل تهمك وحدك، فلا تحاول إقحامي في تفاهاتك...
لا تنصحني ولا تستجدي مني النصح، فلست مفتيا ولا متحزبا ولا متطفلا، لا تسألني هل ترضاه لأختك أو أمك؟ وما شأني أنا بذلك، لا تشتم في حضرتي الشيوخ ولا الأشباح... كل يعيش في حالو ولحالوا...
لا تحاول أن تجعلني شبيها لك، ولا شبيها لأي حد، أنا هكذا، وسأموت هكذا...
كل همي في هذه الدنيا، أن نقبل بعضنا البعض بكل أريحية، دون ضغينة ولا حقد ولا نفاق، همي أن أسير بكم إلى مرحلة الإقتناع بوجود الآخر المختلف عنا تماما، إن ذاك الاختلاف، والتعايش الودي، هو ما يجعل الحياة رائعة ووحلوة، ما يجعل الحياة، تستحق أن نحياها...



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات نورانية!
- حبيبي دائما!
- الثأر المسلوب!
- سيرتي!
- صناعة الجريمة... الضحية محسن!
- هكذا يريدونك... جارية خنوعة!
- مذكرات حمار!
- إلى المقبلات على الزواج!
- لمحة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية!
- آفاق حراك الريف...
- الإسلام... لله أو للإنسان!
- حداثية من نوع فريد!
- تنويعات سياسية!
- تنويعات في نقد السماء!
- ومن منافع الجهل...
- حيواناتهم وإنساننا!
- ضحية مرتان!
- منطق البلوغ في الدين الإسلامي!
- المرأة ونحن...
- طرائف مأسوية عن المدرسة المغربية!


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد مسافير - لف ودوران!