أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بيوسف - الوطن، الوطنية، والمواطن















المزيد.....

الوطن، الوطنية، والمواطن


جواد بيوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5559 - 2017 / 6 / 22 - 00:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هو الوطن يا سادة؟ اهوحفنة تراب، أم قطعة قماش، ام اصوات(أغاني وأهازيج وأناشيد) بشعارات تعلن عن الانتماء او العكس، ام كومة اوراق محدودة الاجل؟ وهل هو قابل للتجسيد والتجسيم؟
لا هذا أوذاك لقد كتب الفلاسفة والشعراء عنه تحت عناوين الهويات وحب الأوطان ولكن لسخرية القدر ان كل واحد منهم يدفعه لمسايرة ايديولوجيته وأحاسيسه، قد يصطف داخل الضمير مع المعتقدات الاخرى كالدينية والفكرية وليس التشبت بها بالضرورة؛ فالملاحدة إخوان المؤمنين والآذريين في علاقتهم بالوطن، لهذا الأخير مقياس شبيه بتلك المقاييس التي تخضع له الروحانيات والمشاعر الانسانية، مقاييس تتفق على المبادئ الكبرى وتختلف عن تفاصيل صغيرة (دقيقة) وسواء كانت كبيرة او صغيرة لا احد منا يعلم سوى بعض الجزئيات بينما نترك الباقي للمجهول، هل كان بالامكان اختبار الوطنية قبل اليوم؟، ربما يكون الجواب نعم ويحتمل الخطأ جواته، نعم حينما تتعرض قضايا الامم لتهديدات كهجوم الاعداء او دفع الضرائب او الانتخابات...فيخرج الناس للدفاع عن الوطن والقيام بواجباتهم الوطنية ومع ذلك يحتمل جزء من الخطأ فهل يقاس هكذا وفقط؟، قد يكون العديد ممن يذهبون للقتال لاجل المال او خوفا على حمل الهجوم لنتائج كارثية على بيته الدافع لسلوكه، وينتخب لان البرنامج الانتخابي للآخر يلائم توجهاته، ميوله، افكاره..
كثيرا ما تظهر اصوات وافعال تدافع او تدين.. الوطن كلما انفجرت قضية اجتماعية او سياسية هدفها تخوين الآخر ، او الاحتفاء به ووضعه فوق الاكتاف سواء أكان سياسيا او مثقفا او رياضيا.. قد نقيس الوطنية هنا في لحظة عابرة قبل ان تتبدد ومع ذلك فليست تلك اللحظة كلها وطنية، قد تختلط فيها بنشوة الانتصار او العنصرية (تجاه الآخر) او الولاء وحتى احاسيس بتحقيق مصالح خاصة كالذي يتظاهر فقط مقابل مال اخذه من سيده، هكذا إذن يرتبط بالمشاعر والمبادىء الكبرى كالحب والانحياز، الكره، الحريات، الإيمان، العطاء..
ولو أخذنا الموضوع من زاوية دينية إسلامية لتبين اختلاف في الآراء والتفسيرات حول الوطن والوطنية يكفي أن نسائل القرآن عن تعريفاته لهما، ليتبين غياب آيات قطعية الدلالة، وهنا نجد أن للراسخون في العلم تأويل فسيفسائي يقوم إما على هدم الحدود الجغرافية مايعني غياب فضاء دنيوي محدد للمسلم فينفي عنه بالضرورة صفة المواطنة المجالية ويستبدلها بالعالمية بلغتهم أو الانسانية بلغة إيمانويل كانط، منهم من أشار له بمكة كونها أم القرى وقبلة العالم ولا يخفى علينا التوجه السياسي لهؤلاء الذين نجدهم يدفعون عواصم الدولة الاسلامية حسب انتماءاتهم من مكة لسوريا فالبصرة مرورا بتركيا، ومنهم من يؤجلها لما وراء الموت باعتبار الجنة السكن الأول لآدم والمكان الذي إليه يرجع المسلم بعد الموت، مع العلم أن هؤلاء يضعفون حديث "حب الأوطان من الإيمان" (إذ قال الألباني: "موضوع، ومعناه غير مستقيم إذ أن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه ، كل ذلك غريزي في الإنسان لا يمدح بحبه ولا هو من لوازم الإيمان ، ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم" ، وقال الشيخ ابن عثيمين: ومثله " حب الوطن من الإيمان" وهو مشهور عند العامة على أنه حديث صحيح، وهو حديث موضوع مكذوب ، بل المعنى أيضاً غير صحيح بل حب الوطن من التعصب) وهذا اتجاه السلفية التقليدية.
ولكن في مسار آخر نجد في رواية الترمذي لحديث الرسول حول مكة "ما أطيبَك من بلدٍ وما أحبَّك إليَّ ولولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنتُ غيرَك …." يجادل طروحات هؤلاء بل وأكد القرآن ذلك في سورة النساء في نفس السياق، والتي لم يكن تفسيرها منع المسلمين في مجتمعات الكفار وإنما من مجتمعات الاستبداد والطغيان الذي ينهك الانسان (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا) وكان الهدف من الآية دفع الناس لاحتواء الاستبداد وليس شرعنته باسم الاسلام كما يراه البعض.
ولننظر للتعريف الدارج في اللغة العربية فالوطن حسب ابن منظور هو "المنزل الذي تقيم فيه وهو موطن الإنسان و ومحله يقال أوطن فلان ارض كذا وكذا اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيه" و هو تعريف كاف لانتفاء الوطنية عن من يترك محل ولادته كالمهاجرين والرحل الذين اختارو القيام في أماكن جديدة، بينما يظل المنفي ومن يبحث عن لقمة خبزه وطنيا، وهذا التعريف يساهم في التوسط داخل المفهوم الاسلامي بين من يبالغ بالحب إلى حد التعصب ومن يرى ذلك تخلفا ورجعية فيتساهل به.
وإذا كان تعريف ابن منظور يشمل الوطن والمواطن ففي اللغات اللاتينية نجد قواميس غنية تنبض بالحياة السياسية نتيجة التطورات الاجتماعية والسياسية التي عرفتها أوربا منذ القرن الخامس عشر، لا نبالغ إذا قلنا أن منه اشتق القاموس السياسي العربي فعلى سبيل المثال مفهوم المواطن والمواطنة وأركان الدولة وغيرها من المفاهيم السياسية الحديثة أخذت من هاته اللغات وبقيت سجينة المعاني الأصلية، فعلى سبيل المثال الوطنية في قاموس أكسفورد تعني حالة الانتماء لأمة معينة Nationality is belonging to particular nation وهو نفس التعريف السياسي المتداول في الساحة الأكاديمية العربية، وهكذا استطاع المفهوم أن يحافظ على استقلاليته إلى حد ما، وإن تأثر "بهاجس الانتماء" الذي استقاه من غريمه الغربي وهذا ما تجلى في التعريف السياسي.
أما التعريف السياسي للوطنية يتمثل في الاحساس بالانتماء للأرض والمجتمع الذي نعيش فيه ، والدفاع عن أمنه، وتكتسب بالتربية والتوعية في مقابل التوزيع العادل للثروات والحفاظ عليها وضمان الحريات والحقوق عبر تطبيق القانون وهي الشروط التي يستلزمها روسو وجون لوك ومونتسكيو بالتوالي لاستكمال الأسس التي يقوم عليها العقد كشرط لقيام وعاء الوطنية، وغالبا ماتقتصر القيمة الدنيا لقيام هذا الوعاء على المشاعر السياسية بتعبير هيجل الذي يعتبر تضحية المرء لصالح الدولة أعظم اختبار للوطنية.
وهذا مايدفعنا لإعادة نفس السؤال الذي أرقني عن نوع العلاقة بين الأفراد والدولة كمفهوم قانوني سياسي إن لم يكن عقد اجتماعي مبنى على التراضي والتنازل في سبيل العيش المشترك وتفويض السلطة لمؤسسات تسهر على راحة المواطنين، أما تلخيص/تركيز السلطة في دائرة صغيرة تعمل على تحقيق مصالحها الخاصة مستغلة نفوذها في تصغير واحتقار الألفاظ والنعوت بين الوطني والخائن فلا نجد لها تغريدات خارج فضاء الاستبداد.
إذا تأملنا في الأسطر الماضية كان لزاما علينا التوجه نحو إبراز معالم الوطنية عبر تمييزها عن مايمكنه من تضبيبه فهي: أولا كنتيجة لتواجد الوطن الذي يستلزم بدوره قيام شعب فوق أرض معينة، ثانيا الشعور بالانتماء لوطن ينفرد بثقافة معينة تمنح صاحبه الشعور بالانتماء للوطن عبر روابط متينة تتجلى في التأثر بالوقائع التي تحدث ضمنه فكثيرا ما يتخيل البعض الوطن على أنه كيس من العملات النقدية فما أن تتدهور الأحوال الاقتصادية حتى يكفروا به ، ثالثا في كون الوطنية تكسب بالتربية حيث تتحمل الأنظمة الاجتماعية والثقافية والسياسية مسؤولية في تنشئته تنشئة وطنية ولا جناح في تعدد الانتماءات لأمكنة مختلفة، رابعا يستلزم تحمل الواجبات التمتع بالحقوق فلا يعقل أن تؤدى الضرائب والتجنيد والحب للوطن في مقابل الفوضى والاستبداد والكره طالما يصعب تغيير ذلك النظام فيبقى الامتناع عن أداء المسؤوليات الحل الأمثل للعصيان المدني في مواجهة التسلط وإلا بقي الوطن وهم كبير عندما نقابله بالحب والعطاء، ويقابلنا بالقمع والتشرد كما عبر عنه عبد الرحمان منيف، خامسا في أن الوطنية ليست أداة إئتمانية لتحقيق الأغراض الخصوصية فحمل العلم وإنشاد النشيد "الوطنيين" ماهي إلا رموز يمتاز بها الوطن في مواجهة/منافسة/تعاون..بين الأوطان ولا أرى للصور معنى خارج النظال/التغيير الرمزي التاريخي فصورة تشي جيفارا رمز للنظال ضد الطغيان، مارتن لوثر ضد العبودية، ومانديلا ضد العنصرية.. أما التأشير بها في سبيل أغراض خاصة هو تغريد خارج معنى النظال نحو التزلف والتملق، وإلا لِما وجدت المؤسسات إن عجزت عن تحقيق أهدافها كالأمنية والقضائية..، ولا يخفى على إنس أن هذا التصرف ماهو إلا نفاق وطني استعلائي يتميز ظاهريا بالوطنية على باقي الوطنيين الذين يشاركونه هموم الوطن ، سادسا يجب التفريق بين الوطن والحاكم وهدم العلاقة السببية بين الطاعة والتسبيح لهذا الأخير كمعيار الوطنية، فالحاكم ماهو إلا شخص فوضناه سلطتنا (نحن الشعب) للحفاظ على التوازن بين أمن المجتمع والحريات الفردية، وهكذا فالوطنية ليست رداء أو خزان للحاكم يرتوي منه بحاجاته الغريزية



#جواد_بيوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باش إنجح حراك الحسيمة..
- الأخلاق أصل الدين وأصل القانون أيها العاقلون
- الارهاب فعل ورد فعل


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بيوسف - الوطن، الوطنية، والمواطن