أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - الدالة !...














المزيد.....

الدالة !...


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5556 - 2017 / 6 / 19 - 23:26
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
..........
من بين أغراض خزانة عالية، وعلى بعض قطع من ملابس قديمة، تقوست أصابعي
على ثمة قماشة داكنة أحسست ببرودتها. شعرت، ويدي تجوس بين كومة القطع المتكدسة،
ببعض الحرج. تموّجت حزم ممطوطة ومع رخاوة النسيج استدارت صورة داكنة.
" كم هي جميلة عيناكِ ؟ " على الرغم مما فيهما من غمام.
من قبل ثلاثة أيام، بنهاراتها وبلياليها، رأيتها مع بعض الفرح، تمسح قذالها الأسود المتجعد
بأطراف أصابع عافيتها الرقيقة.
كانت داخل أطار جسدها تترشح بنداوة قديمة. وكانت وديعة. جسدها كله كان وديعاً.
وكعادة فيها معي حاولت أن تكون مستسلمة.
قبل أن أجيبها، تدفقت نار من عود ثقاب إلى حيث سيجارة دستها برفق بين شفتيّ، ثم طفقت
تقبلني مع الدخان.
" الصوت المفقود يا يعقوب، كالموسى يجرح مخلوقي الدفين "!. شيء يشبه نداوة الدم الحار
سال بين عروق رئتيّ المتيبستين. تطرفت عيناي إلى حيث لا مكان. قلت لا تتركيني وحيداً.
لم تند من جسدها حركة، كانت مستسلمة، تنتظر انفراط أصابعي على خديها الشاحبين وتكوري
على ملامحها.
الغرفة النبيلة، والأفكار التي ليس لها مستقبل، والسخط المقنع بالرضا أحيانا، والجمرات التي ليس
لها رجاء في المكان الخريفي، ما عادت هي هي. كل شيء تحول إلى صمت محتشد.؟ إلى نظر
يحاول دائما اقتناص لحظة مارقة. حتى اللوّن ما عاد نفس ذاك اللوّن. شيء ما كان يغوص بلا
توقف.
عندما أسندت جسدها الهزيل الهاطل المعلول، أو بقية من ماضيها البيولوجي، إلى جدار، تسلق مستقبلي
بلا حيلة. يوم قريب ستكون في مكان بعيد جداً. وربما سأستمر بعدها زحفاً إلى مستقبل الوقار
الأخرس. يفصلني عنها متر من الحيّرة بلا حيلة سوى التحديق. المحطات تهرب مسرعة للوراء، صوت
الخرير ينأ بعيداً، هي لا تقترب، ولا أنا. كل منا يغوص في بريق تلك المحطات الهاربة.
منفيان، نتعرض لفائض من حياة تبحث بعيداً عنا عن طريق للخروج. يومها كنت على وشك أن
أضيف لكِ، بالرغم من طراوة نسيج قطعة القماش، ولونها المناسب، كان الدويّ يتدفق بلا تحفظ.
لهذا لم أقل أنكِ جميلة، أو قاحلة!. ثلاثة أيام، كانت عقارب الساعة الرملية تتسرب نحو الاسفل،
نحو مستقبلنا الغريب. وكنا مثل مسافريّن على متن رحلة بعيدة، لم يحمل أي منا أية وثيقة سفر
رسمية. هكذا كانت البحار ترتبط ببعضها. وأن المراكب غالبا ما ترسي إلى موانئ معلومة،
وأن كل المسافرين عندما تركوا المركب لم يكونوا يشعرون بأي نوع القلق إزاء ما سيوجه لهم
من اسئلة، او ما سيفعله شرطة الحدود والكمارك في حقائبهم، إلا أنا وأنتِ، كنا نعرف لأية حرب
خاطفة مباغتة سنكون أمامها. كنا امام محك الحقيقة الهائلة. كيف ستشع عيوننا قبل عيون الآخرين
بما فقدناه من صفاء وطاقة بركانية. وكيف سيملئنا الآخرون باختلاطهم الهجيني. وكم علينا أن
نشرح لهم ليتأكدوا أننا من عنصر لا يشكل خطراً على أي منهم، إنما مجرد كائنين أدركنا منذ
وقت لا يمكن أن نعيش إلا في جنسنا الإنساني. هذا كل ما نملكه من حقائق ثبوتية.
كنت أتتبع ما يتخلف للوراء. أشجار وبيوت وأعمدة وبقع مياه. وكانت بعض وجوه المسافرين
ما تزال معلقة على التلال والعلامات التي كانت تتلاشى سريعا. عالم من أنفاس، واسراب،
ورغبات.
أيه أيها الليل المسالم الحقيقي الأكثر إصالة في هذا العالم الشيطاني، السريع البلاغة والعبقرية،
أيها الجسد البرقي في أرخبيل ذوات المذهبات.. ذوات الدماء الحارة، المداومات على الشذى والسحر،
أيها الليل السرمدي، أنقذني. انقذني من غرفة نومي.. من سريري.. من تلك الموسيقى الغبارية التي تتعايش
وإياي. أدركني ها أنا أصل إلى حافة المهوى المحرض على الجنون. ها أنا أتجرع كمية لا يعرف
مقدارها حتى الله، من السائل الناري. ها انا أختلط مع الزوارق والمجاذيف المدهونة بدماء الاسماك والحراشف. ها أنا الملبد بالنيران والكلمات والخلاعة وبتواقيع أبناء الحب الشره والطبيعي وبما تخلفه الآلات الكاتبة والقصائد المدهشة.
أيها المحيط الاسود المليء بالأصداف والكنوز والرفوش أطلق الهواء بصدري. ها أنا احتظر على طريقة
المشعوذين، خذني بحضنك الأزل قبل أن تقتلني خواتيم الاضطراب.



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كدنا نتنفس بعضنا!..
- شامة !..
- لأنبعاث أكثر..
- الاتجاهات تنبُت حُباً...
- روح الناضج!..
- شبيدي !..
- أتلك استحالة ؟!..
- أغدق...
- ذات المناخ !...
- لروزا أيريك كارافال / تشيلي..
- كذبة، بطعم شفتين!..
- أول الأبوة..
- إليك.. كأنك حبيبي المستحيل!
- غرق الخمول..
- الكوابيس لا تطير في الفراغ!..
- عند ذاك.. عند ذاك فقط !..
- نمّو...
- انكسار !..
- أرجاء الحذر !..
- في حال !..


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - الدالة !...