أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - سطوة الكلاب (1/2)














المزيد.....

سطوة الكلاب (1/2)


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 5555 - 2017 / 6 / 18 - 17:59
المحور: الادب والفن
    


ربطتهما ولعقود علاقة صداقة نادرة في صفائها وعمقها لا تهتز أمام مصالح الدنيا الزائلة .. يؤمن بكرم صديقه الحاتمي الذي لا ينازعه فيه أيا من شلة الصعاليك الذين جمعتهم الأقدار قبل عقود وربطت بينهم بوثاق صنعته الشدائد لا يضعف أمام عواصف الدهر.. لكنه يعرف أيضا أن هذا الكرم الحاتمي لصديقه ينهار ويتلاشى عندما يتعلق الأمر بما يجود به البحر عليه.. فهذا الحاتمي في كل شيء إلا السمك كان يمارس الى جانب وظيفته في الحكومة مهنة صيد السمك منذ نعومة أظفاره وقد ورث هذه الحرفة عن ابيه وجده، لكنه كان نادرا ما يجود ببعض صيده على أصدقائه الذين فشلوا حتى في إقناعه بأن يبيعهم وبمقابل نقدي جزء من صيده ..

ذات يوم وقد هزه الشوق لوجبة سمك عجز جيبه الفقير عن توفيرها لأسرته توجه وقد صمم على أن يخترق حصون هذا الصياد الصعلوك، وأن يرفع راية الصعلكة التي عاشا في ظلها لسنوات، وينتظر دخوله بمركبه ليستولي بدلال وجرأة على ما يكفي لإعداد وجبة سمك لأطفاله الذين مرت على آخر وجبة سمك مجمد وفرها لهم ذات يوم أكثر من سنة .. انتظره عند المرفأ الصغير بالمدينة الذي اعتاد الرسو به ، كانت نفسه تحدثه بأن هذا الصعلوك قد يتجرأ على إفشال خطة السطو التي أعدها ويحول دون حصوله على ما يعتبره حق له تفرضه عقود الصداقة والصعلكة التي جمعتهما منذ عقود .. لكن صورة أطفاله وجوعه لوجبة سمك طازة ونظيفة جعلته يغامر لاختراق حصون هذا الصديق و افتكاك هذا الحق بكل جرأة وصفاقة..

مرت أكثر من ساعة وهو يتخذ من كتلة خرسانة يستخدمها الصيادون كمربط لمراكبهم مقعدا يتأمل موجات البحر الهادئة ومناورات نوارس تطارد الأسماك في مياه الشاطئ الضحلة مستعرضا في خياله ما يمكن ان تنتهي له غزوته واقتحامه لقلعة هذا البحار الصعلوك.. في حدود الثانية عشرة ظهرا بدأت مراكب الصيادين العائدة من رحلة الصيد تظهر في الأفق وشرأبت نظراته لتميز صيده الثمين، حتى ظهر له من بعيد وقد انتصب كتمثال صدئ بمقدمة المركب فيما مساعده يدير الدفة لتفادي الصخور والدخول الى المرفأ .. توقف المركب، ونزل صاحبه يخوض مياه الشاطئ الضحلة بتثاقل من أنهكه تعب ملاعبة الأسماك ومغازلتها ، فيما تبعه مساعده بعد أن أوثق المركب في المرساة حاملا على كتفه حافظة بلاستيكية تحوي ما جاد به البحر عليهم هذا الصباح .. حياه كالعادة بتلك اللغة المكشوفة المعتادة بينهم الخالية من أية مجاملة، وسأله :
- انشالله واسقة اليوم يا لهلوبة!!
- هو ليصبّح في وجهك يربح.. هي شن جابك ع الصبح؟
- جاي بنعبي عيوني من وجهك يا وجه الشكورفو.. ورينا شن جبت.
متجاوزا إياه إلى مساعده مصوبا نظره نحو الحافظة التي وضعها المساعد بينهم.. ألقى نظرة سريعة وأخرج كيسا بلاستيكيا من جيبه وبدا يختار ما يروق له من أنواع السمك، فيما كان صديقه يتابعه باستغراب متسائلا :
- شن ادير يا كازي؟ خلي البلي في مكانه مبيوع راه.
لم يعر كلامه أي اهتمام و واصل تعبئة كيسه بما يكفي من السمك الطازة لإعداد وجبته الحلم.. فيما كان صديقه يرمقه باستغراب مسددا له بعض عبارات الغزل النابية المعتادة في حواراتهم .. بعد أن استكمل مهمته وقف قبالته وسدد له نظرة تحدي تنضح سخرية واستفزازاً مفادها "ها قد حطمت تحصيناتك وأخذت عنوة نصيبي من صيدك، وابحث عن من يسدد لك الثمن يا يابس"..غادر المكان دون ان يشكره او يدعوا له بصيد وفير ..
تابعه بنظرات غاضبة ألحقها بشتائم بذيئة معتادة كان آخرها "يا كلب معاش انشوف وجهك هنا.. انا ساري من عقاب الليل نصارع، وتجي انت بكل جرأة وتأخذ بللوشي بالله نخلصه منك وين بتهرب يا كلب"..
رد عليه دون أن يلتفت نابحا :
- هو هو هو هو هووووووووووو....
- زيد نبحة واحدة باش تكون خالص بالوافي يا وجه الشكورفو ..
و التفت الى مساعده ضاحكا ملئ شدقيه مضيفا بقهقة عاليه:
- رأيته.. مثله مثل أي كلب ينسرف في المرفأ تحذف له سمكات يشكرك بالنباح.. لا تهتم للأمر عندالله عطينا السمك لكلب ..
اخترقت كلمات ذلك البحار المتهكمة قلبه كالطلقة .. فالتفت له وصدى تلك القهقهات الفاجرة تصم مسمعه مهددا:
- سوف تدفع في المرة القادمة ثمنا باهظا لضحكتك الفاجرة هذه يا يابس.. ستعرف من الكلب وسترى كيف يكون الدفع..
عاد الى ببيته وضع كيس السمك بين أبنائه الذين استقبلوه بحفاوة بالغة ، فها هم سينعمون اليوم بطعم السمك الذي كادوا ينسونه بعد أن أصبح ثمنه يضاهي ثمن المجوهرات ..
كان لا يزال أسير تلك الضحكة المتهكمة لذلك البحار .. كيف يرد على قهقهته الفاجرة التي اخترقت مشاعره كطلقة الحارق خارق.. فيما كان الصغار يفتشون ذلك الكيس ويقارنون بين أنواعه ويحاولون تذكر أسماء الأسماك.. كان الرد القوي والمؤثر على نباحه من صديقه المتهتك يطن في رأسه ، ويتساءل كيف سيرد له تلك الضربة القوية..
(يتبع)



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شحرور يحيي القرآن في العقول..
- -لعبة الشيطان.. دور الولايات المتحدة في نشأة التطرف الاسلامي ...
- جمهورية ابناء العم.. عرض مدهشة لتاريخ المرأة على حوض المتوسط
- الجلاء رؤية واقعية
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (3 / 3 )
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (2 / 3 )
- هل أصبحت القواعد العسكرية في متحف التاريخ؟..
- ثلاثية توفلر.. الفرصة الضائعة (1 / 3 )
- التحكم في المناخ؛ أقذر أسلحة الحضارة المعاصرة
- العنصرية.. الطرف الغائب في المشهد..
- قراءة في كتاب نظرية الفوضى-الكايوس- .. ثورة ثالثة في مجال ال ...
- الراحلة ذكرى .. قمة في الانتماء و روعة في الأداء
- -الجينة الأنانية- سفر مبهر في علم مثير.. قراءة في كتاب
- مسالك متري التي قادت ليبيا الى وضع الدولة الفاشلة ..
- مدار الفوضى .. تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف(*)
- -الحروب الصغيرة- سلاح امريكي لتفكيك الدول ونشر الفوضى
- سيد هولاند.. عليك بالاعتذار الأجدى
- مشروع الفوضى الخلاقة كارتدادات لزلزال الحرب العالمية الثانية
- المنظومة المصرفية الليبية الواقع والمستقبل
- -المنبع- الذي لم تقدر قيادة -اسرائيل- قيمة معلوماته قبيل حرب ...


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - سطوة الكلاب (1/2)