|
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين ( الحلقة الرابعة )
محمد علي العامري
الحوار المتمدن-العدد: 5554 - 2017 / 6 / 17 - 15:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" الشريعة ألإسلامية " سلاح ذو حدين الحلقة الرابعة محمد علي العامري وضع الإسلاميون " الشريعة الإسلامية " في أولويات أجندتهم ومشاريعهم ، وجعلوها خطاً أحمراً مقدساً يحرق كل من إقترب منها . فنراهم قد تخندقوا خلفها ليحاربوا بها كل من خالفهم أو حاول إبعادها عن أحزابهم ومليشياتهم . فأصبحت الشريعة الإسلامية سلاحهم الأقوى لتهميش وتحطيم وسحق الآخر وإلغائه بالكامل ، وجعلوا منها سدوداً لحماية مشروعهم السياسي ، وحواجزاً لمنع قاعدتهم الإتصال بالآخر والتأثر به ، وأصبحت شباكاً لصيد الآخر وتصفيته . فالشريعة الإسلامية هي شبه طلاسم لا أحد يفهمها ، ضبابية الشكل ولا ألوان محددة لها ، ولا أصحابها قادرون على إقناع المسلمين ماهي هذه الشريعة ، وما هي ماهيتها ؟ وما هي الأسس والنقاط والمفاهيم والمشارب الثابتة التي ترتكز عليها ؟ ويمكن القول بأنها خدعة ومكر ودهاء ، ومن السهولة أن تتلاعب بها الأنظمة الحاكمة والأحزاب والتنظيمات الإسلامية لما لها من خطورة وحساسية ، ووسيلة لتمرير مشاريعهم ومخططاتهم السياسية . إختلف الفقهاء المسلمون في ما تعنيه " الشريعة الإسلامية "، وأختلفوا أيضاً فيما يخص مصادر التشريع . ولكن الإختلاف الكبير والواضح في تطبيقاتها ، والتطبيق يعتمد على الإجتهاد في التفسير والتأويل ، يعني هنا لا بد من الإختلاف وعدم التوافق ، بل إستحالة وجود شريعة إسلامية واحدة موحدة يلتف حولها المسلمون . مصادر التشريع : أولا : عند الإسلام الشيعي ( الإمامية الأثني عشرية ) : 1 – القرآن 2 – السنة النبوية ( أحاديث محمد وما قاله آل بيته من الأئمة الأثني عشر المعصومين ) 3 – الإجماع 4 – العقل وكما يوضح ذلك الشيخ صالح الكرباسي أحد فقهاء الشيعة ألإمامية : { إن من أهم المصادر التي يستمد منها الفقه الشيعي الامامي مادته هو الكتاب والدستور الإلهي الخالد القرآن الكريم ، و أمّا مصدره الثاني فهو الحديث النبوي الشريف و كذلك أحاديث عترته الطاهرة ( عليهم السلام ) ثمّ إنّ الفقه الإمامي الشيعي الإسلامي كما يستمد مادته من ذينك المصدرين ، كذلك يستمد من العقل في إطار خاص مثل باب الملازمات العقلية ، كالملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته ، و حرمة الشيء و حرمة ضدّه ، و حرمة الشيء و فساده ، و توقف تنجز التكليف على البيان و قبح العقاب بدونه ، و استلزام الاشتغال اليقيني البراءة القطعية إلى غير ذلك ممّا يبحث عنه في الملازمات العقلية . كما أن الفقه الشيعي الإمامي يستمد مادته أيضاً من إجماع الفقهاء الكاشف عن وجود نص وارد في المسألة من قِبَل المعصوم ( عليه السلام ) و إن لم يصل ذلك النص إلى يد المجتهد ، و لم يقف على مستند ذلك الاجماع . هذه هي أهمّ الأُسس التي يقوم عليها صرح الفقه الإمامي الشيعي الإسلامي } . اما العلّامة محمد حسين فضل الله ، المرجع الشيعي الأعلى في لبنان ، يؤكد على أن القرآن والسنة النبوية كمصدر للتشريع فقط ولا حاجة لـ " الإجماع والعقل " .
ثانياً : عند الإسلام السني ( السنة والجماعة ) 1 – القرآن 2 – السنة النبوية :وهي أحاديث النبي محمد فقط ، وتعتمد على المنقول عن ما سُمع عن محمد ( صحيح مسلم والبخاري ) 3 – الإجماع : ويعني إجماع الفقهاء على حكم من الأحكام في زمن بعد وفاة محمد 4 – القياس : ويعني ، إلحاق أمر لم ينص على حكمه بآخر منصوص عليه في الحكم الشرعي لإشتراكهما في علّة الحكم . وهناك من يضيف الى المصادر الأربعة : • الاستحسان • العرف • الاستصحاب • المصلحة المرسلة • سد الذرائع • شرع من قبلنا • قول الصحابي
ويختلف الإسلام الشيعي والإسلام السني حول مصادر التشريع : أولاً – القرآن : كلا الطرفين لهما تفسيراتهما وتأولاتهما المختلفة للآيات القرآنية ، لأن المشكلة تكمن كما أسلفنا في الحلقات السابقة ، أن معظم النصوص القرآنية تكون أحكامها ظنية الدلالة ، أي إنها تحتاج الى أكثر من تفسير وأكثر من تأويل ، مما أوقع الفقهاء والمرشدين في حيرة من أمرهم وورطة كبيرة . ولهذا لاحظنا الخليفة الرابع الإمام علي بن أبي طالب قد إكتشف التناقضات في القرآن عندما قال { القرآن حمال ذو وجوه ، إنه حمال أوجه } وهو صادق بذلك ، بل وأدرك ما سيترتب عليه من إشكاليات معقدة تؤدي الى شرذمة المسلمين الى ملل ونحل ومشارب مختلفة ومتناحرة ومتحاربة ، وها هم المسلمون يعانون من ويلاتها . وكما وضحنا أن الإسلام إنشق الى إسلامين ، وكل إسلام له من المرشدين والفقهاء والمجتهدين الذين يحاولون جاهدين تطويع النص القرآني ليكون ملائماً تماماً مع تشريعاتهم ليأخذ الصفة الشرعية ثم القدسية ، ويطلق عليه مصطلح " الشريعة " التي تحتم على أتباع هذا الإسلام أو ذاك الإلتزام بها والدفاع عنها وحمايتها كفرض إلهي مقدس عليهم . فقد إنتهى الأمر بينهما الى أن كل طرف له كتبه في تفسير القرآن الخاص به ، وله شريعته ألإسلامية التي يريد أن يفرضها على الجميع . ففي عام 2005 قام الشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي السابق ، بزيارة لمكتبة الفاتيكان التاريخية ، وحينها سمحوا له بالإطلاع على نسخة قديمة جداً للقرآن ، وبعد تصفحه لهذه النسخة القديمة ، أصابه الذهول عندما إكتشف أن هناك نصوص قرآنية غير موجوده في نسخة القرآن الحالي الذي بين أيدينا ، وكذلك هناك آيات موجودة في نسخة القرآن الحالي ولم تك موجوده في نسخة الفاتيكان ، ووجد العكس أيضاً . وقد قام الرجل بنشر ما رآه بعينه في الصحافة السعودية مما أثار ضجة وإحراج كبيرين في الوسط الإسلامي . وعلى إثرها نزلت دراسات تبين أن هناك عشرات السور ومئات الآيات القرآنية تم تغييرها والتلاعب بها أو إتلافها وإخفائها . فأضطر الشيخ أحمد زكي يماني الى الهروب لبريطانيا طالباً اللجوء من بعد التهم التي وجهت اليه من قبل الحكومة السعودية ومعظم مجمعات الفقهاء والإفتاء الإسلامية ، مع العلم إن يماني هو رجل متدين ومؤمن ولا يمكن أن يكذب ، ولحد اليوم لم نسمع تكذيب ما نشره . ثانباً – السنة النبوية : الإسلام السني يعتمد على كتابي ( صحيح مسلم والبخاري ) كمصدر رئيسي للتشريع من رواة ومحدثين عن لسان نبيهم . ومن أشهر هؤلاء الرواة ( عائشة زوجه محمد وأبوا هريرية وأبن عباس ) أما الإسلام الشيعي ، يعتمد على آل بيت نبيهم من سلالة فاطمة بينت محمد وزوجة علي بين أبي طالب كمصدر رئيسي للتشريع . ولا يثقون بكتابي ( صحيح مسلم والبخاري ) ولا بعائشة زوجة محمد أو أبو هريرة . ثالثاً – الشيعة يعتمدون على العقل كمصدر أساسي للتشريع ، بينما تلغيه السنة ولا تعترف به كمصدر أساسي للتشريع . رابعاً – السنة يعتبرون القياس من المصادر الرئيسية للتشريع ، لكن الشيعة تلغيه ولا تعترف به كمصدر أساسي للتشريع . خامساً – الإسلام الشيعي يلغي بالكامل ( الإستحسان – العرف – الإستصحاب – المصحلة المرسلة – سد الذرائع – شرع من قبلنا وقول الصحابة ) كمصادر للتشريع .
ولهذا ، نؤكد بأنه لا توجد على الإطلاق شريعة إسلامية واحدة موحدة ممكن الرجوع اليها والإتكال عليها والإسترشاد بها . وما نسمع به عن المطالبة بتطبيق " الشريعة الإسلامية " هو مجرد أكذوبه وخديعة ، يراد منها تجهيل المجتمع الإسلامي ودغدغت مشاعره وعواطفه ليتمكنوا من السيطرة عليه وتمرير أجندتهم ومشاريعهم السياسية أو الحزبية ، وغالباً ما تكون لخدمة الأنظمة الحاكمة بشكل غير مباشر . محمد علي العامري 17 حزيران 2017
#محمد_علي_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين - الحلقة الثالثة
-
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين - الحلقة الثانية
-
- الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين
-
سألوني .. لماذا لا تكتب عن مشكلة قطر
-
ولكن .. يأتي الإرهاب لنا من هنا
-
يمر الظلام علينا من هنا ...
-
هل هناك إمكانية لتغيير الخطاب الديني وتجديده
-
لا بديل عن الدولة العلمانية في العراق
-
لي كلمة بمناسبة أعياد الحزب الشيوعي العراقي
المزيد.....
-
-بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن
...
-
قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا
...
-
سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
-
بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة..
...
-
قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر
...
-
مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور
...
-
ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف
...
-
رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو
...
-
سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف
...
-
-بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|