أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - دستور يا شيخنا الكبير














المزيد.....

دستور يا شيخنا الكبير


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 5551 - 2017 / 6 / 14 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة جدا
دستور يا شيخنا الكبيررر

دستور يا شيخنا الكبير .. مدد يا سيدنا ..هذه الجمل ما زالت عالقة في تجاويف ذاكرتي أيام طفولتي المشاكسة .. جرت عادة نسوة حارتنا ومعهن والدتي التي كاتت تصحبني معها أينما ذهبت ، زيارة القبور في عصر كل يوم خميس ، علما إننا لم يكن لنا ميتا حديث الدفن حينها ومع ذلك لم تنقطع زيارة نسوة حارتنا للقبور ... وأنا أشاهد طقوس هذه الزيارة وأندهش وأفكر في كل تفصيل صغير من سلوكهن .. لماذا نرش الماء على القبور هل الميت سيشرب ذاك الماء ... ؟ لماذا كل هذا النواح ونحن بجانب القبر .. هل كان صاحب هذا القبر قريب والدتي مثلا ..
لماذا يجب أن نزور الموتى؟ السؤال لم يبقى بسيطاً على حالته الأولى، بل تشعّب إلى عشرات الأسئلة، مثل: لماذا يجِب أن نُدفن؟ أو عندما أسمع بأحدهم قد مات في الخارج وعائلته تريد جسده، تُطالب بجسده..
فكرة المُطالبة بالجسد، أو كيف أن الإنسان عندنا ليس حراً في جسده، لا في الحياة ولا في الممات، أي أنّ «جسد الميت بعد الموت يعود لأهله»!.. هذه الجملة الأخيرة من أكثر الجمل المُبهمة في حياتي، قد تلخّص تصوّراً ومفهوما كُلياً للحياة.. وللموت.
.بعدها وهنا الفصل الأشد رعبا في هذه الزيارة ... نذهب إلى غرفة صغيرة وسط القبور يعلوها قبة خضراء ووسط هذه الغرفة قبر كبير ملفوف بقماش أخضر عليها كتابات من القرأن .. تمد والدتي يدها على القبر وتتمتم في سرها ثم ترفع يدها إلى السماء وأنا ملتصق بطرف ثوبها مرتعب وخائف .. أتخيل أن شبح ما سيخرج من هذا القبر ...وبجانب هذا القبر الأخضر صندوق خشبي مثقوب كنت أشاهدهن يضعن النقود فيه ... وكم مرة كنت أحلم لو كان هذا الصندوق لي ... نخرج من هذه الغرفة بعد أن نمسح بأيدينا على أقمشة القبر فتهدينا صاحبة الغرفة شريطا من هذا القماش نضعه سوارا حول أيدينا ليحمينا الله ببركة صاحب القبر شيخنا الكبير المتوفي منذ مئات الأعوام ...وعندما نخرج نلتقط بعض الأحجار الفخارية الصغيرة من الأرض ونقوم بفركها بزوايا جدران الغرفة من الخارج .. إذا التصقت هذه الأحجار بالجدران فهذا يعني إن شيخنا الجليل قد تقبل زيارتنا وأن مرادنا وأحلامنا سوف تتحقق ...
لكن ما كان يزيد من حزني وخوفي هو مشهد بعض النسوة اللواتي كنا يلتففنا حول قبر جديد على مايبدو ، حيث يمسكون بأيديهم التراب ويفركوه برؤوسهن وشعورهن وهن يرددنا عبارات وجمل لم أفهم معانيها بشكل دقيق لكن الذي كنت أعلمه أنه مشهد بكاء وعويل وصراخ فوق قبر أحد الأشخاص استشهد في الحرب وهو في ريعان الشباب . قبل الغروب عبر شارع طويل تعود جميع نسوة بلدتنا بلباسهن الأسود إلى منازلهن وأنا فرح بنهاية هذا الكابوس المزعج والمفزع لأي طفل صغير يشاهد هذه التفاصيل ..وبكمية السكاكر التي كانت في جيوبي وبأغصان الزيزفون التي كنت أحملها بيدي لأضرب بها الخراف التي كانت تجتازنا أثناء عودتنا ونحن على الطريق .



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص السماح
- ليل وغربة وحب مؤجل
- عبث الانتظار
- رباعيات الغياب
- هدية عيد الأم
- من قال ذلك
- نظرية فراغ
- مذكرات من بيت خشبي
- تجليات من وحي الأنتظار
- هواجس الليل
- شجرة توت
- حصاد السنابل
- أحلام مستغانمي ....ما بين فخامة المفردات والشخصية غير المتوا ...
- حافية القلب
- كل حلم جميل
- تسمية عامودا وقلعة ماردين
- هديل المخيلة
- محطات للرحيل
- ندم لا ينتهي
- قصاصات على حائط حبيبتي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صبحي النبعوني - دستور يا شيخنا الكبير