أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي -5-














المزيد.....

كأنّه أبي -5-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5543 - 2017 / 6 / 6 - 16:59
المحور: الادب والفن
    


يحملني الحبّ على جناحيه، أستسلم لقدري ، أعطي الحياة استراحة منّي، أتجاوز حدود الواقع، أصل إلى الجنون. أشعر بالنّضوج. كنت مراهقاً وفي هذه اللحظة بدأت أنضج. قولي يا مي ألست اليوم في أفضل حالاتي ؟
-بماذا أفضل يا غريب؟ أنت مجنون في كلّ الحالات، ولن تصل إلى مرحلة العقل أبداً، أريد أن تبقى كما أنت. يبدو أن الطقس قد أثّر عليك فشعرت بالحياة. رحلتنا اليوم كانت ضرورية لي ولك، وأفضل ما فيها أننا تركنا هواتفنا بعيداً عنّا واكتفينا بهاتف صغير ليس فيه تطبيقات تشغلنا. سوف نجمع العيدان ، ونصنع موقداً. ثم نتناول إفطارنا معاً.
-أشعر أنّني أحلم. لو لم تكن ميّ في حياتي ماذا كنت سأفعل؟
كنت سوف أتسكّع في الطرقات وأختلق الأعذار كي لا أبدأ حياتي، ولم لا؟ فجيناتي مرسومة على نمط أبي.
-ماذا قلت؟ بسملْ من فضلك. لا نريد غرباء معنا.
-حاضر أيتها الأميرة. أمرك سيدتي.
-تعال نسابق تلك الطّيور، نقلّدها، ثمّ نمشي على أربع. تعال نضحك، نغني، نرقص ، نتحرّر.
تعال ننسى الزّمن خلفنا ، نعيش ضمن صبح يضمّنا.
-تعالي حبيبتي نتوه. نصعد فوق الصّدى، نذوب، ونبقى إلى الأبد هنا. تعالي أحضنك كطفلة صغيرة، تدورين بين ذراعي، ونرتمي أرضاً.
تعالي نعيش الحلم، فاليوم لنا.
لو كنت أعرف أنّ السعادة أنت لكنت أتيت حافياً، حملتك على كتفيّ، وكنت الحصان الأبيض.
من أنت ياميّ. قولي بحقّ السماء. هل أنت جنّيّة أم ساحرة؟
-سوف نبدأ حياتنا اليوم. ننطلق من هذا المكان إلى الحياة. أشعر أنّنا جزء من هذه الطبيعة، النّسيم والطيور، وعذوبة المكان.
سوف نجمع بعض العيدان، ونعمل موقداً من حجارة وطين هنا . كي تذكرنا الغابة كلما وطأ قدم غريب فيها، ونحفر اسمينا على تلك الصخرة العالية نحتفظ بتاريخ البدء من الغاب. كذبت على أمّي. قلت لها أنّك دعوتني لقضاء بعض الوقت مع عائلتك، كي لا تبقى مشغولة عليّ. أردت أن نكون أحرار من قيودنا العائليّة، وعلى فرض أن أمّي أو لم تقتنع بنا. يكفي أن نختار نحن. فحياتنا ليست حياتها.
-يمرّ الوقت بسرعة ياميّ. أخشى أن لا يكفينا اليوم لتنفيذ كل مشاريعنا؟
-هل لدينا مشاريع؟ أتينا كي ننسى الوقت والخطط والكلمات، وإن لم يكفنا اليوم نبات هنا. الكثير من الكائنات تتدبر أمرها.
انتهينا من صنع الموقد، سوف نشعل النّار، وعندما تصبح جمراً أضع الصّاج فوقها. أحضرت معي عجين الخبز والزبدة والسّكر. سوف أصنع فطيرتان لي واحدة ولك واحدة.
ها قد انتهيت من صنع الفطيرتين. سوف نشرب الشاي مع الطعام. ناولني ابريق الشاي.
سوف نملأ الابريق ثم نشرب ونشرب، فلا ألذّ من الشاي في الغاب.
-توقفي! ماذا تفعلين؟ لماذا تضيفين السكر والشاي إلى الماء؟ وهل يعقل أن نأكل فطائر السّكر مع الشّاي بالسكر.
-توقف يا غريب عن الهراء. نحن ليس لدينا قانون هنا. نحن من يضع القانون. لا قيود على أذواقنا. لو عرفت كم من العبيد ماتوا في حقول قصب السّكر لوقفت دقيقة صمت على أرواحهم كلما مرّرت بذرة سكر.
كل شيء جاهز الآن. سوف أجلس على الشجرة التي تقابلك. أرغب أن أرى لغة جسدك. إنّك تتمتّع بالشّاي والفطيرة. أما أنا فلم أستطع شرب الشاي. سوف آكل الفطيرة فقط. قد أشرب الشاي لا حقاً ولا ضير أن يكون بارداً.
-ماذا وضعت في هذا الطّعام؟ لا أقاوم النّعاس.
هي الطبيعة تتماهى معنا، وهل هناك قيد على النوم؟ نم كما تشاء.
يغطّ في نوم عميق.
مضى عليه نائماً بضع ساعات، وأنا جائعة. سوف أفتح حقيبته لأرى ما فيها. أوه! لحم مقدّد ونبيذ وخبز. اعتقدت أنه لا يعرف طعم فمه.
غريب. انهض . سوف نتناول الطّعام . إنّني جائعة.
-أتيت معك ياميّ. احمني منه أرجوك. تصرّفي. لو شئت قدّمي له الطّعام، لا تدعيه يخطفني وأنا نائم. أنا دائم الخوف من الخطف.
-يبدو أنه يهلوس، وأن أباه سوف ينام ويقوم ويأكل معنا.
لن أوقظه. سوف آكل الطّعام وحدي.
لا أشعر بطعم النبيذ. لم أذقه في حياتي. أرغمت على شربه، فليس في الغابة ماء. أكلت كلّ الكمية. لا أعرف كيف جرى هذا. سوف أبحث عن بعض الأعشاب والجذور أطبخها له. الصمت يسود المكان. حلّ المساء. وحدي أدور في الغابة. أجمع العيدان. أضرم النّار. سوف أسند ظهري إلى تلك الشّجرة. قال لي أن أحميه، وسوف أحميه. من يدري؟ قد يأتي والده!
أسمع ضحكة خفيفة قادمة من السّماء تقول: حتى أنت ياميّ!
والده لا يستطيع حمل خروف فكيف له أن يحمل مارداً. والده إنسان، وقد يكون اشتاق له.
-اعذرني يا أبتِ. هو مرض وعدوى انتقلت لي منه، سوف أحاول أن أشفى، لكنّني لم أشبع، ولم يبق معي طعام. هل يمكن لك أن ترسل مائدة وغطاء كي نبات الليلة هنا.
بالطّبع ياميّ. سوف أرسل لكم أحد الملائكة مع طائرة ورقية يحمل عليها كلّ أصناف الطعام، وغرفة تستعملانها ليوم واحد. دقائق ويكون كل شيء على ما يرام.
-لقد استيقظت. هل كنت تحدّثين أبي. لا أرغب أن يجلب لنا غرفة، ولا أغطية.
-اسمع يا غريب. ريثما يحضر الطّعام سوف أحكي لك حكايتي.
قبل الانفجار الكبير وظهور الإنسان. كان هناك عالم مواز جرى انفجار فيه، عشت مع عائلتي هناك. كان عالمنا متطوّراً أكثر من عالم اليوم. أحبّني الرّجل العنكبوت. اسمه عنكبوت، وكان اسمي عقرب. تزوّجنا وعشنا بسعادة، وأنجبنا الأطفال. ثم بنيننا مملكة العنكبوت والعقرب.
-لقد نام مرّة أخرى. هو لا يحبّ حكاياتي حتى عندما تكون حقيقيّة. إنّها الحقيقة أنّني عشت هناك. لا يرغب أن يسمعني أتحدّث مع أحد أو عن أحد. قد يكون أنانيّاً.
سوف أحاول النّوم. تتراقص النّار فتأتي خيالات الأشجار على وجهي، ويثقل جفناي، أتكوّم على الأرض فلا أغطية، ولا طعام.
من القادم؟
ممنوع أن تقترب من غريب. سمّمت طفولته لا تسّمم شبابه.
-ميّ! هل جننتِ؟
والدي ليس شبحاً ليستطيع الظهور في كلّ زمان ومكان. هيا بنا.
-سوف أضربك يا غريب. وضعت الخوف في طريقي أيضاً. هل أصبحت عاقلاً الآن؟



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التّابع والمتبوع
- كأنّه أبي-4-
- الرّقابة الشّعبية على الفكر العلماني مستبدّة أيضاً
- صفّوا النّية
- لغة القلم
- كأنّه أبي-3-
- كأنّه أبي-2-
- كأنّه أبي-1-
- بازر باشي
- صراع مع الأماكن
- أحِبّونا دون شروط
- الشّعب المختار، والمحتار
- نحن والزّمن
- -ديني على دين المحبوب-
- المحرقة السّورية، والموت السّهل
- يبدأ الحبّ بلمسة تعاطف
- أعراس الوطن-مسرحيّة-
- عندما نُجبَرُ على الشّيخوخة
- مع ذاتي
- يشعلني الحنين


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي -5-