أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني أبو المعالي - الأغنية العربية في ميزان الفيديوكليب















المزيد.....

الأغنية العربية في ميزان الفيديوكليب


حسني أبو المعالي

الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 07:27
المحور: الادب والفن
    


تمكنت الأغنية العربية الجديدة التي أطلق عليها إسم الأغنية الشبابية من الوصول بقطار الفيديو كليب السريع إلى شريحة واسعة من الأطفال صبيانا وصبايا، صفقت لهذه الأغنية بدون أن تميز بين الغث والسمين من الأغاني، وحرصت على شراء أسطواناتها التي حققت لأصحابها بزمن قياسي أهدافا تجارية خيالية، وقصرت طريق الشهرة لمجموعة كبيرة من المغنيات والمغنيين العارية أصواتهم من أية مؤهلات جمالية وفنية متميزة، إلا أن تلك الأغاني لم تستطع مع كل هذا الانتشار أن تلبي حاجات المتلقي العربي على المستوى الفني والجمالي، فكاتب الكلمات لم يعد يفكر في الإبداع إلا بعقلية الفيديوكليب، والملحن لم يعد يستهويه الطرب إلا على إيقاع وأنغام الجاز الغربي، والمغني أصبح راقصا وممثلا أكثر منه مطربا، فالصوت الغنائي في مثل هذه الحالة لايشكل إلا عشرة في المائة من نجاح الأغنية (أقصد انتشارها) بعيون وآذان أطفالنا الصغار، ويعود الفضل الأكبر لهذا الانتشار إلى الإبهار والإثارة والدخان الذي مهما تصاعد عاليا لايمكنه أن يحجب شمس الأغنية العربية الأصلية لأيام الزمن الجميل.فالأغنية الناجحة (فيديويا) لاتقاس بمدى الإمكانيات الصوتية للمغني أو المغنية، ولا بالألحان الجميلة في أنغامها وإيقاعها، ولا بالكلمات العذبة، وإنما بالإمكانيات (المادية) المالية التي تغطي تكاليف السفر إلى الهند واليابان ولندن وروما. وربما جزر الواقواق. بهدف تصوير مشاهد الأغنية العربية في الأجواء غير العربية. وأعتقد بأن المبالغ الطائلة التي يتم تبذيرها في إنجاز أغنية مصورة توازي أحيانا ميزانية فيلم سينمائي، علما بأن اغنية الفيديو كليب لاتعدو أن تكون في إطارها العام سوى (جنريك) لمسلسل عربي أو إشهار تلفزيوني (فقرة إعلانية مصورة) لبضاعة أو سلعة ما، بل هي إشهار فعلا ولكن لنوع مختلف من البضاعة، بضاعة تستفز المستهلك على صعيد الذوق الفني وتخدش حياءه على الصعيد الأخلاقي.
إن التلفزيون أصبح في ظل الفضائيات أحد أهم أفراد العائلة داخل البيت العربي، ويحتل موقعا متميزا في المنزل، ولا راد لنا لما تقدمه برامجه على الشاشة الصغيرة من غث الأغاني بحجة إرضاء جميع الأذواق، وهذا ما يتعارض مع مبادئ التربية الفنية التي علمتنا بأن الفن رسالة وليست تجارة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأولادنا وشبابنا أصح! اب المصلحة الحقيقية في الفن باعتبارهم أمل المستقبل، والذين هم بأمس الح اجة إلى الرعاية الفنية والتوجيه الصحيح في تنمية الذوق السليم، لهذا فإن القنوات التلفزيونية العربية تتحمل المسؤولية كاملة عن غياب الضوابط والشروط الفنية والجمالية اللازمة لقبول أي عمل غنائي لاينسجم وقيمنا الأخلاقية ومبادئنا التربوية، ولا يتمسك بثوابت الموسيقى العربية مع مراعاة مبدأ تطوير الأغنية العربية لا تطهير أصولها.
إن الأغنية الشبابية اليوم لا تتمتع بشخصية فنية ولا تمتلك خصوصية متفردة، فالإيقاعات في معظم الأغاني متشابهة والألحان متقاربة والأصوات تكاد تكون واحدة يستحيل معها التمييز بين مغن وآخر، إلا من خلال الصورة - الفيديوكليب - الذي زاد هو الآخر في الطين بله، فأساء إلى الأغنية العربية وشوه من معالمها ومضامينها عندما سلط بأدواته الضوء على زاوية واحدة ألا وهي مفاتن النساء من الراقصات وملابسهن الخليعة بعيدا عن أي هدف فني سوى الميوعة والابتذال، وقد شكل عنصر الرقص في غالبية الأغاني الوجه الثاني للأغنية فبدونه لايستقيم المغني ولا تنهض الأغنية الفيديوية، ناهيك عن غياب التوافق والانسجام بين دلالات الكلمة المغناة وبين صور اللقطات السريعة التي يصعب الإمساك بها. ومن المؤسف أن ب! عض الأصوات الجميلة وبعض الملحنين الذين كنا نراهن على إبداعاتهم في استعادة مجد الأغنية العربية، سقطوا في شرك الأغنية الشبابية من خلال (سحر) الفيديوكليب.
وإذا كان لابد من -الفيديو كليب - كضرورة حتمية تمليها علينا عتبة الألفية الثالثة، فإنه يجب توظيفه بما يتناسب وتقاليد الموسيقى العربية، لا أن نوظف موسيقانا وأغانينا إلى شروط - الفيديوكليب - مرآة الأغنية الأجنبية، ومع ذلك فنحن لا نضع جميع الأغاني العربية الجديدة في ميزان الفيديوكليب فلكل قاعدة استثناءاتها، وفي كل ظلمة هناك محطات ضوء ناصعة لتجارب غنائية ناجحة لحنا وكلمات وآداء وصورة اقنعت الجمهور العربي، إلا ان تلك التجارب مازالت محدودة ونادرة جدا قياسا بطوفان الأغاني الرديئة التي حرصت أجهزة الإعلام العربية على تشجيعها بالرغم من أنها تقليد لأساليب الغناء الأوربي في الشكل والمضمون، والغريب إننا لا نقلد الغرب، كما يقال، تقليدا أعمى في كل المجالات سوى في مجال الفنون والموضة، وخاصة الغث منها، فإننا نراها بعيون مفتوحة ونشبعها تقليدا واستنساخا، بينما نتعامى على كل مانحتاجه حقا من نعم الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان.
إن ! أهم ما يميز الموسيقى والأغنية العربية هو الطرب وهو عمودها الفقري بل هو روح الموسيقى الشرقية، وفي لحظات التجلي كثيرا ما نردد أغانينا الخالدة المفعمة بالطرب. ونسعد بترديدها، وغالبا ما نجد (مطربي) الأغنية الشبابية - أنفسهم - يعترفون بفضل الرواد ولا تحلو جلساتهم الحميمية إلا بغناء الألحان الأصيلة لأيام الزمن الجميل حتى أنهم ينسون أغانيهم الخاصة، فإذا غاب عنصر الطرب فقدت الأغنية مناخها الشرقي وخصوصيتها العربية، ولم يبق منها سوى - المسخ - من الأغاني الغربية ولكن بلغة عربية، وحتى اللغة لم تسلم هي الأخرى من حداثة - الفيديوكليب - فقد طالتها أخيرا رياح - الفرانكوفونية - كما في أغنية - إن شاء الله - للفنان صلاح الشرنـــوبي (ملحنها) التي تؤديها لطيفة التونسية، ورياح - الهندوفونية - كما في أغنية - ناري حبيبي ده - للفنان رياض الهمشري ويؤديها هشام عباس، وهذا ما يعتبره البعض تطويرا للأغنية العربية وجسرا يوصلها إلى العالمية، وكأن العالمية شجرة لاتنبت إلا في رياض الغرب، ولا تورق إلا مع غياب هويتنا العربية، ولا تثمر إلا عندما نستجدي الفوز من خارج الوطن العربي.
ومن يستحضر الأغاني العربية الرائعة لأيام زمان يدرك بأن الفنان العربي لم يكن يشغله حينئذ همّ العالمية! بقدر ما كان يشغله اللحن المتميز والكلمة العذبة والأداء الجميل وسحر الطرب، كل ذلك من أجل المتلقي العربي والشرقي، فإن المستوى الفني والجمالي الذي قدمه لنا الفنان الأصيل كان وما يزال يفوق عالمية عشرات المئات من الأغاني الأوروأمريكية، ولكننا دائما ما نخطئ بحق مبدعينا عندما نتوهم بأن كل ما هو غربي يكون بالضرورة عالميا، وأن كل ماهو عربي أصيل لا يصل إلى العالمية بدون موافقة الأجنبي.
إن أم كلثوم لم ترقص يوما على إيقاع الروك، ولم تغز أغانيها أفلام الفيديوكليب، ولم تغن من ألحان باخ أو شتراوس أو بيتهوفن، وإنما من ألحان فنانين عرب أخلصوا لقواعد موسيقاهم، أمثال محمد القصبجي، وزكريا أحمد ورياض السنباطي، بليغ حمدي، محمد عبد الوهاب، محمد الموجي وسيد مكاوي، فهل ينكر أحد عالمية أم كلثوم أو ينكر عالمية ملحنينا العرب الكبار ؟



#حسني_أبو_المعالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشمس والغربال / رأي في الأغنية العربية
- رنين العود أنين العراق
- بغداد الحرية في ظل الاحتلال
- الإبداع والمدينة
- محنة العراق بين الإرهاب والاحتلال
- حدود اللون وآفاق الكلمة
- فضيحة أبي غريب أهون من فضيحة اختلاف الأطياف العراقية
- ليت شعري هذا العراق لمن؟
- هموم التشكيل وأوهام الحداثة
- جاهلية المسلمين في زمن الانفتاح والعولمة
- العراق تحت رحمة الحرية والحوار والديمقراطية


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني أبو المعالي - الأغنية العربية في ميزان الفيديوكليب