أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - ضرورة الانبعاث الفكري للثورة العربية















المزيد.....

ضرورة الانبعاث الفكري للثورة العربية


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017 / 6 / 2 - 08:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول المفكر الياباني " توشيهيكو ايزوتسو" في كتابه "الله و الإنسان في القرآن":
" إن مفهوم الخلق الإلهي بالذات لم يكن مجهولا لدى العرب الجاهليين مطلقا، و يبدو أيضا أن هذا المفهوم كان يرتبط باسم الله غالبا. و في البيت التالي تبدو الفكرة التي عبر عنها الشاعر "عنترة ابن شداد" قرآنية الطابع:
حَرَصَت على طول البقاء و إنما مُبدي النفوس أبادها ليعيدها
و الآية من سورة "إبراهيم" تقول:
" ألم ترى أن الله خلق السماوات و الأرض بالحق إن يشأ يُذهبكم و يأتي بخلق جديد"
و الكتاب المذكور الذي ظهر في الستينات من القرن العشرين يعد بحق كما وصفه بعض المفكرين بفتح جديد في دراسة الإسلام انطلاقا من اللغوي، و هو عبر صفحاته يثبت انتماء القرآن إلى الثـقافة العربية السابقة له مثلما يعد تجاوزا لها من حيث التركيز على فكرة الله..
" و انه لتـنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين.على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربي مبين" ـ من سورة الشعراء. فهذه الآية وحدها تتطلب قراءتها بتأني. التـنزيل بفعل الروح الأمين على قلب الرسول الذي هو أحد المنذرين، بلسان عربي مبين.. و يتأنى المفكر الياباني في رسم لوحة كبيرة الحجم نسبيا تصل بك إلى تأصيل الميتافيزيقي في الخط الروحي العربي العام، الذي من ابرز علاماته النبوة الإبراهيمية التي يصل الإسلام نفسه بها بكل وضوح، و هو من هذه الزاوية خالد..
و إن كانت اللحظة العربية الآنية تعبر عن الفوضى الكبرى في الواقع و الفكر، فذاك أنها ما فتـئت تحاول التمسك بالمنفلت رغما عنها. و انه لمن دواعي الوقوف الجاد عند الأسباب العميقة للمأزق العربي سياسيا و اجتماعيا و ثـقافيا، أن نولي وجوهنا نحو التحديد المبدئي و الأصلي للأزمة بكونها أزمة فكر ما هي إلا افتـقاد لفكر أو عدم استرشاد لفكر يؤصل تعبيرا حقيقيا عن العربي كواقع سلبي يحاول النهوض أو الانقلاب بدون وجود صورة عقلية واضحة، ترتسم فيها تحديدات واضحة للأنا و بالتالي ما تريده حقيقة و ليس زيفا، و من هناك تتأصل الوثبة الانقلابية الكاملة نحو بناء عالم جديد فيه شفاء للعرب و العالمين، بما أن قـدر العرب دوما أنهم في قلب العالم جغرافيا و إنسانيا روحيا...
و الواقع العربي إثر انطلاقة الثورة العربية سنة 2011، قال بوضوح أن حقيقة كون الثورة انقلابا على الأنظمة الحاكمة الاستبدادية المتـنافية مع روحية الحرية العميقة في الشخصية العربية الصحراوية في أعماقها و إن تطبعت بأهل "لوس انجلس" منذ الولادة، و إنها الحرية المطلقة المعبر عنها بالإيمان بالله الواحد الأحد المطلق كنفي لكل عبودية لما هو سواه، فإنها نفت نفسها كثورة كلية على تلك الأنظمة و على الدولة العربية الحديثة التي تماهت معها بشكل أو بآخر، و ذلك لسبب بسيط انه لم تـتم بعد صياغة مشروع فكري موحد يعبر عن عمق الثورة العربية، و إن كان الإسلام السياسي قد ظهر كتعبير عن هذا العمق، إلا انه قد تكشف بكل وضوح مدى الزيف الكبير الذي يحمله هذا المشروع و مدى تهافته على واقع يتجاوزه و غير قادر على الالتـقاء به، إلا من زاوية الحنين إلى ماضي مبهم غير معروف في حقيقـته..
ذاك أن الماضي تمت صياغته أسطوريا في الوعي العام، و هذه الصياغة تجد نفسها تائهة في عالم التكنولوجيا و الاكتـشافات العلمية المذهلة و واقع الاستهلاك المادي و طغيانه المستمر و هو الآتي من الذي أعتبر آخرا مناقضا شيطانيا و قد صاغ نفـسه ماركسويا بالامبريالي البغيض، في تماهي تام مع نفس خط نفي الآخر في القرون الوسطى أو بالأحرى في قرون الانحطاط العربي، الذي فرض الانكماشات المختلفة في المذهبية و الطائفية و القبلية، التي صاغـت نفسها حتى في أشد التيارات السياسية التي تعتبر نفسها تـقدمية و ديمقراطية بينما هي مجرد عصبيات قبلية حزبية قائمة على عبادة الزعيم بأسطورة تم جلبها هي أسطورة الثورية التـقدمية...
الواقع العربي الحالي تكمن فوضويته في الازدحام بين جميع المتهافتين على السلطة دون تهافت على الفكر و الحقيقة الموضوعية للذاتية العربية في عالم اليوم. الذاتية العربية التي هي تاريخ و هذا التاريخ هو تاريخ تطور الوعي جدليا و المتميز بتعلقه بالروحي الصافي الذي هو الإيمان بالله الواحد الأحد. و التاريخ يتأرجح في تـقدمه بين السالب و الموجب و هو بقدر ما يطحن من أفكار و تطلعات بقدر ما يعلي من التعبيرات ذات الأحقية تاريخيا و واقعيا و إن كان على مهل..
فالشعوب العربية بابتعادها عن السياسي و مقـتها له حتى في تونس التي فتحت مجالات التعددية و التعبير السياسي الحر، يبعث برسالة واضحة، و هي عدم الاسترشاد إلى بديل عام مقـنع، و بالتالي تكون الدولة الحديثة التي تأسست في منتصف القرن العشرين ذات مشروعية لازالت قائمة، و إن كان الانقسام العام واضحا بين تـقبل استمرارها مثلما هي و بين من يطلب إزاحة الوجه الاستبدادي المقيت عنها، و الرأي الأول قائم بالأساس على الخوف الشديد من افتـقاد الدولة و الدخول في الفوضى الدموية التخريـبـية..
و يكون من باب الوقوف بجدية أمام اللحظة التاريخية التنكر للذات و التعلق بالبحث عن ما أفصحه الواقع الحي، و الذي من خلاله يتم بناء فكر سياسي يؤسس لتصورات عامة يشعر المواطن العربي بانتمائه إليه بشكل شبه عفوي.. الفكر متـناقض تماما مع أي أساطير سواء تلك المأخوذة من ماضي موهوم، أو من تـقدمية ثورية موهومة كذلك لأنها تغيب عن قصد الفاعليات التاريخية المختلفة التي أسست لواقع الثورة البلشفية الاستـثـنائية بفاعليها الاستـثـنائيين في واقعها الاستـثـنائي..
الفكر السياسي العربي شأنه شأن أي فكر يجب أن ينطلق مما هو عام و مما هو وعي عام، و هذا يقول بالعروبة، و "العروبة جسد روحه الإسلام" مثلما قال المفكر "ميشيل عفلق". مما هو عام و ملاحظ بشكل جلي أن الثورة التونسية ليست بثورة الياسمين مثلما أطلق عليها الفرنسيون، و إنما هي ثورة عربية عميقة بحكم كونها سارت كالنار في الهشيم، و هي تعبر عن مقولة "وحدة النضال العربي". هذه الثورة كذلك رفعت أعلام فلسطين في ترانيم جماهيرها الصاخبة التي اكتسحت الشوارع و افتكتها من الأنظمة البوليسية التي حاولت تجسيد رعب أقوى من رعب الزبانية في المخيلة الدينية العربية، و بالتالي فهي ذات قضية مركزية هي أن التحرير العربي متمحور حول تحرير فلسطين مما هو في نفس الوقت مطلب وحدوي عربي حول هذا المحور. هذا التحرير بما هو تحرير للأرض و تحرير للعالم من الصهيونية العالمية التي تـقود العالم نحو الدمار بما يسمى الرأسمالية الربوية المالية. كما أن هذه الثورة قالت أنها ليست استـئصالية للدولة الحديثة و إنما قطيعة مع استبدادها و تواصل معها كتأسيس وحيد عبر عن نفسه بالانجازات المختلفة و التراوحات المختلفة بين المأمول و الإمكان سياسيا و ثـقافيا و اجتماعيا، و لكن هنا بالضبط و في هذا المستوى فان اللحظة التاريخية تطلب تـقدمية عربية حقيقية متصلة مع مجمل هذا المشهد و قافـزة به في حركة انـقلابية هي في نفس الوقت تعبير عن الأعماق الكامنة الغير مكتـشفة بعد، و هي التي تتصل بفكرة العدالة و الحرية كنقيض عن واقع تشييء الإنسان و واقع القسوة و النفي للروحي و القيمة الذاتية للفرد و الجماعات، و من هنا تتوضح سبل البعث العربي الجديد الذي هو بعث روحي يمثل رسالة العرب الخالدة عبر التاريخ بصياغاته الحية المفعمة بالتراوح بين الروح و الطبيعة و بين العقل الكلي و العقل الإنساني..
فالمطلوب فكر سياسي جديد جامع و ليس إيديولوجيات منغلقة كبيوت العنكبوت.. و إن هذا الأمر لم يعد من باب الاختيار الحر و إنما من باب الضرورة التاريخية التي تتطلب الارتـقاء نحو اللحظة التاريخية بإحساس حقيقي بالمسئولية، كي لا تكون ديمقراطية شكلية أو عودة إلى مربعات الاستبداد أو تراوح بين الفوضى و الدولة، أو حتى التلاشي فتـتم إبادتنا حضاريا و إبدالنا بقوم آخرين..
يجب الخروج من الطفوليات الرومنسية و انعدام الإحساس بالمسئولية التاريخية و التي تـتـزين بزيف الادعاء بكونها التعبيرات عن الشعب و اللحظة التاريخية و الحقيقة العلمية الاعلمية..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انبعاث ثورية السلطة في تونس
- معركة -المصالحة- في تونس
- الأخلاق حرية
- يوم الإضراب العام
- دولة الثورة
- الهجوم الصاروخي الامريكي على سوريا
- الثورة المخاتلة
- الإصلاح التربوي ليس من مشمولات الوزير
- سلفنا السعيد المفقود فينا
- قراءة في الإصرار على إقالة وزير التربية
- المشهد الثقافي التونسي يعكس حقيقة ما يدور بالمشهد السياسي
- تونس أمام نهاية الانتقالي ام الثوري أم كليهما؟
- طبول الحرب تقرع من جديد في تونس..
- بين الاحتجاج و دوافعه في تونس
- في الذكرى 31 لتأسيس حزب العمال التونسي
- علاقة -دستويفسكي- بالتحرر الفلسطيني
- في الانتقام ل-شكري بالعيد-
- رسالة الى السوريين حكومة و معارضة
- الصفعة الروسية لايران
- تونس بين ديدان الأرض و ثورتها


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - ضرورة الانبعاث الفكري للثورة العربية