أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي القاسمي الحسني - الفكر السياسي العربي في الميزان















المزيد.....

الفكر السياسي العربي في الميزان


محمد علي القاسمي الحسني

الحوار المتمدن-العدد: 5538 - 2017 / 6 / 1 - 09:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن البحث في الظواهر الإنسانية فعل مستمر ، ولا يعرف ستار النهاية فهو بحث دائم بدوام وجود عقل الإنسان وحركة الوجود ، لأن عناصر العملية العلمية في تغير دائم تبعا للظروف المرتبطة بالتحول الذي يطرأ على الظواهر ، فإذا ما درست الظواهر الاجتماعية محل البحث سنجد أنها تعبش تحولا مضطردا لأن هذه سنة الله في خلقه .
فالفكر الإنساني لا يقدر على الإحاطة بكافة تفاصيل الظاهرة محل الدراسة ، فهو يهتم بجانب منها ، و بهذا فان أحد المواضيع التي لازالت محل بحث و دراسة هو الفكر السياسي العربي ، فالعرب أحد الأمم التي أثرت و تأثرت بالفكر البشري فتركت بالغ الأثر فيه ، لكن لعل طبيعة الفرد العربي و الظروف التي مر بها شكلت عائقا في دراساته السياسية ، فتحول من القبيلة إلى الدولة الحديثة و القومية المستنبطة من الفكر الأوروبي ، و عبر كل مرحلة كان يمر بعديد الانتقادات نظرا لما يعكسه سلوكه على الواقع ، الذي يولد في نهاية المطاف نتائج هامة يتم على أثرها تقييم الفكر المنتج ، و من هذا المنطلق تطرح الإشكالية هل انعكس الفكر السياسي العربي ايجابا على الواقع المعاش .
لقد عرف المجتمع العربي بأنه مجتمع عشائري تعود فيه السلطة العليا لشيخ العشيرة أو القبيلة ، و لم يعرف تنظيما مثل ذلك الذي كان عليه الحال في بلاد الهند و فارس و الإغريق ، و لعل هذا يعود إلى طبيعته القبلية التي تحدث عنها ابن خلدون باستفاضة في مقدمته ، لأنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل نهب و قطع طرقات ، تحكمها عوائد التوحش نظرا لطبيعة الصحراء و شح مصادر القوت التي دفعت هؤلاء لكل الوسائل الغير شرعية للعيش ، فقد كان عندهم لذة لما في الخروج عن سيطرة الحكم وعدم الانقياد لسياسة الدولة ، وهذه الطبيعة منافية للتمدن و التحضر الذي كان عند الفينيق و غيرهم ، نظرا للغلظة والأنفة والمنافسة في الرئاسة فقلما تجتمع آرائهم على رأي واحد ، و لم ينجح سوى الدين في تسهيل انقيادهم واجتماعهم ، نظرا لتوافقه مع أخلاقهم المجتمعية التي اشتهروا بها مع تقويمهم .
و لم يعرف العقل العربي إلا نوعين من التفكير قبل الإسلام هما الخرافي و الميتافيزيقي ، فكانت كل ظاهرة تفسر وفق ما أعتيد أو وفق المنطق الأسطوري ، ثم انتقل إلى التفكير العلمي و الفلسفي مع نشاط حركة الترجمة في عصر صدى الإسلام ، ما حقق طفرة في المنتوج العلمي آنذاك ولا زالت حتى اليوم تلك الحركة رغم أفول نجم الحضارة الإسلامية ، كما أنه يجب الإشارة إلى دور الإمبراطورية الساسانية التي شملت أقطارا عربية عديدة في إدخال عادات و تقاليد و مفاهيم جديدة ، و عدم استعراب بقية الشعوب خلافا لتأثر العرب بعاداتها و هذا ما أشار له العلامة محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله ، حيث أن الثورة الفرنسية قامت وفق أفكار و قيم شعبها لكن العرب ثاروا و بنوا دولتهم على أفكار غيرهم ، و هذا ما تسبب في عديد المشاكل فيما بعد و التي لازالت حتى اليوم .
و تبعا لمجال البحث فان التركيز سينصب على مجال العلوم السياسية ، فقد اصطدم العرب اللذين لم يعرفوا سوى القبيلة كتنظيم سياسي أعلى بمفهوم الدولة المدنية ، مما تسبب في نوع من عدم التقبل لهذا خصوصا لطبيعة التفكير العربي ، ما أدى فيما بعد إلى تقبل هذه الأفكار بعد التفتح على بقية الأعراق ، لكن يلاحظ أن طبيعة الولاء للقبيلة هي التي بقيت سائدة على التفكير ، فنجد أن العرب لم يبتكروا في هذا الميدان بقدر ما قلدوا فكان جل الإنتاج هو نقلا عن الفكر السياسي الإغريقي ، كالمدينة الفاضلة و القوانين السبعة الرومانية أو ابن المقفع الذي وصف مجريات الحياة السياسية على لسان الحيوانات ، أو الفارابي الذي أراد عكس المدينة الفاضلة على الواقع ، و هو ذات حال ابن رشد الذي تحدث عنها لكنه أتى بفكرة جديدة هي فصل الدين عن الدولة إلى حد ما ، و هذا ما يعتبر طفرة نوعية ثم تلاه ابن خلدون الذي وضع أول نظرية علمية في مجال العلوم السياسية وهي نظرية نشوء الدولة ، التي لازال مأخوذا بها حد اليوم ، فهي الوحيدة التي فسرت قيام الدولة و كيفية تسييرها عند العرب ، مع مراعاة الخصائص التي توجد لدى العرب دون المسلمين ، أما في عهد القومية العربية فقد عرف الفكر العربي حركة تأثر كبير بالغرب فكان يجتر فقط دون محاولة الإنتاج أو الإضافة ، فطرحت فكرتا القومية و العلمانية و درستا من نفس المقاربات التي طرحها مفكرو الغرب في هذا المجال ، و لعل هذا ما يعود إلى حالة غياب العقل العربي إبان فترة الدولة العثمانية ، التي فرضت سلطتها على جل نواحي الحياة السياسية لهذا لم يبرز فكر عربي بحت أو نظرية ذات إنتاج عربي ، ما واجه إشكالية تطبيقها لعدم وجود مشروع متكامل للنهوض و بناء الدولة ، و هذا ما سعى إليه أصحاب الفكر القومي كبرهان غليون و ميشيل علفق .
فالدارس للفكر السياسي العربي يلاحظ عدم قابلية التفتح على الآخر مثل رفض العلمانية و الحكم الراشد ،و هذا يعود بالأساس لسببين ، أولهما سيطرة السلطة الدينية متمثلة في رجال الدين و المزارات الكبرى كالأزهر و الزيتونة على عقول العامة ، فكل ما تفت به تلك الهيئات هو قرآن منزل لدى الكثيرين ، نظرا لكون الدين أفيونا لهم فلا يجب الخروج على أوصيائه ، أما الثاني فيعود لكون معظم الكتابات العربية في الفكر السياسي لم تطور منهجا مستقلا أو نابعا من البيئة المشكلة محل دراستها أو تحاول الوصول الى بدايات منهجية علمية يقوم عليها الفكر العربي خلافا لما هو عليه الحال في الفكر السياسي الغربي فنجد جل الأفكار العربية منقولة من الإغريق أو الفكر العلماني الحديث بل ان الأغلب منها يعلن بداية تبنيه لأحد المناهج الغربية ، ما يجعله محل شك و ريبة من العامة خصوصا أولئك منهم المؤمنين بنظرية المؤامرة .
ان معظم الدراسات العربية اليوم ، تطرح من منظور غربي و أبجديات غير عليمة بالواقع المعاش و بالتالي غريبة عن المجتمع العربي ولا تمت له بصلة ، فإما تتوقف عند إسقاطها على الحالة العربية أو محاولة تطبيق تلك النظرية على المجتمع العربي مباشرة دون إعطاء أدنى خصوصية للمجتمع العربي ، و هذا ما واجه إشكالية التطبيق أو تستعرض إحدى التجارب الغربية و تحاول تطبيقها بشكل مباشر على الواقع العربي.
ما يجعل الفكر السياسي العربي يعاني فصاماً حقيقياً مع الواقع الاجتماعي ، فمن الطبيعي أن يكون ثمة علاقة مباشرة بينه وبين نظام السلطة الحاكمة للمجتمع لكون الفكر يجب أن يكون انعكاسا للواقع لتحسين الوضع و ليس استيراد أفكار لتطبيقها و لهذا نجحت أفكار ابن خلدون و تلاشت أفكار البقية ، التي تراوحت بين المثالية و التشدد الذي لا يمكن أن تتجاوب معه الطبيعة العربية ولا العقلية التي يسير وفقها الذهن في الأقطار الإسلامية التي فتحت فيما بعد ، فكل من راهن على تطبيق نظام الدولة الإسلامية اصطدم بالطبيعة المرحلية و توسع الرقعة الجغرافية و المنافسة من قبل الدول الأخرى على مر العصور ، حتى وصلت الأمة إلى مرحلة الانحطاط شبه التام خصوصا في مرحلة القومية العربية التي تعاني فيها من مآزق التفكيك و الحروب الطائفية التي وصلت مدى عاليا لم تشهده من قبل .
فكل المراحل التي مر بها المجتمع العربي متمثلة في ما قبل الإسلام ثم عصر الترجمة الذي تلاه العهد العثماني منتهية بالقومية العربية ، مثلت كل منها ولادة جديدة له فمن منطق القبيلة و العشيرة إلى دولة المدينة و حكم الخلافة ثم وراثة الخلافة و البحث عن المدينة الفاضلة و بحث أسس قيام الدولة و دخول عادات و طبائع جديدة و انغماس الأعراق داخل الدين و القومية ، كلها مؤثرات شكلت المجتمع العربي الحديث الذي نراه اليوم ، حيث في ظاهره مدني متحضر و في باطنه يحكمه التفكير الأسطوري و حب الولاء للقبيلة و هذا ما منعه من مواكبة الحضارات الأخرى و مسيرة الحضارة ، لذلك فإن في صدارة أولويات إعادة بناء الفكر السياسي العربي مطالب معرفية حيوية أولها تنمية النزعة العلمية ، وتمرين الذات على ممارسة النقد والمراجعة و تشكيل العقل العربي وفق ما يمكنه من تقبل نقد الذات ، ثم بناء علاقة متوازنة مع الغرب والموروث الذي كتب ، و حل مفاتيح الثلاثية التي بقيت عائقا أمام تقدم الفكر العربي و هي السلوك العصبي العشائري و التطرف الديني و النقل دون ايلاء أهمية لطبيعة المجتمع و هي محددات لا يمكن حل عائق النظرية و التقدم الذي يعاني منه الفكر العربي .




#محمد_علي_القاسمي_الحسني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي القاسمي الحسني - الفكر السياسي العربي في الميزان