أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - محنة الشعب في حكامه!















المزيد.....

محنة الشعب في حكامه!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 5537 - 2017 / 5 / 31 - 10:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأيام الأخيرة أعادت لبغداد حمامات الدم المسفوح لتذكر العراقيين والعراقيات، لتذكر من نسي بأن العراق كان وما يزال دولة مخترقة، وأن السلطة التنفيذية القائمة فيها عاجزة تماماً عن حماية سكانها، وأحزابها الحاكمة فاسدة حتى النخاع، فهل يمكن أن تقع هذه السلسلة من التفجيرات ببغداد ليسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى في منطقة الكرادة، وسط بغداد، المزدحمة بالسكان خلال أيام معدودات لو لم تكن سلطاتها الثلاث فاسدة ومخترقة ومتصارعة على السحت الحرام؟!
كان الشعب العراقي وما يزال يعيش محنة مستديمة، محنة الشعب في حكامه، في العلاقات الإنتاجية البالية التي تعيد دوماً إنتاج حكام لا يختلف بعضهم عن البعض الآخر إلا بالاسم، وليس بالأهداف والأساليب والسلوك والعواقب. وحين يحن الشعب أو غالبيته لماضٍ مريضٍ، يعتقد إنه كان الأفضل من النظام القائم حالياً، بسبب شدة قساوة ورثاثة الجديد القائم، ولكنه ينسى إن الماضي المريض هو الذي أسس للحاضر الأكثر مرضاً والأشد قسوة على الشعب والأكثر كراهية للإنسان وحقوقه ومصالحه.
محنة الشعب في حكامه، الذين يدعون إنهم جاءوا لخدمة الشعب والدفاع عن مصالحه، وبهذا الستار المهلهل يفرضون على الشعب أن يقوم بخدمتهم وأن يدافع عن مصالحهم، التي هي ضد مصالح الشعب جملة وتفصيلا. هكذا كان العراق في العهود القديمة المنصرمة، وهكذا كان في العهود الإسلامية، وهكذا هو في العهد الملكي، وهكذا هو الآن! أين يكمن العيب، في الشعب أم في حكامه؟
العيب يكمن في الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه الشعب والحكام، في العلاقات الإنتاجية التي ما تزال سائدة والتي لم تتغير منذ قرون، وما حصل عليها من تغيير لم يكن سوى القشرة التي سرعان ما تستبدل بقشرة أخرى من ذات الجنس، في حين لا يعالج لُب القضية، جوهرها الأساس، أي لا يجري تغيير علاقات الإنتاج التي كانت وما تزال تتحكم بالواقع القائم وفي سلوكيات الناس والحكام.
العيب في طبيعة الحكام، فهم يجدون في العلاقات المتخلفة والاستغلالية السائدة إنها تستجيب لمصالحهم، وبالتالي لا يسعون إلى تغييرها، بل يسعون إلى تكريسها. والعيب في المجتمع الذي لم يرَ النور ولم يعرف التنوير الديني والاجتماعي حتى الآن، وبالتالي لا يستطيع في غالبيته إدراك أهمية تغيير علاقات الإنتاج لتساهم في تغيير الواقع القائم ومن ثم تغيير الحكام الذين يفرضون إرادتهم على الشعب.
والعيب في علاقات الإنتاج يتجلى في مجمل البناء الفوقي القائم بالعراق، الذي هو نتاج تلك العلاقات المتخلفة والبالية والسائدة، ولاسيما في الفكر والسياسة وفي بنيتي الاقتصاد والمجتمع، وفي سلطات الدولة الثلاث ومؤسساتها وهيئاتها، في المؤسسات والمرجعيات الدينية، في الأحزاب والمنظمات، وفي الثقافة بمختلف حقولها.
ولكن، حتى في هذا المجتمع المتخلف، تبرز التناقضات، وتنشأ عنها الصراعات، بين القديم البالي والمعرقل لأي تحول جديد، وبين الجديد المتطلع للتغيير. ويتجلى ذلك في الفكر والسياسية والاقتصاد، في القوى والأحزاب والمنظمات، في الثقافة وفي مجمل البناء الفوقي.
وعلى مستوى وعمق وشدة هذه التناقضات وما ينشأ عنها من صراعات فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، وفي مجمل البناء الفوقي، يتحرك المجتمع صوب أحد احتمالين: استمرار التخلف والجمود النسبين، أم التغيير صوب الجديد الأكثر إشراقاً. وميزان القوى هو العامل الحاسم في تحديد الوجهة في الصراعات الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية الجارية بالبلاد.
ميزان القوى لا يتغير بسهولة وبسرعة ولا وفق الرغبات، بل يخضع لعوامل كثيرة، بما فيها وبشكل خاص بدور تلك القوى الساعية للتجديد وفي مدى وعيها للواقع وقدرتها على طرح الشعارات والمهمات التي تستجيب لمصالح الناس مباشرة وصواب ربطها بالقضايا الوطنية المهمة التي تمس المجتمع كله أولاً، وفي مدى قدرتها في الوصول إلى من يملك القدرة على التغيير، إلى المجتمع، إلى فئاته التي تتطلع للتغيير، والتي هي متضررة من بقاء علاقات الإنتاج المتخلفة والبائسة والبناء الفوقي الناتج عنها، ومنها السلطات الثلاث، لاسيما السلطة التنفيذية. وميزان القوى لا يتغير ما لم تدرك القوى الساعية للتغيير بأن كلاً منها لا يستطيع تحقيق التغيير ما لم تلتقِ كلها عند معايير وقيم مشتركة وبرنامج بحد مناسب تلتقي عنده كل القوى الديمقراطية ويمتلك الجاذبية الواقعية في تعبئة فئات المجتمع المتضررة من بقاء الوضع الراهن، والتي تشكل عملياً غالبية المجتمع.
مهمة القوى الساعية للتغيير ليست سهلة، رغم إنها تتحرك على وفق قوانين التطور الاجتماعي، إذ إن عصي الماضي الغليظة توضع دوماً في عجلة التغيير والتقدم، ويحتاج المجتمع إلى صنع عجلة قوية فولاذية متماسكة تستطيع تكسير، بل تحطيم، تلك العصي الغليظة المعرقلة للسير بالمجتمع والدولة إلى الأمام.
لا يكفي أن يكسب للتحالف من هو مع القوى الديمقراطية وبرنامجها حالياً، بل هناك الملايين من الناس التي يجب ان تكسب في هذه المعركة التي ما تزال غير متكافئة. فهناك الكثير من الجماعات التي لم تحسم موقفها لأسباب مصلحية مؤقتة، أو دينية مشوهة زيفت وعي الإنسان، أو علاقات عشائرية بالية لم تعد مناسبة لهذا القرن الواحد والعشرين، على سبيل المثال لا الحصر، التي يجب ان تكسب. بل يمكن ويجب التحري عن القواسم المشتركة لتكون الحامل الفعلي للتغيير.
إن القوى الإسلامية السياسية الطائفية المتطرفة، وكل القوى المتحالفة معها من الجبهة اليمينية القومية الشوفينية المتطرفة، بكل تنوعاتها، تعمل اليوم على تشكيل تحالفات سياسي-اجتماعي لإجهاض تحقيق التحالف الديمقراطي المدني، لإفشال أي تغيير جذري منشود، وهي تمارس عملية تشويه صورة القوى الديمقراطية بكل السبل المتاحة لديها، بما في ذلك استخدام بشع لإعلام الدولة ومؤسساتها الإعلامية. وهذا الواقع يفرض على القوى الديمقراطية أن تجد الوسائل النضالية العمية التي تسهم في تفكيك هذه الجبهة اليمينية المتطرفة وتحت هوية الإسلام السياسي، الذي برهن على فساده القاطع ومشاركته في كل ما يعيق تقدم المجتمع وازدهاره وتكريس رثاثة البلاد كلها، لتستطيع المواجهة الناجحة والسلمية أمام هذه القوى التي ألحقت أبشع الأضرار بالشعب العراقي والدولة العراقية، التي جعلتها ليس هشة وعليلة فحسب، بل ومخترقة بسيادتها واستقلالها من قبل دول الجوار والدول الكبرى.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخوات والأخوة الأفاضل مسؤولي الأحزاب والقوى الوطنية الديمق ...
- قراءة في مسرحية -لسعة العقرب- للكاتب المسرحي والصحفي ماجد ال ...
- رسالة مفتوحة إلى السيدة المصونة حرم الروائي المبدع الطيب الذ ...
- خطوة إلى الوراء .. خطوتان بذات الاتجاه، فإلى أين يراد بالعرا ...
- قرية -جه له مورد- تحتفي بالذكرى التاسعة والعشرين للمؤنفلين م ...
- من يوجه أجهزة الأمن والمليشيات الشيعية المسلحة من أمام ستار؟
- من هم مزورو الوقائع والتاريخ بالعراق؟
- هل من طريق لتحقيق التفاعل والتعاون والتنسيق بين قوى اليسار ب ...
- واقع وعواقب السياسيات الطائفية والشوفينية على هجرة مسيحيي ال ...
- دعوة لاستكمال قائمة بأسماء الشهداء الشيوعيين واليساريين والد ...
- ساعة الحقيقة: مستقبل سوريا بين النظام والمعارضة والصراع الإق ...
- هل هناك ضمانات لانتخابات حرة وديمقراطية بالعراق؟
- الشعب الكردي وحقه في تقرير المصير والوضع الراهن
- هل من معالجة جادة لمشكلات الاتحاد الأوروبي؟
- الصديقات والأصدقاء الأعزاء
- الرفيق العزيز رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ...
- الجرح النازف: معاناة أهلنا بالموصل!
- نتائج الانتخابات الهولندية واليمين الأوروبي
- رسالة جوابية مفتوحة موجهة إلى الفنان التشكيلي السيد منير الع ...
- سياسات الاستبداد والإرهاب والقسوة تميز نهج الدكتاتور -المسلم ...


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - محنة الشعب في حكامه!