أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف السعدي - المستبدون بيننا.... فلنحذر ونحذر















المزيد.....

المستبدون بيننا.... فلنحذر ونحذر


عبد اللطيف السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 1446 - 2006 / 1 / 30 - 06:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في "الاستبداد وطبائعه..."*
المستبدون بيننا ... فلنحذر ونحذّر!!
القاريء لكتاب العلامة والمفكر الكبير عبد الرحمن الكواكبي "طبائع الاستبداد ومصارع
الاستعباد", ورغم مضي أكثر من سبعين عاما على صدوره لأول مرة, تقف شاخصــة
أمامه حية وآنية الكثير من المواقف والممارسات في العالم وفي منطقتنا بشكل عــام
وفي بلادنا العراقية العريقة بابتلائها بآفة الاستبداد وبأبشع مظاهرها وأشكالها مجسدة
بسياسات وممارسات الحاكم الساقط الذاهب الى حتفه في مزابل الطغاة ونظام حكمــه
القمعي المستبد بلا رتوش.
إن ظاهرة الاستبداد بدأت وأخذت تتسع وتتبدى بأشكال وصور متباينة تباين مسارات
التطور في المجتمعات المختلفة, وتلون الثقافات والحضارات على مر القرون والعصور
حتى وقتنا الحاضر الزاخر بمحاولات التنكر والتلون لإخفاء أوجه الاستبداد. وظاهرة
الاستبداد بكل الأحوال لصيقة بالمصالح وتمايزها وبتعزز الانقسامات وتعمقها فــي
المجتمعات البشرية. وإذا كان علم السياسة كما جاء على لسان الكواكبي في كتابه
المشار اليه, بأنه"علم إدارة الشؤون المشتركة بمقتضى الحكمة" فإن الاستبداد هـو
التصرف بالشؤون والمصالح المشتركة وفقا للمصالح والأهواء لمجموعة أو أشخاص
أو فرد واحد. وللاستبداد في كل مجتمع أو تجمع وعبر العصور, علائم وسمات. وقبل
هذا وذاك فإن له أسبابا وعللا تجتمع في تكوينها دائما حزمة من العوامل والظروف
التاريخية, سياسية واجتماعية وثقافية قطعا. وبشكل عام فإن المستبد أو المستبدين
يستندون في استبدادهم الى ركيزتين اساسيتين: الجهالة والتجهيل أولا وثم القمع
والعسف المتنوع الأساليب والألوان وباستخدام القوة بواسطة مؤسسات تسوغ الأمر
ومنظمات تتشكل ضمن منظومة تحكم السطوة والتحكم.
فلكي يتحكم المستبد بإرادات وشؤون ومصالح الناس, يجب أن يشعر بتفرده وبأنــه
الأوحد في معرفته وأن الرعية جاهلة تنتظر منه الحلول وهي لاترتقي الى مستوى
الطاغية في الحديث والعلم ببواطن الأمور. ولهذا فهو يبرر لنفسه شن حملة للتجهيل
والافراغ ولتطهير المجتمع من كل مرتكزات علمه وفخره أو ربطها تماما به فهــو
المتنعم بها عليهم. ونتذكر كيف أن الطاغية المقبور ابتدأ بتصفية المجتمع من كل
القوى التي تسهم في تكوين أسباب تحدي المجتمع أو على الأقل فئات منه تتسع.
ووصل الأمر بصدام أن قام بتصفية حتى أقرب المقربين اليه بمجرد شعوره أنهم
يشكلون تهديدا لخوائه أو تحديا لرغبته في فرض سطوته الفردية.ومن يبقى من
من يمتلك اعدادا أفضل من الطاغية المستبد عليه أن يتحول الى تابع خانع لــه
وأداة لتحقيق أهدافه. وقد كان لهذه الحالة واقعا مرعبا في العراق طيلة سنوات
حكم الدكتاتور, حتى خلق النظام شريحة كانت تتسع باتساع القمع والرهاب المنظم
للدولة, شريحة ادعت التثقف والثقافة وكانت في الواقع شلة تدبج وتطبل "للقائد
الضرورة" وتجعل منه في مصاف المؤلهين.
لقد صفى الدكتاتور الجاهل كل المبدعين بالابعاد والتهجير والقتل, وأطلق العنان
لقطعانه في أجهزة الأمن في اتخاذ كل التدابير وانتهاج أبشع السبل للترهيب
والتشريد والتعذيب. كما عزز الجهالة وعمل على تسطيح الوعي الاجتماعي
وخلق أجيال محبطة مضطرة تحت ضغط الحرمان والجوع والقمع، أجيال تفتقر
لأبسط مستويات التعليم. وكانت حروب الطاغية الأداة الفاعلة لتعميق هذه الوجهة
الخطير.
واليوم ومنذ سقوط الدكتاتورية بدت واضحة النتائج المفجعة في سيادة
المستوى التعليمي الواطئ وشيوع الجهل وانخفاض المستوى الثقافي الى درجات
مرعبة في تدنيها وفي سياقاتها والتي باتت قاعدة حتى لنمو وتواصل الارهاب الى
جانب أسباب وعوامل أخرى أقتصادية ولها علاقة بنتائج الحرب والاحتلال. وقد
ساهمت سياسات الدول الغربية في دعمها أولا للدكتاتور في حروبه وقمعه أو على
الأقل التغاضي بالقصد عن موبقاته وجرائمه.كما أن سياسات الحرب والحصار التي
تلت في سنوات لاحقة ولتحقيق مصالح محددة ومعروفة في العراق والمنطقة ولصالح
استراتيجيات عالمية, كل ذلك ساعد في تعزيز نهج التجهيل والهبوط بالمستوى العلمي
والثقافي في المجتمع العراقي.
فالمستبد إذا بشكل عام ينحى لأن يكون الشعب والرعية مطواعا سهل الانقياد والخضوع.
ومن أدوات الاستبداد والمستبدين خلق فئات أو بطانات ترتبط مصيريا ومصلحيا بالمستبد
ولقد أكدت السنوات الثقال طيلة حكم الطاغية في بلادنا ممارسات ونهج رهيب في تحقيق
ذلك, عبر تفريغ المنظمات التي يفترض أن تكون جماهيرية أوديمقراطية من كل محتوياتها
وجعلها خاضعة شكلا وممارسة لأغراض الحاكم حتى أنها أمست جزءا من دولة القمع
والاستبداد. هذا الى جانب خلق وتشكيل هيئات وهياكل ترتبط بالدكتاتور وببطانته المقربة
ويتذكر العراقيون تشكيلات "الجيش الشعبي", و"فدائيي صدام", و"أصدقاء الرئيس"...ألخ.
أن مبحث الاستبداد في العراق ونموذجه الفريد ليس في التاريخ العراقي المعاصر فحسب
وانما على صعيد المنطقة والعالم, له أبعاد وتشعبات وتداخلات متنوعة ومتسعة,اقتصادية
واجتماعية وسياسية وثقافية, لايمكن حصرها وتناولها في هذه الصفحات المتوجهة لإلقاء
الضوء على هدف محدد في الواقع الراهن لعراقنا المضام.
ولقد وددت تعرية ظاهرة الاستبداد في بلادنا وكيف أنها من الممكن أن تتخذ لها مسارات
وأشكال متغيرة في مضامينها ,اشكال تسترها لتبقى ظاهرة خطيرة تهدد مجتمعنا دائما بالعودة, وافراغ
محتوى وتوجهات التغيرات التي ينتظر لها أن تكون جذرية وكبيرة في واقع البلاد
وبهدف بناء دولة راسخة للقانون والحقوق المدنية والانسانية, دولة دستورية ديمقراطية
تقطع الطريق على أي مستبد جديد أو على أي مشروع استبدادي مهما تستر بواجهات
فكرية أو قومية أو سياسية أو دينية.
فكم من السياسيين والقادة الحزبيين, أو على مستوى المنظمات والجمعيات, أبناء الغد
الغير بعيد أو أبناء اليوم والعملية السياسية الجارية منذ سقوط صنم الدكتاتورية القاتلة
يفكرون اليوم بنفس العقلية أو ينهجون منهج إن لم يكون هو الاستبداد بعينه فهوبكل
الأحوال سبيل مفضي لامحالة الى أشكال وأطر جديدة له ..؟؟.وكم هي الممارسات
اليومية التي يشعر بها ويعاني منها المواطنون التي تبرز داخل الأحزاب في علاقتها
بمنتسبيها والجماهير وفي المؤسسات السلطوية... كم هي هذه الممارسات قريبة من
تجديد نهوج الاستبداد والرغبة في التسلط وتأكيد مصالح الذات, فردية كانت أو جماعية,
قبل مصالح الجمع أو العام ...؟؟؟. فمع تعقد الوضع وتداخل المصالح وسيادة حب السلطة
والجاه, والتي صارت مع الأسف طاغية بشكل مريب منذ سقوط النظام, وهي إحدى نتائج
سياساته في القمع والتجويع والإفراغ الثقافي, تبرز ومرة أخرى ممارسات خلق البطانات
والفئات المقربة التي تسهل للحاكم أو الراغب في سطوة رأيه أو فكره في الحكومة وفي
المؤسسات والأحزاب. كما تتسع حالات التضييق ومحاصرة أصحاب الرأي الحر وذوي
المواقف القوية والصارمة في العمل على التغيير الحقيقي. فهؤلاء كما أسلفت يشكلون
خطرا وفضحا للنوايا حتى وهي تبدو خبيئة في دهاليز الذات. أن ظاهرة ابعاد أو محاصرة
العناصر الأكثر صدقا وجدية وحماسا في العمل السياسي والتنظيمي ... الأنقياء البعيدين
عن دهاليز سياسة البطانات وأخلاقيات التملق والتشدق تبدو واضحة حتى داخل أحزاب
وقوى هي بطابعها ومبادئها تقف على الضد من مثل هذه المظاهر. وهذه ممارسات
تؤدي في أحسن الأحوال الى خلق أسس وعوامل لخلق أو اعادة انتاج الاستبداد ومشاريع
مستبدين, وإن جاء ذلك متسترا بواجهات وضوابط قد يبررها الفكر المجرد, ولكن تفضحها
قطعا تجربة الحياة اليومية الملموسة. فللأستبداد سمة أساسية واحدة تلك هي فرض الهيمنة
والرأي الواحد استجابة للأهواء وبعيدا عن الصالح العام. ويحصل أحيانا صدق النوايا,
ولكن الكثير من النوايا الطيبة قد تؤدي الى الجحيم على حد تعبير المفكر العظيم ماركس.
إن بناء وإعادة بناء مجتمعنا العراقي, والبدء بحملة واسعة وجدية لإعادة الروح والوعي
الى شعبنا, تشرع, أو يجب أن تشرع من أبسط ممارسات السياسيين الطليعيين, والقادة
الحزبيين وكوادر منظمات المجتمع المدني, وانطلاقا من أبسط وأدنى حلقات العمل والتنظيم
وفي جميع مرافق الحياة. وهذا يستوجب المراقبة الشديدة والمتابعة الجادة والموضوعية
بعيدا عن هواجس الفساد والافساد, التي صارت شائعة بشكل مرعب في بلادنا وعلى كل
المستويات. والأمر يبدأ بالرقابة الذاتية الصارمة وثم بتعزيز الجماعية في التفكير والعمل
واشاعة قيم النقد والنقد الذاتي واحترام الرأي الآخر. وأعتقد أن لنا في هذا المجال أعمق
الدروس وأبلغ العبر, ونحتاج فقط الى احيائها واعادة تقويمها والأخذ بها بعد تجديدها
واكسابها طابع الظروف المتغيرة وملموسية التطبيق العملي والابداع في ذلك.
وهنا لايسعني وأنا أستوحي أفكار الكواكبي, الا أن أكرر نصا تضمنه كتابه المشار اليه
في بدء المقال:" أن أشد مايخافه المستبدون هو أن يعرف الناس حقيقة أن الحرية أفضل
من الحياة, وأن يعرفوا النفس وعزها, والشرف وعظمته, والحقوق وكيف تحفظ, والظلم
وكيف يرفع والانسانية وماهي وظائفها,والرحمة وماهي لذاتها".
فهل لمستبدينا, أو مشاريع مستبدينا الجددأن يرعووا بمنطق التاريخ, ويتجردوا عن
مصالح وهواجس الذات الأنانية القاتلة, وهم يؤدون مهماتهم في مراكز قياداتهم على
تنوعها وتسلسل مراتبهاوسلطاتهم التي يجب أن تكون محددة ومنضبطة بمصالح العام
في المجتمع أو الجمع والدولة في عراقنا الذي نريده جديدا وبلا أي مظهر للاستبداد
جديدا كان أو قديما...؟؟؟. ولا أدري ان كانت هذه امنية ... أم دعوة لمن يسمع
ويستجيب!!. وللحليم تكفي الاشارة....!!!
عبد اللطيف السعدي
5 / 7 / 2005

 انها أفكار تنبع من استيحاء لأفكار وردت في كتاب المفكر عبد الرحمن الكواكبي
"طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد", ومن معايشات وممارسات يومية في واقعنا ...



#عبد_اللطيف_السعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد اللطيف السعدي - المستبدون بيننا.... فلنحذر ونحذر