أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني نسيره - تفجر أسئلة الهوية في الغرب















المزيد.....

تفجر أسئلة الهوية في الغرب


هاني نسيره

الحوار المتمدن-العدد: 1446 - 2006 / 1 / 30 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سؤال الهوية سؤال قد لا يغيب - وإن اختلف مدى حضوره - ولكن إجابته لا شك متغيرة ، يتداخل فيها الثابت والتاريخي ، أي أنها كما تتشكل من أبعاد ثابتة قبلية "ثقافية أو تاريخية أو إثنية " إلا أن سياق طرحها هو المحدد النهائي لها . فهي ليست وحدة مصمتة لا تقبل الصيرورة بل علها صيرورة أكثر منها جوهرا ثابتا . وقد كان تطور الحضارة الأوروبية والثقافة الغربية متجاوزا بمفهوم الهوية نحو مفهوم المؤسساتية ودولة القانون واحترام الحريات حتى لا تتصادم الهويات الفرعية والتي كانت ثقافية غالبا من قبيل الحروب الدينية على المستوى الداخلي معمقا لما يسمى بالحقوق الفردية ومفهوم الشخص وحقوق الجنسية والمواطنة ، وما يترتب عليها من تقدير ورعاية من قبل المؤسسات للتعددية الثقافية والإثنية وأشكال التعبير عنها كذلك ما دامت لا تمثل خطرا على المجتمعات واستقرارها ، فكان الحق في الاختلاف والاعتراف به مبدأ ثابتا ضد الهوية الثقافية المغلقة أو الطهرية الإثنية المقيتة وهو ما أسس لقابلية الآخرين غير الغربيين وإدماجهم فيما بعد عبر مفاهيم من قبيل اللجوء السياسي و الهجرة الشرعية وغير ذلك
أولا : سؤال متعدد الملامح ومختلف المرجعيات :
كان سؤال التحدي الاستراتيجي هو المسيطر على التحليلات الغربية عقب انتهاء الحرب الباردة ، بمعنى وقوعه في منطقة الدراسات المستقبلية التي ركز بعضها على التحديات الحضارية شأن برنارد لويس وجلنر وبرجنيسكي ثم هانتيجتون وغيرهم ، كما ركز بعضها الآخر على تحديات اقتصادية من قبيل الحديث عن التحدي الصيني أو الياباني اقتصاديا للولايات المتحدة والغرب مثل بول كروجمان وروبرت لورنس وإليزابيث إكونومي وهو ما كان يحتمل جدلا دائما واختلافا في أوساط السياسة والثقافة على السواء ، ولكن كان الجديد التقارب بين اليسار واليمين في الغرب في الاعتناء بسؤال الهوية " من نكون " وما هي محددات الغرب والجنسية والهوية فيه . وهو ما يمكن أن نرصده في الاتجاهات الآتية : -1- اليمين المتطرف أو الهوية المغلقة :
صعد اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر بشكل قوى ، وتجلى ذلك في مؤشرات عديدة منها ارتفاع شعبيته في أوساط الشباب التي تصوت أغلبيتهم للاتجاهات اليمينية ، فإذا أخذنا نموذجا من الجبهة الوطنية التي يتزعمها جان لوبن في فرنسا نجد أنها تعتبر العولمة والإسلام هما الخطران الرئيسان ضد الوجود الفرنسي وهويتها الفرنكية ، فهي تحدد أعداءها في كل الآخرين و يقوم برنامجها بشكل رئيس على مبدأ "الأفضلية الوطنية" في الدستور، أي حق الأولية القصوى للفرنسيين الأصليين في العمل والسكن والحماية الاجتماعية. وكذلك وقف الهجرة نهائياً و طرد المهاجرين الموجودين حالياً في فرنسا عن طريق ربط وجود المهاجر بالعمل، وإلغاء مبدأ "حق الأرض" الذي يمنح حق الجنسية لكل من ولُد في فرنسا من أب وأم أجنبيين، وإلغاء قوانين منح الجنسية الفرنسية. وسحب فرنسا من أوروبا وإعادة العمل بالفرنك (السيادة النقدية) محل اليورو الذي يمكن الإبقاء عليه بوصفه عملة أوروبية مشتركة فقط. وكذلك سحب فرنسا من الحلف الأطلسي. إلى غير ذلك من مبادئ تتحدد بها الهوية الفرنسية هوية مغلقة حسب مرجعيات اليمين المتشدد وهو ما حدا بالعديد من المحللين الفرنسيين لاعتبارالتقدم النسبي الذي أحرزه لوبن في انتخابات الرئاسة الفرنسية في أبريل 2002 صفعة لتراث الجمهورية الفرنسية ومبادئها الإنسانية وهو ما كان مستنفرا لمختلف القوى في وجهها سريعا فيما بعد.
ورغم صعود الاتجاهات اليمينية في بلدان أخرى من أوروبا ويشارك بعضها في السلطة في النمسا مثل حزب يورغ هايدر " رغم مواقفه النازية ومناهضته للوحدة الأوروبية بمشاركته في ائتلاف حاكم للمحافظين " ، أو وصول الحزب الفاشي الجديد في إيطاليا الذي يتزعمه جيان فرانكو وغيره من التجمعات اليمينية في حكومة بيرلسكوني ،
وهو ما تكرر في سويسرا وهولندا قريبا منه في الانتخابات البرلمانية ،
ولكن تظل جدواه ومستقبله مضغوطا كذلك برفض الثقافة والوعي السياسي الغربي وتوجسه الخطر والمثالية العدائية منها فضلا عن سيطرة أحزاب تاريخية ، ويظهر ذلك للعيان إذا أشرنا على سبيل المثال إلى أنّه من أصل 15 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي يحكم اليسار، والائتلاف من اليسار والوسط في 13 دولة، منها الأكبر والأهم اقتصاديًا، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ولعل شرط فعالية الاتجاهات اليمينية الوحيد هو فعالية الإرهاب الأصولي وتفحل خطره ، فالثقافة السياسية الغربية قد همشته أمدا ولكن انفجار الأخطار داخلها هو رافد نشاطية اليمين المتطرف .
2- الهوية المستنفرة والإرهاب الأصولي :
قبل أن تمر الذكرى الرابعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وقعت تفجيرات يوليو المتتالية في لندن ، مما أعاد مختلف الساسة والمحللين في الغرب لطرح مفهوم الهوية والجنسية ثقافيا خاصة وأن المفجرين كانوا يحملون الجنسية البريطانية ومن مواليد بريطانيا ، فتجلت خطورة المغايرة الثقافية بقوة هذه المرة كخطر واضح ومجسد ، فكان التطور الأعمق والأكثر إثارة للجدل في مختلف التحليلات الغربية لهذه الهجمات هو تجاوز البحث في الخطر الرديكالي الإسلامي وجسارته الفجة فقد سبق أن عرفوها في أحداث الحادي عشر من سبتمبر أو غيرها . ولكن تفجر التساؤل بقوة حول معنى الجنسية والبحث في محددات جديدة لها في مواجهة تحدي وخطر التصورات الإسلامية التاريخية التي يعتنقها الكثير من أفراد الأقليات المسلمة في الغرب ، والتي تفجر الاغتراب الشعوري والعداء الثقافي للمجتمعات التي يعيشون فيها وهو ما يستفز الآخرين لاستنفار تراثهم الخاص بشكل شبه يومي كذلك . وليست في معركة الحجاب في فرنسا إذا شئنا الدقة من قبل الحكومة الفرنسية سوى الخوف من صدام الهويات الثقافية التي يمكن أن يفجره هذا التعبير الرمزي وهو ما دفع العديد من الفقهاء المسلمين لإباحة خلع الحجاب للأقليات المسلمة في الغرب رغم كونه فرضا في الفقه الديني السائد ، وكذلك يمكن أن نقرأ العديد من الأحداث عقب تفجيرات لندن من قبيل منع لبس الحجاب و النقاب في إيطاليا ، أو إجبار تلميذة مسلمة على حضور دروس العوم في مدرسة ألمانية ، أو إلغاء مسئول بلجيكي رفيع المستوى عشاء رسميا مع وفد إيراني حين أخبره أعضاء وفده أن المشروبات الكحولية غير مسموح بها ، أو اشتراط الحكومة الأيرلندية من طالبي الجنسية الإقرار برفض تعدد الزوجات ، فقد قال وزير الدفاع البريطاني عقب تفجيرات لندن بأن على " الإسلاميين البريطانيين الرحيل طالما لا تعجبهم طريقتنا في الحياة " بل إنه في يوم واحد هو الثالث والعشرين من شهر يوليو يتطابق كلام صرح النائب البريطاني ديفيد كاميرون أحد أبرز وجوه حزب المحافظين وأحد أقوى المرشحين لرئاسته مستقبلا وكلام وزير الخزانة السويسري بيتر كوستللو محددين لهوية بلادهم ثقافيا ومطالبين من لا يوافقون عليها من الإسلاميين المتعصبين الهجرة وترك البلاد ، قال ديفيد محددا البريطانية " كهوية " بأنها الحرية تحت حكم القانون وأن هذا هو مفتاح معرفة كل شيء عنا تاريخنا وثقافتنا وتعليمنا حتى اقتصادنا تحدده هذه القاعدة " ودعى لطرد المتطرفين الإسلاميين من بريطانيا ، وقد وصفهم بأنهم نازيون جدد ، وهو ما كان فعلا وهو نفس ما قاله في نفس اليوم وزير الخزانة الأسترالي بيتر كوستللو في حديثه لرئيس وزرائها والذي أذاعته العديد من وكالات الأنباء من أن أستراليا تتوقع من مواطنيها الإيمان بمعتقداتها المركزية في الديمقراطية وحكم القانون واستقلال القضاء والحرية الفردية " وطالب من يرفض ذلك أولا يعتقد فيه من الأقليات بها ترك البلاد . كما طالب بالتحقق من ذلك و اختباره من آن لآخر في المواطنين غير الأستراليين أصلا . وهو ما نجد شبيها منه لدى العديد من السياسيين في الغرب وفي مختلف بلاده ، نمو متزايد لمقولة اطردوا من لا يؤمن بقيمنا .هذه تجليات " الهوية المستنفرة " في وجه الإرهاب الأصولي للراديكالية باسم الإسلام والتي تتجلى في العادي واليومي كما تتجلي في الرسمي والقانوني والإجرائي المتصاعد من قبيل طرد المتطرفين والمنظرين الإرهابيين أو من هو محل اشتباه من المجتمع ، أو حضور الهاجس الأمني كلية مع الآخرين في إجراءات السفر والخروج ، فضلا عن توجس أكبر تجاه مسألة الهجرة ، وحدودها وشروطها من البلاد العربية والإسلامية خاصة .
2- الهوية والوعي القومي ومسألة الهجرات في الولايات المتحدة :
ويظل هذا الاتجاه أكاديميا في شكله الرئيس وينطلق من صياغة تاريخانية " أي تنتمي للبدايات التاريخية للأمة الأمريكية " وكذلك ثقافية " محمولة على هذه الانتماءات للمؤسسين التاريخيين " وهو ما يجسده صمويل هانتيجتون في كتابه الأخير " من نكون " الصادر في مايو 2004 - وعديد من الأكاديميين والمراكز البحثية في الولايات المتحدة مثل مؤسسة راند بالخصوص في عدد من الأبحاث أجرتها العام الماضي - وقد سعى هانتيجتون في كتابه أن يحدد محددات للهوية القومية الأمريكية منطلقا من مقدمة نظرية ترى " إن الأمم تذهب وتأتي في التاريخ حسب مدى قوة الوعي القومي بها وهو ما كان سر نجاح أمريكا كما يمكن أن يكون خطرا عليها فيما بعد " ويرى أن التحدي الأعمق الذي يواجه القومية الأمريكية هو العولمة الاقتصادية التي تجتذب أعدادا كبيرة من المهاجرين اللاتين - الذين صاروا يمثلون نسبة ثلاثين بالمائة من سكان ولايتي كاليفورنيا وتكساس ويتوقع أن يمثلوا غالبية السكان سنة 2050- المختلفين مع محددات الهوية القومية الأمريكية والتي تختلف بها عن سائر بلدان العالم و يحددها في عناصر ثابتة هي الأنجلو البروتستانتية والأخلاقية المسيحية والحقوق الفردية واللغة الإنجليزية وهي عناصر الثقافة التي أتت مع المؤسسين الأوائل للولايات المتحدة ، ووقود تفوقها كما يؤكد مرات عديدة في كتابه ويلح على ضرورة تحديد الأمريكيين لها وتعريف الآخرين بها كذلك في ظل المركزية الثقافية العالمية والاقتصادية للولايات المتحدة في العالم . والتي تمثل الهجرات خاصة من اللاتين والمكسيكيين ذوي الأصول الشرق أوروبية التحدي الأعظم لها ، لما تحمله من مغايرة ثقافية للقيم الأمريكية الأصلية أو خطرا على الوعي القومي حين تشعر سلالات المؤسسين وغيرهم أنهم أقلية في مجتمع كبير أو تتكرس ثنائيات اللغة والثقافة من احتفاظ المهاجرين الجدد بلغاتهم وثقافاتهم الأصلية إلى جوار الإنجليزية والثقافة الأمريكية ، وإن كان البعض رأي في طرح هانتيجتون عدم ثقة في هوية أمريكا وقدراتها الاستيعابية للآخرين عبر مفاهيم المواطنة والروح المدنية ولكن لا شك أن بروز سؤال الهوية بالمعنى الثقافي والمطالبة الواضحة بإعادة تعريفه عند هانتيجتون وغيره من الباحثين في مسائل الهجرة يمكن أن تكون له آثار أعظم على مسألة الهجرات والتعليم وغيرها مستقبلا في الولايات المتحدة .



#هاني_نسيره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية العربية المعاصرة وأسئلة الإيمان
- لماذا تنتصر الليبرالية وينهزم الليبراليون
- الكادر النسائي لللإخوان المسلمين !
- الفلسفة والفكر فض للإشكال المفاهيمي !
- لماذا صعد الإخوان ... سؤال أعمق من إجاباته الصاعدة !
- محمود عزمي أول ناشط عربي في مجال حقوق الإنسان
- هامش على الصعود الإخواني الأخير


المزيد.....




- إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني وطهران تحذرها
- مسؤولون: الأسلحة الروسية تعزز دفاعات إيران ضد الغارات الإسرا ...
- هل يؤثر وضع تركيا الداخلي على زيارة أردوغان لواشنطن؟
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني نسيره - تفجر أسئلة الهوية في الغرب