أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي-1-














المزيد.....

كأنّه أبي-1-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 28 - 16:37
المحور: الادب والفن
    


إهداء إلى أبي
لم أكن أعرفه جيداًرغم أنّه كان بيننا، لكنّني أمتنّ له ، فمنه تعلّمت الصّبر على الشّدائد، وعرفت تلك الكلمة التي يتحايل عليها البشر كلمة" الحق" أو "العدل"
تعلّم أبي على يد شيخ في قريتنا" المفكر" ليوم واحد فقط
احتفظت برسالته لي، أضعتها في البحر عندما غادرت أماكني.
أبي الذي يفهم الحبّ كما كنت أريده. ظلّ وفيّاً طوال حياته لأمّي، وبعد مماتها أيضاً. يذهب كل صباح إلى قبر أمّي . يرشّه بالماء، ويضع عليه وردة. كان يفعل ذلك بالسرّ خجلاً من الحبّ . باح لي بحبه لأمّي في آخر أيّامه. قال: كانت أمهر نساء العالم في الطبخ، والخبز، وأجمل نساء العالم في المظهر والمضمون. لم أكن أرغب أن نغادر القرية، كنت مستعداً لخدمتها، ونسهر الليالي معاً.، لكنّها أصرّت على أن تبقى قرب الأبناء، واضطررت لتغيير المكان الذي أحببته، برحيلها خسرت الكثير، وأكبر خسارة كان" بيّوض" كلبها المدلّل.
ليس أبي فقط من أعطى معنى للحياة. بل كلّ الآباء الذين حاولوا أن يعطوا من قلوبهم لأبنائهم، ولأسرهم، وهم كثر، ودائماً يطفو على السّطح نموذج لا يعرف من الحياة إلا نزوته الشّخصيّة.
كأنّك أبي
غريب في الخامسة والعشرين من عمره . مهاجر يعيش في أمريكا مع أمّه وإخوته الثلاثة.
يتحدّث غريب إلى توماس عن الفتاة التي سوف يذهبا لرؤيتها من أجل أن يطلب يدها للزّواج.
لا زال غريب في الثالثة والعشرين من عمره، لكنّه أحبّ ميّ ، وأراد أن يرتبط بها كي يصبح أباً، وزوجاً. هو يتوق أن يصبح لديه عائلة كي يقول للعالم: هذا أنا. رجل كما طلبت منّي أمّي أن أكون.
يتحدّث توماس مع غريب حول الحبّ والحياة، لكنّه لا يسمع أجوبته. يراه يبتسم بينه وبين نفسه ثمّ يقطب ما بين حاجبيه.
ينسى غريب توماس، كما ينسى الموضوع الذي هو ذاهب لأجله. يمعن النّظر في الرّجل الذي ابتسم له، ثم يلتفت لتوماس: أرغب في العودة إلى المنزل. غيّرت رأيي في موضوع الزواج.
لم يناقش توماس غريب. فعل ما طلبه منه.
ولم يتحدث غريب بأيّة كلمة. هو مشغول:
كان أبي. لم أره منذ زمن طويل. كأنّه عرف أنّني غريب. أردت أن أركض إليه ويحملني بين ذراعيه. أردت أن يمسك بيدي ونركض معاً في ملعب لكرة القدم. أردت أن يقول لي أنّني مهم في حياته.
كنت سوف أقول: اشتقت لك. أين كنت؟
هو لم يمسك مرّة يدي. كان فقط يؤنّبني، وأحياناً يضربني.
-ما بك يا غريب. كأنّ أمراً حدث غيّر مجرى الأمور؟
لماذا تبكي؟
-أخشى أن تتركني وحيداً يا توماس. دخلت حياتي كأب، أمسكت بيدي. دافعت عنّي أمام معلّمي المدرسة، وطلبت منهم أن يعاملوني بشكل أفضل، واليوم كنت ذاهب معي كي نلتقي بالفتاة التي أحبّ. هل يمكن أن تردّ على سؤالي: لماذا أنت متمسك بنا مع أنّنا لسنا أولادك الحقيقيين؟
-أمّا أنا فأرى أنّكم أولادي الحقيقيين. هل لكم أب غيري؟
ليس لديّ في هذه الدنيا من أحبّ غيركم.
لماذا تتحدّث معي الآن؟
هل تذكر عندما كنت توزّع الجرائد عندما كنت طفلاً؟
مشيت خلفك لأعرف لماذا تعمل في هذا السن المبكر؟
وعندما سألت والدتك. قالت لي كي تتعلم أن تعتمد على نفسك، وطالما أنّ وضعك قانوني فلا بأس.
في تلك اللحظة التي رأيتك فيها. شعرت أنّك ابني.
-توماس يعبّر عن مشاعره تجاهي، أشعر بالامتنان له، ولكن هذا لن يمحو تلك اللحظات التي كنت أنتظر فيها أبي .
كيف يمكن أن يترك الأب أولاده بينما يشعر الغريب أنّه والدهم؟ لا. لن أسامحك يا أبي. كنت تضحك لي. وكنت أكاد أن أندفع نحوك إلى أن نظرت لنفسي ولتوماس، ورأيتني رجلاً ،ليس ذلك الطفل الذي انتظر أباه عندما كان في العاشرة.
-آسف يا توماس!
أشعر بعدم الأمان. خائف. مضطرب.
لن أتزوج، ولن أنجب الأطفال.
أخشى أن أكون اكتسبت وراثة أبي، أتخلى عن أولادي في أوج حاجتهم لي.
لا. لن أرتكب جريمة بحق أحد.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بازر باشي
- صراع مع الأماكن
- أحِبّونا دون شروط
- الشّعب المختار، والمحتار
- نحن والزّمن
- -ديني على دين المحبوب-
- المحرقة السّورية، والموت السّهل
- يبدأ الحبّ بلمسة تعاطف
- أعراس الوطن-مسرحيّة-
- عندما نُجبَرُ على الشّيخوخة
- مع ذاتي
- يشعلني الحنين
- على وقع الرحيل-2-
- على وقع الرّحيل
- أنا والليل
- بوصلة الأيّام
- فيدراليّة، أم موّحدة؟
- قيود أمّي-الفصل الخامس- الجزء الخامس،والأخير-
- يسرقون الأضواء من الثّورة
- البعض يفضّلها علمانيّة


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - كأنّه أبي-1-