أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبد العال - حُمى السيرك السياسي















المزيد.....

حُمى السيرك السياسي


سامي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 02:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في السياسة الأوهام أكثر وجوداً من الحقائق. وربَّ خيال يتلاعبُ بأصحابه إلى أبعد مدى متناسين أين تقف أقدامهم. لأنَّ ظروفاً سياسيةً قد تصنع مواقف متأرجحة سرعان ما تذهب أدراج الرياح. وهذا يبرز الظلال الساخرة لفاعليها. فتظهر حالةُ العبث وراء الشخوص المنخرطة ضمن أدوار تمثيليةٍ.

ما نراه من" لقاءات وخطب " تطارد الارهاب بحضور رؤساء غربيين ليست إلاَّ أجواء ضبابية تعمي النظر تجاه مشكلات الواقع. لأنَّ المشهد عابر للعقل فعلاً. ولا يطرح سوى الآراء الطائشة كوليمة لمضغ الجذور الحقيقية للتطرف. سواء أكانت جذوراً داخل بلاد تنتجه بمناهج تعليمية وبثقافة ماضوية تغذيه يومياَ أم كانت بواسطة راعٍ عولمي يزوده بالأسلحة والخرائط لتمويله وانتشاره. كيف يُطلب من (الراعي والممول) مواجهة الارهاب؟!

اجتمع منتجو الارهاب بشكل نادر محلياً وعالمياً. ورغم أنَّ عنواناً بارزاً هو محاربته إلاَّ أن أحد الأطراف(العرب والمسلمون) عيناه في قفاه- بقصد أو بغير قصد- لاتهام دول اقليمية(ايران). والآخر يأتي لجمع الاتاوة الكونية، لحلب البقرة الذهبية في عقر بيتها. إنه سيرك يشاهده الجميع ويفهمه الجميع!! اتفقوا على الصمت مع تكامل ادوارهم!! هذا هو التناقض الذي يتواطأ لأجل انجاز المنافع.

هكذا أخذ الكل يتفرج على الكل في وضح النهار. حيث يتراصون بأقفيتهم، القفا في القفا منتظرين مصالحهم الخاصة. ويكاد يكون ثمة تعاقد بين الأطراف على هذا الوضع. فالبلاد المضيفة تدفع المبالغ الطائلة- غير المسبوقة في التاريخ- تحت شعار الاستثمارات. والحالب الجديد يلتهم الأموال بمزيد من الضغوط. ولم يكن الارهاب إلاَّ السبب الأخير للقاء!! قال السيد الأعظم بعد تقليده القلائد الفاخرة: "عليكم أنْ تكافوا الارهابيين بأنفسكم، لا تتوقعوا من أمريكا أنْ تحارب بدلاً عنكم، اطردوهم من بلادكم....".

تنفتح مفردة البوليتيكا politica على جملة دلالات متداخلة. هناك منها السياسي والأمني والاجتماعي والثقافي والحركي( الساخر). في السياسة يبرز التنظيم الحاكم لعلاقات الأفراد والجماعات على الصعيد العام. ولذلك يعود المصطلح إلى شبح المراقبة لعمل ما. وتدحرج إلى أن وصل إلى دلالة البوليسي policy، أي السياسات الضبطية التي تفرض قواعد الأعمال الخاصة بالمواطنين تبعاً لأساليب مقبولة ولأهداف عامة. اعتماداً على ارتباط الكلمة بالمدينة تاريخياً، أي سكان المدن الذين لابد لهم لكي يعيشوا أنْ يراعوا أطراً بعينها.

أما المعنى الساخر- آت من التهريج- فيتصل بالأعمال البهلوانية. فالبوليتيكي رجل يستطيع القيام بمراوغة الوعي والنظر للقيام بأفعال باهرة وخادعة. وهذا الخيط يعود على كل مشتقات الكلمة بفوائد عملية. كما أنه يشق دروباً خفية في السياسة والاجتماع والثقافة. فالمهرج قد يكون سياسياً بامتياز. والسياسي يصبح بهلوانيا بنفس الامتياز. وعادةً المسافة بين السياسي والمهرج ليست واسعة كما نعتقد. إنهما شيء واحد بقناعين مختلفين في الأشكال. وليس صعباً معرفة الأعماق الخفية لهما حيث يعيشان داخل بعضهما البعض.

من هنا – في لحظة التماهي- يترسخ السيرك السياسي في قلب الحياة العامة نفسها. ضمن الأنظمة السياسية العربية هناك سيرك ينصب على طول الوقت لبهلوانيات اكروباتية تخادع الوعي الشعبي. وبممارسات الحكام والمسؤولين كان ثمة خدع بصرية وتنظيمية فوق الاحتمال الاعتيادي. لو رأينا حاكماً لمملكة أو لإمارة يصدر قرارات بعينها تخص الاقتصاد والتعليم والثقافة وتنفذ قراراته كأنها خبطات سحرية، فليست أكثر من كونها قناعاً لبهلوان عتيد. وكلما كان الحاكم يأتي بأعمال استعراضية(طحن بلا عجين) يكون العائد هذا الرواج لسلطة جاهلة. لا تلجأ في الحكم إلى أكثر من خفة اليد لإدارة قطاعات الدولة.

قُلْ ذلك على المؤتمرات والمجالس والأسواق الانتخابية والعلاقات العامة والمؤسسات. جميعها قفازات للبهلوان الأكبر. حيث يتحول جسد المجتمع إلى جلد عضوي لذات الحاكم العليا. ويبدو الاقتراب من نقد ممارساته كأنه اجتراء على شرفه وكرامته العصماء. وهذا أحد أسرار الاخفاق في المناصب والوظائف الرسمية. لأن المسؤولين يتحولون بدورهم إلى نسخ بهلوانية في المقام الأول. يرفعون درجة حرارة السيرك السياسي. ويدفعون الشعوب إلى رفع الابصار نحو الألعاب القادمة.

ففي الشرق العربي الحاكم هو الدولة لا أقل. والدولة هي الكبريت الأحمر في مناقب رئيسها الأشهر. هو القائد، النجم الساطع، الحكيم، الإله. أليس ذلك سيركاً سياسياً فوق جثة الشعب؟! قال الرئيس... قال الملك... قال الأمير... هكذا تصك عبارات من هذا الصنف. دونما أن يسأل أحدٌ ماذا قال؟ وكيف يقول ذلك إزاء إرادة عامة؟ بل هل من حقه أصلاً أن يحتل تلك المكانة؟!

حينذاك يعني الحال برمته هشاشة الأنظمة السياسة إلى درجة الزيف. وانتهاك حق الإنسان في اختيار الحاكم القادر على إدارة شؤون البلاد. والاهتمام ببناء المجتمعات وتنمية قدراتها الانتاجية والاقتصادية. كما أنت البهلوانية تقف جنباً إلي جنب بالسحر والخرافة واللامعقول. والمجتمع ريشة في مهب الريح. يرتبط تماسكه والحفاظ على نسيجه بحياة الحاكم مهما يكن. واستطاع الأخير زرع الفتن والاحتقان في أنسجته كبديل لو تم الاطاحة به. والفتنة هي الوجه المقلوب للمؤامرات واللعب السري على هيكل المجتمع.

والسيرك السياسي كأي سيرك سواه يوجد به حيوانات وخيول أفيال وقرود وسناجب.... وكلما استطاع اللاعب ترويض الحيوانات كلما تمكن من استعمالها في إضحاك المتفرجين. وبالتالي يعرف - بما له من مهارة- الإتيان بحركات خارقة وخطره من أشرس الكائنات. وعندما يبدو الأمر معجزاً بين فكيها يتمكن من الإفلات بأساليب بهلوانية عجيبة ومضحكة.

"هذا الشبل من ذاك الأسد" ... مقولة قد تنطوي سياسياً على أصالة من نوعٍ ما. بحيث يعرف القاصي والداني قدرة مسئول أو آخر على التعامل مع الأحداث. ولاسيما في دول وممالك تقوم على وراثة العرش من حاكم لوليِّه. فتلك العروش- في دول عربية كثيرة- تقوم على انتقال الحُكم من أب إلى ابن، ومن حاكم إلى وريثه الخاص. وإذا أحسنَ الوريث تدبير المُلك بصيغة العرب القدامى كان حافظا على عرش أبيه ودائراً في فلكه الماضي.

بينما إذا كان أبوه( أو سابقه) خائباً لا يدرك معنى الدولة- شعباً وإمكانيات- إلاَّ في إطار سيركه الزائف وسار الابن على ذات الطريق، فلن تصح إلا مقولة أكثر واقعية: "هذا الحمار من ذاك البغل"..... وهي عبارة نافذة عندما يستغبي اللاعب الجماهير ويتراقص بتصريحاته.

وحينما يتحول من مجرد حاكم إلى كائن بأربع حوافر على مسرح لا يجيد الرقص عليه ولا يمتلك المهارات لذلك. وما أكثر الدول العربية التي يعتلي خشبة مسارحها السياسي كائنات بحوافر. أفقدت مجتمعاتها إنسانيتها وحولت الشعوب إلى طاقات مهدرة. ولم تتوان في حياكة المؤامرات البهلوانية هنا أو هناك بطول الربيع العربي. ولم تكف أيضاً عن إنتاج خطاب إعلامي دموي. واستطاعت أن تزيف وعي الجماهير بقضايا الحرية والعدالة والديمقراطية عبر شعارات الدين.

على أن السيرك السياسي أوسع بما لا يحد مثلما أشرنا، تدخل فيه متغيرات شبه يومية. وقد يتسع ليشمل العالم والعلاقات الدولية والإقليمية والمحلية. وأقرب أشكاله هذا الذي حدث في أطهر بقعة في العالم، مهبط الوحي الإسلامي- كما يصفها المسلمون- حيث بدا لاعب السيرك الرئيس من خارج المنطقة. وليس مهما أن يحضر بنفسه لسبب بسيط: أنه يمسك أصلاً بجميع خيوط الألعاب بين أنامله. لكنه حضر هذه المرة ليستعد المهرجون إلى إلقاء الخطب والأصوات الزاعقة.

قد يصدق الناس العاديون أنَّ السيرك حقيقيٌ بينما هو مجرد سوق فانفض. وليست التصريحات المناوئة لأجواء السيرك إلاَّ جزءاً من بهلوانيات مماثلة كذلك. حيث استشاط اللاعبون الخليجيون غضباً لانكشاف ظهورهم. وأخذوا ينهشون لحم أمير دويلتهم اعلامياً. بينما هو اراد السير على خطي والده متراجعاً داخل جحره. فزعم أن هناك هاكرز قد اخترق أبواقه الاعلامية. ولا يدري المتابع أية ابواق تُخترق في هذا التوقيت السيركي بالذات؟ ولماذا يتحدث الهاكرز حول قضايا الساعة؟ وهل عرف الهاكرز ماذا سيقول؟ وكيف يلعبون دوره قفزاً فوق كل الأحبال بوقت واحد؟



#سامي_عبد_العال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التَّعْرِي داخل اللغةِ
- سؤال المصير
- سوريالية المقدس: حول التلامُس الجسدي
- مُواطنةٌ على كفِ عفريتٍ
- هل يمكن قيام فلسفة للتسامح؟
- الإنسان كقِطَع غيارٍ
- ظاهرة المحميات الثقافية
- الاختلاف الديني
- تفجير كنائس المسلمين!!
- دولةٌ عابرةٌ للقارات
- نبيٌّ يبحثُ عن أتباعٍ
- خرابُ الإنسان
- ربيع الدماء: عن حفاري القبور!!
- لعنة الثورات: خطيئةٌ بلا غفران
- غسيل الاستبداد: كيف يتطهر الحكام!!
- لا نظرية حول المرأة
- سياسات البط
- وسواس المخدّة: المرأة والشيطان
- التكفير كحادثةِ قتلٍّ
- ربيع القُرود: المثقفون فوق الأشجار


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبد العال - حُمى السيرك السياسي