أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد طعام - التوحيمة / قصة قصيرة














المزيد.....

التوحيمة / قصة قصيرة


عبد المجيد طعام

الحوار المتمدن-العدد: 5531 - 2017 / 5 / 25 - 22:29
المحور: الادب والفن
    


بمجرد ما لاحت أمام عينيه الحادتين طلائع العربات المحملة بفواكه ،أنضجتها حرارة فصل ربيعي لا يستسيغ الاعتدال ،حتى شمر على ساعديه يكد و يجهد نفسه لأداء صلوات الفروض و النوافل ،أحيانا في الجماعة و أحيانا أخرى منفردا بالزاوية المظلمة للغرفة الوحيدة التي يتقاسمها مع والديه و إخوته الأربعة بحي "الريكار".
أثار انتباه القاطنين و بادلوه ابتسامات امتزج فيها الغبن بالأحلام الموؤودة… قال له فقيه المسجد المطل على مجاري الصرف الصحي :" يا حسن…ما تقوم به جيد احرص على متابعته و لكن ..لازلت صغيرا لا ترهق نفسك بقيام الليل…لا تنس .. قليل متواصل خير من كثير منقطع ! !"
بات حسن بسلوكه التعبدي لغزا في حي "الريكار" لم يطلع أحدا على مشروعه الذي يعتبر جزء من أحلامه التي أجلها الفقر إلى أجل غير مسمى …منذ ولادته انتبهت أمه إلى " التوحيمة" التي رسمها الله على صدره ، كانت كلما أتيحت لها الفرصة تعيد على جاراتها يوميات حملها و كيف أنها اشتهت "حب الملوك" لكن "قدور" المياوم لم يكن باستطاعته توفير الفاكهة الشهية الغالية و بقدر ما تألمت بقدر ما كانت تشعر بشيء من الافتخار .كانت تردد أمام مسامع حسن:" …على الأقل المرأة يجب أن تتوحم على الأشياء الجميلة الغالية…أنا لم أتوحم أبدا على الفاخر أو الصابون أو التراب…أبنائي الخمسة …كل واحد منهم رسم الله على جسده فاكهة شهية غالية الثمن.."
أدرك حسن جيدا معاناة أمه و عرف أنه يحمل على جسده حلمها المعدوم … كرزة واحدة كانت ستغير أشياء كثيرة ، ربما كانت ستغير العالم في عينيها.. ربما كانت ستغير الحياة بكاملها … لم يمل أبدا من النظر إلى حلم أمه يلمسه بيده ، يتذوق أصابعه لكنها كانت فاشلة على حمل مذاق " حب الملوك" إلى فمه…
بعد صلاة فجر يوم احتد فيه الحديث بين القاطنين على عزم السلطات هدم المسجد اقترب من الفقيه بعينين أجهدهما التعب فقال له:" سيدي الفقيه، لدي سؤال . " نظر إليه بعينين فضوليتين و اقترب بأذنيه من فمه منتظرا ما سيسمعه من حسن:" سيدي الفقيه أكون قد جمعت حسنات كثيرة ..أليس كذلك ؟…أصلي في الوقت ..أنهض للفجر و لا أنسى النوافل…أكيد أكون قد جمعت حسنات كثيرة ! "
استمع الفقيه بكثير من الاستغراب و قال :" نعم أكيد…و لكن العلم عند الله.." استعجل حسن طرح طلبه الملح فقال:" سيدي الفقيه …أريد أن أقايض الله." باستغراب قال له الفقيه:" كيف ؟ تقايض الله!…و في ماذا ؟ " علت وجه حسن ابتسامة خرجت من أحشائه و أجاب على الفور :" أريد أن أقايض بحسناتي كرزا أحمر! يأخذ الله مني كل حسناتي و يعطيني كرزا…لاشك أن كرز الله أجمل من كرز الإنسان…مقابل كل حسناتي أريد أن يمنحني الله سبع كرزات.. فقط "
أمام اندهاش الفقيه عرى حسن على جزء من صدره أظهر الكرزة الحمراء المرسومة عليه قص كل تفاصيل يوميات الوحم المتعبة التي مرت بها أمه و استرسل قائلا :" سيدي الفقيه…أريد سبع كرزات فقط…أوزعها على إخوتي الأربعة .. أمنح أمي واحدة و أبي واحدة …و أضع في فمي واحدة …ستفرح أمي كثيرا …لاشك أن الله سيقبل مني هذه المقايضة ؟ "
في صباح اليوم الموالي و بينما حسن يقترب من المسجد لصلاة الفجر و مقايضة الله لفت انتباهه ضجيج القاطنين و هم يحاولون منع جرافات المخزن من هدم المسجد.
من وجدة صباح مهرجان "حب الملوك"2017



#عبد_المجيد_طعام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجو أوروبي / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / قالوا ….إنه الزمن الجميل !!
- قصة قصيرة / اعترافات أمام فنجان قهوة...
- حمَارُ عَمّي عمْرو / قصة قصيرة
- الكلاسيكو / قصة قصيرة
- رحل جدّي وأخذ الشمس معه / قصة قصيرة
- حب أول نظرة / قصة قصيرة
- أكيد التحاليل كانت خاطئة / قصة قصيرة
- تفاحة آدم / قصة قصيرة جدا
- يونس المثْليُّ / قصة قصيرة
- زوجي حامل .. ! ! / قصة قصيرة
- الطفلة العاهرة / قصة قصيرة جدا
- حبيبي أصبح سمكة / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / أنا أرفض...
- قصة قصيرة / بُعَيْدَ آذان الفجر بدقائق...
- قصة قصيرة جدا / شجرة حب غير عادية
- قصة قصيرة / حزام ناسف و ثلاثة أقراص فياغرا
- قصة قصيرة / الحاج لزرق و السياسي المحنك
- قصة قصيرة / الوزير و الحلم
- قصة قصيرة/ صلاة مع الجماعة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد طعام - التوحيمة / قصة قصيرة