أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر ثابت - نعم إرهابية، وليست -استشهادية-














المزيد.....

نعم إرهابية، وليست -استشهادية-


ناصر ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 5531 - 2017 / 5 / 25 - 02:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعم إرهابية، وليست "استشهادية"
بقلم: ناصر ثابت

المقاومة فعل احتجاج. أن تكون قادراً على الصراخ في وجه عدوك، جلادك، قاتل أطفالك. أن تفضحَه في العالم، أمام البشرية جمعاء، وأن تكون قادراً على تعريته وإظهار وجهه البشع، وأن تقنع الآخر أنك ضحيته، وهو المجرم، حتى تقف معك شعوب الأرض، وتضغط عليه من أجل أن يوقف اعتداءه وظلمه، وتفرض عليه الالتزام بأي اتفاق أو أية معاهدة تعطيك حقك أو تضعك على الطريق الصحيح للحصول على حقك.
ومن هذا المنطلق، على من يمارس الفعل المقاوم، أن يكون متيقظاً وأن يفهم حساسية العالم أمام الأفعال التي يقوم بها من يعتقدون أنهم يقاومون وتسبب الكثير من الامتعاض والرفض. أو بمعنى أدق، أن يتعامل بحذر مع ما اصطلحت البشرية على تسميته "بالإرهاب".
والإرهاب هو كل اعتداء أو هجوم يستهدف المدنيين الآمنين غير المشتركين في العمليات الحربية. ومن الأمثلة عليه تفجير الحافلات والمقاهي ومحطات الميترو، وخطف الطائرات، وأخذ الرهائن، وقتلهم. والمدني هو كل من لا يحمل السلاح ولا ينتظم في تشكيل عسكري لحظة وقوع الهجوم. حتى الجندي إذا ترك سلاحَه في الثكنة وتحلل من الانضباط في مجموعته العسكرية النظامية أو غير النظامية، وعاد إلى منزله مستقلاً الحافلة أو الميترو أو جلس في المقهى، أصبح مدنياً.
فإذا مارست المقاومة الإرهاب، أصبحت فضيحة لشعبها، وأضرت بقضيته. أي أنها بدل أن تفضح المحتل وتحرجَه، فإنها تحرج نفسها، وتحرج شعبها. وبدل أن تستجلب تعاطف العالم، فإنها تستجلب استنكاره للفعل، وتحرف الأنظار عن المشكلة التي هي الاحتلال وتصبح هي نفسها المشكلة في نظر الآخرين، دون ان تفيد في الضغط على المعتدي لكي يوقف اعتداءه. بل أنها تعطيه الحق والشرعية لسحقها وسحق شعبها، فكأنه يقول: انا مضطر لضرب هذه المقاومة الإرهابية بقوة، حتى لو احتمت بشعبها، لأنني إن لم أفعل ذلك فإنها ستأتي إليَّ لتفجِّرَ الحافلاتِ في مدني.
وسيجد هذا المنطق تعاطفاً من بعض الدول، وحياداً من البعض الآخر، واستنكاراً خجولاً من البعض.
لذلك، فإن رفضنا للإرهاب يأتي من باب حرصنا على شعبنا وعلى حقه في المقاومة. لأن شيطنة المقاومة تضر بالقضية، وتفيد اعداءَها. عدا عن أنها لا تحقق المرجو منها أبداً.
هذا في العموميات. أما إن أردنا أن نخصص أكثر، فنقول: إن القضية الفلسطينية من أكثر القضايا تعقيداً في هذا العالم، وإنها تحتاج إلى مقاومة ذكية واعية تتفهم الظروف المحيطة بالشعب الفلسطيني، وتعمل ضمن المعطيات العامة المتوفرة لوجيستيا وجغرافياً.
لقد مارست الفصائل الفلسطينية المقاومة بصورها المختلفة، وقدمت الكثير من التضحيات، لكنها وقعت للأسف في ممارسة الإرهاب في تاريخها بنسب متفاوتة. ربما رغبة منها في تحقيق أهدافها بسرعة أو رغبة في الانتقام أو ما شابه، لكنها لم تحقق أي شيء بهذه الممارسات. هنالك فصائل قامت بخطف الطائرات، وأخرى نفذت اغتيالاتٍ، وثالثةٌ قامت بعمليات شديدة القوة بتفجير حافلات المدنيين في المدن الإسرائيلية. هذه كلها أفعال لا يمكن تصنيفها عالمياً إلا في خانة الإرهاب. مهما حاولنا تبريرها او الدفاع عنها.
في زيارته إلى المملكة العربية السعودية، أطلق الرئيس الأمريكي ترامب تصريحاً أثار الكثير من اللغط والحوارات الداخلية في فلسطين، خاصة عندما وصف حركة حماس بالإرهاب. فقامت الدنيا ولم تقعد ورأينا اصطفافا جماهيرياً واسعاً خلف حركة حماس ورفضاً لوصفها بهذه الطريقة.
أتفهم النوايا السليمة عند أغلبية أبناء الشعب الفلسطيني للقيام بذلك، لكنني لا أتفق معهم حتى لو كانوا كثرة. أسعدتني حالة الحوار التي تمت على صفحتي، وإن حملت في غالبيتها هجوماً عنيفاً ضدي، وفي بعضها عتاباً من بعض الأصدقاء، إلا أنني لستُ معتاداً على أن أزن الأفكار بميزان الجماهير، ولا أن أقيسَها بمسطرة العتاب ولا العيب. لأن الحقيقة أن حركة حماس فعلاً مارست الإرهاب بتفجيرها للحافلات في المدن الإسرائيلية. وهذا لم يكن منذ زمن بعيد، إنما توقف قبل عقد من الزمن فحسب. وإن قلنا غير ذلك خدعنا انفسنا، ونحن في كامل وعينا.
يجب ألا ننسى الضرر الشديد الذي جلبته هذه العمليات للقضية الفلسطينية، والتشويه البالغ الذي قامت به لصورة شعبنا. لذلك يتوجب علينا أن نقف وقفة صادقة مع النفس وأن ندخل في حوار داخلي عميق وصريح حول ماهية المقاومة، وحول أخطائها وخطاياها الكثيرة، حتى نتعلم من هذه الأخطاء ونتجنبها في المستقبل.
نعم، يجب أن نعترف بأن حركة حماس مارست الإرهاب بكثرة، فالمئة وسبعون عملية تفجير في الحافلات والمقاهي تعتبر عدداً كبيراً، ولحماس نصيب الأسد فيها. وهو أيضاً دليل على فشل الإرهاب في تحقيق أهدافه. فهذا العدد الكبير كاف لكي يجبر إسرائيل على تحقيق شيء ما، لو أن الفكرة بحد ذاتها تمتلك الفاعلية والقدرة على التغيير الإيجابي. غير أنها فكرةٌ فاشلة، ومرفوضةٌ، ومنبوذةٌ، وشديدة الضرر على أصحابها. ونحن عندما نفهم هذا الامر ونعيه جيداً، فإننا عندما ننوي أن نمارسَ المقاومة في المرات القادمة، سنجد أنفسنا نتعلم الدرس ونتجنب الخوض في هذه الأفعال.
علينا أن نقول إن هذه العمليات لم تكن يوماً عمليات "استشهادية"، بل هي عمليات تفجيرية إرهابية لا بطولة فيها ولا شجاعة. هي غدر واعتداء وسفك للدماء. القيام بها إرهاب وتبريرها إرهاب، كما أنها لا تختلف قيد أنملة عن عمليات داعش وان ادعينا أننا نقوم بها لغاية نبيلة. فالغاية لا تبرر الوسيلة، إلا في عرف الانتهازيين والمجرمين، ونحن لسنا كذلك!



#ناصر_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشي ليلاً
- مهما فعلتَ ستهزمك عناصر العدم
- الهواء من حولي مالح
- قصيدة من وحي اللاشيء
- عن الموت والحياة والروح.
- مؤتمر آخر لفتح، المزيد من الضبابية والتشرذم
- -التطبيع- - ديكتاتورية اللغة ودورها في قمع الأفكار.
- تصحيح المسار، فلسطينيا. كيف يكون؟
- لستُ صوت أي شيء
- التعارض بين العقل والإيمان، إلى أين يقودنا؟
- حجر على جنب الطريق
- الخط الفاصل بين الموج الأزرق والرمل
- آلان كردي، ومأساة ضميرنا الجمعي
- تعذيب الساعدي القذافي، على طريقة الربيع العربي.
- المدينة هي الزمان، والصباح هو المكان
- قهوة خفيفة السُّكَّر
- أحبكِ، وهذا كلُّ شيءٍ
- عن تفجيرات الكويت، وجولة سريعة مع الانتحاري القاتل!
- صباحاً، يفضُّ الإلهُ المظاريفَ
- اقبال


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصر ثابت - نعم إرهابية، وليست -استشهادية-