أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد شودان - التيه، رواية، الجزء الأول















المزيد.....


التيه، رواية، الجزء الأول


محمد شودان

الحوار المتمدن-العدد: 5529 - 2017 / 5 / 23 - 23:40
المحور: الادب والفن
    


التيه
توقف قليلا في منتصف الممشى الإسمنتي الرابط بين الإدارة والباب الخارجي، حتى يسمح لنفسه بتعديل وضع الحقيبة على ظهره، وبعد ذلك، أمسك بيسراه الوثيقة التي مده بها مدير السجن، فتأملها وهو يمشي ببطء، كان كأي عالم آثار أخرج لتوه قطعة أثرية؛ رأى حروف اسمه واضحة المعالم، فقد كان مكتوبا بالبند المضغوط، بارزا، كأنه يناضل بين الحروف، حتى لا يتيه في الكلمات الروتينية التي تتكرر في كل الوثائق الأخرى.
استطاع تهجي الحروف تباعا، واسمه، هو الكلمة الوحيدة التي يستطيع كتابتها بإتقان، والتعرف عليها أيضا من بين ركام الكلمات بسرعة، وهذا كل ما تعلمه في السجن.
في أسفل الوثيقة، يتربع ختم إدارة السجن المدني، وهو كتابة في دائرتين تحتهما طابع مستطيل، وتوقيع عجيب يمينهما، أما إلى اليسار فكُتبت جملة تتجاوز كلماتها ربع السطر؛ دوَّنها الموظف المرافق للمدير بقلم حبر جاف تحت توقيع السجين.
بعد ذلك، وكأنه يكتشف الأشياء لأول مرة، اطلع على بطاقة هويته، تلك التي استرجعها بعد نفاذ المدة التي أفناها خلف القضبان، كان يحملها بيده اليمنى كأنها رضيع، أو كأنه يتطلع إلى ماضيه المطل خلف الصورة.
استمر في التقدم نحو البوابة القريبة؛ وهو يجر خطواته المتثاقلة، ودون حتى أن يعي، وجد نفسه غير بعيد من ذلك الباب الحديدي الصدئ الموصود؛ إنه الباب نفسه الذي استقبله منذ أشهر.
أيقظه من سهوه حارس الباب بحركة من يده، مُرفقَةً بصوت صفارته الحاد، ذلك الصوت الذي أرغمه على أن يسترد وعيه، وماضيه القريب والبعيد، البئيس، "إنه الصوت نفسه مهما اختلفت الصفارات أو تنوعت الشفاه خلفها"،هكذا خاطب نفسه. ولما سمع هدير محرك سيارة كبيرة قادما من الخارج حدس ــ مستعينا بما حفظت له ذاكرته ــ أنها لن تكون إلا سيارة شرطة، أو سيارة إسعاف، فهذا ليس وقت قدوم موزع الخبز، وإذن فإما أن تكون سيارة إسعاف جاءت لتحمل مصابا إثر تعنيف جماعي، وهذا هو الغالب...
أمره الحارس، بعنف، أن يبتعد عن الممر الإسمنتي، فحرك رأسه مطيعا، وانحرف يمينا باتجاه البيت المربع الصغير، الذي يقف كاليتيم في قاعدة الباب الجانبية.
رأى حارسين مسلحين ببندقيتين رشاشتين، وقد وقفا متأهبين فوق برج البوابة، ثم تحرك حارسان آخران بزيهما الرسمي ففتحا دفتي الباب الكبير جرا من اليمين واليسار في آن واحد، وانزلقت سيارة شرطة متوغلة وهي تزمجر، ثم أغلِق الباب بالسرعة التي فُتِح بها.
"لا بد أنها محملة بمحكومين مدانين، وربما بينهم أبرياء" حدثته نفسه.
أمره حارس السجن، ليس الذي زجره قبل قليل، ولا أي من اللذين فتحا الباب، بل آخر، في زي مدني، ولأول مرة طوال هذه المدة، يخاطبه شخص مدني من غير السجناء، ربما، حتى يعودونه على الحياة المدنية خارج المعتقل، أمره أن يتقدم نحوه، مكتفيا بإشارة من يده وصوت خفيض يكاد لا يسمع، ثم دخل قبله إلى الغرفة ذات الشباك الحديدي، والنافذة الزجاجية.
تقدم نحو الغرفة بخطوات سريعة هي أقرب إلى الهرولة منها إلى المشي، كأنه يريد إنهاء الطريق بأقصى سرعة، ثم وقف عند الباب، راقب الحارس الذي كان يطالع من خلف نظارتيه النازلتين على أرنبة أنفه الوثيقة وبطاقة التعريف.
والمكتب في الأصل غرفة ضيقة جدا، أو قُلْ إنه مجرد زنزانة منفلتة من مجمع العنابر، بحيث لا تسمح بغير الوقوف عند الباب أو دونه قليلا، تتوسطه طاولة خشبية، متساوية الطول والعرض، ومهترئة بحيث لو جلس أحدهم وسطها لانبعجت، وخلفها يقبع كرسي تهشم خشب منضدته، ولذلك اختار إدريس عدم حشر نفسه فيها.
ردَّ إليه الوثيقة وبطاقة التعريف بعد زهاء الدقيقتين، دونَّ خلالهما كلمات في سجل أسود موضوع عند طرف المكتب، أحس إدريس حينها كأن الوقت قد تباطأ كثيرا، فودّ لو يسأل الموظفَ عن حاله مع هذا المكان الذي لا يعلم غير الله المدة التي قضاها فيه، ولا كم من الرجال أفنى هذا القبر.
نزع الحارس نظارتيه، ربما وضعهما خصيصا لتفحص ما قدمه السجين، فبدت عيناه بشكل مضحك، كان أقرب إلى الضفدع منه إلى البشر، مد يده بعيدا عن عينيه بعد فركهما، ثم كرر عليه نفس الأسئلة التي كان قد سمعها قبل وصوله إليه.
صدرت هذه الحركات عن الحارس، وهو يعيد نظارتيه من جديد، استعدادا للكتابة مرة أخرى، لكن على ظهر ورقة بيضاء هذه المرة:
ــ هل عندك معارف في هذه المدينة؟ إلى أين ستذهب؟ زودنا بعنوانك".
ثم أردف:
ـ أوف ! إدارة اتكالية، إنه عملهم بالداخل، هذه ليست من مهامي.
ـ لقد طرح علي أحد الموظفين الأسئلة نفسها سيدي، لكنه لم ينتظر مني جوابا، بل رافق المدير دافعا إياي خارج المكتب، ربما كانت عندهم حالة مستعجلة !
ــ ما الطارئ الذي قد يستعجل أحدهم هنا؟ الزمن نفسه يشتكي من التباطؤ والملل، طيب، أجب باختصار.
ــ إلى أين قد أذهب؟
فكر مليا في عش قد يؤوب إليه، ففرت به الذاكرة بعيدا، ووجد نفسه مقتحما أمواج الماضي بمركبه الصغير.
المدينة القديمة بفاس؟ لا، لن أعود إليها أبدا، وحتى لو شئت ذلك، فماذا سأفعل هناك؟ لا أهل ولا بيت ولا...أبواي توفيا في تلك الحادثة المشؤومة، ولطالما رفض أخوالي تبنيَّ، ولا حتى كفالتي. أعمامي؟ يا ليت! أنا أصلا لا أعرف أصل أبي، وهو لم يحدثني عنه يوما، ظل يقول إنه مقطوع من شجرة؛ ولم يكن سوى عامل مياوم في فرن الحومة التقليدي، لفظته إحدى خيريات مدينة الدار البيضاء بعد أن بلغ سن الثامنة عشر، ـ هكذا كان يقال ـ وهروبا من شبح اللقيط قصد مدينة فاس، فاحتضنه صاحب فرن تقليدي وعلمه أصول المهنة؛ جدي لأمي، ولشطارته وإخلاصه بات منافسا لأخوالي المتكاسلين، وهذا منبع كرههم لنا، ثم، وبعد أن صارت أمي حاملا بي منه، لعن الله تلك اللحظة التي جمعتهما، زوجه جدي إياها وأدخله البيت، فبقي معهم هانئا مسالما، رغم النظرات واللمزات.
تُوفي جدي ، ذلك العام المشؤوم، فحرَّم أخوالي الدار على الوالد بعد العشاء الثالث للجنازة، رأيت بعيني هاتين كيف كانت أمي المسكينة المغلوبة على أمرها تبكي أمامه تحت ضوء عمود النور في الزنقة، ولأنه رجل، وليس مجرد ذكر، كما كان يردد ليلتها، فقد قصد طنجة، المدينة الواقعة عند التقاء البحرين، وما إن أمّن عملا وبيتا بالإيجار، حتى عاد ليأخذنا، وينقدنا من المذلة التي أغرقنا فيها أخوالي، لا سامحهم الله.
كنت نائما في الحافلة ليلتها، ولما صحوت وجدت نفسي في المستشفى، معافى إلا من جروح خفيفة، فاستقدمتني الجدة إلى الدار الكبيرة رغم أنف أخوالي، وبعد أيام علمت بالخبر المفجع؛ خبر وفاة الوالدين.
تقبلت يتمي وتعايشت معه، فما كنت أحلم بأكثر من الأمن، ولا طالبت بغير الخبز، بل ونفذت بالحرف كل ما كان يطلب مني، ولما اشتد عودي قل احتمالي لمضايقة الأخوال ونسائهم:
"من يأمن بقاء سليل الخيانة هذا بين نسواننا؟"
"ذلك الغصن من تلك الشجرة"...
لملمت ملابسي في محفظة،
وتحت جنح الظلام خرجت
فقصدت المجهول،
وحيدا كنت،
أنا والقمر.
أحدٌ لم يفتقدني،
ولا روح الوالدين.
تجنبت دخول المدينة القديمة ما وسعني، إلا في ذلك اليوم المشؤوم الذي أفضى بي إلى هذا الجحيم.
ــ "هيه، إني أنتظر!" صاح الحارس ملوحا بالورقة.
ــ لا أدري!
ــ طيب، هاتنا عنوانا، مهما يكن.
ــ سجل العنوان الذي تشاء.
سجل الحارس شيئا على الورقة، ابتسم بمكر وهو يدسها في سجله الأسود، ثم أشار من تحت الشباك للحارسين بأن يسمحا للسجين بالخروج.
وهو يبتعد عن المكتب ذي الشباك الحديدي، اخترق طبلة أذنه خطاب من الحارس خلفه:
ــ ابحث عن حياة جديدة، واحذر العودة.
تساءل وهو في آخر الطريق الإسمنتي، كيف يمكن للإنسان أن يبدأ حياة جديدة؟ وماذا عن الحياة القديمة؟ أتعوض الجديدةُ القديمةَ؟ ليس لنا من العمر ما يكفي لتجريب عدة حيوات، لا بد أن الحارس قد حفظ هذه العبارة من كثرة التكرار، فلم تعد تعني عنده شيئا.
أراد أن ينبه الحارس إلى سؤال سمعه من الموظف الفظ، ولم يكرره هو على مسمعه:
"هل تريد العودة إلى فاس، فنكفل لك رحلة في إحدى الحافلات، أم ستبقى في سلا؟"
كاد أن يعود ليذكره بالسؤال لو لم ير الحارس البواب وهو يفتح له الباب الصغير، والذي هو في حضن دفة الباب الكبير اليمنى، فاجتاز الباب والحارسين عنده دون أن يبادلهما ولا كلمة وداع واحدة، ولا هما فعلا، فقط اكتفى الحارس بفتح الباب، تماما، كأنه آلة، وألقى إدريس رجله فصار خارجا.
كل الحراس كذلك، نعم، حراس السجون جميعا، ملامحهم خالية من أي تعبير، اكتسبوا من عبوسهم، أو، ربما من فراغ قلوبهم، اكتسبوا تعابير متشابهة، فاقدة للمعنى، وموحدة إلى الحد الذي يدفع الإنسان إلى الشك إن كانوا بشرا أصلا، وإن كانت لهم قلوب وعواطف، أم مجرد محركات، الله وحده يعلم حالهم مع أهلهم.
في الخارج، رأى طابورا طويلا من الزائرين نساء ورجالا، كانوا محملين بأكياس البلاستيك، من نفس نوع الأكياس التي كانت تصل الزنازين، إلى جميع السجناء، باستثنائه هو.
لم يحَدِّث أحدا في سبب ذلك النضوب غير المبرر، ولا واحدا منهم سأله في ذلك؛ فقد كان قليل الكلام، قليل الثقة، وطيلة الأشهر الستة، لم يربط ولا علاقة عابرة مع أحد، لكنه كان يعطف على الجميع، خاصة حمودة الصغير.
حمودة، الذي كاد رئيس الغرفة "خطوطو" الشرس أن يغتصبه في إحدى الليالي، طبعا لولا تدخل خَلَفِ ابن الخيرية هذا؛ استفاق إدريس فجأة على صوت أنين سمعه، وبخفة بديهته أحس بما يدور في الزنزانة، ثم، وعلى بصيص الضوء الضعيف المنبعث من الكوة، سدد ركلة قوية إلى مؤخرة رئيس الغرفة الذي كان عاريا فوق حمودة وهو يخنقه بيده حتى لا يصيح.
كانت الركلة كفيلة ليس بإبعاد الأذى عن حمودة فقط، بل بجعل المغتصب يقبل الأرضية بعنف.
قامت الدنيا والبلبلة، وما قعدت إلا بدوي صوت الصفارة، ثم أضيئت الغرفة، ودخل حارسان، فرفعاه من فوق خطوطو وهو يلكمه، والأخير عاريا.
ما كان أحد من نزلاء تلك الزنزانة المزدحمة يحقد على إدريس، ولا كان منهم من يحب خطوطو المتعجرف، فقد عاش المقهورون تحت رحمته طويلا؛ وقلما ناموا هانئين مطمئنين.
لقد كان اللواط منتشرا في بعض الزنازين، ولكن زنزانتهم كانت شبه هادئة، ولذلك وقفوا وقفة رجل واحد إلى جانب إدريس، وشهد الجميع بما اقترف المجرم، فتم إبعاده، وهكذا ضمن إدريس صداقات، ولاسيما نصيبا طيبا من كل المؤن التي كانت تأتي مع الزيارات.
تحسس جيبه، فوجد بعض الأوراق المالية وقطعا نقدية معدنية، أعادوها له بعد نفاذ مدة محكوميته، فقصد مقهى قريبة من السجن، جلس على كرسي متموقع تحت الشمس قليلا؛ بحيث سمح له موضعه بحماية رأسه تحت ظل الشماسية، وإطلاق رجليه تحت الشمس، ممددتين.
طلب من النادلة قهوة سوداء لما وقفت أمامه، ومسحت الطاولة بمنشفة صفراء اجتذبتها من طرف وركها حيث كانت معلقة، ولما عادت أعقابها تتبعها بعينيه متمليا بمشيتها؛ إنها في مثل عمره تقريبا، فملامحها أخبرته أنها لم تتجاوز العشرين إلا قليلا، والله وحده أعلم بما دفعها للعمل في مثل هذه المهنة.
إنها جميلة ــ خاطب نفسه ــ ومكانها بيت الزوجية، لتخدم زوجها وحماتها وأبناءها، لا خدمة من هب ودب.
قدمت له فنجان القهوة باسمة، فرد عليها بابتسامة خفيفة، ثم أخذ الكأس مباشرة بعدما وضعتها، رشف الرشفة الأولى مُرَّةً، فاستغربت منه ذلك؛ عقدت حاجبيها وهي تغادره إلى زبون آخر، ثم أشارت إليه بسبابتها أن "ضع طوب السكر واخلطه بالملعقة".
فعلت ذلك وفغرت فاها بضحكة رائقة، لكنه لم يعر حركتها اهتماما، لأنه قد تذوق مرارة القهوة عمدا، لا سهوا ولا غباء، فهي أشبه شيء بالحياة؛ الحياة في الأصل سوداء حالكة، ومرة، لكننا نضيف إليها تحلية لنستسيغها ونتلذذ بها، ثم إننا ندمن القهوة كما نحن ندمن الحياة نفسها.
استلذ مرارة القهوة فلم يضف لها سكرا، ولما كان منتشيا بحريته فقد غاب عما حوله حينا، ثم عاد بفكره إلى المرأة/النادلة، خاصة لما رآها عند طاولة زبون غير بعيد.
وكان ذلك الزبون يطالع نهديها النافرين بينما هو يحدثها، وفي اللحظة التي انتصبت لتغادر طاولته، أشاح إدريس ببصره بعيدا، تماما قبيل التفاتها جهته بأعشار في المائة من الثانية؛ فعل ذلك حتى لا تعلم أو تظن أنه يراقبها أو ما إلى ذلك.
غار في أعماق نفسه فلم يجد قطرة ميل إليها، وأما ما بدر منه، فقد عزاه إلى الغريزة المكبوتة لمدة أشهر؛ فقد عادت بعد ضمورها مدة الاعتقال، وخاصة لما حركتها مؤخرة النادلة وصدرها البارزين.
للعلم، لا يجد إدريس في نفسه ميلا إلا إلى النسوة كبيرات السن، ربما، لأنه يجد في أحضانهن دفء الأم المفقود، أو لأنه متأثر بتجارب سلبية؛ مثل اليوم الذي خرج فيه مع تلك المراهقة، وحتى أوضح، فهو لم يخرج معها إلا لدفع الشبهات عليه، وبصفة خاصة ليضع حدا لتنكيت إسماعيل الحلاق، لعنه الله، طريقه كلها شرور.
ــ هل قدمت مسافرا؟
انبعث الصوت الأنثوي من خلفه هامسا كالحلم، أو كصحو أخرجه من الحلم، التفت ليجد النادلة عند الطاولة خلفه، إلى جانبه قريبا، تأمل جيدها في صمت حين اقتربت أكثر، فوجده خفيف السمرة، ولما لم يجب عن سؤالها ألحت عليه وقد انحنت متكئة على الطاولة بيد، وواضعة يدها الأخرى على منضدة الكرسي حيث يجلس، فجاءها الرد باردا كأرض الزنزانة:
ــ نعم، قبل أربعة أشهر، ثم أضاف: في سيارة السجن.
تأمل ملامح وجهها إن كانت ستتغير، أو أن تنقبض أساريرها لما عرفت أنه قد كان سجينا، لكن هذا لم يحدث، بل طورت السؤال:
ـ من أين؟
ـ فاس !
ـ آه، أنت فاسي إذن، أتحب أكل الخليع على الفطور، أم حلوى الكرواصة (هلالية) والشاي مثلنا؟
خرج سؤالها بنبرة فاسية ضاحكة، ثم تركته مستجيبة لنداء زبون.
هل أنا فاسي؟ لقد عشت حياتي كلها وأنا ذلك الغريب، هذا ما قُدِّر لي؛ منذ فتحت عيني بين أخوالي، وحتى لما استقر بي المقام أخيرا في تلك الغرفة التي كنت مستأجرا في حي الزهور الشعبي، آه يا تلك الغرفة! ربما اقتحمها صاحب الدار بعد غيابي في السجن، وإن فعل ـ وهذا مؤكد لأنه لن يحجزها لسواد عيني ــ فسيكون قد غنم قنينة غاز صغيرة، والحد الأدنى اللازم من الأواني، وفراش بسيط، وتلفاز صغير.
ماذا لو لم؟، لا، ليس الآن، لا...
مرت النادلة قريبا منه، وابتسمت له بدلال، فرد عليها بانحناءة هادئة، أحس كأنه قد جعلها تنجذب إليه برزانته ورباطة جأشه، هكذا راودته نفسه، فتساءل:
ــ ما الذي أعجبها مني؟ هل اغترت بعضلات صدري وذراعي؟ هذه العضلات التي روضت بالتمارين الرياضية التي كنت أملأ بها ساعات فراغي الدائمة بالسجن؟ إنها امرأة غامضة ومغرية، ولكن إلى متى سيجرني الإغراء والإغواء؟ ودوما، إلى دماري؟
لاحقت تلك الشابة، فجرتني إلى ذلك الحي الشعبي لتتلقفني أيدي عصابة حطمت عظامي ضربا بعدما وجدوا جيوبي فارغة، فأدركت أخيرا، بعد الدرس الصعب، أن الفتاة لم تكن إلا طُعما/إغواء، ثم بعدها... لا، يجب أن أنسى ذلك، إلا هو، إنه آخر ما يمكن تذكره، الله وحده سينتقم لي ممن ظلم.
أحس كأن الذاكرة ستنفجر عليه من كل الجهات فلم يستطع مقاومة تدفقها:
ماذا لو سألتك سمراء الجيد عن سبب سجنك؟ ما الحكاية التي ستنسج؟ أو تلفق؟ ألن تجد نفسك، وأنت في لحظة صفاء تحكي لها أنك كنت عائدا من يوم عمل شاق، تماما بعد حصولك على أجرة الأسبوع، التي في جيبك الآن، وأنك دخلت غرفتك فوجدت قنينة الغاز فارغة، وأن بطنك الجائع لم يمهلك وقتا لتستبدلها بغيرها فتنعم بكأس شاي منعنع وخبز مغمس في الزيت كعادتك، فخرجت طالبا مطعم الحي على وجه السرعة، وأنك قد مررت في طريقك بإسماعيل الحلاق، الذي غالبا ما كنت تجلس عنده ساعات المساء والليل.
ولما دخلت الصالون لم تجده، ولكنك لمحت إبريق شاي يتبخر دفئا، وإلى جانبه كأسا وصحنا مليئا بالسفوف فلم تتمالك نفسك، فوقعت فريسة الجوع والإغراء؛ قالت نفسك: ذق! فذقت، ثم جاء الأمر المغري، كلْ لقيمات ريثما عاد، وهكذا تابعت؛ ملعقة تتلو التي قبلها...
لما دخل إسماعيل زعق لِما رأى أولا، لكنه كتم غيظه أو ضحكته بعدها، وأنت، أيها الغبي لم تنتبه، ولم تستفسر، بل ولم تعتذر حتى؛ انتشيت بانتصارك، فبدا لك كأنك قد ثأرت منه لنفسك لأنه شرب كأس الليمونادة خاصتك ذات سهرة مع الأصدقاء، فقلتَ له وأنت تغادر الصالون:
"الله يخلف عليك، لقد كان لذيذا".
إن الذاكرة الآن محَفزة حد القفز على الأحداث، كأنها صبية تلعب بالحبل، ولكن صورها لا تزال ضبابية، ولا يزال إدريس يعمل جاهدا على طمسها.
تمنى لو كانت الحياة شريطا يمكن التحكم فيه، إذن لقص هذا المقطع البئيس من حياته، فأخذته الفكرة بعيدا؛ لو كانت الحياة البشرية شريطا سينمائيا لوجب قطع جزء كبير جدا منه، ولكن هل سيكون ذلك كفيلا بإزالة البؤس؟
محتمل، لكن ذلك أبعد من الواقع، لا بد أن هناك حكمة إلهية تحرك خيوط اللعبة، فربما تجربة الألم هي الأصل في الحياة، فما يمكن أن تكون السعادة دون شقاء؟ بل وكيف يمكن تحديدها؟ لأنها من الأشياء التي لا نحسها فقط، بل نعرفها بنقيضها، ولولا النقيض لما عرفناها، ولو لم يطرد آدم من جنة السماء ليواجه شقاءه في الأرض لما أدرك النعمة التي كان يرفل فيها، ربما تجربة الألم سبيل لإدراك نعم الله ومعرفتها؟.
حدق بعينيه باحثا عن النادلة السمراء، فلمحها وهي منهكة في خدمة الزبناء الذين توافدوا في لحظات متقاربة كأنهم كانوا على موعد، ولوهلة اختلطت عليه الأحاسيس، هل هو منجذب إليها، أم هي التي انجذبت إليه؟.
"آه، إنه الإغواء مجددا، لا بد أن أفر بجلدي، وبماضي، وببؤسي"، هكذا حدث نفسه، فحاول أن يتحاشاها لما رآها قادمة نحوه بابتسامتها العريضة، كانت تحمل على راحة كفها صينية مليئة فظنها طلبية لزبون خلفه، لكنها توقفت عند طاولته هو، فوضعت الصينية وجلست أمامه،
ــ أظنك جائع أيها الفاسي السجين.
ــ لا بأس، لا بأس، لا شهية عندي الآن، ثم، في الحقيقة، لقد كان الفطور آخر وجبة تناولتها في سجن الزاكي.
ــ كذاب !
اضطرب في مكانه، فقد صدمته الطريقة التي نطقت بها تلك الكلمة، وفجأة لم يجد جوابا، وهي أيضا لم تنتظر منه ردا، بل وضعت على الطاولة كأس شاي دافئ وحلوتين هلاليتين، واحدة منهما كانت مذهونة بالجبن والأخرى فارغة، ثم أخرجت سيجارة من الحقيبة الملتفة حول خصرها، فوضعتها أمامه وانصرفت، وقد ازدان وجهها ببسمة الرضا.
وجد يده تمتد نحو الحلوى المذهونة أولا، فقضم منها قضمة بملء فمه، وأردفها رشفة شاي، فوجده حلوا ودافئا ولذيذا... بعد دقائق أكمل الفطور، ثم داعب السيجارة بأصابعه وهو مستغرق في اللاتفكير، كأنه قد خرج من حدود الفضاء،
ــ ولاعة؟ سألته، وقد وقفت عليه مجددا فرد عليها:
ــ لا، لا أدخن، شكرا.
ــ طيب، بالصحة والراحة.
أخذت السيجارة، وأعادتها إلى مكانها من العلبة المفتوحة، ثم جلست قربه، لم تكد تنطق بكلمة حتى سمعت تصفيق أحد الزبناء في الطرف الآخر، فقامت متأففة وهي تغمغم:
ــ " أوف، طلبات هذا الأحمق لا تنتهي".
فكر في أمر السيجارة؛ "هكذا هو حكم الناس المسبق على السجناء، ترى كيف فهمتني لما أخبرتها أني لا أدخن؟ هل يعني أنني رغبت في إعطائها صورة الفتى الصالح الذي تتمناه كل مقبلة على الزواج؟"
قرِف من الفكرة؛ فهو في الأصل ليس مدخنا، ولا يتعاطى المخدرات، لكنه يشرب الخمر أحيانا، وأول ما تناول مخدرا ـ ولو بالخطأ ـ جنى على نفسه.
لقد كان صحن السفوف في صالون إسماعيل خليطا مخدرا، يدعى المعجون، وفي لغة أهل الاختصاص يسمى القرطاس والطيارة وغيرها، ولأنه تناول السفوف المخلوطة بالمخدر على الجوع، فقد لعب المخدر بعقله، وأثر عليه بقوة.
يذكر، وقد أسعفته الذاكرة، أنه اقتحم المنطقة المحظورة "المدينة القديمة" ذلك المساء، فجال في أزقتها الضيقة، وبينما هو كذلك إذ رأى بغلة محملة بالبضائع؛ كانت مقبلة اتجاهه بلسانها المتدلي، فبدت له كأنها ستلتهمه، ففر منها.
ركض وسط الزحام وهو يلهث حتى تقطعت أنفاسه، كان يلهث وقد تدلى لسانه كالبغل، رأى نفسه بغلا ظمآن، فكرع على ماء آسن وشرب حد الارتواء من تجمع ماء المجاري، وأمام أعين الناس وعجبهم، لا يزال متأكدا أنه سمع بعض المارة وهم ينهرونه عن ذلك، وربما ركله أحدهم فلم يرد عليه، لأن عليه ــ ككل بغل ــ أن يتحمل الركل والضرب، ثم خرج من فاس الجديد، التفت يسارا فرأى حديقة القصر في شارع العلويين، وككل بغل، قصدها وبدأ يقطف الورود ويأكلها.
سمع صفيرا من بعيد، وآخر أطول نفسا، ثم توالى الصفير من حوله، لم يهتم لأمر ذلك الرجل ذي الزي الموحد الذي كان يلَوِّح ويزمجر وهو يعدو نحوه، جزم بأنه لا بد بغل منافس، لذلك وجب عليه أن يقطف جل الورود، حتى إذا ما وصل البغل ذي الزي الموحد، فلن يجد شيئا، هكذا حدثته نفسه، وذلك ما فعل.
ولكنه قبل أن يشبع رغبته، وجد نفسه قد اختُطِف من مكانه، وأُلقِيَ به في سيارة.
ارتاح للأمر؛ وفهم منه أنه قد صار سمينا، وأنهم آخذوه إلى السوق، ففرح بالفكرة، أقلها سيتغير مالكه ومرعاه، وفي هذا مدعاة لسعادة البغال وغيرتهم وتحاسدهم أيضا.
ما إن انطلقت السيارة، حتى بدأت اللكمات والركلات تنهال على رأسه وظهره من كل الجهات، زمل برجله كالبغال ليركل أحدهم، لكن السيارة كانت قد انعطفت فانهار على أرضيتها.
في قاعة شبه مظلمة، وضعوه على طاولة، مستلقيا على ظهره، ثم كبلوه بحزام كأنه صبي مقمط. أراد أن يصيح كالصبيان علهم يشفقون عليه فيرضعوه حليبا، لكن أحدهم وضع قطعة من الإسفنج في فمه فكانت كفيلة بإسكاته، بل وكادت تخنق أنفاسه، ثم بدأت أشواط من الضرب على قدميه بالسوط، وبين كل شوط والذي يليه، كانوا يسألونه بعض أسئلة تثير ضحكه، فيضحك ويضحك حتى تنقطع أنفاسه بقطعة الإسفنج التي تعود إلى فمه، فتُوقِّع العِصِي موسيقاها على كامل جسمه. تناوب عليه الجلادون؛ حتى إذا ما كلَّ أحدهم، عوضه آخر.
لم يفق من تأثير المخدر إلى أن وجد رأسه يتدلى وسط إناء قد ملئ ماء باردا، فيغمره حتى تنقطع أنفاسه ويختنق. هكذا دام موسم تعذيبه مدة متواصلة لم تتوقف إلى أن دخل أحدهم، وأمرهم أن يكفوا عما هم فيه.
ــ لقد فتشوا غرفته، وتعرفنا على هويته، ليس له أي انتماء سياسي، ولا بد أنه تحت تأثير مخدر ما، ربما أكل المعجون، فهو الذي يسبب الهلوسة والهستيريا.
كان لا يزال مكردسا في قماطه لما سأله ذلك الضابط الذي دخل لتوه وأنقده؛ فقال له وهو يطالع بطاقة التعريف التي عثر عليها في غرفته:
ــ هل أكلت شيئا غير عادي؟ مخدرا مثلا، أو ما إلى ذلك؟
وقبل أن يتم سؤاله، قفز الجواب من لسان إدريس مندفعا بحرقة:
ــ السفوف، أكلت السفوف سيدي.
هكذا أجاب، وقد استعاد وعيه رغم الألم الذي لا يزال صائلا وجائلا في جسمه كله، بالإضافة إلى دوار حاد في رأسه، فخرج الأمر هادئا من فم الضابط:
ــ فكوا رباطه!،
امتثلوا للأمر ببطء وامتعاض واضحين، كأنهم كانوا مستمتعين بأشواط التعذيب تلك، ثم أمروه أن يلبس حذاءه،
لم يستطع وضع قدميه في جوف الحذاء بسبب الانتفاخ الناجم عما نال، فأخذ فردتي الحذاء بيده اليسرى، وقام مستأذنا بالخروج، لكنه مُنِع من ذلك، ووُضِع القيد في يده.
بعد أيام قليلة في الحجز نُقل إلى المحكمة ليمثل أمام القاضي متهَما بتعاطي المخدرات، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.
انتبه من غفلته التي غرق فيها لما رأى النادلة وهي تتحرك بين رواد المقهى بنشاط، فتساءل عن السبب الذي دفعها إلى الاعتناء به على ذلك النحو؛ هل هو إعجاب، أم محاولة اصطياد؟ أما كرمُها وطيبتها فجعلاه يستثني هذه الأسباب، ولوهلة أحس بانجذاب غير مفهوم إليها، ولدفع ذلك الإحساس استهجن على نفسه هذا المكوث المطول في المقهى، وانتظار مرورها بين الحين والآخر، ثم دخل في حوار مطول مع نفسه:
هل يمكن أن أبدأ حياة جديدة كما قال الحارس؟، وهل ستكون البداية مع هذه... الإنسانة، أف لهذه النزعة نحو التصنيف، إن مجرد قول هذه النادلة يعني أنني... ضحك من نفسه: أين تعلمت هذه الأحاسيس والأفكار؟
ولكن، ما معنى أن أبدأ معها حياة جديدة؟ هذا يعني زواج وإنجاب... لا، لن أنجب مخلوقا ظلما، فهذا العالم أسوء من أن أستقدم إليه كائنا حساسا، خاصة وأن مستقبله محكوم بالمعاناة سلفا، لن أقع في نفس خطيئة أبي وجدي... لا بد من مقاومة الإغواء، أنا شخص تائه ويجب أن يبقى كذلك، هذه هي الطريق التي رسمها لي قدري.
وضع حقيبته على ظهره استعدادا للمغادرة، واستخرج من جيبه ورقة من فئة خمسين درهما، ولما رأى أن النادلة منشغلة بوضع بعض الكؤوس على صينيتها، لوح لها بالورقة المالية لتراها، ثم تركها تحت الكأس الفارغة، وانصرف دون أن يلتفت،
يتبع



#محمد_شودان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية تحت عنوان تيتريت، نبت السماء. كاملة
- رواية تحت عنوان تيتريت، نبت السماء الفصل الثاني
- رواية تحت عنوان تيتريت، نبت السماء الفصل الأول
- تبخيس الثقافة
- الأحزاب الإسلامية والديمقراطية
- الخمار قيد في رأس المرأة
- الحمار العربي
- عربي أنا
- سيناريوهات تشكيل الحكومة المغربية
- نار تحت البرقع
- انتهى الكلام,,, إلى مزبلة التاريخ
- حربائية بنكيران
- مشروع متحف
- النظرية الثورية عند امرئ القيس
- مارطون تشكيل الحكومة المغربية
- نبوءة الشاعر
- شرارة شباط
- الدين والفلسفة
- في ظلال ما قبل الإسلام
- حلب وإعلام البيترودولار


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد شودان - التيه، رواية، الجزء الأول